استعدادا للعام الدراسى الجديد .. محافظ الدقهلية يجتمع مع قيادات التعليم بالمحافظة    رئيس الوزراء يلتقى عددا من رؤساء التحرير الصحف والمواقع الإلكترونية المصرية لمناقشة القضايا الراهنة.. مدبولى: مصر مستهدفة ضمن محاولات إعادة رسم خريطة المنطقة.. ونؤمن بشكل تام احتياجات الدولة من الطاقة ل5 سنوات    مع بدء الهجوم البرى..جيش الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية فى غزة ويجبر الفلسطينيين على النزوح القسرى    واشنطن تفرض عقوبات جديدة على شبكة مالية مرتبطة بإيران    جماهير مارسيليا ترفع علم فلسطين وتدعم غزة ضد حرب الإبادة قبل مباراة الريال    اتحاد الكرة والأهلي والإسماعيلي والتوأم ينعون الراحل عمر عبدالله    كل ما تريد معرفته عن اجتماع الجمعية العمومية للأهلي    إصابة 7 أشخاص فى حادث انقلاب أتوبيس بالشرقية    مصر تتسلم جائزة الآغاخان الدولية عن مشروع "إعادة إحياء إسنا التاريخية"    مراسل "القاهرة الإخبارية" من النصيرات: غزة تباد.. ونزوح جماعى وسط وضع كارثى    رئيس مجلس الوزراء: مخصصات الدعم لا تزال هى الأكبر ضمن مخصصات الموازنة    "حياة كريمة" تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي القنطرة غرب بالإسماعيلية    وزير الصحة: تعزيز التعاون بين مصر وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى قطاع الصحة    رابط الاستعلام عن مخالفات المرور وطرق سدادها إلكترونيًا    طريقة تجديد بطاقة الرقم القومي إلكترونيًا 2025    "أهلًا مدارس" بالعمرانية.. وعضو مجلس إدارة الغرفة: المعرض يعزز التوازن بين مصلحة التاجر والمستهلك    مدبولى لرؤساء التحرير: قضية المياه مسألة وجودية ولن نتوانى عن حماية حقوقنا    رئيس هيئة النيابة الإدارية يلتقي معاوني النيابة الجدد    «لماذا السردية الوطنية للاقتصاد؟».. مدبولي يجيب    جنايات فوه تؤجل محاكمة 8 متهمين بقتل موظف سابق بينهم 5 هاربين لنوفمبر    وزير المالية: الحكومة حريصة على دعم الفئات المستحقة على رأسها تكافل وكرامة    برشلونة يعلن مواجهة خيتافي على ملعب يوهان كرويف    بصورة من شبابها.. يسرا تفاجئ الجمهور بتغير ملامحها وتلجأ ل«AI»    أم كلثوم على مسرح العرائس بساقية الصاوي.. وهذه شروط الحضور    «مصر القديمة تفتح أسرارها».. تفاصيل الفيديو الترويجي للمتحف المصري الكبير استعدادًا للافتتاح الرسمي    أمينة الفتوى: لا فرق بين الرجل والمرأة في أحكام صلاة المسافر    شريف عبد المنعم يطالب إدارة الأهلي بضم نجم الزمالك وفيستون مايلي    8 صور ترصد استقبال زوجه وأبناء حسام حسن له بعد مباراة بوركينا فاسو    حسام البدري: الأهلي يمر بمرحلة صعبة.. واستمرار الخطيب ضروري    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    موعد شهر رمضان الكريم وأول أيام الصيام فلكيًا    وزير الدفاع الإسرائيلي: سندمر غزة إذا لم تسلم حماس سلاحها وتطلق سراح المحتجزين    انتبه.. تحديث iOS 26 يضعف بطارية موبايلك الآيفون.. وأبل ترد: أمر طبيعى    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    11 طريقة لتقليل الشهية وخسارة الوزن بشكل طبيعي دون أدوية    وزيرة الخارجية البريطانية: الهجوم الإسرائيلي على غزة متهور    الأرصاد: انخفاض طفيف فى درجات الحرارة.. وبدء