عملية «الزفاف الأحمر».. إسرائيل تدربت عليها منذ 17 عامًا وخطأ كلف قادة إيران حياتهم (تفاصيل)

«في مشهد قيل عنه تارة انعكاس للخداع وتارة أخرى للخيانة والخبث»، استلهمت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية مشهد «الزفاف الأحمر» أحد أكثر المشاهد دموية، في المسلسل الأشهر «صراع العروش»، لإطلاقه على عملية اغتيال إسرائيل للقادة العسكريين، الإيرانيين، في 13 من الشهر الجاري.
واستند تقرير الصحيفة الأمريكية، إلى مقابلات أجريت مع 18 مسؤولًا أمنيًا إسرائيليًا وأميركيًا حاليًا وسابقًا، سردوا تفاصيل منتصف ليل 13 يونيو الجاري، حيث تجمع جنرالات إسرائيل في مخبأ تحت مقر سلاح الجو الإسرائيلي، لمراقبة وصول الطائرات الإسرائيلية إلى إيران في عملية أطلقوا عليها اسم «الزفاف الأحمر».
ففي ليلةٍ مظلمةٍ وتحديدًا 13 يونيو 2025، تجمّع قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخبأٍ سري تحت مقر سلاح الجو، يترقبون لحظةً تاريخيةً مستوحاة من أعنف مشاهد «صراع العروش».
وأُطلق على العملية اسم «الزفاف الأحمر»، تيمّنًا بمذبحةٍ أسطورية هزّت «وستيروس» وأُعدم فيها «آل ستارك» لكن هذه المرة، كانت السماء الإيرانية هي مسرح الصراع.
بضربةٍ جوية مُحكمة، أشعلت الطائرات الإسرائيلية ليل طهران، مستهدفةً قادة عسكريين وعلماء نوويين في عمليةٍ صيغت تفاصيلها بدقةٍ على مدار 17 عامًا، لتكن بمثابة فصلًا جديدًا في مسلسل «صراع العروش».
وبحسب الصحيفة الأمريكية، تم القضاء على كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين، على بُعد 1600 كيلومتر، حيث قال اللواء عوديد سايوك، رئيس قسم العمليات: «عندما بدأنا التخطيط للعملية حتى أدق التفاصيل، كان من الصعب تصديق نجاحها».
خطأ إيراني حكم على قادتها بالإعدام
سردت الصحيفة تفاصيل العملية، قائلة في البداية، وردت تقارير تفيد بأن كبار مسؤولي سلاح الجو الإيراني بدأوا بالتحرك من مواقعهم، ما أثار قلق إسرائيل من أن يكون الإيرانيون هم من دبروا الخطة لشن عملية ضدهم، لكن المفاجئ أن القادة الإيرانيين، اجتمعوا في مكان واحد- وهكذا حسموا أمرهم.
وأشارت الصحيفة أن في هذه الأثناء تم القضاء على 9 علماء نوويين، في عملية أُطلق عليها اسم «عملية نارنيا» المستوحاة من فيلم هوليوودي، والتي وصفت بالناجحة أيضا.
في إطار الاستعدادات للضربات على إيران، كان على الطيارين تعلم الطيران في تشكيلات من 6 إلى 10 طائرات حول طائرة واحدة تزود بالوقود، مع القيام بعمليات تزود بالوقود عدة مرات على طول الطريق، كما كان عليهم تعلم كيفية قيادة الطائرات بحيث تُطلق الصواريخ بفارق زمني يتراوح بين 15 و20 ثانية لتحقيق أفضل النتائج.
بروز الفكرة منذ عقود
تعود أصول العملية إلى منتصف تسعينيات القرن الماضي، عندما رصدت الاستخبارات الإسرائيلية لأول مرة ما اعتبرته محاولات إيرانية ناشئة لبناء برنامج أسلحة نووية، لتشرع دولة الاحتلال ببناء شبكة واسعة من العملاء داخل إيران لتسهيل حملة تخريب، شملت إحداث انفجارين في أحد مواقع التخصيب الرئيسية بإيران واغتيال بعض العلماء، لكن المسؤولين الإسرائيليين قرروا في النهاية أن هذه الأنشطة لم تكن كافية، وأنهم سيحتاجون إلى تدمير البرنامج النووي الإيراني والمركز النووي من الجو.
