بعد عقود من الشكاوى التي تجاهلتها السلطات، أصدر القضاء الأمريكي حكمًا تاريخيًا يُلزم طبيب الأطفال السابق ستيوارت كوبرمان بدفع تعويضات مالية ضخمة تصل إلى 1.6 مليار دولار لأكثر من 100 امرأة كنّ ضحايا لاعتداءات جنسية ارتكبها بحقهن خلال فترة عمله التي امتدت من ثمانينيات القرن الماضي وحتى تقاعده عام 2000. تعود تفاصيل القضية إلى شكاوى عديدة تلقتها جهات إنفاذ القانون والصحة في نيويورك من مرضى كوبرمان الصغار، الذين أفادوا بتعرضهم لاعتداءات جنسية في عيادته المنزلية الواقعة في لونغ آيلاند. وعلى الرغم من هذه الشكاوى، لم يتم توجيه أي اتهامات جنائية للطبيب آنذاك، ولم تُسحب رخصته الطبية إلا قبل تقاعده بفترة وجيزة. وبعد مرور 25 عامًا، تحقق جزء من العدالة لضحايا كوبرمان، حيث أمرت المحكمة بدفعه مبلغًا إجماليًا قدره 1.6 مليار دولار كتعويضات لهن. وقد عبّرت القس ديبي رودس، إحدى الضحايا التي حصلت على 25 مليون دولار، عن شعورها المختلط بالارتياح والإحباط بعد صدور الحكم في أواخر مارس الماضي. وقالت: «لست متأكدة مما إذا كان سيواجه العدالة... لكن أن تقول المحكمة بشكل قاطع: 'أنا أصدقك'، لسماع ذلك- فهذا دواء ثقيل هناك». وقد رفض محامي كوبرمان التعليق على القضية لوكالة أسوشياتد برس، بينما كان الطبيب ينفي بشدة هذه المزاعم، مدعيًا أن فحوصاته كانت «دقيقة» فقط، وهو ما تنفيه الضحايا اللاتي أكدن أن هذه الفحوصات كانت تجرى عادة بعد إخراج والديهن من الغرفة. يُذكر أن بعض النساء قد تقدمن بشكاوى سابقة للشرطة والمجالس الطبية، لكن لم تُتخذ أي إجراءات جنائية أو تأديبية. وقد تم إلغاء رخصة كوبرمان الطبية لاحقًا بعد الاستماع إلى شهادات ستة من المدعين. وقد تمكنت الضحايا من رفع دعاويهن القضائية بفضل قانون ضحايا الأطفال في نيويورك الذي صدر عام 2019، والذي سمح مؤقتًا للناجين من الاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة برفع دعاوى حتى بعد مرور فترة التقادم القانونية. وقد وصف محامو الضحايا الحكم بأنه من بين أكبر التعويضات التراكمية التي صدرت ضد فرد واحد في الولاياتالمتحدة في قضايا الاعتداء الجنسي. وقالت المحامية كريستين جيبونز فيدن: «على مدى عقود، تم إسكات هؤلاء النساء وفصلهن. والآن، لا يمكن تجاهلهن». وقد صدر حكم محكمة لونغ آيلاند لصالح النساء بسبب عدم رد كوبرمان على الدعوى القضائية. وقد أكد بعض القضاة الخاصين الذين قيموا الأضرار أنهم يصدقون روايات الضحايا، مشيرين إلى «الندوب النفسية العميقة والدائمة» التي خلفتها الاعتداءات. وقد تم تسليم آخر مجموعة من التعويضات ل 104 امرأة في 28 مارس الماضي، وتراوحت المبالغ بين 500 ألف دولار و32 مليون دولار. وعلى الرغم من هذا الحكم التاريخي، يبقى مستقبل تحصيل هذه التعويضات غير واضح، حيث يبلغ كوبرمان من العمر 89 عامًا ويعيش في جنوبفلوريدا. ومع ذلك، أكدت الضحايا أن أهمية هذا الحكم تكمن في الاعتراف بمعاناتهن وإسماع أصواتهن بعد سنوات طويلة من الصمت. وقالت القس رودس: «بالنسبة لي، الأمر يتعلق بالقول للنساء الأخريات اللاتي يواجهن هذا الأمر أن هناك من سيستمع إليك. لم يتم تصديقي لفترة طويلة جدًا. لا تبق صامتة. تحدثي عن حقيقتك».