«رحلة الموت» فى المشاعر المقدسة

وإذا حجاج بيت الله الحرام سئلوا بأى ذنب قتلوا.. فى رحلتهم لأداء مناسك الحج بالأراضى المقدسة خلال العام الجارى، لقالوا قُتلنا غدرا، وزهقت أرواحنا فى «رحلة الموت» بالمشاعر المقدسة بسبب معدومى الضمير الذين أضلونا وتلاعبوا بأحلامنا فى تأدية «الركن الأعظم»، وتركونا لمصائرنا دون اعتبار لأى شىء، فأيديهم ملطخة بدمائنا.. وأموالهم التى اكتسبوها منا حرام.. ولا نريد منهم سوى «القصاص».
هذا حال العشرات بل المئات من الحجاج المصريين الذين لقوا مصائرهم وتقدر أعدادهم بما يصل لنحو 600 حاج مصرى أو يزيد، راحوا نتيجة جشع وطمع «مافيا الحج » التى لم تفكر سوى فى تحقيق مكاسب مالية بالملايين وربما بالمليارات، بالمخالفة للوائح المملكة العربية السعودية وشروط الحج، وهذا ما ستكشف عنه التحقيقات التى تجريها «خلية الأزمة» التى تم تشكيلها بتوجيهات رئاسية، وقررت فى بداية عملها برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء إصدار أوامر بإلغاء تراخيص 16 شركة سياحية بصورة مبدئية لتحايلها فى تسفير الحجاج بصورة غير نظامية.
وبكل تأكيد هذه ليست المرة الأولى التى يسافر فيها أعداد كبيرة تتجاوز الآلاف لأداء مناسك الحج بشكل غير نظامى، حيث إن المملكة تصدر عدة أنواع من التأشيرات بخلاف تأشيرات الحج والعمرة، التى يمكن أن تستغلها «مافيا الحج» فى تسفير الراغبين فى أداء المناسك؛ منها تأشيرة الزيارة التجارية، والسياحة والزيارة الشخصية، حيث إن هذه الأنواع من التأشيرات تستخدم بالتعاون مع وسطاء تعرفهم شركات السياحة جيدا فى تهريب الراغبين فى أداء المناسك لدخول المشاعر المقدسة عبر الدروب الصحراوية، نظير مبالغ مالية تتراوح من 300 إلى 1000 ريال سعودى للفرد الواحد- وفقا لأشخاص خاضوا تلك التجربة- ويتم تسكينهم فى شقق ويشترط عليهم عدم الخروج من هذه المساكن لحين بدء المناسك، وبالطبع يتركون فى المشاعر دون أى رعاية أو خدمات.
ويحصل الوسطاء لاستخراج هذه التأشيرات وتسفير الحجاج وتنفيذ برنامج الحج لهم على مبالغ مالية تبدأ من 100 ألف جنيه لأدنى مستوى، رغم أن التكلفة الحقيقية أقل بكثير، لكنها «المافيا» فى الداخل والخارج، التى أمنت العقاب ولم يتخيل أعضاؤها أن تحدث الكارثة وتزهق أرواح كل هؤلاء فى رحلتهم إلى الآخرة.
ولكن ما أسباب هذا العدد الكبير من الوفيات؟، إذا كانت هذه ليست المرة الأولى التى يسافر فيها سنويا حجاج بشكل غير نظامى، ماذا حدث؟، ومن المتورطون؟، وهل هذه الأزمة من الوارد أن تتكرر خلال السنوات المقبلة؟، وكيف نقضى على مافيا الحج؟.. استفسارات عديدة سوف تكشف عنها الأيام المقبلة، ولا بد أن تجيب عنها «خلية الأزمة».