الخريف رسميا الإثنين المقبل    السكك الحديدية: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية بين القاهرة ومرسى مطروح    وزير التعليم: المناهج الجديدة متناسبة مع عقلية الطالب.. ولأول مرة هذا العام اشترك المعلمون في وضع المناهج    مهرجان الجونة يكرم منة شلبي بجائزة الإنجاز الإبداعي في دورته الثامنة    اختلف معها فطعنته.. التحقيق مع سيدة بتهمة الاعتداء على زوجها في الشرقية    بالصور- محافظ أسيوط يتفقد مدارس ساحل سليم والبداري استعدادا للعام الدراسي    99.1% لفني صحي طنطا.. نتيجة تنسيق الثانوية التجارية 3 سنوات كاملة    "أحدهم سيرحل".. شوبير يكشف تفاصيل جلسة مصارحة لاعبي الأهلي بسبب العقود    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    إسبانيا تستدعى القائم بالأعمال الإسرائيلي للاحتجاج على تصريحات ساعر    الغلق لمدة أسبوع كامل.. بدء تطوير نفق السمك بشبين الكوم -صور    صحة المنوفية تضبط مركزًا وهميًا لعلاج السمنة بشبين الكوم    مصر تتسلم جائزة الآغا خان العالمية للعمارة عن مشروع إحياء إسنا التاريخية    نائبة وزير الصحة: استراتيجية لدمج "القابلات" تدريجيًا في منظومة الولادة الطبيعية    بلدية غزة: اقتراب موسم الأمطار يهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية بالمدينة    احذر.. انتحال صفة ذوي الإعاقة للحصول على الخدمات يعرضك للحبس    ارتفاع أسعار الخضروات اليوم بأسواق الإسكندرية.. الطماطم ب15 جنيها للكيلو    9 سفن من الأسطول المغاربي تغادر تونس إلى غزة حتى اليوم    كامل الوزير: حددنا 28 صناعة وفرصة واعدة لجذب الاستثمارات لتعميق التصنيع المحلي وسد احتياجات السوق    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الكلب طاهر.. وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    وزير الثقافة يشهد احتفالية "اليوم المصري للموسيقى" ويُكرم نخبة من رموز الفن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا عزاء للجمعية التأسيسية!
نشر في المصري اليوم يوم 01 - 02 - 2012

في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ومع بداية تعرفي على الحركة الماركسية المصرية، أذكر أن أول فكرة قرأتها في أدبيات الحركة الشيوعية هي أن الشعار الذي ينبغي أن نرفعه، نحن الثوريون، في الثورة المصرية القادمة هو "الجمعية التأسيسية".
للأسف لا أذكر الوثيقة التي قرأت فيها هذا الشعار. لكنني أذكر أن الدفاع المقدم فيها كان مقنعا وبسيطا. فأرقى ما يمكن أن تقدمه الديمقراطية المحدودة بحدود المجتمع البرجوازي هو مجلسا منتخبا انتخابا حرا من الشعب يتولى السلطة ويؤسس للنظام الديمقراطي المنشود. لذلك فإن علينا الدعوة إلى انتخاب مثل هذا المجلس، المسمى جمعية تأسيسية، إذا كانت توازنات القوى في الثورة المصرية لا تسمح، مرحليا، ببناء المؤسسات الأكثر ديمقراطية وقاعدية، والأكثر التصاقا بالطبقات الكادحة، وهي السوفييتات أو المجالس العمالية.
وقد كان من ثوابت التفكير الماركسي بشأن الجمعية التأسيسية أن القوى الليبرالية، التي تطنطن ليل نهار بكلام عن الديمقراطية وسلطة الشعب، ستتملص عمليا من تطبيق هذا الشعار، وإن طبقته فستحاول أن تخفف من مضمونه الثوري خوفا مما قد يمثله هذا من ضرب لمصالح أصحاب الجاه والثروة.
