تشهد الساحة الفنية فى الآونة الأخيرة انتشارًا وحضورًا ملحوظًا لصنّاع المحتوى (البلوجرز) والأنفلونسرز فى الأعمال الفنية، سواء فى السينما أو الدراما، فى مؤشر واضح على الانتشار الواسع والتأثير الكبير الذى حققوه، حتى أن بعضهم يقدم أعمالًا من بطولته، ولم تقتصر مشاركتهم على الأعمال الفنية فقط، بل امتدت إلى الحملات الإعلانية، حيث شارك عدد كبير منهم فى تلك الحملات، وبعضها قام كليًا على وجودهم، كما أصبح حضورهم فى العروض الخاصة للأفلام أمرًا شائعًا، حيث تتم دعوتهم من قبل صُنّاع العمل للحضور على الريد كاربت واستغلال جماهيريتهم، ما يعد وسيلة ترويجية جديدة تُوظف جماهيرية المؤثرين لصالح الإنتاج السينمائى. وشهد موسم دراما رمضان المنقضى 2025، مشاركة عدد ليس بقليل من صناع المحتوى، رغم تشديد نقابة المهن التمثيلية على وضع شروط قانونية لدخولهم مجال التمثيل، منهم: محمود ياقوت ولؤى رمضان فى مسلسل «قهوة المحطة»، وخالد مختار فى مسلسل «80 باكو»، ومحمد السيد فى مسلسل «حكيم باشا»، وأيضًا المسلسلات التى تُعرض خارج سباق دراما رمضان، منها مشاركة صانع المحتوى محمد عبدالعاطى فى مسلسل «برستيج»، والمقرر عرضه خلال شهر إبريل الجارى، وأيضًا يقدم صانع المحتوى إسلام فوزى بطولة الموسم الثانى من مسلسل «يوميات عيلة كواك» إذ يجسد شخصية «الأب كواك» وتجسد زوجته ياسمين عبيد «الأم كيكى»، وعارفة عبدالرسول «الجدة نانا كوكو» وصانعة المحتوى شفيقة شامل «العمة كوكيتا»، ما يدل على الانتشار الكبير لصناع المحتوى فى الأعمال الفنية. وتحدث صانع المحتوى لؤى رمضان، الذى جسد دور شاب شعبى فى مسلسل «قهوة المحطة» لأول مرة، واقتصر دوره على مشهد مع أحمد غزى فى مكتب الكاستينج، مشيرًا إلى أن التجربة كانت تحمل بعض الرهبة، لكن «غزى» كان يشجعه ويظهر له أن كل شىء سيكون على ما يرام، مؤكدًا أن الأمر أكبر من مجرد خطوة، لأنه لم يكن مجرد بلوجر يحصل على فرصة، بل التحق بمعهد الفنون المسرحية، وتم قبوله، وأصبح عضوا فى نقابة المهن التمثيلية. وأكد «لؤى» أنه توجد صعوبات كبيرة بالنسبة له، كما أن الالتحاق بالمعهد السينما أو الفنون المسرحية ليس بالأمر السهل، فليس كل شخص يستطيع الانضمام إليه، ومن الضرورى أن تكون لديه موهبة فنية حقيقية لكى يحصل على عضوية النقابة؛ موضحًا أن المنافسة شديدة، ولا يكفى أن تكون صانع محتوى، إذ يتم قبول عدد محدود من المتقدمين، لذلك إذا تم قبوله فهذا يعنى أنه مميز بالفعل، وهذا جعله يؤمن أن الفرصة التى حصل عليها هى نتيجة للعمل الجاد. وتابع: «بالنسبة لى كبلوجر، قريبًا سيتلاشى هذا الدور، لأننى سأركز بشكل كامل على التمثيل، والمسار المهنى سيتحول إلى تركيزى فى مجال التمثيل فقط، وأعتقد أننى قادر على تطوير فكرة التمثيل والتأثير فيها بشكل كبير». وتحدث صانع المحتوى محمود السيد، عن مشاركته فى مسلسل «حكيم باشا» لمصطفى شعبان، والتى تعتبر مشاركته التمثيلية الثانية بعد مسلسل «اللعبة» لهشام ماجد؛ موضحًا أن الدور لم يكن كبيرا وغلب عليه اللهجة العامية وليست الصعيدية، وأضاف «السيد»، عن تعاون صناع المحتوى فى مسلسلات رمضان 2025، أن الكثير منهم يستحق فرصة حقيقية لدخول مجال التمثيل، موضحًا أن النقابة متعاونة وتسمح لهم بأخذ تصريح العمل فى بعض الأوقات، واختتم أن العديد من صناع المحتوى لديهم مهارات قوية فى التمثيل من الممكن تسليط الضوء عليها ومحاولة الاستفادة منها من قبل صناع السينما والدراما، وهم بالفعل