يوسف: هل تصبح دراسة الكهرباء فى ستانفورد مجرد حلم؟

فى غزة، الأطفال يعانون أكثر مما يحلمون، فقط يتمنون النجاة من موت ملاصق، موت يرفرف فوق رؤسهم، يحصدهم قبل ذويهم.. كسرة خبز وجرعة ماء نظيف أقصى الأمانى، وليتها تتحقق، وسط القصف والنزوح من مكان إلى آخر، أطفال صغار، مشوهون، بفعل حروب متكررة، وبفعل زمن غادر وضع فى طريقهم طغاة محتلين لا قلب لهم. أخذوا منهم كل شىء، ولم يعد لديهم سوى الأمل.
وحلم براق يروح ويجىء على خجل.. يقول: هل تمهلنا الأيام لنحلم؟.. فقط دعونا نحلم!. هى رحلة عبر الحدود، نسافر فيها مع أطفال غزة ليحكوا لنا عن أحلامهم، وعن قوتهم وتحديهم الآلام ومعاناة الحرب التى حولتهم إلى أبطال حقيقيين يصارعون الموت كل يوم مصرين على البقاء. «المصرى اليوم» تواصلت مع 6 أطفال من غزة ليشاركونا قصصهم، كيف استطاعوا أن ينجوا بحياتهم، بينما ضاع أبطال صغار آخرون تحت الأنقاض.. دعونا لا ننساهم.
يوسف هشام طبيل، 16 سنة، يستيقظ على مهل، صباح يوم «جمعة» ملىء بالفرح، لن يحتاج فيه للذهاب مبكرًا إلى مدرسته أو جامعته أو عمله، ولكن بما أنه لا يزال طالبًا فى الثانوية العامة، يقول إن عليه أن ينسى كل شىء يحتوى على مرح أو متع، عليه فقط، «أن أدرس وأدرس وأدرس دون شىء آخر».
يتابع طبيل، أحد أبناء الحلم المسروق: «استيقظت باكرًا ضجرًا من الروتين اليومى، الاستيقاظ والدراسة يوميًا، يااااه متى سأنهى هذا الكابوس وأتخرج وأدرس هندسة الكهرباء فى جامعة مرموقة مثل ستانفورد، سأكمل لاحقًا سأذهب إلى الإفطار.. ماذا؟!!.
أعود إلى غرفة مكتبى وأدرس حتى الليل فتبقى لى عدة مقررات لم أنهها بسبب كثرة تخيلى لنفسى وأنا مهندس كهرباء فى الشركة الخاصة بى، أو وأنا فى حفل التخرج فى الثانوية العامة، وأنا من أوائل الطلبة، أتخيل تلك اللحظة التى يعطينى والدى، فيها، المكافأة التى وعدنى إياها عند النجاح فأنام وأنا لاأزال أتخيل وأحلم، وقبل الغرق أقول سأكمل بالغد.
يأتى الغد ولكن أجد نفسى، لا أعد حقيبتى للمدرسة، بل للإخلاء.. ترى هل تتسع الحقيبة لكل ما فى الغرفة.. هل سآخذ أقلامى؟ كتبى؟ كمنجتى؟ صورى؟ أم سآخذ شهادتى والأوراق المهمة أم سآخذ جسدى وروحى، لكن الذى أعلمه جيدًا أن فلسطين أمّ لم تنجب إلّا الأبطال.