في الساعات الأخيرة قبل انطلاق لحظات الحسم في السباق إلى البيت الأبيض، تُظهر استطلاعات الرأي تقاربًا شديدًا بين نائبة الرئيس كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب، ما يضفي طابعًا مثيرًا ومليئًا بالتحديات على انتخابات هذا العام، فيما تتجه الأنظار نحو الولايات المتأرجحة التي قد تحدد مصير المنافسة. وقالت «بلومبرج» إن استطلاعات الرأي، التي نُشرت نتائجها الأحد، تبيّن أن هاريس وترامب يمكنهما تحقيق الفوز بنتيجة متقاربة للغاية في الاقتراع، إذ ينقسم الناخبون بفارق ضئيل على الصعيد الوطني وعبر الولايات المتأرجحة. وأضافت أن هناك بعض العلامات المشجعة لمرشحة الحزب الديمقراطي، إذ أظهر الاستطلاع النهائي الذي أجرته شبكة ABC News وIpsos، تقدم هاريس بنسبة 49%، مقارنة ب46% لترامب على مستوى الولاياتالمتحدة، بينما يُشير استطلاع صحيفة «نيويورك تايمز» مع كلية Siena إلى تقدمها في 5 من الولايات السبع المتأرجحة. وكان استطلاع للرأي، أجرته صحيفة «The Des Moines Register» أظهر تقدم نائبة الرئيس الأمريكي أيضًا بنسبة 47% مقابل 44% لترامب في ولاية آيوا، وهي الولاية التي فاز بها الأخير بانتخابات عامي 2016 و2020. ورغم أن نتيجة الاستطلاع تبدو غير مألوفة وفق «بلومبرج»، فإنها تُشير إلى أن هاريس تنجح في جهودها للحصول على أصوات الناخبين البيض في الغرب الأوسط. وأشارت «بلومبرج» إلى أن كلا المرشحين يستمران في حملاتهما الانتخابية وكأن السباق لا يزال «على حافة السكين»، إذ تتحدث هاريس من داخل إحدى الكنائس وتقيم تجمعًا انتخابيًّا في جامعة ولاية ميشيجان، بينما يُخطط ترامب لحضور تجمعات في بنسلفانيا ونورث كارولينا وجورجيا. ومن المتوقع أن يؤكد كلاهما بقوة على برامجهما الاقتصادية المتنافسة خلال هذه الفعاليات، خاصةً مع إظهار استطلاعات الرأي إجماعًا واحدًا على الأقل، وهو أن الاقتصاد لا يزال هو الشاغل الرئيسي للناخبين. وأظهرت الاستطلاعات انقسامًا حادًّا بين الجنسين، فبينما تدعم النساء هاريس بنسبة 57% مقابل 41% لترامب، يدعم الرجال الأخير بنسبة 58% مقابل 40% لمنافسته الديمقراطية، ولذلك حرص المرشح الجمهوري قبل تجمعه الانتخابي في ليتيتز بولاية بنسلفانيا، على استضافة مجموعة من النساء البارزات في سعيه لتقليص تقدم منافسته الديمقراطيين بين هذه الفئة. ومع ذلك، فإن تقدم هاريس في جميع الاستطلاعات جاء ضمن هامش الخطأ، كما أن استطلاع الرأي الأخير الذي أجرته شبكة NBC News، ونُشرت نتائجه الأحد، أظهر أن السباق متعادل بنسبة 49%- 49%. وأوضحت الشبكة أن ما يُعزز موقف هاريس هو الحماس الديمقراطي المتزايد، وتقدمها بنحو 20 نقطة على ترمب في ملف الإجهاض، وكذلك تفضيل الناخبين لها باعتبارها المرشح الذي يهتم بالطبقة المتوسطة بشكل أفضل. إلا أن ما يُعزز موقف دونالد ترمب هو أن ثلثي الناخبين يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، وذلك بالمقارنة مع أداء الرئيس جو بايدن، فضلًا عن تقدمه بشكل كبير في ملفي الاقتصاد وتكاليف المعيشة. نظرًا لأن مثل هذه النتائج المتقاربة غالبًا ما تُحسم بناءً على مدى قدرة كل حزب على تحفيز الناخبين بشكل أفضل للمشاركة في الانتخابات، فإن استطلاع NBC News، الذي أُجري في الفترة من 30 أكتوبر الماضي إلى 2 نوفمبر الجاري على 1000 ناخب مسجل، يُوفر لمحة عامة عما يمكن أن يحدث اعتمادًا على سيناريوهات المشاركة المختلفة. وتابعت الشبكة: «في السيناريو الذي قد يشارك فيه الجمهوريون بشكل أكبر، ما يعني زيادة المشاركة بين الرجال والناخبين البيض والناخبين الذين لا يحملون شهادات جامعية، يتقدم ترامب على هاريس بنقطتين بواقع 50% مقابل 48% لهاريس، أما في السيناريو الذي يتضمن مشاركة أكبر من جانب الديمقراطيين، ما يعني زيادة طفيفة في عدد النساء والناخبين البيض الحاصلين على شهادات جامعية والناخبين الملونين، تُظهر النتائج أن هاريس تتقدم على ترامب ب3 نقاط بواقع 50% مقابل 47%، لكن كافة هذه النتائج تقع أيضًا ضمن هامش