لين أودونيل تكتب : طالبان تسىء استخدام المساعدات الغربية

تصدرت معاملة حركة طالبان المروعة للنساء والفتيات فى أفغانستان عناوين الصحف العالمية منذ أن عادت الحركة إلى السلطة وبدأت فى إعادة عقارب الساعة مرة أخرى إلى آخر مرة سيطروا فيها على حكم البلاد.
وبينما ينتشر الشعور بالغضب من الانتهاكات الأخيرة فى جميع أنحاء العالم، فإن هذه المعاملة القاسية للنساء قد تخفى إساءة استخدام ملايين الدولارات من المساعدات التى تهدف إلى تخفيف المعاناة الإنسانية الرهيبة فى كابول.
ويتم إرسال عشرات الملايين من الدولارات إلى أفغانستان كل أسبوع من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة ليتم توزيعها فى جميع أنحاء البلاد فى ظل وجود توقعات بحدوث كارثة إنسانية فى فصل الشتاء، وتقول مصادر داخل وخارج البلاد إن الكثير من الأموال لا تصل أبدًا إلى من يحتاجونها، ولكن بدلاً من ذلك، كما يقولون، فإنه قد تمت سرقة كميات غير معروفة من قبل طالبان واستخدامها للصرف على أهدافهم الخاصة، مما أدى إلى إبقاء المؤيدين على استعداد بتقديم المساعدات النقدية والطعام وتمويل العمليات الخاصة لكبار القادة، وتقول بعض المصادر فى قطاعى الأمن والجمعيات الخيرية إن طالبان تستخدم نظام الحوالة غير الرسمى لتحويل الأموال للاستفادة من النقص العالمى فى الدولارات.
وتثير هذه المزاعم مخاوف من أن طالبان، التى سيطرت على مدى عقود على إنتاج الهيروين العالمى وإمداداته، لا تزال متورطة فى هذه الجريمة المنظمة.
ويتم إيداع المبالغ النقدية فى البنك المركزى، الذى تسيطر عليه حركة طالبان، وبنك أفغانستان الدولى المملوك للقطاع الخاص، الذى تحتفظ وكالات الأمم المتحدة بحسابات فيه، ولكن لا توجد مساءلة عن المكان الذى ينتهى فيه أى من الأموال فى نهاية المطاف.
وقد تجاوزت المساعدات الأمريكية لأفغانستان منذ انهيار البلاد 1.1 مليار دولار فى سبتمبر الماضى، ولكن عدم وجود مساءلة بشأن أين تذهب هذه الأموال قد أدى إلى مخاوف داخل وخارج البلاد من أن الحركة تستخدم أموال دافعى الضرائب الأمريكيين لتمويل نشاطها الإجرامى فى جميع أنحاء العالم ودعم الأنظمة الخاضعة للعقوبات مثل تلك الموجودة فى روسيا وإيران وغيرها، التى ساعدتهم على الوصول إلى السلطة، من خلال دفع ثمن واردات الوقود والغذاء والطاقة بالدولار.
ومع تصاعد التحديات، من الانهيار الاقتصادى والفقر والجوع إلى المعارضة المسلحة التى باتت أكثر جرأة، فإن طالبان قد بات لديها سبب وجيه لتحويل المساعدات لدعم سلطتها.
وبينما تستحوذ انتهاكات طالبان على كل الاهتمام، فإن سرقة المساعدات تتم وراء الكواليس، حيث بدأت الحركة فى تقييد حقوق المرأة بمجرد استعادتها للسلطة، حيث أعادت النسخة الجديدة من طالبان النساء إلى المنازل وأجبرتهن على ارتداء زى معين، كما منعت الفتيات من الالتحاق بالمدارس الثانوية.
وأوقفت بعض المنظمات غير الحكومية، بما فى ذلك المجلس النرويجى للاجئين ومنظمة «كير» الدولية، عملياتها فى أفغانستان، قائلة إنه بدون وجود العاملات فإنه لا يمكنهم الوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدتهم، وقال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إنه «قلق للغاية» حيال ما يحدث فى كابول ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس إلى إلغاء القيود المفروضة على النساء.
ويقول ناشط سياسى أفغانى يتعامل مع قيادة طالبان، إنه بدون وجود عواقب لتصرفات الحركة فإنه لن يكون هناك تغيير، فالانتهاكات التى تصدرت عناوين الصحف تخفى سرقة أموال التبرعات الإنسانية، فضلاً عن التوسع فى إنتاج الهيروين والمخدرات الأخرى، وكذلك علاقات طالبات مع الجماعات الإرهابية الأخرى بما فى ذلك تنظيم «القاعدة».
نقلاً عن مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية