استشهد الفنان الفلسطيني ضرغام قريقع (28) عاما، خلال استئناف حرب الإبادة على قطاع غزة، فجر أمس الثلاثاء، واستشهد معه 26 من أقاربه، منهم زوجته آية القدرة، حيث كان قريقع يوصف بأنه صانع البسمة على وجوه أطفال النزوح والخيام. عرفه الأطفال في مخيمات النزوح من خلال العروض المسرحية، وسينما الخيام، وفعاليات الرسم والسباحة والغناء، فكان وجهة أمل وفرح في أوقات الشدة والروتين اليومي لحياة صعبة للغاية. ولد ضرغام في الأول من مارس 1997، لكن عام 2025 حمل معه كل التواريخ الهامة في حياته، فخطوبته تمت في الثاني من يناير 2025، وفي الرابع عشر من فبراير 2025 زف عريسا إلى زوجته آية، دون أن يدركا أن أيامها سوية معدودات، وأن قدرهما في العيش معًا سيكون ل 32 يوما، ليكون الزفاف الأبدي إلى الجنة في 18 آذار 2025. وجد «قريقع» في الفن متنفسا وحياة تحاول أن تنجو بقدر استطاعتها وقتالها، في مواجهة الإبادة وظروف الجوع والتشرد والبرد. فعاد مع العائدين من جنوب القطاع إلى شماله، ليصعق من تدمير منزله ومرسمه في غزة، وكافة لوحاته الفنية. وقال حينها: «بعد 15 شهرًا من التهجير، عدت إلى غزة لأجد نفسي أمام حقيقة لا تصدق وصعبة جدا؛ بعد تدمير منزلي ومرسمي تدمير بالكامل من قبل الجيش الاسرائيلي، وكل أعمالي الفنية التي كنت أعدها لمعرضي الأول «حتى ينبت للكرسي جناحان» اختفت تحت الركام»، موضحا: «كانت تلك الأعمال أكثر من مجرد لوحات؛ وكانت جزءا من روحي، من أحلامي التي طالما حلمت أن أشاركها مع المتلقي، ما حدث ليس مجرد تدمير للأشياء، بل هو محاولة لطمس الذاكرة، الثقافة، والإنسانية.» وفي اللحظة التي وقع فيها بصر قريقع على لوحاته المدمرة، كتب على صفحته في فيسبوك: «اليوم، يتم تدمير كل شيء. مرسمي الذي كان ملاذي للإبداع والحرية، يتحول إلى مجرد ركام تحت وطأة آلة الحرب. الجيش الإسرائيلي، قام بتدمير جميع أعمالي الفنية. أعمال كانت تعبر عن تاريخ، عن وطن، عن آلام وأحلام شعب». وتابع: «الفن بالنسبة لي ليس مجرد رسم على لوحات؛ هو وسيلة للتعبير عن المعاناة، عن الحياة، وعن الأمل رغم كل شيء. لكن اليوم، قتلوا ليس فقط لوحاتي، بل قتلوا جزءًا من روحي. ومع ذلك، أؤمن بأن الفن لا يُمكن تدميره. طالما هناك روح مبدعة، سيظل الفن حيا فينا. هذه الأعمال هي جزء من قصتي، جزء من كل من تألم، كل من فقد. ولكننا، نحن الشعب الذي لا يموت، سنواصل السعي نحو الحرية. مهما دمروا، سيتجدد الفن في كل زاوية وكل قلب.» في نهايات العام الماضي، 2024، قدم قريقع وفريق عمله، عدة فعاليات ساهمت في تخفيف وطأة الحرب على نفسيات الأطفال الغزيين، وكان أبرزها مسرحية (اليوم التالي)، وكان قريقع بعد كل أداء وفعالية يصف يومياته: «يوم رائع وجميل وعرض موفق ومؤثر بين خيام النزوح في مواصي القرارة بخان يونس، مئات من الأهالي في مخيمات النزوح من الاطفال والنساء والشباب حضروا العرض المسرحي وكانوا في غاية السعادة لأننا عبرنا عن وجعهم وأمنياتهم في المسرحية. سنظل نقدم الدعم النفسي في مبادراتنا لنعطي النازحين قليل من الأمل في ظل الحرب الإبادة الجماعية التي يعيشونها من جرائم الاحتلال وفقدان العديد من أهلهم وذويهم وأحبابهم، لن أنسى شكل وصوت ضحكاتهم في هذه اللحظة».