شهدت فعاليات أول أيام ال26 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، برئاسة المخرجة هالة جلال، عقد ندوة تحت عنوان «السينما التسجيلية وحفظ الذاكرة»، بقصر ثقافة الإسماعيلية، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في السينما. ناقشت الندوة، التي أدارها الكاتب والناقد محمد شعير، دور السينما في توثيق الذاكرة الثقافية والتاريخية والحفاظ عليها. بداية تحدثت الدكتورة هدى الصدة، أستاذة بجامعة القاهرة ورئيسة مؤسسة المرأة والذاكرة، عن مشروع «هي والكاميرا»، مشيرةً إلى دوره في توثيق تجارب النساء وإبراز رؤيتهن السينمائية للحفاظ على الذاكرة المجتمعية. وأكدت أن المشروع يهدف إلى استعادة تاريخ النساء وإنتاج معرفة جديدة تخصهن، عبر وسائط متعددة لإنشاء أرشيف خاص بهن، خاصة للدفعات الأولى من الخريجات في الثلاثينيات والأربعينيات من جامعة القاهرة بمختلف الكليات. وأوضحت هدى أن المؤسسة بدأت منذ أواخر التسعينيات في توثيق تجارب مجموعات مختلفة، ومنها مجموعة السينمائيات المصريات، حيث تم تصوير 18 فيلمًا توثيقياً عن سينمائيات مصريات. كما أكدت أن الحفاظ على الأرشيف يمثل تحدياً كبيراً، ما يستدعي توفير نسخ رقمية متعددة يتم تحديثها باستمرار لضمان استدامة المحتوى. بينما تطرقت د. مروة الصحن، مديرة مركز الأنشطة الفرنكوفونية بمكتبة الإسكندرية، إلى أهمية الأرشيف السينمائي في حفظ التراث البصري والسينمائي، مشيرةً إلى دور «السينماتك» في دعم الباحثين وصناع الأفلام التسجيلية. كما كشفت عن مبادرة لتدريب الطلاب على النقد السينمائي باللغة الفرنسية، حيث يتم اختيار أفضل المقالات النقدية لمكافأة أصحابها بحضور مهرجانات سينمائية كجائزة تشجيعية، مثل مهرجان مرسيليا، مهرجان الأقصر، ومهرجان الإسماعيلية. وأوضحت أن المبادرة توسّعت هذا العام لتشمل طلاباً من سبع محافظات لتعزيز وعيهم بمجال السينما. وأكد الكاتب والناقد محمد شعير أن السينما والفن والتصوير الفوتوغرافي واللوحات الفنية تمثل أشكالاً مهمة للأرشيف، مستشهداً بفيلم وثّق حديقة الحيوانات بطولة إسماعيل ياسين، والذي أصبح جزءاً من الأرشيف السينمائي. وأشار شعير إلى التحديات التي يواجهها الباحثون في الوصول إلى الأرشيف بالمؤسسات الرسمية، ما يجعل المؤسسات الشعبية والمبادرات المستقلة مصادر بديلة للمعلومات. كما حذّر من احتمالية «العمى الإلكتروني»، أي فقدان البيانات الرقمية مع مرور الزمن بسبب التطور التكنولوجي المستمر، مؤكداً أهمية تطوير وسائل تحفظ الأرشيف من الضياع. واختتمت الندوة بالتأكيد على ضرورة البحث عن صيغ مستدامة لحفظ الأرشيف، مع تعزيز التعاون بين المؤسسات والمبادرات المختلفة لضمان سهولة الوصول إلى المعلومات وحفظها للأجيال القادمة.