نشرت وكالة «أكسيوس» الأمريكية، تقريرًا عن شهر التاريخ الأسود «فبراير الأسود»، مشيرة إلى أن هذا الشهر يواجه حالة من عدم اليقين في ظل تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التنوع. يأتي شهر التاريخ الأسود في ظل تهديد جديد حيث يهدف ترامب إلى القضاء على جهود التنوع والمساواة والإدماج وإنشاء إرشادات فيدرالية ضد أشهر التراث، بحسب ما ذكرته «أكسيوس». يزعم المحافظون أن دروس التاريخ الأسود تثير الشعور بالذنب، في حين ينظر منتقدو أجندة ترامب إلى عمل الرئيس باعتباره جهدًا لمحو الحقائق الصعبة. كما فعل كل رئيس أمريكي منذ عام 1976، وقع الرئيس ترامب إعلانًا يعترف بشهر التاريخ الأسود أمس الجمعة. يأتي هذا الإعلان بعد أسابيع من استهداف مبادرات التنوع والإدماج من خلال اتخاذ القرارات والخطابات. في الأيام الأولى من عودته إلى منصبه، قام ترامب بتفكيك برامج التنوع والإدماج الفيدرالية، مما أوقف الجهود الرامية إلى تعزيز التنوع والإدماج. أنهى الأمر التنفيذي البرامج الرامية إلى تعزيز التنوع والشمول على المستوى الفيدرالي في المدارس. وتشير الأوامر أيضًا إلى تحديات قانونية محتملة لجهود التنوع في القطاع الخاص، وهي الخطوة التي تقول جماعات الحقوق المدنية إنها قد تؤدي إلى تفكيك عقود من التقدم. ووصف «مارك إتش موريال»، رئيس الرابطة الحضرية الوطنية، هذا الأمر بأنه «اعتداء على حركة الحقوق المدنية»، وقاد المناقشات حول الرد القانوني عليه. وعندما سُئلت عن التقارير التي تفيد بأن وكالة استخبارات الدفاع تثبط برمجة شهر التاريخ الأسود لتتماشى مع آراء ترامب بشأن التنوع والإنصاف والإدماج، أشارت السكرتيرة الصحفية كارولين ليفيت إلى الإعلان باعتباره اعترافًا مخططًا من الرئيس بشهر التاريخ الأسود. وأوضحت «أكسيوس»: ما يراه البعض على أنه جهد لمحو «الوعي» وجهود التنوع (DEI- التنوع والعدالة والاندماج)، هو معركة حول كيفية قبول أمريكا أو الاعتراف بماضيها أو تحريره. وأشارت إلى أن الدفع نحو محو التاريخ الأسود ليس أمرًا نظريًا، بل هو يحدث بالفعل. كاد طيارو توسكيجي، الذين كانوا في يوم من الأيام أبطالًا أمريكيين، أن يصبحوا ضحايا جانبية لمعركة سياسية، حاولت القوات الجوية في البداية حذف إشاراتهم من مناهجها الدراسية، لكنها تراجعت عن هذا القرار بعد أيام. طيارو توسكيجي هم مجموعة من الطيارين العسكريين والطيارين الأمريكيين من أصل إفريقي، الذين قاتلوا في الحرب العالمية الثانية، وقاموا بتشكيل المجموعة المقاتلة 332 ومجموعة القصف 477 التابعة للقوات الجوية للجيش الأمريكي. يقول إدموند دبليو ديفيس، وهو باحث في شؤون طياري توسكيجي، إن إرثهم لا ينبغي أن يُدمج في سياسات (DEI). «بالنسبة لرجال ونساء طياري توسكيجي، هذا ليس DEI- إنه تاريخ قديم عادي، تاريخ عسكري. تاريخ أمريكي»، هذا ا قاله «ديفيس». ويزعم أن مساهماتهم تتجاوز العرق: «نحن نركز بشكل كبير على الأميركيين من أصل أفريقي، ولكن كانت هناك أيضًا نساء، من أصول لاتينية الموجة الأولى من رواد الحقوق المدنية قبل أن ينهض مارتن لوثر كينج وروزا باركس. لقد كن يقاتلن». كما يزعم بعض المؤرخين أن التاريخ الأسود يُصاغ على أنه مثير للجدل، تمامًا مثل الصراع حول نظرية العرق النقدية. ويزعمون أن محاولات التقليل من أهميته تشوه الحقائق التاريخية، وتحرف الفهم العام، وتحول الحقائق إلى أسلحة سياسية. قالت «مارثا إس. جونز»، أستاذة التاريخ في معهد أجورا التابع لمؤسسة ستافروس نياركوس في جامعة جونز هوبكنز، إنه على الرغم من أن قيود التنوع والإنصاف والإدماج، ومعاداة الوعي، وحظر الكتب، والقيود المفروضة على المناهج الدراسية تحد من الوصول، فإن التاريخ لا يمكن محوه. وأضافت: «على الرغم من بشاعة حظر الكتب، إلا أنها لا تجعل التاريخ يختفي، لقد كان الصراع على التاريخ موجودًا دائمًا، ولكن المقاومة كانت موجودة أيضًا». كما ألقى تقرير الوكالة الأمريكية الضوء على «كارتر وودسون»، الذي أنشأ أسبوع التاريخ الزنجي في عام 1926، قبل عقود من إعلان فورد وتوسعه إلى شهر التاريخ الأسود- ليس بسبب القبول الواسع، ولكن بسبب قمع التاريخ. لم يكن شهر التاريخ الأسود هدية حكومية، بل كان جهدًا شاقًا بذله «وودسون» خلال فترة «جيم كرو». واختتم التقرير: «لم ينتظر وودسون الإذن، بل أسس مؤسسات، وألف كتبًا، وحرص على سرد التاريخ الأسود على الرغم من الحواجز»، مؤكدًا أنه من المهم أن نتذكر أن «لا أحد أعطانا الإذن» بالحصول على تاريخ أسود.