أكبر فضيحة تمويل سياسي في تاريخ فرنسا الحديث.. «ساركوزي» أمام المحكمة بسبب «القذافي»

في أكبر فضيحة تمويل سياسي في تاريخ فرنسا الحديث، يمثل الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، أمام المحكمة اليوم الاثنين، حيث يزعم أنه حصل على ملايين من اليورو في تمويل غير قانوني لحملته الانتخابية من النظام الليبي السابق بقيادة معمر القذافي، الذي اتسم حكمه الذي استمر 41 عاما بانتهاكات حقوق الإنسان، والذي كان معزولا دوليا بسبب ارتباط نظامه بالإرهاب، بما في ذلك تفجير طائرة بان أمريكان الرحلة 103 فوق لوكربي في أسكتلندا في ديسمبر 1988، وفقًا ل«الجارديان».
محاكمة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي
تهدد المحاكمة التاريخية للرئيس الفرنسي اليميني السابق و12 شخصا آخرين، بما في ذلك 3 وزراء سابقين، بتهمة التآمر الجنائي لتلقي أموال من القذافي على نطاق واسع، بتفاقم ثقة الناخبين المنخفضة بالفعل في الطبقة السياسية الفرنسية.
وبعد تحقيقات في الفساد استمرت 10 سنوات، ستستمع المحكمة إلى مزاعم حول ما وصفه قضاة التحقيق ب«اتفاق فساد» أبرم بين ساركوزي والنظام الليبي السابق، حيث قام وسطاء بتسليم حقائب مليئة بالنقود إلى مبانٍ وزارية في باريس لتمويل حملة ساركوزي الرئاسية الفائزة في عام 2007 بشكل غير قانوني.
وستنظر المحكمة فيما إذا كان النظام الليبي قد طلب مقابل تمويل الحملة الرئاسية لساركوزي الحصول على مزايا دبلوماسية وقانونية وتجارية.
ومن بين هذه الطلبات المزعومة للحصول على مزايا تتعلق بعبدالله السنوسي، رئيس مخابرات القذافي ومنفذ أوامره، وكان السنوسي قد حكم عليه غيابيا بالسجن مدى الحياة من قبل محكمة فرنسية في عام 1999 لدوره في تفجير طائرة ركاب تابعة لشركة يو تي إيه فوق النيجر في عام 1989 والذي أسفر عن مقتل 170 شخصا.
وسوف تستمع المحكمة إلى الطلبات المزعومة التي قدمها النظام الليبي إلى حاشية ساركوزي لإيجاد طريقة لرفع مذكرة الاعتقال الدولية التي أصدرتها فرنسا ضد السنوسي.
وقالت لور هاينيش، محامية 15 من أقارب الأشخاص الذين قتلوا في تفجير طائرة يو تي إيه، إن موكليها سيخبرون المحكمة بصدمتهم عندما علموا أن اعتقال الشخص الذي قتل أفراد أسرهم يمكن مبادلته بالمال.
وأوضحت أن اتفاق الفساد المزعوم يعني أن الأموال التي استخدمها نيكولا ساركوزي في انتخابه في عام 2007 كانت أموالًا ملطخة بدماء هذه العائلات.
ونفى ساركوزي، الذي تولى الرئاسة بين عامي 2007 و2012، ارتكاب أي مخالفات في القضية، وستؤدي المحاكمة التي تستمر 3 أشهر إلى تفكيك العلاقة المعقدة بين ساركوزي والقذافي.
وفي حالة إدانته بتهم الفساد، قد يواجه ساركوزي عقوبة تصل إلى 10 سنوات في السجن إلى جانب كلود جيان، الأمين العام السابق لقصر الإليزيه ووزير الداخلية، وبريس هورتيفو، حليف ساركوزي المقرب والذي شغل منصب وزير الداخلية أيضًا، وينفي الثلاثة ارتكاب أي مخالفات.
كما يخضع للمحاكمة وزير الميزانية السابق في حكومة ساركوزي، إريك وورث، وهو الآن عضو في البرلمان عن حزب إيمانويل ماكرون الوسطي، وينفي وورث ارتكاب أي مخالفات.
علاقة القذافي بالرئيس الفرنسي السابق
في مارس 2011، قال سيف الإسلام القذافي، نجل القذافي، لقناة يورونيوز: «يتعين على ساركوزي أن يعيد الأموال التي تلقاها من ليبيا لتمويل حملته الانتخابية، لقد مولنا حملته ولدينا الدليل، وأول ما نطالب به هو أن يعيد الأموال إلى الشعب الليبي».
وقد صدر حكمان بإدانة ساركوزي بالفعل، ففي الشهر الماضي أكدت أعلى محكمة في فرنسا حكمًا ضده بتهمة الفساد واستغلال النفوذ من خلال محاولات غير قانونية للحصول على مزايا من أحد القضاة.
وصدر أمر بإلزامية ارتدائه سوارا إلكترونيا لمدة عام، وهى المرة الأولى التي يتم فيها ذلك بالنسبة لرئيس دولة سابق، وهو يطعن في الحكم أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وفي محاكمة منفصلة، أدين ساركوزي بتهمة إخفاء الإنفاق غير القانوني في الانتخابات الرئاسية لعام 2012 التي خسرها أمام المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند، وقد استأنف الحكم.