كلمات مثل «باشا» و«بك» و«أفندي»، جعلت المُشاهد يشعر كأنه يرتدي بدلة رمادية وعليها «طربوش» أحمر، والسيدة كأنها ترتدي فستان لونه وردي أو أسود، ويسيران في شوارع نظيفة، وأجواء هادئة، يسمعون موسيقى أم كلثوم أو عبدالحليم، أو يدخلون مسرح نجيب الريحاني، وغيرها من التفاصيل التي ترتبط بالحقبة الزمنية قبل الألفينيات مثل الأربعينيات، حين دارت أحداث مسلسل «عمر أفندي»، الذي خطف الأضاء و«الترند» منذ الحلقة الأولى وحتى الأخيرة. مسلسل «عمر أفندي» خلق حالة خاصة بين الجمهور والشاشة المستطيلة، بسبب إحساس المسلسل المختلف، كأنه يعكس شعورًا بالدفئ على المُشاهد بسبب عودة أحمد حاتم بالزمن لفترة الأربعينيات، حين قابل أية سماحة، إذ سلط المسلسل الضوء على بساطة الحياة آنذاك، وأناقة أهل البلد، ورقة الفتيات، وأزياء الرجال المُنمقة، والمتشابهة بشكل عام. خطف المسلسل الجمهور لحالة من النوستالجيا، جعلت المُشاهد يشعر أنه سعيد، بجانب توافر عدة تفاصيل موفقة في العمل، مثل اختيار الأغاني، والألوان، والإضاءة، والديكور، وطُرق تصفيف الشعر، والمكياج، كلها تفاصيل جعلت العمل يبدو أكثر واقعية، بجانب استخدام مُصطلحات رائجة حين دارت أحداث العمل مثل «حاجة 13 خالص»، أو«نزفك زفة الإنجليزي». وفكرة إعجاب الجمهور بالمسلسلات القائمة أحداثها على «النوستالجيا» ليست جديدة، إذ أحب الجمهور من قبل مسلسل «ليالينا 80»، الذي دارت أحداثه في الثمانينيات للمخرج أحمد صالح، أو مسلسل «جراند أوتيل»، الذي دارت أحداثه في الخمسينيات من القرن الماضي، وأحب الجمهور فكرة أناقة الفنانين دون تكلف ومبالغة، بجانب صدق الحوار والإخراج الرائع للمسلسل إذ كان للمخرج محمد شاكر خضير. ربما أغلب المسلسلات والأفلام التي دارت أحداثها في زمن قبل التكنولوجيا والتطور والذكاء الاصطناعي، نالت إعجاب الجمهور، خاصةً إذا جمع العمل «كرو» مناسب، ومخرج واعي، وسيناريو به تفاصيل للأحداث، ومؤلف يعرف تاريخ شخصياته الذين يحركون الأحداث. وعلق الناقد الفني طارق الشناوي، على الفكرة في تصريحاته ل«المصري اليوم»، إذ قال: «المهم المعالجةً.. نجاح عمر أفندي سببه الرئيسي قدرة الكاتب مصطفى حمدي والمخرج أبوغزالة على نسج حالة اإبداعية.. إذ تناقل بذكاء وحرفية بين الأربعينيات والزمن الحالي». وتابع الشناوي: «هناك قدرة من المخرج على تسكين أدوار الممثلين لتفجير مواهبهم، والرهان على أحمد حاتم بطلًا أراها في صالحه تمامًا.. كما أن هناك حالة من الإبداع في فن الأداء عند مصطفى أبوسريع وأية سماحة ومحمد عبدالعظيم وأحمد سلطان ومحمود حافظ». واختتم طارق الشناوي تصريحاته قائلًا: «سر نجاح مسلسلات العودة بالزمن أو النوستالجيا لا يمكن اختصاره في الحقبة الزمنية.. ولكن كيف تعامل بحرفية المخرج مع الزمن».