نالت مذكرات المهندس صلاح دياب، مؤسس جريدة المصرى اليوم، اهتمامًا واسعًا فى الأوساط الاقتصادية والسياسية والثقافية، حتى أن العشرات من الكتاب والمفكرين تناولوا بالتحليل ما جاء فى المذكرات من أحداث وأسرار ودروس كثيرة، جاءت نتاج تجربة حياتية مثمرة تشابكت فيها السياسة بالثقافة والصحافة والمال والأعمال، ومعها عباءة من الصداقات التى اتسع مداها شرقًا وغربًا لتكون مادة صفحات المذكرات المنشورة بعنوان «هذا أنا». ما أود التركيز عليه هذه المرة ما يتعلق بالمهندس صلاح دياب كمطور عقارى، حيث يحكى المهندس صلاح عن أول مشروعاته العقارية وهو مشروع «سيتى فيو» بالشراكة مع رجل الأعمال المعروف محمود الجمال، والذى حصل عليه بتخصيص من عبد الرحيم شحاتة، محافظ الجيزة وقتها، وبعدها شراء قطعة ثانية بالمزاد، وثالثة من مالكى الأرض المجاورة، وبعدها حصل على موافقة مجلس الوزراء بضم الأراضى معًا وتحويلها لمشروع واحد ليصبح «نيو جيزة». وفى سياق حديثه عن علاقته بالعديد من الأمراء ورجال الأعمال بالمملكة العربية السعودية، تحدث دياب عن أمراء مثل سعود الفيصل وشقيقه محمد الفيصل، وعن أشهر وزراء البترول أحمد زكى يمانى، وفى هذا السياق تعرف أيضًا على رجل الأعمال عبد الرحمن الشربتلى، والذى دخل شريكًا مع دياب والجمال لإنقاذ «سيتى فيو» من عثرة مالية، وسرد دياب كيف طلب الشربتلى الانسحاب من المشروع ثلاث مرات، ومحاولته إقناعه بالاستمرار لأنه واثقًا من نجاح التجربة، وأن انسحابه يعنى خسارة، إلا أنه فى المرة الثالثة عرض الشربتلى أن يشترى حصة دياب وشركاؤه، وأن يدفع لهم ربحًا مقطوعًا بقيمة 80 مليون جنيه، أو يشتروا هم حصته ومبلغ الربح. فتم تدبير مبلغ من البنوك ومنحه مقابل تخارجه. تمسك صلاح دياب بالمشروع يؤكد كيف يملك مستشعرات خاصة جدًا للتنبؤ بالمستقبل والفرص الكامنة، ففى الوقت الذى لا تكون فيه الفرصة واضحة لأحد، وكعقارى، فإن اختياره للهضبة التى أقيمت عليها نيو جيزة، وهى جزء بشكل عام من هضبة الأهرام، كان عبقريًا وسباقًا... فمنطقة الأهرامات فى ذلك الزمان كانت لا تحظى بأى اهتمام من الشركات العقارية، والآن ومع المشروع القومى المطروح لتطوير المنطقة من مطار سفنكس إلى الأهرام إلى دهشور ونزلة السمان، فإن اختيار صلاح دياب يضيف قيمة جديدة إلى حائزى الوحدات لم يحلموا بها يومًا. دياب، كما قال فى المذكرات، هو الذى اختار اسم نيو جيزة لحظيًا حين سأله فتحى سعد محافظ الجيزة وقتذاك عن اسم المشروع الذى سيقيمه هو والجمال. «دياب» كان قد تحدث فى الكتاب عن أنواع من الأرستقراطيات منها الاجتماعية والسكنية، ويبدو أنه طبق ذلك فى مشروعه الأشهر نيو جيزة، حيث يتسم بطابع معمارى شديد التميز مع مسحة من أجواء المعمار البريطانى الفاخر... ويبدو صلاح دياب متأثرًا فى ذلك بدراسته فى المدرسة الإنجليزية. اهتم دياب بالبُعد التعليمى، كما هو متوقع، فأسس العديد من المدارس الدولية، فضلًا عن جامعة نيو جيزة. وكنت أتمنى كمحررة عقارية أن يفصح المهندس صلاح عن تجربته فى مجال التطوير العقارى بشكل أكثر تفصيلًا، وعلاقته بشركة نيو جيزة ورؤيته للسوق بشكل أكثر عمقًا. الطريف أن أولى مشاريع صلاح دياب التى يمكن أن تنتمى إلى الخدمات التى يحتاجها السائحون ومجتمع النخبة كان مطعم بورسلينو فى جاردن سيتى، والذى كسب منه فى عام واحد 80 ألف جنيه، لكن والده قال له أن تلك الفلوس حرام، فوزعها وأغلق المطعم. يذكر أن صلاح دياب قال فى موضع آخر من الكتاب إن إبراهيم سليمان وزير الإسكان قبل 2011 لم يجامل أحدًا، وإنه نصحه بأمور لم ينتبه إليها فى وقتها لكنها كانت مهمة. ولأن طموحات صلاح دياب لا تتوقف، فهو يقول دائمًا إن أهم ما نفتقده فى مصر هو الخيال، فظنى أن خياله قد يقوده إلى مشروع عقارى جديد ومثير للإعجاب.