المؤتمر: تعديلات قوانين الانتخابات استجابة للواقع الديموجرافي الجديد    نائب وزير الآثار: منتج السياحة الريفية يحظى بأهمية كبرى في إنعاش اقتصاد المجتمعات المحلية    اهتمام متزايد من الأجانب بالاستثمار في الصين    نقل النواب تناقش موازنة هيئة ميناء دمياط عن العام المالي 2026/2025    مدير جمعية الإغاثة الطيبة في غزة: رصدنا بعض العائلات على مواقع التواصل تبيع أطفالها بسبب الجوع    تأهل سيدات يد الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس الافريقية    مصرع شابين وإصابة اثنين آخرين في تصادم جرار زراعي ودراجة بخارية بالسنبلاوين في الدقهلية    بحوث "مباشر" تحدد القيمة العادلة لسهم "بنيان" عند 7.94 جنيه    اليوم العالمي للتنوع البيولوجي.. "البيئة" تكشف سبيل إنقاذ الأرض    22 صورة ترصد انطلاق امتحانات صفوف النقل بالدقي    زلزال يضرب بني سويف دون خسائر أو إصابات    أوروجواي تستدعي السفيرة الإسرائيلية بعد الهجوم على دبلوماسيين في جنين    أمريكا ستتحمل المسؤولية.. إيران تحذر من نوايا إسرائيلية للهجوم على منشآتها النووية    وول ستريت جورنال: ترامب أخبر قادة أوروبا أن بوتين ليس مستعداً لإنهاء حرب أوكرانيا    الرئيس يوجه باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات بشكل مسبق لضمان استقرار التغذية الكهربائية    سون وبوستيكوجلو.. 10 أعوام بين البكاء والمواساة والمجد الأوروبي    "وسطاء فقط".. مفاجأة بشأن رحيل إمام عاشور للدوري السعودي    كرة يد - إنجاز تاريخي.. سيدات الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس للمرة الأولى    بعد قرار الرمادي.. الزمالك يبدأ الاستعداد لمواجهة بتروجيت في الدوري    رئيس مصلحة الضرائب: إصلاحات ضريبية شاملة لدمج الاقتصاد غير الرسمي    3 مصابين في حريق منزل بالشرقية    "آيس وبودر وهيدرو".. ضبط 19 تاجر مخدرات في بورسعيد    ماتت تحت الأنقاض.. مصرع طفلة في انهيار منزل بسوهاج    ضبط مصنع بدون ترخيص لإنتاج الأسمدة والمخصبات الزراعية المغشوشة بالمنوفية    برنامج "فضفضت أوى" يتصدر الأكثر مشاهدة على Watch it بعد عرض حلقته الأولي    مملكة الحرير على "ON" قريبا    أول تعليق من مايان السيد بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي في احتفالية "أسرتي.. قوتي"    مكتبة الإسكندرية تحتفل باليوم العالمي للمتاحف    مهرجان كان، إيل فانينج تخطف الأنظار في جلسة تصوير فيلم Sentimental Value    بدلة فريدة وإطلالة عصرية.. «مسلم» يخطف الأنظار في حفل زفافه (صور)    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    خالد الجندي: يوضح حكم الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة؟    تأثير الكبد الدهني على القلب- نصائح فعالة للوقاية    رئيس «الرقابة والاعتماد» يفوز بجائزة الطبيب العربي 2025 في «الحوكمة الصحية»    الدكتور محمد خليل رئيسًا لفرع التأمين الصحي في كفر الشيخ    وزير الداخلية الفرنسي يأمر بتعزيز المراقبة الأمنية في المواقع المرتبطة باليهود بالبلاد    ضبط لحوم غير صالحة ودواجن محقونة بالمياه في بورسعيد قبل عيد الأضحى    تأجل محاكمة اللاعب إمام عاشور ل جلسة 19 يونيو للنطق بالحكم في اتهامه بسب وقذف مشجع بالدقهلية    عاجل.. غياب عبد الله السعيد عن الزمالك في نهائي كأس مصر يثير الجدل    إعلام عبري: إسرائيل تستعد للسيطرة على 75% من أراضي غزة    سون هيونج مين يقود توتنهام لتحقيق لقب الدوري الأوروبي ويصف نفسه ب"أسطورة ليوم واحد"    مباشر مباراة الأهلي والمنتدى المغربي في نصف نهائي الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    جامعة بنها الأهلية تنظم اليوم العلمي الأول لكلية الاقتصاد وإدارة الأعمال    «القومي للمرأة»: استحداث اختصاص اضافي للجنة البحث العلمي    «سلوكك مرآتك على الطريق».. حملة توعوية جديدة لمجمع البحوث الإسلامية    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    محافظ دمياط يتابع تطوير عيادة الطلبة بشطا    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 22-5-2025 فى منتصف التعاملات    "التميز في النشر العلمي الدولي" ورش عمل بجامعة حلوان    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    «فولكانو ديسكفري»: نشاط زلزالي محتمل في الإسكندرية أو القرب منها    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    خالد الجندي: الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة «جائزة» بشروط شرعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد فضح مأساة تشيرنوبل.. أفضل 5 كتب للقراءة حول جذور الحرب الروسية الأوكرانية (ملف خاص)

لقى آلاف الأشخاص حتفهم منذ 2014 فى صراع مرير مستمر بين روسيا وأوكرانيا، انعكس فى حرب ظلت مفعمة بالمعلومات المشوهة والروايات المضللة والعمليات التى ترفع أعلامًا زائفة، ومن هذا المنطلق يرشح أستاذ التاريخ الأوكرانى بجامعة هارفارد الأمريكية سيرهى بولخى، قراءة خمسة كتب اعتبرها الأفضل لفتح آفاق فهم الصراع وطبيعة الحرب القائمة، والتى بدأها من عمل تمهيدى كتبه أحد المؤرخين البارزين، انتهاء بآخر عمل قدمه روائى أوكرانى كبير.
