سبايدر مان والمرأة الخارقة

يبدأ فيلم البطل الخارق «سبايدر مان» بزيارة يقوم بها بطل الفيلم قبل أن تصبح لديه قدرات خارقة لمعمل لأبحاث الهندسة الوراثية حيث يتعرض للدغة عنكبوت معدل جينيًا، وفى صباح اليوم التالى يكتشف تغيرات فى قدراته ويبدأ البطل توظيف تلك القدرات الخارقة التى اكتسبها من لدغة العنكبوت فى سلسة من الأحداث ينصر فيها الضعفاء ويحارب الأشرار.
هز مصر الأسبوع الماضى قضية الطفل ياسين وتفاصيل القصة غير الآدمية، وتمثلت أمام أعيننا قصة فيلم «سبايدر مان» فى الواقع بعد لدغ عنكبوت بشرى خسيس طفلا بريئا جمعه القدر، وهذا الوحش فى مكان كان من المفترض أن يكون أكثر مكانًا آمنًا له، مدرسته. لكن للأسف تعيش العناكب فى كل مكان مختبئة تنسج خيوطها الواهية فى الأركان والزوايا بعيدًا عن أعين الناس ظنًا منها أنها أذكى من الآخرين وأن شبكتها العنكبوتية المقيتة لن تخترق.
المجرم الذى قام بالتعدى على الطفل يبلغ من العمر تسعة وسبعين عامًا، ويمكن لأى شخص يمتلك قدرا من العقل أن يستنتج أن هذا الوحش لم يتعدى على ياسين وحده وإنما بالتأكيد كان له العديد من الضحايا على مدار سنوات عمره الطويل، لكن لم يجد أى منهم الشجاعة الكافية ليتكلم كما تكلم ياسين أو ربما تكلموا ولم يحظوا بأمهات مثل أم ياسين المرأة الخارقة التى صدّقت ابنها ولم تصمت أو تخشى حكم المجتمع وخاضت معركة شرسة خرجت منها ببطل خارق أكسبته هذه الواقعة المؤلمة الكثير من القدرات وحملته الكثير من المشاعر التى تفوق طفولته البريئة محافظة على خصوصية شخصية ابنها قدر الإمكان بإخفائه عن عيون الناس فى المحكمة وإلباسه زى «سبايدر مان».
وكأم يجب أن أقول إننى لست من هؤلاء الأمهات اللاتى يتمنين البطولة لأبنائهن، فأنا من ذلك النوع الذى يتمنى فقط السلامة والسعادة والحفظ لأبنائه ولم أحلم أبدا بأى بطولات سوى رفض الظلم. أعلم أن البطولة شرف لكن ربما قلبى لا يتحمل ما تحفها من مخاطر لذلك لم أشجع أى منهم على أى دور بطولى وشجعتهم فقط على تحمل المسؤولية وأداء الواجب والتمسك بالأخلاق والمبادئ. أخشى ما أخشى على الطفل ياسين أن يستحلى لذة البطولة وأن يفقده ذلك جزءًا من جمال وبراءة الطفولة التى تمر ولا تعود والتى تشكل الكثير فى شخوص البشر.
رجائى الوحيد أن تتأكد هذه الأم الخارقة التى قامت بدورها تجاه طفلها أن ياسين خلع زى «سبايدر مان» فعليًا وتساعده أن يعيش طفلًا بلا عبء ومسؤولية البطولة.