لكن تنفيذ هذه المهمة كان أمرًا «بالغ الصعوبة»، وفق «وول ستريت جورنال»، فالمواقع التي ستحتاج إسرائيل إلى ضربها تبعد أكثر من 1000 ميل عنها.
استعدادات منذ 17 عاما
وفي هذا السياق ألقت الصحيفة الضوء، على أن العملية ضد إيران تم التدرب لها منذ 17 عاما، مرجعة ذلك بأن مثل هذا التدريب لم يكن ممكنًا في مكان صغير كإسرائيل، ففي عام 2008، وفي إطار عملية أُطلق عليها اسم «الإسبرطي العظيم»، حلقت أكثر من 100 طائرة إسرائيلية من «طراز إف-15 وإف-16» إلى اليونان، لمسافة تزيد عن 1600 كيلومتر؛ لاختبار قدرتها على الوصول إلى مواقع في إيران، وعلى مر السنين، ازدادت وتيرة هذه التدريبات.
ومع نهاية عام 2024، اتُّخذ قرارٌ بالتحضير لعملية واسعة النطاق ضد الإيرانيين، وفق ما صرّح به «قائد السرب 107، المقدم أ»، عن الاستعدادات للعملية العسكرية ضد إيران، والذي أضاف: «بالتوازي مع الحرب بأكملها، سواءً في قطاع غزة أو في الساحة الشمالية مع حزب الله، كنا نستعدّ دائمًا لإيران، ومع مرور الوقت، ازدادت وتيرة الاستعدادات، حتى وصلنا إلى شهر يونيو هذا العام».
شبكة تجسس واسعة
بحلول ذلك الوقت، كانت شبكات التجسس الإسرائيلية داخل إيران واسعة بما يكفي لتتبع حركة قادتها العسكريين، وإنشاء قواعد طائرات بدون طيار داخل البلاد، والتي لعبت دوراً حاسماً في تدمير أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية خلال الهجوم.
إسرائيل تنشر صورا لتدمير عناصر من الموساد لأنظمة دفاع جوي داخل إيران #قناة_العربية pic.twitter.com/6WrTvea7DV
— العربية (@AlArabiya) June 13، 2025
سرية واستعدادات للوقوع في الأسر
بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أشار الضابط الإسرائيلي، إلى دعوة قائد القوات الجوية لقادة السرب للتحضير المسبق، قائلا: «أدركنا في الأيام السابقة اقتراب العملية، لم نكن نعرف الوقت المحدد إلا في تلك الليلة تحديدًا، كان هناك توتر شديد، ويقظة عالية، واستعدادات نهائية، وقام القسم الفني بتجهيز الطائرات والقنابل، فحصناها، وراجعت أطقم الطائرات خطط الهجوم والحوادث وردود الأفعال، وكنا ننتظر اللحظة المناسبة لتجهيز الطائرات»، مشيرا إلى أنه بجانب الاستعدادات العملياتية، أُجريت أيضًا استعدادات نفسية، شملت أيضًا مراعاة خطر الوقوع في الأسر الإيراني.
ووقعت الضربة الافتتاحية في سماء إيران الجمعة التي وافقت 13 من الشهر الجاري، الساعة 2:55 صباحًا.
وأكد المقدم «أ» أن معظم سلاح الجو التابع للسرب شارك في الضربة الافتتاحية، التي ركزت على مهاجمة أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية «لفتح المجال أمام بقية سلاح الجو».
فيما بالضربة الافتتاحية، قال «أ»: «كانت تقييماتنا أكثر صرامةً بعض الشيء، لأننا لم نكن نعرف ما إذا كنا سننكشف مُسبقًا، وما إذا كنا سنتمكن من تنفيذ جميع الخطط عند وصول جميع الذخائر إلى أهدافها. عمليًا، هذا ما واجهناه، لكننا لم نشهد أبدًا السيناريو، يُمكن القول كان ذلك بفضل هجوم مكثف للغاية على نقاط ضعف العدو، مما ساعدنا في الرد الذي جاء».
يشار إلى أن إيران؛ ردت على العملية الإسرائيلية بعد ساعات، مُطلقة مئات الصواريخ والمسيرات ضد دولة الاحتلال؛ مخلفة دمارا ماديا هائلا، ودمارا في بنية دولة الاحتلال، وعقب مرور 12 يومًا، أعلن دونالد ترامب التوصل لوقف إطلاق نار بين الجانبين، لتؤكد بعدها إيران انتصارها في الحرب، مشددة على أن وجهت صفعة قاسية للولايات المتحدة.