الخطأ». وبسبب نظام أصوات الهيئات الانتخابية المتبع في الولاياتالمتحدة، فإن المنافسة الرئاسية ستُحسم في نهاية المطاف بما سيحدث في الولايات الرئيسية المتأرجحة، مثل ميشيجان وبنسلفانيا وويسكونسن، إلا أن استطلاعات الرأي الأخيرة في تلك الولايات تُظهر هوامش متقاربة أيضًا وقليلًا من اليقين، بحسب NBC News. ووجد استطلاع الشبكة أن كامالا هاريس تتقدم بشكل كبير على ترامب بين الناخبين الأمريكيين من أصل إفريقي بنسبة 87% مقابل 9%، والناخبين الأصغر سنًّا، تحت سن 30 عامًا، بنسبة 57% مقابل 41%، والناخبين البيض الحاصلين على شهادات جامعية بنسبة 55% مقابل 43%. فيما يتقدم المرشح الجمهوري على نائبة الرئيس بين الناخبين الريفيين بنسبة 75% مقابل 23%، والناخبين البيض بنسبة 56% مقابل 42%، والناخبين البيض غير الحاصلين على شهادات جامعية بنسبة 64% مقابل 34%. وفي الوقت نفسه، تتقدم هاريس ب8 نقاط بين الناخبين المستقلين بنسبة 51% مقابل 43% لترامب، كما تتقدم بفارق 9 نقاط بين الناخبين اللاتينيين بنسبة 53% مقابل 44% للرئيس السابق. وبشأن وجهات نظر الناخبين حول كيفية تعامل المرشحين مع القضايا الرئيسية ومدى تأهلهم للمنصب الرئاسي، تُحافظ هاريس على تقدمها الكبير في ملف الإجهاض، إذ تتقدم على ترامب بفارق 20 نقطة باعتبارها المرشح الذي يتعامل مع هذه القضية بشكل أفضل، كما تتقدم على منافسها الجمهوري بفارق 9 نقاط بنسبة 51% مقابل 42%، فيما يتعلق بالمرشح الذي يهتم بشكل أفضل بالطبقة المتوسطة. في المقابل، يتقدم ترمب بفارق مكون من رقمين باعتباره المرشح الذي يُعير الاقتصاد اهتمامًا أفضل، وذلك بنسبة 51% مقابل 41% لهاريس، وتكاليف المعيشة بنسبة 52% مقابل 40%، كما حافظ على تقدمه بفارق 25 نقطة في ما يتعلق بتأمين الحدود والسيطرة على الهجرة، وهو ملفه الأقوى خلال حملته عام 2024. وينقسم الناخبون بشكل أساسي حول المرشح الذي يُمثل التغيير بشكل أفضل، إذ اختار 46% من المستطلعين هاريس مقابل 41% اختاروا ترامب، وهم كذلك منقسمون حول مَن هو المرشح الأكثر كفاءة وفعاعلية، إذ اختار 47% منهم المرشح الجمهوري، و45% اختاروا نائبة الرئيس. كما أظهر استطلاع NBC News موافقة 41% من الناخبين المسجلين على أداء بايدن، مقابل 58% قالوا إنهم لا يوافقون على أدائه، وبالمقارنة، عندما طُلب من المستطلعين تقييم فترة ولاية ترمب الأولى، وافق 48% على أدائه في ذلك الوقت مقابل 51% أعربوا عن عدم موافقتهم، وهو التقييم الأعلى لأداء الرئيس السابق أثناء وجوده في البيت الأبيض. وبسؤال الناخبين عما يُثير قلقهم بشكل أكبر: استمرار هاريس في نفس النهج الذي اتبعه بايدن أو استمرار ترامب في نفس النهج الذي اتبعه خلال ولايته الأولى، قال 41% منهم إنهم أكثر قلقًا بشأن اتباع نائبة الرئيس لمسار بايدن، مقارنة ب40% قالوا إنهم أكثر قلقًا بشأن تكرار المرشح الجمهوري لما قام به أثناء وجوده في البيت الأبيض. وذكرت الشبكة أن الاستطلاع، الذي أُجري حتى ليلة السبت، وجد أن 54% من الناخبين المسجلين أدلوا بأصواتهم بالفعل، بالإضافة إلى 11% آخرين قالوا إنهم يُخططون للتصويت مبكرًا في الأيام المتبقية قبل الانتخابات. ومن بين المجموعة التي شاركت في التصويت المبكر (ما يقارب ثلثي الناخبين)، تتقدم هاريس على ترامب ب7 نقاط بنسبة 53% مقابل 46%، ومن بين 33% من الناخبين الذين يقولون إنهم سينتظرون حتى يوم الانتخابات، يتقدم الرئيس السابق بفارق 16 نقطة بنسبة 56% مقابل 40% لهاريس. وبغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية، فإن 60% من الناخبين المسجلين في الاستطلاع قالوا إن الولاياتالمتحدة ستظل منقسمة، مقابل 28% قالوا إنها ستكون أكثر وحدة بعد الانتخابات. وأظهر الاستطلاع أن هاريس وترامب يتمتعان بنسب شبه متطابقة من الشعبية، إذ ينظر 43% من الناخبين المسجلين إلى المرشحة الديمقراطية بشكل إيجابي و50% ينظرون إليها بشكل سلبي، فيما يتم النظر للرئيس السابق بشكل إيجابي بنسبة 42% وبشكل سلبي بنسبة 51%.