«أوروبا تختنق»

لاتزال أزمة فوضى المطارات فى أوروبا تلقى بظلالها على سوق السفر «البينى» بين البلدان الأوروبية، ووفقا لتقارير دولية فإن أمد هذه الأزمة قد يمتد لعدة أشهر مقبلة، وخلال شهر أغسطس المقبل فقط بلغ عدد الرحلات التى أعلنت شركات الطيران فى جميع أنحاء العالم عن إلغائها أكثر من 25000 رحلة طيران من جداول رحلاتها، 60% منها فى أوروبا، يأتى هذا العدد الكبير من الإلغاءات فى أعقاب نقص الموظفين ومشكلات أخرى تعاملت معها المطارات فى أوروبا والعالم، وأظهر أحدث البيانات التى قدمتها Cirium أن أوروبا هى المنطقة الأكثر تضررًا حتى الآن، حيث تم إلغاء إجمالى 15788 رحلة كان من المقرر أن تطير فى أغسطس داخل القارة العجوز، وهو ما يمثل 2% من جداول الرحلات بالكامل فى أوروبا فى أغسطس المقبل.
وفقًا ل Cirium، فقد حلت الخطوط الجوية التركية فى الصدارة كأكبر شركة تلغى عدداً من الرحلات لشهر أغسطس، حيث ألغت 4،408 إقلاع الأسبوع الماضى وحده، وحلت بعدها الخطوط الجوية البريطانية بإلغاء 3600 رحلة، وإيزى جيت مع 2045 رحلة، ولوفتهانزا مع 1،888 رحلة، وويز إير مع 1256 رحلة ملغاة، وأعلنت لوفتهانزا مؤخرًا أنها ستلغى 2000 رحلة طيران من فرانكفورت وميونيخ هذا الصيف، وقالت إن مثل هذا القرار قد تم اتخاذه بعد النظر فى نقص الموظفين فى المطارات، بالإضافة إلى جائحة COVID-19 المستمر.
وفيما يتعلق بإلغاء الرحلات الجوية كشفت منصة استخبارات السفر (Mabrian)، فى وقت سابق من هذا الأسبوع، أن ألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وهولندا واليونان والنمسا والبرتغال والدنمارك، ألغت أكبر عدد من الرحلات المجدولة للسفر بين 1 و15 يوليو. وعلى الرغم من عدم وجود بيانات متاحة حتى الآن بشأن أغسطس، فمن المتوقع أن يكون عدد الرحلات الملغاة فى أغسطس أعلى من عدد الرحلات التى تم إلغاؤها خلال الفترة بين 1 يوليو وحتى 15 يوليو.
وحذرت دراسة لشركة أليانزتريد، الألمانية، المسافرين الجويين فى أوروبا من التأهب لاستمرار الأوقات الصعبة فى قطاع الطيران، سواء فيما يتعلق بإلغاء الرحلات، أو ارتفاع أسعار التذاكر، وأظهرت نتائج الدراسة أن أسعار التذاكر سترتفع بقوة فى هذا العام، وأن شركات الطيران لن تكون أمامها فسحة مالية لحل مشكلة نقص العمالة.
وقالت الدراسة إنه من الممكن لحالات الإلغاء الكثيرة لرحلات الطيران أن تصبح هى الوضع العادى، وذكرت الدراسة أن شركات الطيران رفعت أسعار تذاكر الطيران على نحو ملحوظ على وقع الارتفاع القوى فى أسعار الكيروسين منذ مطلع العام 89%، وتحاول شركات الطيران تعويض خسائر عامين من جائحة كورونا، متوقعة أن ترتفع الأسعار فى المتوسط فى مجمل العام الحالى بنسبة 21%، مقارنة بالعام الماضى.
سبب الأزمة
تقف المطارات الأوروبية عاجزة أمام حالة الارتباك والفوضى داخل مطاراتها بعد تكدس المسافرين مع تشغيل الموسم الصيفى لهذا العام، تلك الزيادة المتنامية، والتى ارتفعت بنسبة 325.8% عالميا، وفى أوروبا بنسبة 412.3%، خلال مايو 2022، يأتى ذلك حيث لم يكن فى حسبان سلطات مطارات أوروبا ومسؤولى شركات خدمات الطيران هناك أن التخلى عن الآلاف من موظفيها وقت ذروة جائحة كورونا الوبائية سيدفعها إلى تلك الأزمة الطاحنة بعد عجزها أمام الخسائر.
وتوقعت جمعية المطارات الأوروبية أن يحدث حالة ارتباك فى الرحلات الجوية داخل 66 % من المطارات الأوروبية ما بين تأخير وإلغاء وأيضًا تخلف فى حقائب المسافرين عبر عدد من مطارات أوروبا الرئيسية فى بريطانيا وألمانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وغيرها أيضًا، وقد يصل الأمر إلى إلغاء الرحلات الجوية بسبب نقص أعداد العمالة.
ويعانى أكبر المطارات فى أوروبا وأكثرها ازدحاما- مطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن- من أزمة عنيفة دفعت المسؤولين إلى إصدار قرار بتقليل عدد المسافرين ووضع حد يومى للسفر من خلاله يقدر بنحو 100 ألف راكب يوميا، وذلك حتى 11 سبتمبر المقبل، فى واقعة تحدث لأول مرة.
وطالب مطار هيثرو شركات الطيران العالمية، التى تشغل رحلات جوية إليه ومقدرة بنحو 1300 رحلة يوميًا، بالتوقف عن بيع التذاكر على مدار الشهرين القادمين، وإلا سيظل المسافرون يعانون من الانتظار أو إلغاء رحلاتهم.
فى الوقت الذى يحاول فيه المصطافون الأوروبيون تجنب فوضى المطارات هذا الصيف، فإن الهروب إلى استئجار السيارات بات خياراً صعباً بعد ارتفاع معدلات الإيجار إلى مستويات قياسية. ارتفعت الأسعار التى وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق فى عام 2021 إلى مستويات قياسية جديدة هذا العام.
نتيجة لتعطش الأوروبيين للسفر بعد الوباء، تعافت السياحة بين عشية وضحاها فى منطقة اليورو إلى مستويات ما قبل كوفيد فى مايو، وفقاً لتتبع السياحة فى أكسفورد إيكونوميكس. ومع بداية العطلات المدرسية الأوروبية يستعد عدد من المصطافين للبحث عن مصايف وبلدان بعيدة عن هذه الفوضى، وقد سجلت محركات البحث الأوروبية، خلال الأيام الماضية، حركة بحث كبيرة للسؤال عن السفر إلى مصر وتركيا وتونس والمغرب، وعدد من البلدان البعيدة عن الأزمة.