وسط موجة عاتية من الرسوم الجمركية أغرق بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حركة التجارة العالمية بشبح تضخم وكسادٍ مرتقب، وقف الذهب صامدًا أمام قراراته الاقتصادية المؤثرة على مستوى العالم دون أن تطالها يد الجمارك في خطوةٍ جذبت إليها علامات الاستفهام حول سبب إعفائه من تلك الزيادات التي يريد بها ترامب تقوية اقتصاد بلاده على حساب الدول الأخرى في وقتٍ حساس من التاريخ جعلت الكثير من الناس حول العالم يتجهون إلى استثمار أموالهم في المعدن الأصفر لضمان تجنب الخسارة. وفي هذا الشأن، يقول الدكتور ناجي فرج مستشار وزير التموين لشؤون الذهب إن جميع الدول تسعى إلى رفع الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب لمواجهة التضخم والحفاظ على قيمة العملة، ويُعد قرار ترامب بإعفاء «الملاذ الآمن» من الرسوم الجمركية خطوة محورية ضمن جهود إدارته لتحقيق استقرار أكبر في الأسواق المالية، موضحًا أن الذهب يُعتبر من أبرز أصول التحوط ضد الركود الاقتصادي، وأن قرار الإعفاء يعكس الرغبة الواضحة في جذب المزيد من الاستثمارات في سوق الذهب، وهو ما من شأنه أن يساهم في رفع حجم الاحتياطي الأمريكي من المعدن النفيس. وأضاف «فرج» في حديثه ل«المصري اليوم» أن الولاياتالمتحدة تملك واحدًا من أكبر الاحتياطات العالمية للذهب بلغ 8331 طنًا حسب تصريحات سابقة ل«ترامب» خلال مؤتمر صحافي في فبراير الماضي، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي يسعى إلى رفع الاحتياطي الاستراتيجي لبلاده إلى 9 آلاف طن ليضمن استقرار البنك المركزي ويضفي مزيدًا من القوة على الدولار، وهو ما يعبر عن سياساته الاقتصادية للنهوض بالوضع المالي للبلاد، خاصةً في مواجهة حالة عدم اليقين العالمية التي تجعل الذهب جزءًا أساسيًا في تحقيق الاستقرار المالي للدولة وحمايتها من تقلبات الأسواق، وبالتالي فإن فرض رسوم جمركية على الذهب ستؤدي إلى نتائج عكسية وعواقب اقتصادية وخيمة وهو ما يدركه ترامب بالتأكيد لذلك أبعده عن الحرب التجارية التي شنها على العالم. ومن جانبها قالت هدي الملاح، مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إن قرار ترامب بفرض جمارك على دول العالم أثبتت إنه غير دارس للاقتصاد وليس له مستشارين دارسين اقتصادي حقيقي، لأن هذه الخطوة ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار في العالم على رأسها أسعار الذهب. وأضافت الملاح في تصريحات خاصة ل«المصري اليوم» أنه من المتوقع زيادة أسعار البترول ليكون ارتفاع عالمي بسبب فرض التعريفة الجمركية، لتكون ثاني خطوة لضرب أسعار العالم، حيث جاءت أول خطوة عند رفع البنك الفيدرالي أسعار الفائدة واتبعها العالم. وأضحت الملاح أن ترامب لم يعفي الذهب من تعريفاته الجمركية على العالم بسبب أن الذهب له تعريفة جمركية من البداية فهو لم يزيد سعر التعريفة الجمركية على الذهب فقط، مشيرة إلى أن الأسعار سترتفع بنفس قيمة التعريفة الجمركية، وسيتحمل هذا الارتفاع المستهلك، لافتة إلى انخفاض معدل الطلب على الذهب لارتفاع أسعاره. وقال الدكتور ياسر شويته الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، إنه صدرت وثيقة عن البيت الأبيض تفيد بأن الرسوم الجمركية المضادة لا تنطبق على سلع معينة وهى الذهب والطاقة والمعادن غير الموجودة بالولاياتالمتحدة لذلك تم إعفاء الذهب من فرض الرسوم الجمركية الجديدة. وأضاف في تصريحات خاصة ل«المصري اليوم» وذلك لأن الذهب من السلع غير الموجودة بالولاياتالمتحدة وحتى لا تتأثر كافة الصناعات المرتبطة بتلك السلع وبالتالى تستطيع الولاياتالمتحدة الحصول عليها بسهولة من الدول المنتجة لها دون فرض قيود عليها من تلك الدول المنتجة أيضا. فيما رأت الدكتورة عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الأسبق، أن ترامب قرر إعفاء الذهب من التعريفة الجمركية لأن الدول تسعي أن تكون الاحتياطي لديها من الذهب، وبسبب إنه يريد دخول أكبر كمية ممكنة من الذهب إلى أمريكا فعمل على إعفاء الذهب من التعريفة الجمركية. وقال أحمد أبوعلى الباحث الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، إن جميع البنوك المركزية في العالم والصناديق حتي المواطنين اتجهت للإقبال على الذهب بسبب التعريفات الجمركية التي غرضها ترامب على العالم، وانعكس ذلك على أسعار الذهب، لأن الذهب الاستثمار الوحيد الذي يحظي على نسب إقبال كبيرة جدا. وأضاف في تصريحات خاصة ل«المصري اليوم» إن ترامب لا يمكن فرض ضريبة جمركية على الذهب لأنه له غرفة عالمية وتحركه بورصة الذهب العالمية، وأن التعريفات الجمركية ليست على سلع بعينها إنما على دول وغالبية الدول حاليا لديها احتياطي من الذهب. وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة فرض رسوم جمركية جديدة واسعة النطاق على السلع المستوردة من دول العالم تبدأ من يوم 5 إبريل الجاري، وقال خلال إعلانه عن القرار الذي وصفه ب«يوم التحرير الأمريكي الجديد» إن التعريفة الأساسية البالغة 10% والمفروضة على جميع دول العالم، بالإضافة إلى نِسب أعلى لبعض الدول، ستعزز الاقتصاد الأمريكي وتحد من مستوى البطالة، وبالعودة إلى تعريف شبكة «CNBC» للرسوم الجمركية يمكن وصفها على اعتبار أنها ضرائب إضافية تُفرض على السلع المستوردة من دول أخرى، تستخدم كسلاح بيد الدول الكبرى وغالبًا ما تُحدد قيمتها بناءً على سعر السلعة، لكن نظرًا لبعض التوجهات السياسية يتم إطلاقها صوب دول بعينها بهدف الإضرار باقتصادها. ويجادل ترامب بأن التعريفات الجديدة ستشجع المستهلكين الأمريكيين على شراء المزيد من السلع المصنعة في الولاياتالمتحدة، ما يعزز اقتصاد البلاد ويزيد من مقدار الضرائب المحصلة للاستفادة منها في تنمية الدخل القومي الأمريكي،، ويشمل ذلك فرض تعريفة بنسبة 54% على الواردات من الصين (تشمل التعريفة الحالية بنسبة 20%)، و49% على المنتجات من كمبوديا و46% على الواردات الفيتنامية، كما سيتم فرض تعريفات على السلع من الاتحاد الأوروبي بنسبة 20%، على أن يبدأ تطبيق التعريفات الجمركية الأعلى قيمةً في 9 أبريل 2025.