حالة الفوضى السياسية في ليبيا والصراع على السلطة على مدار أعوام تأخذ حيزًا مهمًا في جدول الأعمال الدولي، نظرًا لأهميتها الاستراتيجية كموقع مُطل على القارة العجوز وغناها بالذهب الأسود، وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن استقرار ليبيا يحمل أهمية بالغة من أجل المنطقة بأسرها، ولاسيما من أجل جيران هذا البلد. أردوغان في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفقًا لما نقلته وكالة «الأناضول» التركية، لفت النظر إلى دعم تركيا جهود الأممالمتحدة في سبيل إرساء السلام والاستقرار في ليبيا، وأضاف: «هدفنا وصول ليبيا إلى مستوى الرخاء الذي تستحقه عبر صون سيادتها ووحدتها وسلامة ترابها»، كما أكد أن وصول حكومة قوية منتخبة تستمد شرعيتها من الشعب عبر انتخابات نزيهة إلى السلطة في ليبيا ينبغي أن يكون هدفًا رئيسيًا يحظى بدعم من الجميع. فبعد الدعم منقطع النظير من قبل أنقرة لطرابلس بالسلاح والمرتزقة لمواجهة معسكر الشرق الليبي، والمتمثل بمجلس النواب بطبرق والجيش الوطني الليبي في بنغازي، فتحت تركيا أبوابها منذ أسابيع للقاء الفرقاء الليبيين، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح. وبحسب مصادر غيرت تركيا من استراتيجيتها في البلاد لتتواصل مع جميع الأطراف، أثبتتها زيارات قام بها كل من صالح ورئيس حكومة الاستقرار المعين من قبل البرلمان فتحي باشاغا والقيادي العسكري أسامة الجويلي المقرب منه. ويرى الأستاذ في جامعة قطر الخبير بالشأن التركي، على باكير، بحسب وسائل إعلام ليبية، أن «أنقرة تحاول أن تُبقي خطوطها وأبوابها مفتوحة مع الجميع، لأن دور الوساطة يفترض بل يتطلب وجود علاقة مع طرفي النزاع». وأكدت مصادر ليبية أن تركيا أُجبرت على التواصل مع القادة الشرقيين لحماية مصالحها، بعد فقدانها أحد أهم رجالاتها في ليبيا، وهو رئيس مؤسسة النفط الوطنية مصطفى صنع الله، جراء الصفقة التي تمت بين المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، وعبدالحميد الدبيبة. وقالت المصادر: «كان صنع الله الممول الرئيسي لمرتزقة أردوغان، ناهيك عن تحقيقه مصالح الشركات التركية في مجال النفط، وعمله على بقائها في حالة الاستفادة التامة من موقعه المهم دونًا عن غيرها». والآن تحاول تركيا ملء الفراغ الحاصل واستمالة ليبيي الشرق، في حين يعتقد الباحث المتخصص في الشأن التركي، سعيد الحاج، أن المقاربة التركية في المسألة الليبية مازالت على حالها، مؤكدًا أنها «لم تتغير بشكل جذري، لكن ربما طورتها مؤخرًا». وأكد الحاج أن ما تسعى إليه تركيا حاليًا هو إغلاق الباب تمامًا أمام الحلول العسكرية، وإجراء وساطة بين الأطراف، إذ تملك أوراقًا لا يملكها آخرون تكمن في علاقاتها الجيدة جدًا مع الطرفين، الدبيبة وباشاغا.
