أصبح التسلح بالعلوم طورًا جديدًا للحرب الباردة الدائرة بين واشنطنوبكين؛ إذ ناشد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بزيادة الإنفاق الأمريكي على العلوم في مقترحه لميزانية العام المقبل 2024 التي وصفها بأنها «ترسم إطار الاستثمارات الضرورية للتفوق على الصين عالميًّا»، في وقت عقد فيه اجتماعين رفيعَي المستوى، لحزب الشيوعي الصيني، أثمرا عن إعطاء دَفعةٍ قوية للعِلم في جدول الأعمال الوطني الصيني. وتعير القوتان الاقتصاديتان اهتمامها للتسلح بالعلوم، في إطار المنافسة المحمومة بينهما في طور لم تكن عليه الحال خلال الحرب الباردة الأولى، (التي اندلعت بين أمريكا والاتحاد السوفيتي وحلفائهما من منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات). العلوم ..ضمن 4 ملفات عززت العداء حددت الإعلامية والمحللة سياسية، فيحاء وانج تشين، وفق تصريحات نقلتها وسائل إعلام دولية، 4 ملفات ترى أنها عقدة الخلافات المتصاعدة بين بلدها والولاياتالمتحدة، كان بينها ملف التقدم العلمي – لاسيما التكنولوجي. وبحسب «تشين» تتجسد الخلافات الرئيسية بين بكينوواشنطن، في التدخل الأميركي في تايوان، وهونج كونج، والتبت، وشينجيانغ (ملف الأيجور)، الاتهامات المتبادلة بالتجسس، والتنافس التجاري وكتلة كليهما في ميزان التجارة العالمية ، وأخيرا الهيمنة في مجال العلوم ولتكنولوجيا. وتدور معركة شرسة بين واشنطنوبكين في مجال تصنيع أشباه الموصلات، وهي رقائق إلكترونية أساسية في صناعة السيارات والهواتف والتجهيزات الطبية والكهربائية وصولا للمعدات العسكرية. وفرضت واشنطن قيودا على تصدير التقنيات المتقدمة في الرقائق إلى الصين وفي المقابل، وضعت الصين خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في امتلاك تكنولوجيا الرقائق؛ للنجاة من مقصلة الحصار الأميركي لمسيرتها الصناعية. بايدن يناشد بزيادة الإنفاق على العلوم وفي إطار استعداده لخوض غمار السباق الرئاسي، طرح «بايدن»، ميزيانية للعام المقبل 2024 ، يوم التاسع من مارس الجاري، على أن تخصص تمويلات بحثية لدعم العديد من برامج العلوم الابتكار العلمي، والتصنيع المحلي، والطاقة النظيفة، فضلًا عن مجالات أخرى، مؤكدًا أن ذلك يأتي في إطار «التفوق على الصين عالميًا». ورغم عدم إعلان بايدن عن تفاصيل مفصلة للميزانية المقترحة ككل، إلا أنه ناشد مضاعفة الإنفاق على البحث العلمي معلنًا عن بعض الجهات العلمية التي ستفوز بالتمويلات المخصصة لهذه التمويلات و بينها المؤسسة الوطنية للعلوم بواقع 19% وميزانية قدرها 11.3 مليار دولار أمريكي كما يتلقى المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، تمويلًا إضافيًا قدره 163 مليون دولار، أي ما يعادل 77% من قيمة ميزانيته الحالية، لترتفع ميزانيته العام المقبل إلى 375 مليون دولار. مواجهة مشتعلة ونقلت مجلة «نيتشر» العلمية» عن المدير السابق للمؤسسة الوطنية للعلوم وعضو زمالة بارز في مجال سياسات العلوم والتكنولوجيا بمعهد «بيكر»، بولاية تكساس الأمريكية، نيل لاين، قوله: إن ميزانية بايدن تعكس تطلعات الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى مواجهة التحديات التي تشكلها الصين وغيرها من الدول المتقدمة تكنولوجيا. وأوضح الباحث الأمريكي، أن مشروع الميزانية يأتي تماشيًا مع تشريعًا أقره «الكونجرس» العام الماضي لدعم العلوم تحت مسمى «CHIPS and Science Act»، والذي أقر تخصيص 280 مليار دولار أمريكي بين مشروعات التصنيع المحلي لأشباه الموصلات، والأبحاث في مجال العلوم التطبيقية التي تجريها هيئات مثل المؤسسة الوطنية للعلوم، وذلك إضافة للسباق بين واشنطنوبكين في مجال الفضاء. مؤتمران سياسيان صينيان يدفان باستراتيجيات علمية على الصعيد الصيني تأتي ميزانية بايدن، في وقت أعلنة فيه المسؤولون الحكوميون – الصينيون، عن إنشاء هيئة رفيعة المستوى للإشراف على جهود الدولة في مجال العلوم والتكنولوجيا وذلك خلال المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، الذي عُقد بالتزامن مع المؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني، واختُتمت وقائعه في الثالث عشر من مارس الجاري. ووضع المؤتمران السياسيان الصينيان العلم والتكنولوجيا على رأس الأولويات الوطنية للبلاد، وتمخض عن المؤتمران تعيين لي تشيانج رئيسًا جديدًا لمجلس الوزراء الصيني، الذي شدد بدوره على شدَّد لي على أهمية العلم، والابتكار التقني لدفع البلاد. وأعلن الحزب الشيوعي الصيني أنه بصدد إنشاء هيئة مخصصة لتفويض المهام لوزارة العلوم والتكنولوجيا الصنية تحت مسمى «اللجنة المركزية للعلوم والتكنولوجيا. وفي ضوء ذلك نقلت مجلة «نيتشر» عن الباحثة في مجال الابتكار في الصين، مارينا تشانج، في جامعة سيدني للتكنولوجيا في أستراليا، قولها أن التوجه نحو المزيد من السيطرة المركزية على الأبحاث العلمية يُعزَى إلى التوترات الجيوسياسية المحتدمة بين الولاياتالمتحدةوالصين. حرب باردة جديدة وقبل ثلاثة عقود، انتهت الحرب الباردة الأولى وانتصرت الولاياتالمتحدة، فأصبحت القوة العظمى الوحيدة، بعد فترة وجيزة من الشقاق الصيني - السوفياتي في الستينيات، تحولت الصين إلى إلى عملاق اقتصادي ما يعد بمثابة كابوس يؤرق الولاياتالمتحدة. وقالت مديرة صندوق، كريستالينا غورغيفا، في تصريح سابق لها، بأن ثمة «حربًا باردة» تدور رحاها اقتصاديًا بينهما. واضافت كريستالينا، في حوار ل«واشنطن بوست» الأمريكية، 11 من نوفمبر الماضي، أننا بتنا باتجاه عالم أكثر فقراً وأقل أمناً جراء ذلك، متابعة: «لقد عاصرت الحرب الباردة الأولى على الجانب الآخر من الستار الحديدي، وأعي أن إقحام جيل جديد في حرب باردة ثانية هو أمر غير مسؤول على الإطلاق». وعلى خلفية التوتر المتصاعد بين واشنطنوبكين، حذر وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنج، من حرب باردة ثانية أكثر خطورة من الأولى بين الصينوالولاياتالمتحدةالأمريكية. وأعرب كيسنجر في مقابلة مع صحيفة إسبانية عن اعتقاده بأن الدولتين، تمتلكان موارد اقتصادية متشابهة، وهو ما لم تكن عليه الحال خلال الحرب الباردة الأولى. (التي اندلعت بين أمريكا والاتحاد السوفيتي وحلفائهما من منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات).