اتّبعت جنازة البابا فرنسيس، صباح اليوم، تقاليد عديدة، لكنها شهدت أيضًا بعض المفاجآت. ووفقًا لمراسل شبكة CNN في الفاتيكان، كريستوفر لامب، فأنها تضمنت ثلاثة مفاجآت أولها نقل البابا فرنسيس من الفاتيكان إلى كنيسة سانتا ماريا ماجوري في سيارة البابا، صباح اليوم، مارًا بشوارع روما المكتظة بالمشيعين. وقال لامب: «لم يتوقع أحد ذلك». فيما أشار إلى أن لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل الجنازة هي المفاجأة الثانية، معلقًا لامب: «لطالما دعا فرنسيس، طوال حياته، مرارًا وتكرارًا إلى السلام والحوار بين قادة العالم. كم كان من المناسب أن نرى لقاءً يُعقد» في كنيسة القديس بطرس. ووصف الحالة خلال مراسم الجنازة الرسمية للبابا الراحل ب«طاقة مفعمة بالأمل»، وقال لامب إنه «على الرغم من أن الخدمة كانت كئيبة، وعلى الرغم من جديتها، إلا أنها كانت أيضًا مفعمة بالأمل»، مشيرًا إلى أن الجمهور الضخم الحاضر انفجر بالتصفيق العفوي خلال عظة الكاردينال جيوفاني باتيستا ري في جنازة البابا. كلمة الكاردينال الوداعية «المؤثرة» في مشهد مهيب يملؤه الخشوع والرهبة، وتحت أنظار العالم أجمع، ترأس صباح اليوم الكاردينال جيوفاني باتيستا ري، عميد مجمع الكرادلة، مراسم جنازة قداسة البابا فرنسيس في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان. ووفقًا للموقع الرسمي للفاتيكان، قال الكاردينال جوفاني باتيستا ري في هذه الساحة المهيبة، ساحة القديس بطرس، التي فيها احتفل البابا فرنسيس مرارًا بالإفخارستيا وترأس لقاءات عظيمة طيلة اثني عشر عامًا، نجتمع اليوم في الصلاة حول رفاته الطاهرة، بقلوب يعتصرها الحزن، ولكن يعضدها يقين الإيمان، الذي يؤكّد لنا أن الحياة البشرية لا تنتهي في القبر، بل في بيت الآب، في حياة سعادة لن تعرف الغروب. تابع عميد مجمع الكرادلة إذ قال إن آخر صورة له ستبقى محفورة في عيوننا وقلوبنا هي صورته يوم الأحد الماضي، في عيد الفصح المجيد، عندما رغم معاناته الصحية الشديدة، شاء أن يباركنا من شرفة بازيليك القديس بطرس، وأراد أن ينزل إلى هذه الساحة ليحيّي الحشود الغفيرة التي احتشدت للمشاركة في قدّاس الفصح. وفي صلاتنا الآن، نود أن نوكل روحه إلى الله، ملتمسين له السعادة الأبدية في أفق محبة الله الساطع والمجيد. أضاف الكاردينال جوفاني باتيستا ري قائلًا إنه حين انتُخب البابا الراحل وكان يحمل اسم «الكاردينال برغوليو» في 13 آذار مارس 2013 خلفًا للبابا بندكتس السادس عشر، كان يحمل في قلبه مسيرة حياة رهبانية طويلة في الرهبانية «اليسوعية»، وكان قد اغتنى بخبرة رعوية امتدت ل 21 سنة، بدأها كأسقف معاون، ثم كأسقف مساعد، وأخيرًا كرئيس أساقفة. وقد عبّر قراره باتخاذ اسم «فرنسيس» على الفور عن برنامج حياة وأسلوب قيادة أراد أن يستلهم فيه من روح القديس فرنسيس الأسيزي، وهو روحاني إيطالي وراهب كاثوليكي. واستكمل كلماته قائلًا إنه احتفظ بشخصيته وطباعه وأسلوبه الرعوي، مشيرًا إلى أنه ترك منذ اللحظة الأولى بصمة واضحة على أسلوب قيادة الكنيسة، من خلال تواصله المباشر مع الأشخاص والشعوب، وسعيه الدائم لكي يكون قريبًا من الجميع، مع اهتمام خاص بالأشخاص الذين يعيشون في صعوبات، فبذل نفسه بشكل كامل في سبيل الأخيرين والمهمّشين. وتابع لافتًا إلى أنه «كان بابا بين الناس، بقلب منفتح على الجميع. كذلك كان بابا يُصغي إلى نبض العصر وما يحرّكه الروح القدس في الكنيسة. وبأسلوبه الخاص، وبكلماته الغنية بالصور والاستعارات، سعى على الدوام إلى إنارة قضايا زمننا بحكمة الإنجيل، وقدم أجوبة بنور الإيمان، وشجع الجميع على عيش التحديات والتناقضات في هذه المرحلة التي كان يحبّ أن يصفها بأنها تغير زمن». أضاف: «كان يتمتع بعفوية فريدة وأسلوب غير رسمي في مخاطبة الجميع، حتى الأشخاص البعيدين عن الكنيسة». تابع عميد مجمع الكرادلة قائلًا لقد تميز البابا فرنسيس بفيض من الدفء الإنساني، وحس مرهف تجاه مآسي هذا العصر. فتشارك بصدق هموم الناس وآلامهم وآمالهم في زمننا هذا، وبذل نفسه في سبيل تعزية القلوب وتشجيع النفوس، من خلال رسالة قادرة على أن تبلغ قلوب الأشخاص بشكل مباشر وفوري. وأشار إلى أنه كان يتمتع بموهبة فريدة في الإصغاء والاحتواء، قد تجلّت في أسلوب يعكس حساسية عصرنا الراهن، فكان يلمس القلوب ويحرك الطاقات الأخلاقية والروحية في عمقها.