مصر السلام.. لن نخوض حربًا بالوكالة

مشهد غزة خلال الأيام الماضية.. كشف الوجه الحقيقى لدول العالم فى التعامل مع أكبر أزمة إنسانية تواجهها الآن. وبالعودة لموقف مصر، يمكن رصد ملمحين. الأول هو مشهد المسيرات المؤيدة للنظام السياسى المصرى الداعم للحق الفلسطينى.
وهو ملمح يؤكد على مساحة الثقة والتأييد الشعبى لتوجه مصر سياسيًّا، والذى يراعى وحدة فلسطين بدون تهور واندفاع أو تهاون وخذلان. وبدون التنازل عن مقتضيات الأمن القومى المصرى. وهو موقف يرتكز على فرض الإرادة الوطنية المصرية الملتزمة بحماية أمن مصر وسيادتها.
الملمح الثانى هو صورة مصر القوية التى تأكدت يومًا بعد يوم منذ ثورة 30 يونيو وحتى هذه اللحظة. وهى صورة القوة الحكيمة المتزنة التى استطاعت الحفاظ على أمن مصر واستقراراها رغم ما وصلت إليه بعد فوضى 25 يناير وبعد حكم الجماعة الإرهابية. واستطاعت مصر بناء قوتها بشكل مختلف عما سبق.
وهى القوة التى واجهت بها الفاشية الدينية للإسلام السياسى، وواجهت بها الإرهاب حتى حاصرته تمامًا. وقبل ذلك كله واجهت التهديدات الناتجة عن الأزمات والتوترات للدول المحيطة فى ليبيا والسودان وفلسطين.
ولم تسمح مصر بأن يستدرجها أحد أو موقف أو ضغط أو مساومة للدخول فى حرب بالوكالة لسنا طرفًا أساسيًّا فيها. ولكنها فى نفس الوقت لم تنسحب من دورها الوطنى فى الدعوة للمفاوضات وتوحيد الرؤى فى سبيل الاستقرار وحفظ وحدة شعوب دول التوتر.
من أكثر سمات الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو وفى عهد الرئيس السيسى الارتكاز على التفويض الشعبى فى صناعة القرارات السيادية فى مصر، وذلك بعيدًا عن التأييد والنجاح بنسبة 99% الذى شهدناه فى أوقات كثيرة منذ يوليو 52 وحتى 25 يناير. هذه المشاركة الشعبية هى التى رفضت الإرهاب والتطرف والعنف والطائفية، وهى التى ترفض الآن أن يستغل أحد القضية الفلسطينية لتحقيق أحلام قديمة فى تهجير أبنائها إلى سيناء.
وهو ما جعل الرئيس السيسى يدعو إلى عقد قمة القاهرة للسلام للتأكيد على ريادة مصر ودورها فى وقف الدماء من خلال تسخير كافة الجهود الدبلوماسية للحشد الدولى لمساندة للقضية الفلسطينية ودعمًا لشعبها. يثق الشعب المصرى فى السياسة الخارجية المصرية، ويثق فى ثبات مواقف الدولة المصرية منذ 30 يونيو وإلى الآن.
لم تستغل مصر أى أزمة لدولة مجاورة لتحقيق مصالح اقتصادية وغيرها، ولم تساعد فى التشرذم والانقسام مثلما تقوم به بعض الدول التى تمول وتدعم فصائل فى سبيل مواجهة فصائل أخرى، وتعميق فجوة الانقسام، ولكنها تقوم بكل تلك الأدوار الدبلوماسية لتأكيد دورها الريادى ومسؤوليتها التاريخية المرتبطة بالحفاظ على الأمن القومى المصرى.
كانت تسمى فلسطين.. صارت تسمى فلسطين!
من الآخر..
مصر دولة حكيمة ومتزنة، ترتكز فى قراراتها على قوة موقف شعبها. وهو ما يزيد من هيبتها وثبات مواقفها. لن تخوض مصر حربًا بالوكالة، ومواقفها السياسية مرتكزة على قناعات مرتبطة بأمنها القومى الذى هو خط أحمر.