مراوغات
الطريف إنني بعد مرور ربع قرن تقريبا، وبعد أن جرت في النهر مياها كثيرة، اكتشفت خلال العام الأخير أمران أساسيان لهما أهمية كبرى في معركتنا الراهنة: صحة شعار الجمعية التأسيسية كشعار مرحلي، وعداء معظم القوى الديمقراطية الجذرية واليسارية له!
ففي الأيام الأولى التي تلت الثورة، سمعنا من ديمقراطيين جذريين ويساريين دفاعا عن الجمعية التأسيسية؛ وقلنا "خير". لكننا اكتشفنا أن معظمهم يقصد جمعية تأسيسية غير منتخبة على اعتبار أن جماعة يعينها العسكر ستكون أكثر صدقا في تمثيلها لكل فئات الشعب المصري من مؤسسة ينتخبها الشعب مباشرة!
سمعنا كذلك من يقول إن الأفضل تأجيل أي انتخابات لحين جهوزية القوى الثورية لتحقيق أغلبية!
بعد ذلك بقليل حاول الدكتور علاء الأسواني طرح فكرة تمثل مخرجا من حرج لا ديمقراطية أطروحات الديمقراطيين حول الجمعية التأسيسية. إذ دافع الدكتور عن تشكيل الجمعية التأسيسية من خلال الانتخاب الفئوي لممثلين للقطاعات الجماهيرية المختلفة: المهنيون ينتخبون من خلال نقاباتهم، العمال ينتخبون من خلال نقاباتهم، القضاة ينخبون من خلال نادي القضاة.. الخ.
الغريب أن الدكتور قال إن هذه الفكرة هي الأكثر انتشارا في تجارب التحول الديمقراطي. لكن كل دارس لتاريخ التحول الديمقراطي يعلم أن ما قاله الأسواني غير صحيح. والأهم أن التجربة الحية تؤكد أنه كلما كان التحول الديمقراطي ثوريا، كلما قل احتمال تطبيق أفكار مثل التمثيل الفئوي الذي هو شكل من أشكال التحايل على الفكرة الديمقراطية الأصيلة الخاصة بالانتخاب الشعبي الحر المباشر (universal suffrage)، خاصة في بلدان كمصر قواها الاجتماعية والطبقية غير منظمة في مؤسسات تعبر عنها.
مطلوب رئيس
أما الفكرة الرائجة حاليا التفافا على شعار الجمعية التأسيسية، فهي تعجيل انتخاب رئيس الجمهورية. فمؤخرا، بعد انتخاب مجلس الشعب وتزايد الدعوات لتسليمه السلطة، برزت تلك الفكرة، للأسف ليس انطلاقا من مجرد الرغبة في الإسراع بتنفيذ سيناريو تسليم السلطة الذي فرضه العسكر، والذي يقضي بتسليم السلطة التنفيذية إلى رئيس الجمهورية، ولكن بالتحديد في مواجهة فكرة تسليم السلطة للمجلس المنتخب المطروحة كتطبيق عملي جزئي، أظن أنه منطقي في الظروف المصرية، لفكرة الجمعية التأسيسية.
يطرح من يدافعون عن هذه الفكرة حججا كثيرة. مثلا يقولون إن مجلس الشعب المنتخب باطل ولا يصلح أبدا أن يكون جمعية تأسيسية معبرة عن الشعب! وأنا مع اعترافي بالمثالب الكثيرة التي شابت الانتخابات الأخيرة، أعتقد أن المجلس المنتخب، بعيوبه، معبر حقيقي عن المزاج الشعبي الآن من حيث هيمنة الإسلاميين وضعف الليبراليين وهامشية القوى الجذرية.
أيضا طرح البعض رؤية أكثر تعقيدا للدفاع عن أهمية انتخاب رئيس للجمهورية كبديل عن تحويل مجلس الشعب إلى جمعية تأسيسية. الرؤية مضمونها أن سيطرة الإسلاميين الحالية على المجلس المنتخب، وسيطرتهم المرتقبة على مفاصل الدولة إن لم ينازعهم أحدا، تقتضي أن يؤيد الثوريون خلق مركز ثاني منتخب للسلطة ينازع مجلس الشعب ويقيده مما يخلق توازنا في مصلحة القوى الثورية.
