تنسيق الجامعات 2025.. 22 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    نتيجة الامتحان الإلكتروني لمسابقة معلم مساعد دراسات اجتماعية.. الرابط الرسمي    رئيس الطائفة الإنجيلية: الموقف المصري من نهر النيل يعكس حكمة القيادة السياسية وإدراكها لطبيعة القضية الوجودية    آخر موعد لسحب الأدوية منتهية الصلاحية بالصيدليات    البنك الأهلي المصري يحذّر من التعامل أو الاستثمار في العملات الرقمية أو المشفرة    قناة السويس تشهد عبور إحدى أكبر حاملات السيارات في العالم    مصدر ل"مصراوي": كشف جديد للذهب بمنطقة "آفاق" باحتياطي يتخطى 300 ألف أوقية    بدء التحول إلى النقل النظيف.. وخطة وطنية لاستبدال التاكسي بسيارات كهربائية    الخارجية القطرية: مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة لا تزال في المرحلة الأولى    أونروا: المدينة الإنسانية في غزة ستكون معسكرات اعتقال جماعية    رئيس الجابون يدعو الاتحاد الإفريقي لعقد قمته في ليبرفيل عام 2027    لافروف يلتقي الرئيس الصيني في بكين ويبحث تعزيز العلاقات    تهديدات بالقتل لنائب رئيس نابولي بسبب أوسيمين    رسميا.. الأهلي يشكو كريم حسن شحاتة للمجلس الأعلى للإعلام    خبر في الجول – قرار من أوسكار رويز بشأن الحكام فوق ال 45 عاما    كريم الدبيس لأون سبورت اف أم مع محمد عراقي: كولر مراوغ..هاني كان عارف ان زيزو جاي وقطعت عقود بلجيكا للانتقال للأهلي    انقضاء الدعوى بالتصالح في الحكم على زوجة حسام حسن بالحبس لمدة شهر وكفالة 500 جنيه    لليوم الثالث.. انتظام أعمال تصحيح الشهادة الثانوية الأزهرية بالقليوبية    نجوم أهانوا موهبتهم من أجل الفلوس!    «الإبداع العربي» يعود بدورته الثانية في ديسمبر تحت رعاية «الوطنية للإعلام»    إيرادات الإثنين | «أحمد وأحمد» في المركز الأول و«المشروع X» الوصيف    قصور الثقافة تكرم أفضل المواقع الثقافية لعام 2024 في احتفالية بهيجة بروض الفرج    عرض عالمي أول للفيلم التونسي «اغتراب» بمهرجان لوكارنو السينمائي أغسطس المقبل    المفتي الأسبق: يوضح عورة المرأة أمام زوج أختها    الصحة تخصص 56 مركزًا موزعين على المحافظات لعلاج الأمراض الوراثية لحديثي الولادة    رئيس جامعة القاهرة يفتتح تجديد وحدة الغسيل البريتوني بمستشفى أبو الريش المنيرة    «100 يوم صحة».. أكبر حملة طبية تنطلق بالمنوفية لخدمة المواطنين ..صور    برينتفورد يضم جوردان هندرسون في صفقة انتقال حر لمدة عامين    الصفقة الثامنة.. غزل المحلة يضم ظهير أيسر أفريقي    مدرب بتروجيت: الأهلي تعامل معنا باحترافية.. والظروف لا تسمح لرحيل حمدان للزمالك    مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس اليوم الثلاثاء    برج السرطان.. حظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو: احذر    إلهام شاهين عن صورة لها بالذكاء الاصطناعي: زمن الرقى والشياكة والأنوثة    كل ما تريد معرفته عن كأس العالم للأندية 2029    الإيجار القديم بين الواقع والمأمول.. نقلا عن "برلماني"    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 فى مصر    تفاصيل استحواذ ميتا على شركة Play AI الناشئة المتخصصة فى مجال الصوت    محافظ الفيوم يشهد إنطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية "100 يوم صحة"    «مصيرك في إيد الأهلي».. شوبير يوجه رسالة إلى أحمد عبدالقادر    وزارة العمل: 3 فرص عمل في لبنان بمجالات الزراعة    قوات الاحتلال تعتقل أكثر من 32 فلسطينيا من الضفة الغربية    حكومة كردستان العراق: تعرض حقل نفطي في دهوك لهجوم بطائرة مسيّرة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    القومي لحقوق الإنسان يعقد ورشة عمل حول العمال وبيئة العمل الآمنة    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    أمين الفتوى: المصريون توارثوا حكمة "اطلع شيء لله وقت الشدة".. والصدقة قد تكون بالمشاعر لا المال    مصرع وإصابة 5 أفراد من أسرة واحدة في حادث مروع    القومي لحقوق الإنسان ينظم ورشة عمل حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الجديد    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 15 يوليو في بداية التعاملات    تنسيق الدبلومات الفنية 2024 دبلوم الزراعة نظام 3 سنوات.