فى مشهد بديع تتدلى فيه الزينة فوق الرؤوس وتنير الفوانيس الشوارع، تقابلك موائد الرحمن فى القاهرة والمحافظات تحمل أطيب أصناف الطعام، ويجلس حولها الصائمون فى انتظار سماع صوت الأذان ومدفع الإفطار. ساحة المرتضى بالأقصر تستقبل 5 آلاف مواطن فى رمضان فى منطقة فيصل بالجيزة، وعلى مدار 9 أعوام، قرر «الشيف أحمد» التبرع بمجهوده وأدواته خلال شهر رمضان كل عام لصالح موائد الرحمن، وعمل على تبنى فكرة إنشاء مائدة للإفطار بمساعدة عدد من أبناء المنطقة، حيث بدأت المائدة ب50 فردًا، حتى توسعت بمجهود الأهالى لتصل إلى 300 شخص. وقال، ل«المصرى اليوم»، إن فكرة تأسيس مائدة للرحمن خلال شهر رمضان جاءت خلال فترة توقفى عن العمل، وساعدنى فى تحقيق مائدة الرحمن إنى «شيف»، ولدىَّ الأدوات الخاصة للعمل، فتقدمت باقتراح لعمل مائدة تعتمد على «الجهود الذاتية» من أبناء منطقة فيصل، مضيفًا: «بنعلن على مواقع التواصل الاجتماعى عن احتياجات المائدة خلال شهر رمضان، وبنلاقى مساعدات كتير من أهالى المنطقة». وعن التحديات التى واجهت إقامة مائدة الرحمن هذا العام أضاف أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية هو أبرز التحديات أمام المائدة، لافتا إلى أنه فى ظل هذه التحديات نسعى لزيادة كمية الطعام والوجبات على مائدة الإفطار خلال شهر رمضان. ساحة المرتضى بالأقصر تستقبل 5 آلاف مواطن فى رمضان ومن فيصل إلى منطقة البساتين، عند شارع مهران، تستقبلك أكبر مائدة للرحمن داخل الحى لإفطار 500 صائم يوميًّا كل عام، والتى تُقام فى المكان نفسه منذ أكثر من 16 عامًا. وأوضح صاحب المائدة أنه من قبل رمضان بحوالى 3 أيام يتم شراء لوازم المائدة، مؤكدًا أن هناك أشخاصًا يعملون فقط على مائدة الرحمن وتجهيزها، لافتًا إلى أنه يُخرج زكاة المال من خلال مائدة الرحمن وإفطار الصائمين، حيث تستوعب المائدة أكثر من 500 شخص بشكل يومى قابلين للزيادة، والوجبات الأساسية هى طبق من الأرز وقطعة من اللحم وطبق سلطة وكوب عصير. وفى مشهد أقرب إلى خلية النحل، يتلاحم الشباب منذ الثامنة صباحًا استعدادًا لتوزيع الأدوار بين طهى اللحوم، وإعداد الخضروات، وتجهيز الوجبات، وتغليفها، قبل أن تُوزع على رواد المائدة. يقول رجب رمضان، أحد المشاركين فى إعدادها: «ارتفاع الأسعار دفعنى إلى تقطيع كيلو اللحم إلى ثمانى قطع بدلًا من ست نظرًا إلى أن أعداد المقبلين على المائدة فى زيادة مستمرة»، مضيفًا: «نبدأ بإعداد العرقسوس، وبعد صلاة العصر مباشرة، نُعد الطعام للصائمين، الذى يكون مكونًا من اللحم أو الدجاج، والسلطة أو المخلل، بالإضافة إلى بعض الحلوى، مثل بلح الشام أو قطعة من البسبوسة أو الكنافة والعصائر. ساحة المرتضى بالأقصر تستقبل 5 آلاف مواطن فى رمضان فى محافظة الأقصر، جلس الآلاف من أهالى قرية الزناقطة على «أطول مائدة إفطار» تمتد فى صفوف طويلة، وتجمع الأهالى سنويًّا، حيث اعتادت ساحة الشيخ المرتضى، منذ 25 عامًا، إقامتها. وتتسع المائدة لأكثر من 5 آلاف صائم من أهالى القرية والقرى المجاورة، حيث تمتد إلى عدة شوارع، وعليها ما لذ وطاب من الطعام والمشروبات الرمضانية، ويشارك فى تجهيزها مئات الشباب والرجال، فى جو من الألفة والمودة والتلاحم التى تعكس مدى ترابط أهل القرية. ويحضر المائدة جميع الأطياف السياسية والحزبية والاجتماعية فى الأقصر، حيث يجلسون على مائدة واحدة، ويتناولون طعامًا واحدًا، ويتشاركون فى أحاديث السمر ويتبادلون المحبة وهموم وطنهم الأقصر. يقول كريم حرزالله، من الأهالى، أحد فريق تنظيم المائدة، إن التجهيز للمائدة يبدأ مع بداية شهر رمضان، بتوزيع الأدوار بين فريق العمل، الذى يتخطى 400 شاب، بتجهيز المستلزمات الخاصة بالمائدة، وتوزيع الدعوات على أهالى القرية والقرى المجاورة، لافتًا إلى أن أهالى قرية الزناقطة من رجال ونساء وأطفال وشيوخ يشاركون من خلال فتح منازل القرية لاستقبال الضيوف الوافدين للمائدة. من جانبه، عبّر الشيخ أحمد المرتضى عن سعادته بهذا التجمع، الذى يُعد تقليدًا سنويًّا تحرص الساحة على إقامته، موضحًا أن الإفطار السنوى يجمع بين البسطاء والمريدين من كبار المسؤولين، وسط أجواء إيمانية وروحانية غامرة وقلوب عامرة بالإيمان بالله وحب رسوله محمد، صلى الله عليه وسلم. وللساحات الدينية فى مدن محافظة الأقصر سطوتها وحضورها وتألقها فى شهر رمضان، حيث تستقبل تلك الساحات مئات الآلاف من الرواد طوال أيام وليالى شهر رمضان، وتنتشر فى كل مدن المحافظة، فهناك ساحة الشيخ الطيب، حيث وُلد وترعرع فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وساحة سيدى أبوالحجاج الأقصرى، وساحة سيدى أحمد رضوان، والساحة الجيلانية، والساحة الادريسية، التى يزورها رواد من مختلف بلدان العالم الإسلامى، من أعضاء الرابطة العالمية للسادة الأشراف الأدارسة. فى محافظة أسيوط، ومع بداية شهر رمضان، يتطوع عدد من الشباب لإعداد وجبات الإفطار فى أكبر مائدة إفطار فى منفلوط، وهى مائدة «الأشراف المهدية»، التى أسسها الشيخ صلاح القوصى بالمدينة، منذ 21 عامًا، وتمتد المائدة لمساحة تزيد على 1000 متر مربع، وتشارك فيها فئات مختلفة من المجتمع، ويتم تقسيمها إلى رجال ونساء وأطفال وعائلات، ولكل فئة منهم مكان خاص بهم داخل المائدة للحفاظ على أصول وعادات الصعيد. والمائدة مفتوحة يوميًّا لاستقبال الآلاف من المواطنين الذين اضطرتهم الظروف إلى البقاء فى الشارع وقت الإفطار، كما تحرص بعض الأسر غير القادرة على تناول إفطارها يوميًّا بها حتى نهاية الشهر الكريم.