■ لا داعى أن نحلم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء ولا يجرؤ أحد أن يحركها سريعاً إلى الأمام، فالعالم العربى غير مستعد فى كل الأحوال ويطالب فقط بالاستقرار. وقد تتوقف عقارب الساعة فجأة أمام ما ينتظره من أحداث ولا نملك سوى الاعتراض والاستياء والشجب والاجتماع.. فى ظل الحوار المعدوم والحلول السياسية غير المضمونة.. والرد العسكرى ليس فى صالح الجميع.. إذن فالدعاء للهدوء والبقاء هو الدعاء الوحيد فى شهر رمضان. ■ فمن لبنان هذا البلد الصغير الذى يحمل مؤشرات الصراع أو التسويات والترقب لبداية إشعال فتيل الحرب من جديد سواء مع إسرائيل أو من الداخل لإعادة خلط الأوراق فى المنطقة من جديد. ■ فحتى القمة الثلاثية فى بيروت بين السعودية وسوريا ولبنان ثم قطر.. كل هؤلاء لم يفلحوا فى حسم الأمور لصالح التهدئة والاستقرار فمازال هناك هامش كبير يتحرك فيه حزب الله وحلفاؤه داخل المؤسسات الرسمية أو العسكرية، قد تستغل لفتح نيران الحرب مجدداً نيابة عن إيران، طمعاً فى شراء الوقت لصالح إيران ولإبعاد الضربة العسكرية عنها، فهى ترفع شعار الحرب على إسرائيل وتترك شعبى غزة ولبنان يدافعان عنها، وتحمل ملف قضية فلسطين وهى فى الحقيقة تحمل ملفها النووى ومصالحها السياسية والاقتصادية فى المنطقة وراء شعارات وتهديدات تدفع بها حلفاءها حزب الله وحماس للتحرك، ولا يهم قضية شعب فلسطين أو شعب لبنان المسكين فما الفرق بين إيران وإسرائيل؟ فكلاهما ساهم فى دمار واغتيال شعبى لبنان وفلسطين. ■ فإن كانت الزيارات السعودية لسوريا تريد أن تؤكد عودة سوريا إلى جانب دعم لبنان والمواقف العربية المعتدلة، فهذا ليس سوى ضمن خطوط استراتيجية تلجأ لها سوريا لحماية نفسها من ضربة عسكرية من إسرائيل وعقوبات إضافية من أمريكا، ولكنها لا تملك الكثير من الخيارات لأن إيران هى المتحكم الأكبر فى مصير العراق واستقرار سوريا الآن، ولا يوجد أمامها كدول عربية الكثير من الخيارات، والدليل التصريحات الأخيرة التى صدرت من إيران بأن لبنان وغزة هما خط المواجهة الأمامى للدفاع عن إيران.. وهذا معلن على جميع الوكالات والصحف. ■ أما حملة التشكيك فى المحكمة الدولية لاغتيال الحريرى، والتى ستصدر قرار الاتهام لاغتياله خلال الشهر القادم، كما هو وارد فى القرار، فإن التسريبات والشائعات تشير بأصابع الاتهام لأفراد من حزب الله مما قد يشعل حرباً أهلية سنية - شيعية وهذا احتمال بسيط بجانب احتمال أكبر وهو إشعال حرب لبنانية إسرائيلية، لتصبح فرصة للهروب من جديد قبل صدور القرار، خاصة أن حزب الله يؤكد أنه يملك أدلة لتورط إسرائيل، وهذا شىء جيد وممتاز ويتمنى الجميع أن يكون هو الواقع، لأن إسرائيل دائماً عدو مجرم وحاقد، وهو وراء كل مصائب وكوارث العرب ولكن لماذا انتظر خمس سنوات حزب الله ليقول ويؤكد هذا الاتهام الآن؟! ■ وترك الاتهام على سوريا التى هوجمت وطردت من لبنان وعزلت دولياً وسياسياً كل ذلك ولم يعلن الحزب عن أدلة للمحكمة الدولية أو حتى فى الدوائر الإعلامية سوى حين وجه له الاتهام! فهل هذا كلام؟ ومنذ أيام خرج علينا جيش لبنان بموقف بطولى دافع فيه عن سيادة أرضه، حين أطلق الرصاص دفاعاً عن تدخل إسرائيل لقطع شجرة من أرضه عند الخط الأزرق أمام المنطقة الحدودية التى تقف فيها قوات اليونيفيل الدولية، وسقط جرحى وشهداء من جانب لبنان وضابط برتبة مقدم وجرحى من جانب إسرائيل، وقد عاتب المجتمع الدولى هذا التصرف للجيش اللبنانى واتهمه بالتسرع لأن هناك تنسيقاً متفقاً عليه مع القوات الدولية وأبلغه للجيش اللبنانى، والدليل أن فى اليوم الثانى على التوالى قام الجيش الإسرائيلى بالدخول مرة أخرى وقطع ثلاث شجرات فى نفس الموقع ولم يتم التدخل من الجيش اللبنانى، وبذلك اتهم البعض أن هناك سيطرة لحزب الله على قرار لبعض الضباط الشيعة الموالين له داخل الجيش، وبما أنه لا دليل لهذا الكلام المرفوض لهذه المؤسسة العسكرية فقد قام رئيس الجمهورية بالتأكيد على أن الجيش سيستمر ببنائه ودعمه حتى لو توقفت الدول الكبرى عن تمويله بالأسلحة، وهذا كلام جميل ولكنه يفتح الباب لتمويل إيران وجهات أخرى قد تجعل هذه المؤسسة العكسرية رهينة فى يد جهات غير مرغوب فيها عربياً ودولياً. ■ فى النهاية لقد خسرنا العراق والصومال واليمن فهل ستكون لبنان مثل جزر القمر.. الأيادى الإيرانية والتسويات تتحكم فى قراراتها العربية الوطنية.. فالحقيقة ستظهر ربما خلال شهور أو بعد عدة أيام رمضانية. ■ هذا الكلام قبل الصيام فى رمضان لأن الدعاء سيصبح هو الأفضل دائما فجميع الأنظمة تبحث عن البقاء. ■ ربما اللعب فى سيناء كان لرفض مصر التسويات على حساب لبنان أو على حساب العدالة فى المحكمة الدولية، ولكن الخروقات العربية مستمرة للأسف والمصالح هى الأساس فى أى اتفاق. [email protected]