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    تعرّف على عقوبة إصدار شهادة تصديق إلكتروني دون ترخيص وفقًا للقانون    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    وزيرا دفاع ألمانيا والولايات المتحدة يناقشان ضرورة تنسيق خفض القوات الأمريكية في أوروبا    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مينا بديع عبد الملك يكتب عن «ثورة قاو الكبرى» ل «عمرو شعراوى»
نشر في المصري اليوم يوم 10 - 08 - 2022

قرية «قاو» تقع فى البر الشرقى جنوبى مديرية أسيوط وهى التى أطلق عليها الخديو إسماعيل مدافعه وجنوده لوأد ثورتها، ووصل القتل والتشريد هناك إلى أقصى حد، ومن قبل كتب عنها الدكتور عصمت سيف الدولة فى كتابه الشهير «مذكرات قرية»، كما كتب عنها الشاعر والروائى ماهر مهران روايته الأولى «قاو.. أسطورة الدم».
الرواية كتبها د. عمرو شعراوى- أستاذ الفيزياء بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والرئيس الأكاديمى السابق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد فاز من قبل بجائزة مجمع اللغة العربية فى القاهرة لأفضل رواية تاريخية عن روايته «طوكر: حكاية مئة وألف قمر». ورواية «ثورة قاو الكبرى» صادرة عن دار العين، وقد تتبع فيها بتدقيق شديد ما حدث فى سنة 1865 عندما قامت ثورة كبرى تزعمها الشيخ أحمد الطيب ضد حكومة الخديو إسماعيل، كاشفا عن أنماط مختلفة من البشر الذين يعيشون فى قراهم الفقيرة، لكن الظروف الصعبة دفعتهم للالتفاف حول رجل يحدثهم عن حقوقهم الضائعة وظروفهم القاهرة.
عمرو شعراوى
تمكن د. عمرو شعراوى من بث روح وطنية صادقة- ولم لا وهو سليل الوطنية الصادقة والمناضلة الحقيقية هدى شعراوى- داخل أحداث الرواية، فقاد مشاعر القارئ لخوض معركتين فاصلتين انتصر الأهالى فى الأولى قبل أن تُعاد عليهم الكرة، ويرتكب نظام الخديو واحدة من الكوارث الإنسانية فى التاريخ المصرى. لقد كانت معركة كبرى فى مواجهة القادمين من الشمال، بينما الناس محصورون بين النيل والجبل، لا مهرب، وفى اللحظة الحاسمة، عندما قاد فاضل باشا ورجاله الغارة الكبرى، لم يصمد سوى أبناء القرى الذين دفعوا الثمن باهظا، قتلا على الخوازيق أو نفياً إلى دمياط، لتتحول القرى إلى خرائب ممتدة على جانب النهر، ويستمروا عبر الزمن حكايات لا تموت. لقد قام الخديو بمكافأة من ساند فاضل باشا من أعيان وعمد الناحية، فكفل «الريانية» لعبد العال العقالى الذى سماها «العقال قبلى»، بينما كفلت «قاو الكبرى» لعثمان الأحدب وتغير اسمها إلى «العتمانية»، وكفلت قريتا «النطرة» و«الشيخ جابر» لهمام بك فأطلق عليها «الهمامية». إن تغيير أسماء الأماكن هو تغييب للوعى ومحاولة محو ذاكرة الثورة القريبة وشبيه بحالات القتل والتهجير التى مورست ضد أصحاب المكان ولا تفترق عن قتل المخايل «عجيب الزمان» على يد أتباع عثمان الأحدب. ففى يوم حزين أحاط به عدد من بلطجية «عزبة أولاد سالم»، وانهالوا على رأسه بالشوم حتى فارق الحياة. ويعلق «أبو العجب» الذى يسرد هذه النهاية المأساوية على ذلك بقوله: «ملعون هذا البلد الذى يغتال أبناءه من الأعيان. لقد كان عجيب الزمان ذا فضل عظيم». وفضل «عجيب الزمان» الذى يشير إليه «أبو العجب» هو أنه كان صوت الثورة وضميرها الحى الذى يسعى لأن تكون حاضرة فى ذاكرة الأجيال لكى تحفز الهمم.
