بعد إقالته ليوآف جالانت من منصب وزير الدفاع في مطلع نوفمبر الماضي، بات من الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو يسعى إلى تحييد معارضي سياسته عن السلطة باستغلال سقطاتهم في حرب غزة المشتعلة منذ السابع من أكتوبر 2023، ليأتي الدور الآن على رئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي المكلف باستكمال جميع التحقيقات حول الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس. التهرب من مسؤولية الاخفاقات السياسية ألمح هاليفي، في نهاية الشهر الماضي إلى عزمه الاستقالة من منصبه كرئيس أركان الجيش الإسرائيلي بعد انتهاء التحقيقات في اخفاقات 7 أكتوبر وخسائر الحرب على لبنان، وذلك خلال رسالة وجّهها إلى عدد من القيادات العسكرية، ليواجه بعدها هجومًا شديداً وضغوطات تهدف إلى منعه عن تلك الخطوة كي لا يسمح لنتنياهو بتعيين رئيس أركان من «الموالين له» بحسب صحيفة «هآرتس»، التي أوضحت أن هرتسي هاليفي نفّذ الكثير من طلبات وقرارات نتنياهو في الحرب تحت ضغط منه، وعندما يٌثبت فشلها يحمّل قيادات الجيش كامل المسؤولية عن الإخفاق حتى يبرئ نفسه من تبعات قراراته وبالتالي فإن التخلص من معارضي سياسته في إدارة الحرب يعدّ مكسباً استراتيجياً يضمن له الانفراد بالسلطة لتحقيق أفكاره الاستعمارية الهادفة إلى توسيع رقعة إسرائيل على حساب البلدان العربية المحيطة. هل يخطط نتنياهو لإزاحة معارضيه عن الحكومة؟ تعود بداية الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس أركان الجيش إلى تقدم الأخير بتشكيل لجنة تحقيق داخلي في أحداث أكتوبر 2023 حتى يثبت أمام شعبه أنه يتصرف بمسؤولية ولا يخفي عنهم قصور الجيش في الدفاع عنهم. وبسبب المعلومات المحايدة التي تضمنها التحقيق اكتسب «هاليفي» مكانةً حساسة عند لجنة التحقيق الرسمية ما أثار غضب نتنياهو فحاول منعه من الاستمرار في التحقيق بدعوى التركيز في إدارة الحرب، لكن المستشارة القضائية للحكومة وقفت مع هاليفي معتبرةً خطوته قانونية ومخلصة لقيم الجيش ومبادئ القانون، خاصةً أنه فتح الباب لمنتقديه كي يهاجموه بكل ضراوة بسبب الاستخفاف بما يجري في غزة وعدم توقع الهجوم الذي شنته حركة حماس فأسفر عنه قتل أكثر من 3000 إسرائيلي وأسر 251 آخرين فضلاً عن تدمير عدة مواقع عسكرية وما تلى ذلك من خسائر يستغلها نتنياهو اليوم لإلقاء اللوم على الجيش وجهاز المخابرات دون التطرق إلى قصور القيادة السياسية التي يتربع على قمتها. التحقيق في حرب 7 أكتوبر امتناع رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية تنظر في «الكارثة» من منظور سياسي وعسكري، يسلط الضوء على مخاوفه من المسائلة القانونية خاصةً مع تشوه صورته أمام المجتمع العبري واتجاه شعبه إلى الاحتجاج على حكمه ودعوته إلى الاستقالة، لذلك يعمل على «تجميد» إدارة الشؤون الداخلية لحين انتهاء الحرب التي لا يكف عن المماطلة لمد أمدها إلى أطول فترة ممكنة، من ذلك أن يسرائيل كاتس الذي خلف يوآف جالانت على منصب وزير الدفاع، أمر بتعليق الترقيات للضباط المستحقين حتى ينتهي التحقيق قبل نهاية يناير القادم بحد أقصى، الأمر الذي يُظهر أن للقيادة السياسية الكلمة العليا على الجيش في الدولة العبرية حتى فيما يخص شؤون الأمن القومي.