مهرجان القاهرة السينمائى حدثٌ ثقافى وفنى مهم، إحدى أدوات القوة الناعمة المصرية، ومهرجانٌ دولىّ ينتظره العالم أجمع، والدورة المقبلة رقم 44 في تاريخ دورات المهرجان مهمة ومختلفة لأكثر من سبب، أن هناك ظروفًا اقتصادية تؤثر على العالم أجمع، كما أنها تشهد عودة الفنان حسين فهمى لرئاسة المهرجان مرة أخرى بعد نجاحات عديدة في السنوات الماضية لرئيس المهرجان السابق محمد حفظى. يتحدث النجم الكبير حسين فهمى، رئيس مهرجان القاهرة السينمائى، ل«المصرى اليوم» عن تفاصيل وكواليس الدورة المقبلة وأبرز تحدياتها.. فإلى نص الحوار: الفنان حسين فهمى ■ لماذا رفضت رئاسة المهرجان قبل 4 سنوات؟.. وماذا تغير حتى تقبل المهمة الآن؟ - اعتذرت قبل 4 سنوات لأننى ببساطة لم أكن مستعدًا حينها لتولى رئاسة المهرجان، لكن عندما عُرضت علىَّ المهمة هذه المرة، وجدت أننى قادر على إدارة المهرجان مرة أخرى، رغم أن الظروف حاليًا لا تقل صعوبة، فالعالم حاليا يمر بفترة صعبة اقتصاديًا، والحرب الأوكرانية الروسية أثرت علينا بشكل كبير، كل هذه تحديات، ولكنى أحب التحدى وقبلته، وكانت هناك حالة اشتياق للمهرجان، مثل حالة الاشتياق للمسرح، بجانب أننى شعرت أن لدىَّ الجديد الذي سأقدمه هذا العام. والحقيقة أن محمد حفظى، رئيس المهرجان السابق، قدم الكثير للمهرجان، طوّر نظام البرمجة، وكان يقيم نشاطات مختلفة خاصة في أيام القاهرة لصناعة السينما. وبالتأكيد سأحرص على عدم توقف هذه المسيرة، ولن أهدم أي نجاح تحقق، بل سأسعى بكل طاقتى للبناء على الإيجابيات وإضافة أنشطة وفعاليات أخرى، كما سأعمل على أن يكون المهرجان أكثر اتصالا بالعالم. ■ ما الفرق بين الدورة المقبلة والدورات التي أدرتها خلال السنوات الماضية؟ - الفرق تكنولوجى، فالدنيا تطورت تكنولوجيًا بشكل كبير، وفريق العمل الذي عمل معى في الدورات السابقة اكتسب خبرة جيدة جدًا أفادتنى بشكل كبير، إلى جانب التطور التكنولوجى الذي أفادنى بشكل جيد أيضًا. ■ محمد حفظى كان رئيسًا للمهرجان في الدورات السابقة وحقق نجاحًا كبيرًا، وبالتأكيد ستحدث مقارنة بينكما.. هل تشغلك هذه المقارنة؟ - إطلاقًا، طوال مشوارى الفنى وأنا في مقارنات مع غيرى، فأنا «عايش» عمرى في المقارنة. ■ «الدريس كوود» وكلامك عنه أثار جدلًا كبيرًا.. ألا يزعجك أنك في كل حوار صحفى أو لقاء تلفزيونى تُسأل عنه وكأن المهرجان تم حصره في هذه القضية فقط؟ - الدورات التي توليت رئاستها تحدثت عن مشكلات وأسباب سياسية قومية ودخلت في جدل حولها.. وحاليًا، نتحدث عن الدريس كوود، فالمهرجانات الدولية لها مظهر معين ومعترف به دوليًا، كل ما أريده أن يرتدى الرجال «السموكن» والسيدات فساتين طويلة، هذا كل ما أطلبه، ولا أفهم ما سر غضب البعض!، ف«الدريس كوود» معترف به في المهرجانات الدولية. مثلا المصورون يرتدون بِدل «السموكن» في المهرجانات الدولية، وفى مهرجان فينيسيا شاهدت مصورًا ارتدى حذاء مختلفا، فمنعوه وقالوا له (ارتدِ الحذاء المعترف به في المهرجان). مدير مهرجان القاهرة المخرج أمير رمسيس يرتدى نظارة في النهار تكون سوداء وليلًا بيضاء، منعوه في أحد المهرجانات وقالوا له (ارتد نظارة بيضاء).. أنا لا أطلب هذا التشدد، بل كل ما أطلبه هو الحد الأدنى. وفى أحد المهرجانات يمنعون التصوير «السيلفى» على الريد كاربت، وأوقات يتم منع من يفعل ذلك من الدخول إلى المهرجان مرة أخرى.. أطالب فقط بالحد الأدنى بأن يكون هناك شياكة ووقار فقط. ■ هل أي فنانة ستخالف «الدريس كوود» سيتم التعامل معها بمنتهى الحزم داخل المهرجان؟ عمر الشريف يتوسط عزت أبوعوف وحسين فهمى - كل شخص مسؤول عن نفسه، وكل الزميلات أصدقائى وزملائى، وعملنا معًا، ف«الدريس كوود» بالنسبة للفنانات هو الفستان الطويل. ■ كنت قد اقترحت إقامة معرض لمقتنيات الفنان العالمى الراحل عمر الشريف داخل مهرجان القاهرة.. ما كواليس هذا الأمر؟ - إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فكّرتْ في إقامة معرض لمقتنيات الراحل عمر الشريف، وطلبت من ابنه أن يساعدنا في هذا الأمر، لكنه رفض الفكرة دون إبداء أي أسباب واضحة، فاحترمت رغبته واحتفظت بملابس عمر الشريف عندى في المكتب، بجانب أننى لم أستطع أن أحضر ملابس أخرى لفنانين آخرين، لأن الملابس تكون مِلك الاستديوهات وتحتفظ بها بعد تصوير الأفلام. ■ لماذا قررت أن يكون هناك معرض لمقتنيات الفنان عمر الشريف تحديدًا؟ - عمر الشريف كان صديقى العزيز، وتعرّفت عليه في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فهو الفنان العربى الوحيد الذي وصل لهذه المكانة العالمية، ويعتبر من أهم عشرة ممثلين في العالم، فأنا أفتخر بصداقته وعشت معه في هوليوود، ولديه معزة خاصة عندى. ■ هناك أزمة دائمًا في مشاركة الفيلم المصرى داخل مهرجان القاهرة.. ما رأيك في هذا الأمر؟ حسين فهمى أثناء حديثه ل«المصرى اليوم» - الفيلم المصرى نتيجة لأسباب كثيرة جدًا تحوّل إلى فيلم تجارى، فالسينما تقوم على 3 أضلاع: (تجارة، فن، صناعة)، ولدينا إمكانيات مرتفعة جدًا من ناحية الصناعة، لكن الناحية التجارية زادت، فلا نجد أفلامًا بها زوايا فنية مختلفة، ولا نستطيع أن ندخل أفلامًا إلى المهرجان لا توجد فيها زوايا فنية جديدة.. فأى عضو من لجنة التحكيم أو مشاهد من خارج مصر يجب أن يشاهد فيلمًا مصريًا به ناحية فنية جديدة. ■ بالحديث عن الفيلم التجارى الفنى.. ما رأيك في مصطلح أفلام مهرجانات؟ - أرفض هذا المصطلح، فالفيلم فيلم، يُسمح بأن يُعرض في مهرجان وفى نفس الوقت يُعرض في دور العرض. والجمهور عندما يدفع تذاكر لمشاهدته، يصبح فيلمًا تجاريًا، فالجمع بين الجزء الفنى والتجارى هنا التحدى الأًصعب.. عندما قدمنا فيلم «العار» جمع بين الجزء التجارى والفنى، وهذه المعادلة جعلته ينجح تجاريًا وفنيًا.. وبالنسبة للأفلام المشاركة في المهرجان نحن نبحث عن القيمة الفنية. ■ من ضمن أسباب تركك رئاسة مهرجان القاهرة في فترة سابقة ضعف الميزانية.. هل تم رفع الميزانية ما كان سببًا في رجوعك لرئاسة المهرجان؟ - الميزانية أصبحت أفضل بشكل كبير جدًا، فوزارة الثقافة مهتمة جدًا بالمهرجان، بجانب رجال أعمال مساهمين، لكن ظروفى صعبة في هذه الدورة، فالعالم يمر بظروف اقتصادية صعبة جدًا، ومعى رجال أعمال لكن ليسوا على نفس قوة الدورات السابقة، وهناك دعم كامل من وزارة الثقافة للمهرجان. ■ على مدى الدورات الأربع السابقة، وصلت ميزانية المهرجان إلى 40 مليون جنيه.. هل ستحافظ على الرقم نفسه؟ وهل ترى هذا الرقم ميزانية مناسبة؟ - ستكون نفس الميزانية على الرغم من الظروف القاسية التي نمر بها، لكن هذه الميزانية غير كافية بالتأكيد، فميزانية مهرجان كان السينمائى 50 مليون يورو. ■ هل القرار الفنى يخضع لتأثير الرعاة؟ - لا أحد من الرعاة يستطيع التدخل في القرار الفنى. ■ إلغاء الشراكة مع مركز السينما العربية.. ألا يؤثر ذلك على المهرجان؟ - هناك تعاون، في السابق كانت هناك شراكة، حاليا يوجد تعاون. ■ هل ضيف المهرجان القادم ستكون جنسيته أمريكية أم أوروبية؟ - من الممكن أن يكون أمريكيا أو أوروبيا أو صينيا. لم نحدد بعدْ هوية الضيف القادم. ■ المنصات الإلكترونية ستكون موجودة في الدورة القادمة من المهرجان.. ما مدى فاعلية هذا الإجراء من وجهة نظرك؟ - سيكون فعالًا جدًا، فنحن يجب أن نساير العالم، وعندما سافرت إلى أكثر من مهرجان وجدت المنصات حاضرة وبقوة. ■ هناك أكثر من فنان توفى خلال الفترة الماضية، مثل: سمير صبرى، هشام سليم، هل سيقوم المهرجان بتكريمهم؟ - لابد أن يحدث ذلك، فجميع الفنانين الذين توفوا هذا العام سيكون هناك شكل من أشكال التكريم لهم داخل الدورة المقبلة من المهرجان. ■ هل غياب مهرجان الجونة هذا العام يؤثر على مهرجان القاهرة بحكم أنه المنافس الأول له في السنوات الأخيرة؟ - حزين لغياب مهرجان الجونة هذا العام، فأنا أؤيد فكرة وجود مهرجانات كثيرة ومتنوعة، فهناك دول لديها مهرجان عن أفلام البحر، ومهرجان لأفلام للرعب، ومهرجان لتصوير الأفلام تحت المياه، ومهرجان للكوميديا.. طلبت ذات مرة أن يكون هناك مهرجان للكوميديا، والجائزة تكون «تمثال شارلى شابلن».. مثلا فيلم «البداية» للكاتب لينين الرملى والمخرج صلاح أبوسيف ذهب إلى أحد المهرجانات الدولية وحصل على جائزة؛ و«ليلة سقوط بغداد»، و«طباخ الريس» من الأفلام التي كانت مرشحة لدخول المهرجانات، فلماذا لا يكون لدينا مهرجان متخصص في كل مجال؟.. لو قدمنا مهرجانًا في شرم الشيخ عن أفلام البحر سينجح بالتأكيد، ومن الممكن أن نقيم مهرجانًا عن أفلام الصحراء، ولدينا بالفعل مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية. ■ وجودك في اللجنة العليا لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية بجانب رئاستك مهرجان القاهرة السينمائى.. ألا ترى في ذلك تعارضًا؟ - لا يوجد أي تعارض، أحب أن أكون متواجدًا في كلا المهرجانين، وهناك ورشة للمخرج بيلا تار سأحضرها، وكان سعيدًا جدًا عندما علم بنيتى للحضور، فأنا رئيس مهرجان بالفعل لكننى في الأصل «غاوى سينما».. طوال الوقت لا أعتبر نفسى محترفًا، أعيش بروح الهاوى المحب للسينما، وكنت أقول لنور الشريف دائمًا: «أنت محترف وأنا هاوٍ» فكان يقول لى:«أنا هاوٍ مثلك». ■ بعيدًا عن المهرجان، درست الإخراج لفترة طويلة في حياتك.. هل مازال يراودك حلم الإخراج حتى الآن؟ - بالتأكيد، حتى الآن أنا مخرج، فعندما أقف أمام الكاميرا أكون مخرجًا لنفسى وأتعاون مع المخرج وأكون بمثابة مساعد له، بجانب أننى درّست الإخراج لأسماء مهمة من المخرجين، أبرزهم عاطف الطيب وعلى بدرخان وأحمد يحيى وشريف عرفة. ■ هل تطمح في زيادة عدد الجمهور خلال هذه الدورة؟ - أتمنى أن يزيد ويصل لأكبر عدد ممكن، «إحنا فاتحين الباب» للجمهور العام ولطلبة أكاديمية الفنون وطلبة الجامعات، كل من يهوى السينما أتمنى أن يحضر. ■ هل صداقتك للمخرج ستيفن سبيلبرج أعطت فرصة لعرض فيلمه الجديد في الدورة المقبلة من المهرجان؟ - بالتأكيد، صداقتى بستيفن سبيلبرج منحتنا فرصة مهمة للحصول على عرض فيلمه في الافتتاح، لأن الفيلم يمثل العرض الثانى له بعد مهرجان تورنتو، وسوف يتم طرحه بدور العرض السينمائية في موسم الكريسماس المقبل، لذلك منحنا أحقية وأسبقية العرض له عن غيرنا. ■ كيف ترى مسألة عدم ترشيح فيلم مصرى للأوسكار؟ وهل ترى أن لجنة الأوسكار يجب أن تكون أكثر ديمقراطية وحداثة؟ - شىء حزين بالطبع بالنسبة للجنة، فقد اتخذت قرارها بكامل إراداتها، ومن الأفضل أن تسألهم هذا السؤال. ■ أخيرا.. هل كنت بالفعل تريد أن تحضر مهرجان المزاريطة في مسلسل «الكبير قوى»، أم أن تصريحاتك كانت من باب المزاح؟ - أعجبت بالفكرة جدًا، وأتمنى حضور أحمد مكى لمهرجان القاهرة السينمائى.. (مازحًا) حتى نكون رؤساء مهرجانات مع بعض.