رأيي أن هذه الفكرة خاطئة وخطيرة. أفهم أن يقول الثوريون إن توازن القوى الراهن سيفرض لا محالة انتخاب رئيس للجمهورية، وأن علينا بالتالي أن نتعامل مع هذا الواقع ونوظفه لمصلحة الثورة. لكني لا أفهم أن يحولوا الضرورة التي تورطنا فيها إلى غاية وهدف. فبأي منطق يمكن أن يخدم انتخاب رئيس ينازع مجلس الشعب سلطته استمرار الثورة؟
لا يمكن لهذه الفكرة أن تكون منطقية إلا إذا كان من المتوقع أن تكون مؤسسة رئاسة الجمهورية على يسار مؤسسة مجلس الشعب. أما إذا كان رئيس الجمهورية القادم، وهو المتوقع، على يمين مجلس الشعب، فإن منازعته مع المجلس المنتخب ستشد الصراع إلى اليمين ليس أكثر.
لماذا أرى أن وجود مؤسسة رئاسة سيكون خصما وليس إضافة للثورة المصرية؟ أولا لأن عوامل هيمنة الرأسمالية الكبيرة ومؤسسات الدولة (أي قوى الثورة المضادة) في انتخابات الرئاسة أضعاف مثيلتها في الانتخابات البرلمانية. أظن أن هذا واضح، ولو فقط بسبب الميزانية المهولة التي يتطلبها الحشد والتعبئة على مستوى قومي لمرشح رئاسة يريد أن يُسمع صوته في كل أركان المجتمع.
الأمر الثاني أن مؤسسة الرئاسة، في البلدان ذات النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي، تميل إلى المحافظة مقارنة بالبرلمان، وذلك لأن طبيعة المجالس النيابية المنتخبة تجعلها أكثر تأثرا بضغوط الناخبين وأكثر تعبيرا عن تنوع القوى السياسية والاجتماعية. فرئيس الجمهورية يمثل تيارا سياسيا واحدا، لكن المجلس المنتخب يضم دوما قوى متنوعة، حتى لو توفرت لأحدها الأغلبية، وهو ما يعطي فرصة للتحريض من تحت قبة البرلمان ضد سياسات الأغلبية، ويوفر إطارا للضغط الشعبي على المستوى المحلي.
كذلك فإن من ثوابت الفكر الراديكالي، وليس الماركسي وحسب، الدعوة إلى تقليص صلاحيات السلطة التنفيذية إلى أقصى حد ممكن، وذلك في الإطار الأشمل للدفاع عن نظام الحكم البرلماني كأفضل النظم الديمقراطية البرجوازية.
الرئاسة والمجلس
وفي الحالة المصرية، فإنني واثق تماما أن مؤسسة الرئاسة - المركز الثاني للشرعية الذي يدعو إليه كثيرون - ستكون أداة لاستمرار هيمنة العسكر وقوى النظام القديم على مفاصل الدولة.
الشيء الغريب هنا أن الأمر الذي يُشعر كثير من الديمقراطيين واليساريين بالراحة هو نفسه الأمر الذي يشعرني بالخوف من مسألة الاعتماد على رئيس الجمهورية (التقدمي كما هو مفترض) ككابح للبرلمان (اليميني كما يقول كثيرون): شعار الرئيس التوافقي!
الديمقراطيون الداعون لانتخاب رئيس جمهورية سعداء جدا بإعلان الإسلامين أنهم لن يرشحوا أحدا للرئاسة. هم يرون أن الرئيس التوافقي غير الإسلامي سيكون أداة قوى الثورة لكبح الرجعية الإسلامية، حتى ولو كان هو نفسه غير ثوري.
أنا، في المقابل، أرى في شعار الرئيس التوافقي شيئا مختلفا تماما. أرى أن مغزاه الوحيد هو أن الإخوان المسلمين يقولون للنظام القديم، للقوات المسلحة على وجه الخصوص، وللإمبريالية الأمريكية: "نحن لا نسعى إلى الاستئثار بالسلطة. على العكس، نحن مستعدون لاقتسام الكعكة. سنأخذ نحن البرلمان ونعطيكم سلطة تنفيذية قوية ممثلة في رئيس ترضون عنه."
الرئيس التوافقي إذن، كما أراه، رجل ترضى عنه أمريكا والعسكر. رجل سيكون في الأغلب معبرا عن المصالح الأساسية للدولة المصرية، في مقابل البرلمان المتوقع من بعض أعضائه نزقا ومن البعض الآخر رضوخا سريعا للضغوط الجماهيرية.
أحب أن أكون واضحا. أنا لا أرفض المشاركة في انتخابات الرئاسة طالما أنها أمرا واقعا. كذلك أنا أعلم أن القوى الثورية لن تنجح على المدى القصير في فرض سيناريو إعطاء السلطة بأكملها لمجلس الشعب.
لكن مشكلتي هي أن المعسكر الديمقراطي الجذري يتطلع إلى هذه الانتخابات بوصفها حلا لمأزق مجلس الشعب اليميني، ويتطلع إلى إعطاء الرئيس المنتخب من الصلاحيات ما يكفي لكبح المجلس المنتخب. هذا في ظني خطأ فادح وعواقبه وخيمة، ليس فقط لأن الرئيس القادم سيمثل عبئا حقيقيا على الثورة واستمرارها، بل أيضا لأن التخلي عن شعار الجمعية التأسيسية يضعف من فرصة الثورة في الانطلاق.
القضية أن شعار الجمعية التأسيسية، كشعار ديمقراطي أصيل، يوجه من يتبناه إلى مسار نضالي يبدأ وينتهي بمركزية دور الحركة الجماهيرية من أسفل. التخلي عن هذا الشعار سيمثل نكوصا عن الديمقراطية الجذرية التي من المفترض أن يتمناها ويتبناها كل ثوري.
فانطلاقا من شعار الجمعية التأسيسية، مفهوما بشكل ثوري، علينا أن نرفض توسيع سلطات رئيس الجمهورية المنتخب. وانطلاقا من هذا الشعار علينا أن نحرض الجماهير على إعطاء سلطات أكثر لمجلس الشعب ثم مراقبته ومراجعته، بل والثورة عليه إن لم يلب مطالب الشعب. وانطلاقا من هذا الشعار علينا أن نسعى إلى ترشيح رئيس جمهورية يتبني هذا المنظور، ليس لأن فرصه في الفوز كبيرة في ظل التوازن الراهن، ولكن لأن حملة انتخابية مؤثرة تدافع عن هذه الرؤية ستفرض على قوى الثورة المضادة تقليص أدوار السلطة التنفيذية.
أما حقيقة أن جمعيتنا التأسيسية رديئة، وهذا مما لا شك فيه، فهي لا تعني السعي لإسقاطها بوسائل غير ثورية. فطالما لا نستطيع استبدال الجمعية التأسيسية الرديئة بأخرى أفضل حالا، وطالما لا نستطيع، الآن وفورا، تشكيل مجالس جماهيرية ثورية، فإن المشاركة في هذه الجمعية التأسيسية بالذات، والتحريض من داخلها وخارجها ضد انحرافاتها، هو جزء من الطريق إلى تجاوزها إلى أشكال أكثر ديمقراطية وجذرية.
باختصار: مشكلة رداءة الجمعية التأسيسية الراهنة لا يمكن حلها ببناء مؤسسات أسوأ منها تنازعها من على يمينها. والأهم: مشكلة رداءة الجمعية التأسيسية الراهنة لا يمكن حلها بتجاهل سببها، وهو التوازن الطبقي الذي جعل الجماهير تثق في قوى إصلاحية ومحافظة ورجعية وتعطيها أصواتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.