بعيون شاردة وقلوب يملؤها الإيمان وتكبيرات تهز الساحات، ومع بزوغ شمس أول أيام عيد الفطر، توجه الفلسطينيون لأداء صلاة العيد بين أنقاض المساجد التى لم تسلم من القصف، حاملين فى قلوبهم ذكرى شهدائهم بين التفاؤل والحزن، وأصر الغزيون على الاحتفال بالعيد رغم القصف والدمار المستمر، ليمر عيد فطر جديد على غزة وسط مأساة لم يشهدها القطاع من قبل مع استمرار الضربات الإسرائيلية. وداخل مدارس النازحين فى خان يونس، وعلى أنقاض المساجد المدمرة، اصطف الآلاف فى الطرقات لأداء صلاة العيد، بينما تجمع مئات المواطنين فى أماكن سكنهم، وغابت أجواء الاحتفال بين الأهالى، بينما حاولت الأمهات منح أطفالهن فرحة قدوم العيد، من خلال صناعة الحلوى والمخبوزات البسيطة. وبين صفوف المصلين وقف يوسف جمال، محكما قبضة يديه الصغيرة على عيديته التى حصل عليها من والدته، لم يرتد ملابس العيد الجديدة، وقف شاردا يردد تكبيرات العيد ويلقى نظرة خاطفة لمجموعة من الجثامين المتراصة من الشهداء ينتظرون إقامة صلاة الجنازة عليهم بعد انقضاء صلاة العيد. آمنة غازى، والدة يوسف، أوضحت أنها مثل آلاف سكان القطاع لا تملك المال لتلبية ما يحتاجه أطفالها من ملابس وحلوى العيد، مشيرة إلى أن ما يتوافر من بضائع أسعارها باهظة الثمن، لا يستطيع أحد شراءها داخل القطاع. وأضافت ل«المصرى اليوم»: «استشهد زوجى العام الماضى، ونعيش حياة صعبة لا يتحملها بشر، وكنت أتمنى شراء ملابس العيد لأطفالى، ولكن المال يكفى بصعوبة احتياجاتنا من الأكل والشرب، إلا أننى حرصت على منحهم عيدية حتى يشعروا بفرحة العيد الغائب عنا، فجميعنا نحمل أكفاننا وننتظر دورنا فى الشهادة». ورغم الأوضاع التى يعيشها سكان غزة، لم تنتصر عليهم الظروف، ولجأت سيدات فى مراكز الإيواء للتمسّك بعاداتهم من تجهيز كعك العيد، فى محاولة للتخفيف من وطأة الحرب، ومنح أطفالهم لحظة فرح وسط المعاناة المتواصلة منذ نحو 18 شهرًا. مريم أمين، إحدى النازحات فى خان يونس، قالت: «جاء العيد ونحن فاقدون أحبتنا، ونعانى ولا يتوفر لدينا أى من مستلزمات الحياة، ولكن أطفالنا ليس لهم ذنب، ونسعى جاهدين أن نسعدهم بأقل الإمكانيات». أحمد الكرنز أبوكرم، مدرس فى غزة، أوضح أن «صلاة العيد لم تقم فى غزة لأنها محاصرة، وقبل استئناف الحرب خزنا الطحين والمعلبات وعايشين عليها حتى اليوم بدون أى أكلات أخرى، حتى المياه غير متوفرة ونستخرجها من الآبار على الخلايا الشمسية».