«الفول والكشري والأجنحة» بديل اللحمة والفراخ.. «الاستهلاك الدفاعي» سلاح الغلابة لمواجهة الغلاء

في زحمة أحد الأسواق الشعبية، تقف «رانيا عبدالله» أمام بائع الخضار تقلب في الطماطم بحذر شديد، لم تعد تبحث عن الأجود، بل عن الأرخص، وبجوارها سيدة أخرى تتفاوض على شراء وزن نصف كيلو بدلًا من الكيلو المعتاد، بينما ينادي طفل صغير على أمه: «ماما.. هناكل ايه انهاردة لحمة ولا فول؟». السؤال لم يعد بريئًا، بل يعكس حال آلاف الأسر التي غير الغلاء عاداتها الشرائية.
تحولت موائد المصريين إلى ساحة تقشف يومي، بعدما غابت اللحوم تدريجيًا عن الأطباق، وحلّت محلها أكلات شعبية مثل الفول والطعمية والكشري، تقول «رانيا عبدالله»: «أنا أم لثلاثة أبناء، كنت بشتري كيلو لحمة مرتين في الأسبوع، ودلوقتي ممكن مرة واحدة في الشهر، وساعات مابشتريش خالص»، مؤكدة أنها تلجأ لتقسيط الفاكهة والخضروات من السوبر ماركت لتغطية احتياجات بيتها.
الصورة نفسها تكررت مع «نهال جابر»، التي كانت تخصص 200 جنيه فقط شهريًا - في السابق - لمستلزمات البيت من زيت وسكر وأرز وبيض، لكنها الآن تضطر لإنفاق أكثر من 2000 جنيه شهريًا لتأمين الحد الأدنى من الطعام. ومع ارتفاع سعر كرتونة البيض لأكثر من 130 جنيهًا، لم تعد تشتري الكرتونة كاملة، بل تلجأ لشراء عدد محدود أسبوعيًا أو اختيار البيض المكسور الأرخص سعرًا.
من ناحية أخرى، لجأت «سمية عبدالهادي» إلى شراء أجنحة الدجاج فقط بديلًا عن الفرخة الكاملة، كحل أكثر اقتصادية يناسب ميزانية أسرتها. وتقول: «الأجنحة بتكفّي أطفالي، والأهم إنها أرخص بكتير».
وبحسب خبراء اقتصاد، فإن هذا التحول يعكس ما يُعرف ب«الاستهلاك الدفاعي»، حيث يركّز المستهلك على الضروري والأساسي، بينما تختفي الكماليات تدريجيًا من سلة الاستهلاك.