فى الوقت الذى تكتسب فيه قضية التغيرات المناخية زخما دوليا واسعا، أطلقت الدولة المصرية استراتيجية وطنية لتغير المناخ متعددة الأبعاد وتتناسب مع خطورة هذه القضية، لتصبح خارطة طريق لمواجهة التغير المناخى وتحقيق التوازن بين النمو المستدام والموارد الطبيعية وتحسين حياة المواطنين ومواجهة آثار التغيرات المناخية، خاصة أن الرؤية المصرية شاملة ولا تقتصر فقط على الجوانب الفنية، بل ترتقى إلى مستوى تحديات التعامل مع هذا الملف، وتتطرق إلى جهود التنمية والاستثمار فى مصادر الطاقة المتجددة، وتطويع البحث العلمى فى هذا المجال، بالإضافة إلى تفعيل برامج الشراكة الدولية فى إطار المساعى الدؤوبة لتوحيد جهود العالم للحد من مسببات التغيرات المناخية. ونشر المركز الإعلامى لمجلس الوزراء تقريرا تضمن إنفوجرافات تسلط الضوء على جهود مصر الدولية من أجل التصدى لظاهرة التغير المناخى، من خلال تكثيف وتنسيق السياسات البيئية وفقا لأهداف التنمية المستدامة. وأشار التقرير إلى الترتيبات المحلية والدولية لإعداد جبهة موحدة لمكافحة التغير المناخى، حيث أطلقت مصر فى مايو 2022 الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ فى مصر 2050 للتصدى بفاعلية لتداعيات تغير المناخ. وأوضح التقرير أن الاستراتيجية تعمل على تحقيق خمسة أهداف رئيسية، تتمثل فى تحقيق نمو اقتصادى مستدام وتنمية منخفضة الانبعاثات فى مختلف القطاعات، وبناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ والآثار السلبية المرتبطة به، فضلاً عن تحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية. وتعمل الاستراتيجية على تحسين حوكمة وإدارة العمل فى مجال تغير المناخ، إلى جانب تعزيز البحث العلمى ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعى لمكافحة تغير المناخ. وأضاف التقرير أن مصر ستستضيف مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأممالمتحدة لتغير المناخ للمرة الأولى فى دورته القادمة COP27 بشرم الشيخ فى نوفمبر 2022، بعد أن تم إعلان اختيارها لاستضافة هذه الدورة خلال مؤتمر جلاسكو عام 2021 وجاء فى التقرير أنه للمرة الأولى يقام جناح مصرى بمؤتمر الأممالمتحدة لتغير المناخ أثناء مشاركة مصر فى مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (Cop27) بمدينة جلاسكو بالمملكة المتحدة، إلى جانب أنه تم إعادة تشكيل المجلس الوطنى للتغيرات المناخية برئاسة رئيس الوزراء، الذى يضم ممثلين من كافة الجهات الحكومية والمجتمع المدنى لصياغة استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ، وذلك فى 2019. يأتى هذا فيما يجرى الانتهاء من إعداد خريطة تفاعلية لمخاطر التغيرات المناخية على مصر لمساعدة متخذى القرار على تحديد المناطق المعرضة للمخاطر المحتملة من تغير المناخ. وتطرق التقرير إلى جهود الدولة لتعزيز الاستثمار فى المشروعات الصديقة للبيئة، مشيراً إلى أن السندات الخضراء تهدف إلى توفير تمويل المشروعات الصديقة للبيئة، وخفض تكلفة التمويل على الأوراق الحكومية، وتشجيع الاستثمارات النظيفة بالمنطقة. وورد فى التقرير أن قيمة إصدار مصر أول طرح لها من السندات الخضراء بالأسواق العالمية لأجل 5 سنوات بلغت 750 مليون دولار، وذلك كأول دولة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أن قيمة طلبات الشراء على طرح السندات الخضراء السيادية الحكومية بلغت أكثر من 3.7 مليار دولار، مما ساهم فى خفض سعر العائد، إلى جانب بلوغ قيمة محفظة مصر من المشروعات الخضراء المؤهلة 1.9 مليار دولار حتى الآن. بينما تضاعفت نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى إجمالى الاستثمارات العامة، حيث من المستهدف أن تصل إلى 50% عام 2024 /2025، مقارنة ب 30% عام 2021/2022، و15% عام 2020 /2021، وذلك مع وضع أول إطار لدليل معايير الاستدامة البيئية ليتم تطبيقه على مشروعات الموازنة العامة. وأظهر التقرير النجاح الملحوظ الذى حققته مصر فى التحول نحو الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث أطلقت استراتيجية الطاقة المستدامة لعام 2035، وتمثل مصادر الطاقة المتجددة فى الوقت الحالى نحو 20% من مزيج الطاقة المستخدم فى مصر، بينما من المستهدف وصولها إلى 42% بحلول عام 2035. وأشار التقرير إلى أن مصر الثانية إفريقيا فى توليد الطاقة المتجددة، فضلاً عن خفض استهلاكها من الفحم بنسبة 62.1%، بالإضافة إلى زيادة استهلاك مصر من مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 48.8%، وذلك وفقا لأحدث تقرير لبريتش بتروليم. وفى سياق متصل استعرض التقرير جهود مصر فى الاستثمار بمشروعات الهيدروجين الأخضر، حيث تم توقيع 6 مذكرات تفاهم لمشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بالعين السخنة بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وكبرى الشركات والتحالفات العالمية، وذلك بأكثر من 10 مليارات دولار استثمارات متوقعة للمشروعات. وأضاف التقرير أن تلك المشروعات تهدف إلى إقامة منشآت ومجمعات صناعية بمنطقة العين السخنة لإنتاج الوقود الأخضر واستخدامه فى أغراض تموين السفن أو التصدير للأسواق الخارجية. كما أوضح التقرير أن تكلفة استثمارات أول محطة تحويل المخلفات إلى هيدروجين أخضر فى منطقة شرق بورسعيد تبلغ تكلفتها 4 مليارات دولار، وتم توقيع مذكرة تفاهم لإنشائها بطاقة إنتاجية 300 ألف طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر. وسلط التقرير الضوء على التحول لاستخدام الغاز الطبيعى ووسائل النقل الصديقة للبيئة، حيث يعد الغاز الطبيعى واحداً من دعائم الطاقة العالمية حيث إنه بديل للوقود الأكثر تلويثاً، ويحسن من جودة الهواء ويحد من انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة.
