حكايات أروقة قصر عائشة فهمى

تصحبكم «المصرى اليوم» فى رحلة إلى قصر عائشة فهمى، واحد من أهم كنوز عمارة القاهرة، فى منطقة الزمالك، ومن أشهر قصور القاهرة، وهو فى حد ذاته يعتبر متحفا فنيا، لاحتوائه على لوحات لفنانين أوروبيين، أشهرها لوحة عازفة القيثارة ليثانتير.
يتكون القصر من طابقين؛ الأول يحتوى على 6 غرف كبيرة وردهة طويلة تحتوى على لوحات فنية، أما الطابق الأعلى يحتوى على الغرفة اليابانية، وقد أهداها السفير اليابانى إلى عائشة فهمى، وتوجد غرفة ملابس عائشة فهمى وغرفة البلياردو وحمامات احتوت على سخانات غاز، بالرغم من ندرة وجودها فى هذه الفترة.
لا تعود شهرة القصر إلى طرازه أو ما يحتويه من لوحات فنية فقط، بل تعود شهرته إلى جريمة قتل حدثت لصاحبه، على فهمى، نجل كامل فهمى الذى ورث عنه فدادين وأموالا كثيرة، أراد تشييد قصر على الطراز الأوروبى الكلاسيكى فاستعان بالمهندس الإيطالى أنطونيو لاشاك.
لم يشأ القدر أن يتمتع بحياته فى هذا القصر، وكان للحب رأى آخر، فقد وقع «على» فى غرام سيدة فرنسية تدعى مارجريت ميلر وتزوجها، الزيجة عارضتها عائلة على فهمى وأصر على اختياره، واستطاعت مارجريت الانتقال من حياة الفقر إلى علية القوم فى فرنسا، وكانت ابنة لسائق «كارتَّة» وخادمة، وكانت تعتبر فتاة من الطبقة الوسطى فى فرنسا، لكنها عانت من قسوة أهلها عندما توفى أخوها الصغير فى عمر الأربع سنوات حين صدمته عربة وبدلا من مواساتها واحتواء الموقف أسقط أهل مارجريت الذنب عليها واعتبروا أن أخاها توفى بسبب أخطائها التى لم تذكر طبيعتها بالضبط، وأرسلوها إلى مدرسة راهبات، وبدورهم أذوها نفسيا وانتهى بها الأمر أن تقوم بالخدمة والتنظيف فى البيوت، إلى أن اكتشفت أنها حامل فى عمر السادسة عشرة ووجدت نفسها فى الشارع بدون مساعدة أو دعم أى شخص.
بدأت مارجريت تسلك طريقا آخر وهو العمل فى البغاء، عندما تعرفت على سيدة يطلق عليها فى الكتب التاريخية «مدام دينارت»، وقالت عن مارجريت «أنها المفضلة لدى كل زبائنى، خاصة الاغنياء من امريكا وانجلترا وفرنسا».
لم تر مارجريت أن هذه نهايتها واستخدمت موهبة الغناء وطورتها فى مدرسة الراهبات وفى عمر السابعة عشرة، أى بعد سنة من حملها الأول، الذى لم يكتمل، تعرفت على زوجها الأول أندريه ميلر (رجل أربعينى غنى يملك إسطبلا للخيول)، وتركته فيما بعد ودخلت فى علاقات إلى أن أصاب سهم كيوبيد الخاص بمارجريت قلب على فهمى، الذى أغرم بها وأراد أن يتزوجها ولكنها اشترطت موافقته على ارتدائها ملابسها الغربية وأن تكون العصمة فى يدها.
يقال إن على فهمى تظاهر بالموافقة ويوم كتابة العقد استبدل هذا البند بآخر.
بعد زواجهما لا نعلم ماذا حدث وما طبيعة الخلافات التى نشبت بينهما فى فندق سافورى فى لندن وانتهت الزيجة بمقتل على فهمى عندما أطلقت عليه ثلاث رصاصات فى رأسه. عادت مارجريت منتصرة وحصلت على محام حول القضية إلى صراع الشرق والغرب، وأظهرها امرأة أوروبية متحررة وقعت تحت قمع رجل شرقى متسلط، ما كان من وجهة نظر الغرب، دافعا قويا لتقتل امرأة زوجها، وكانت النتيجة تبرئة مارجريت واستمرار حياتها بحرية.
لم تكتف مارجريت وأرادت أن تجنى منافع أكثر وحاولت أن ترث قصر على فهمى الذى قتلته بيديها، لكن المحاكم المختلطة رفضت القضية وذهب الورث إلى شقيقات على فهمى، واشترت عائشة فهمى نصيب إخوتها فى القصر، وأصبحت المالكة الوحيدة له إلى أن تحول إلى مجمع فنون تابع لوزارة الثقافة.
القصر ليس مفتوحا للزيارة طوال السنة ويستضيف معارض فنيه تحتوى على لوحات فنية فى أشهر محددة من السنة، من أشهرها معرض الفنانين التشكيليين والنحاتين، الذى أقيم تحت رعاية وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، آنذاك، فى مارس من العام الجارى، واحتوى على 90 عملا فنيا من النحت والجرافيك والفن التشكيلى، وشارك به خالد حافظ وشادى النشوقاتى فى فن المجسمات.