في إنجاز غير مسبوق، ناقش الباحث المصري إبراهيم أشرف محمد الخولي، أحد أبطال متلازمة داون، رسالة الماجستير الخاصة به بعنوان: «تقييم المعالجة الإعلامية لقضايا القادرين باختلاف.. دراسة كيفية»، وذلك يوم الإثنين، بمقر معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية. ويُعد «الخولي»، أول باحث علمي من أصحاب متلازمة داون ينجح في الوصول إلى هذه الدرجة العلمية، متحديًا كافة التحديات والعوائق التي واجهته خلال مشواره الأكاديمي. وجاءت الرسالة، ضمن قسم بحوث ودراسات الإعلام بالمعهد، حيث تناول الباحث خلالها واقع الإعلام في التعامل مع قضايا أصحاب الهمم، مستندًا إلى تجربته الشخصية، واختار موضوعًا يعكس اهتماماته ويتماشى مع طبيعة المجتمع المستهدف، مركّزًا على أهمية التناول الإعلامي العادل والمنصف لقضايا ذوي الهمم. يأتي هذا الإنجاز تتويجًا لمسيرته العلمية، لا سيما بعد أن تم تعيينه ضمن هيئة التدريس في كلية الإعلام بالمعهد الكندي، حيث كان من شروط التعيين الحصول على درجة الماجستير، وهو ما دفعه إلى مواصلة العمل والاجتهاد حتى نالها عن جدارة. من جانبها أكدت الدكتورة ريم أحمد عادل، أستاذة العلاقات العامة والإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ورئيس قسم بحوث ودراسات الإعلام بمعهد البحوث والدراسات العربية، أن الباحث إبراهيم الخولي قدّم نموذجًا متميزًا يُحتذى به في مجال البحث العلمي، ممثلًا عن فئة «قادرون باختلاف»، وذلك من خلال رسالته للماجستير التي أشرفت على إعدادها. وأوضحت «عادل»، في تصريحات ل «المصري اليوم» ،أن إبراهيم التحق بمعهد البحوث والدراسات العربية لاستكمال دراسته الأكاديمية، حيث أنهى السنة التمهيدية بنجاح وتفوق واضح، مشيرة إلى التزامه الشديد بحضور المحاضرات وتفاعله الإيجابي مع الأساتذة، الأمر الذي أهله ليبدأ مرحلة إعداد رسالة الماجستير تحت إشرافها. وأضافت: «عندما سألته عن الموضوع الذي يرغب في تناوله، أكد تمسكه بتناول قضايا (القادرون باختلاف) كمصطلح أساسي في عنوان الرسالة، وقد بدأنا معًا وضع خطة بحثية جادة، عُرضت لاحقًا في سمنار القسم أمام نخبة من أساتذة الإعلام من مختلف الدول العربية، الذين أشادوا جميعًا بالمستوى المتميز الذي قدمه الباحث وعرضه الاحترافي». وذكرت، أن العمل على الرسالة استمر لمدة عامين، وتميز خلالهما الباحث بالاجتهاد والدقة والانضباط، حيث كان يتفاعل مع كل ملاحظة بجدية وينفذها في وقت قياسي، على الرغم من الصعوبات التي واجهته، مثمنة الدعم الكبير الذي قدمته والدته له طوال تلك الرحلة. وأشارت الدكتورة ريم، إلى أن الرسالة جاءت مختلفة من حيث المنهج والأسلوب، إذ اعتمدت على المنهج الكيفي الذي يتجنب كثير من الباحثين استخدامه لصعوبته، وقام إبراهيم بإجراء مقابلات معمقة مع متخصصين في قضايا «القادرون باختلاف»، من إعلاميين، وتربويين، ومسؤولين في قطاع التعليم، إضافة إلى تحليل مضمون كيفي لمواد إعلامية سمعية ومرئية وصحفية في قنوات ومواقع تغطي قضايا هذه الفئة. وتابعت: «كما طلبت منه عقد مجموعات نقاش مركزة مع عدد من الأشخاص من فئة القادرون باختلاف وأولياء أمورهم، وخرج من هذه المرحلة بنتائج دقيقة تؤكد أن التغطية الإعلامية لقضاياهم ما زالت موسمية ومحدودة، وتكاد تنحصر في تغطية البطولات أو المناسبات الخاصة دون اهتمام بمشكلاتهم اليومية». وأوضحت، أن الرسالة انتهت إلى وضع استراتيجية إعلامية شاملة لتناول قضايا القادرون باختلاف، مع التأكيد على أهمية توسيع التغطية الإعلامية لتشمل جميع الوسائل وليس فقط التلفزيون أو بعض المواقع الصحفية، بهدف تعزيز دمج هذه الفئة مجتمعيًا. وأكدت عادل: «هذه الرسالة لا تمثل فقط نجاحًا أكاديميًا لإبراهيم، بل هي رسالة أمل ونموذج يحتذى به لجميع القادرين باختلاف، ودعوة صريحة لكل المؤسسات البحثية لدعم وتمكين هذه الفئة لاستكمال مسيرتهم الأكاديمية، وتبني أفكارهم المتعلقة بقضاياهم المجتمعية، تماشيًا مع سياسة الدولة الرامية إلى دمجهم وتمكينهم في مختلف المجالات».