غلاف الكتاب
لم يبالغ على الراعى حين وصف الرواية بأنها «ديوان العرب المعاصرين»، لأنها تستعرض من خلال تقنياتها الجمالية آلامهم وآمالهم ووقائع تاريخهم المهمل. ولا شك أن الرواية ترتبط بالتاريخ بعلاقة وثيقة، لأن التاريخ يقدم المادة الأولى التى تعتمد عليها الرواية فى تشكيل عالمها الذى يمزج بين الحقيقة والتخيّل.
لقد اعتمد د. عمرو شعراوى فى روايته، على «الخطط التوفيقية» لعلى مبارك، و«مذكرات قرية» لعصمت سيف الدولة، و«إمبراطوريات متخيَّلة: تاريخ الثورة فى صعيد مصر» لزينب أبو المجد. غير أن الجديد فى هذه الرواية هو استدعاء «عجيب وغريب» لابن دانيال، وهو نص هزلى كان يستخدم فى عروض خيال الظل. وبهذا يمكن القول إننا أمام ثلاثة مستويات: المستوى التاريخى المباشر الذى يحكى قصة الثورة التى قادها الشيخ أحمد الطيب عام 1865 ضد سلطة الخديو إسماعيل فى قرى «قاو الكبرى». وهى ثورة اجتماعية ضد الظلم الذى يرزح تحته فلاحو الصعيد، بسبب الضرائب التى أثقلت كاهلهم. والمستوى الثانى هو التمثيل الشعبى لهذه الأحداث بغرض تثبيتها فى الذاكرة على رغم هزيمتها واقعياً بوصفها حلماً لا يغيب بتحقيق العدالة المفتقدة. والمستوى الثالث هو التخيُل الروائى الذى يجمع بين المستويين السابقين ويزاوج بينهما فنياً لتحقيق جماليات البناء الروائى.
ولأننا أمام حدث كبير فلا بد أن تتباين الرؤى حوله ونكون إزاء أكثر من سردية متصارعة، بما يعنى نقل الصراع من مستواه الوجودى إلى مستوى الرؤية. فعُمدة «طما» مثلاً «لم يكف عن صب اللعنات على أهالى قاو الشرق والشيخ جابر والنواورة، ولم يتوقف عن وصف الخراب الذى جلبوه على أنفسهم بعد أن ضلَّلهم الشيخ أحمد الطيب وأخذهم فى سكة الخراب المستعجل»، بينما يشيد بشجاعة فاضل باشا فى مواجهة تلك «الهوجة»، والثناء على العُمَد والأعيان الذين وقفوا مع دولة الخديو فى مواجهة «الرعاع» من أهالى القرى الثائرة. هذه هى السردية الرسمية التى لم تلتفت إلى أسباب ثورة تلك القرى وما كان يعانى منه الفلاحون من مظالم، ولم تلتفت إلى ما فعله فاضل باشا الذى ضرب القرى بالمدافع حتى هدم البيوت وسمح لجنوده بنهب ما يجدونه وسط الخرائب. أما السردية الأخرى المناقضة، فيرويها «أحمد مشهور»، وهو من الأعيان الذين ناصروا الشيخ الطيب. هذه السردية التى ترى حالات العوز والفقر التى حلَّت بالقرى حيث «شحت الأقوات وقلَّت الأرزاق». من أجل هذا انتشرت دعوة الشيخ بين الفلاحين الذين نظروا إليه على أنه «مِن أولياء الله».
فى الرواية كان د. عمرو شعراوى، «مؤرخًا» محايدا، فبوطنية صادقة دافع عن أبطالها الحقيقيين ومنحهم أسماءهم وحفظها لهم فى رواية شيقة عرفتنا بالكثير من القصص الوطنية الرائعة المنسية لشعب مصر، لكن فى ثوب من الفن.
تحية للصديق العزيز د. عمرو شعراوى الممتع فى كتاباته والمجتهد فى علمه والرائع فى تعامله مع الناس بجميع طبقاتهم الاجتماعية، وفى انتظار رواية جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.