لديهم الكثير من المتابعين عبر حساباتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وهذا أكبر دليل على امتلاكهم القبول الكافى لدى الجمهور. وتحدث المخرج عمرو سلامة عن سبب اختياره لصانع المحتوى محمد عبدالعاطى ومغنى الراب زياد ظاظا للمشاركة فى مسلسل «بريستيج»، موضحًا أن معيار اختياره الأساسى هو الموهبة ومدى ملاءمة الشخص للدور، بغض النظر عن خلفيته الفنية، وأضاف أن وجودهما يضيف للعمل، مشيرًا إلى أنه يفضل دائمًا خوض تجارب جديدة ومختلفة، ويؤمن بموهبة عبدالعاطى وظاظا ويقدّر أعمالهما. وعلقت الناقدة ماجدة خير الله على انتشار صناع المحتوى فى الأعمال الفنية، إنه فى بعض الأحيان تبحث المسلسلات والأفلام عن وجوه جديدة، حتى لو كانت أدوارهم صغيرة، فى بعض الحالات، ويتم اختيار أشخاص لهذه الأدوار، ولكن المهم أن يكون البلوجر شخصًا متمرسًا أمام الكاميرا ولديه بعض النجاح فى مجاله، فعندما يُختار شخص فى دور صغير فى عمل فنى، يكون الأمر كأننا نختار شخصًا سبق أن تمت تجربته، وليس شخصًا عشوائيًا ليس لديه أى فكرة عن التعامل مع الكاميرا، وهذا يشبه ما كان يحدث فى الماضى عندما يتم اختيار رياضيين أو فنانين معروفين لأدوار صغيرة. وفى النهاية، المخرج هو من يقرر، وإذا كان يرى أن الشخص مناسب للدور فقد يختاره، لكن بالتأكيد لن يحصل على دور البطولة أو دور أساسى، بل ربما أدوار صغيرة. وعن فكرة استخدام الشهرة على وسائل التواصل الاجتماعى للانتقال إلى التمثيل، قالت «خير الله» إنه إذا كان الشخص يمتلك الموهبة والقبول فلا مانع من ذلك، الموهبة والإرادة هما العنصران الأساسيان، من يمتلك موهبة حقيقية وقبولًا ويعمل على تطوير نفسه سينجح فى النهاية، بغض النظر عن خلفيته أو عدد متابعيه على وسائل التواصل الاجتماعى. من جانبه، أشار الناقد محمد عبدالرحمن إلى أن المسألة ليست كون الشخص «بلوجر» أم لا، بل هى ما إذا كان الشخص موهوبًا ومناسبًا للدور أم لا؟ يمكن أن يكون شخص ما مناسبًا للدور ولكن غير موهوب، وهذه هى المعايير التى يجب أن يسأل عنها المخرج والمنتج، مشيرًا إلى أنه فى بعض الأحيان يتم الاستعانة بالأشخاص الذين لديهم شهرة على وسائل التواصل الاجتماعى لجذب انتباه الجمهور والترويج للعمل، ولكن حتى فى هذه الحالات يكون ذلك مشهدًا واحدًا أو اثنين فقط، ولا يتكرر مع نفس الشخص إذا تبين أنه لا يستطيع التمثيل بشكل جيد. وأكد «عبدالرحمن» أن وجود البلوجرز لا يعنى أنهم يأخذون أدوار الآخرين، فالأدوار متعددة، وكل دور يناسب صاحبه فى النهاية، كما أن هذه الأدوار غالبًا ما تكون محدودة أو قصيرة، وقد كان يحدث هذا مع الموديلز فى الإعلانات فى الماضى، حيث كان بعض الموديلز يحاولون التمثيل بعد نجاحهم فى الإعلانات، ثم اختفوا بعد ذلك، وكثير من الأسماء اختفت بعد تجربتهم فى التمثيل؛ والآن تم استبدال «الموديلز» فى الإعلانات بالأشخاص الذين لديهم شهرة على منصات التواصل الاجتماعى، ومع ذلك نتمنى أن يكون الحكم النهائى على الشخص هو مدى ملاءمته للدور، وليس فقط شهرته أو خلفيته. وعن مشاركة صناع المحتوى فى عدد من المسلسلات بعضها عُرض فى رمضان الماضى، أوضح الدكتور أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، أن دراما رمضان ليست مستثناة من قرارات النقابة التى وضعت شروطًا لمشاركة صناع المحتوى ومطربى الراب فى التمثيل، مؤكدًا أن النقابة ستتخذ كافة الإجراءات القانونية ضد صناع الأعمال التى خالفت قرارات النقابة.