وبلوخى يعمل، إلى جانب منصبه الأكاديمى بالجامعة، مديرًا لمعهد الأبحاث الأوكرانى، وفاز كتابه «تشيرنوبل: تاريخ مأساة» بجائزة باليى جيفورد لعام 2018، والتى تعتبر من أرقى الجوائز البريطانية على الأعمال الفكرية، كما فاز بجائزة الكتاب من دار بوشكين مرتين، الأولى عن كتابه «تشيرنوبل» والثانية عن كتاب «الإمبراطورية الأخيرة» وهو عن الشهور الأخيرة من حياة الاتحاد السوفيتى، ولكن كتابه «بوابات أوروبا: تاريخ أوكرانيا» يعد انطلاقة رائعة للقارئ الذى يبحث عن الإلمام بالتاريخ الأوكرانى.
ويرشح بولخى خمسة كتب للقراءة، من خلال «فايف بوكس» الأمريكى المتخصص فى عرض الكتب فى شتى المجالات الثقافية والعلمية، حيث يرى أنها تستوفى المعلومات الأساسية إلى جانب التحليل العميق فيما يتعلق بتاريخ أوكرانيا وروسيا والصراع بينهما.
وبدأ المؤرخ بكتاب «أوكرانيا وروسيا من الطلاق المتحضر إلى الحرب الهمجية»، ثم كتاب «أوكرانيا.. كل ما يحتاج الجميع معرفته»، ويليه كتاب «نزع السلاح النووى الأوكرانى: تاريخ» وكتاب «أوكرانيا فى كتب التاريخ والقصص.. مقالات لنخبة من المفكرين الأوكرانيين»، وأخيرا رواية «دار الأيتام».
وقال إن أوكرانيا «مهمة»لأنها ثانى أكبر جمهورية فيما بعد الاتحاد السوفيتى، فإذا قاومت بنجاح، فإنها تضع المطمع الروسى، فى باقى حيز ما بعد الاتحاد السوفيتى، ومحاولات موسكو لإعادة إنشاء اتحاد سوفيتى جديد موضع الشك، رغم أن أحدا لا يرغب فى ذلك، فقد كان مشروعًا إمبرياليًّا مكلفًا، لكنه أقام منطقة نفوذ مؤثرة، فبدون ثانى أكبر جزء، يكون لديك فجوة ضخمة فى البناء كله.
تحدث بلوخى قبل استعراضه لمحتوى المؤلفات التى يرشحها للقراءة، عن رأيه فى الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا، قائلًا إنه تم «تأطيره» مرارا وتكرارا فيما يتعلق بروسيا وحلف شمال الأطلنطى، وبعض عناصر الصراع بشأن موسكو والحلف.
وأشار إلى أن هناك جذورًا أعمق، فهو وضع ربما يمكن الاعتراف به فى أى مكان فى العالم، لأن ما نراه هو عملية تفكك لواحدة من آخر الإمبراطوريات.
وأضاف أن الإمبراطورية الروسية بدأت فى التفسخ والسقوط عندما كانت تتداعى إمبراطورية النمسا والمجر، والإمبراطورية العثمانية، وغيرها من الإمبراطوريات.
ولفت إلى أن البلاشفة أمسكوا بتلابيبها، وعلى الرغم من محاولة تجميعها إلا أنها تفككت فى 1991 بين عشية وضحاها، مما أصاب الجميع بالدهشة، فقد كانت معجزة فى ظل عدم اندلاع حرب كبرى أو سفك للدماء.
وقال: أما الآن فنحن ندرك أن الحرب تأجلت فحسب، ومن هذا المنطلق فإنها تبدو فظيعة، ولكنه أيضًا وضع مألوف للغاية عند كثير من دول العالم التى خاضت حروبا من أجل الاستقلال.
وأشار إلى أن هذا الصراع معقد فيما يتعلق بالروس والأوكرانيين، موضحًا أن هناك قضايا لم تحل وتخص الهوية وتكوين الأمة والتاريخ المتنازع عليه، فعلى سبيل المثال يعتقد الروس بأنهم ينحدرون من كييف، والذى حدث أنها صارت اليوم عاصمة لدولة مستقلة، وهى أوكرانيا، فى حين كتب فلاديمير بوتن مقالًا حول الوحدة التاريخية للروس والأوكرانيين.
وتساءل بلوخى: «كم عدد الرؤساء الذين يخوضون الحرب ممن يكتبون هذا النوع من المقالات ويخرجون بتلك الحجج؟»، لافتا إلى أنها محاولة لنزع الشرعية عن مطالبة الأوكرانيين بحق إقامة دولة.
وأضاف: «إذا كنا تاريخيًا الشعب نفسه، فما الحق الذى تملكه كى يكون لديك دولة؟ ليس لديك، وهذا ما يحدث بشكل طبيعى من تفكك الإمبراطوريات، فالبريطانيون لم يزعموا أنهم جاءوا من دلهى أو العكس، ولكنك ترى ذلك يحدث مع روسيا وأوكرانيا.
وتابع أنه مع نهاية الحرب الباردة، انهار الاتحاد السوفيتى، لكنها لم تكن حربًا ساخنة، ولكنها كانت حربًا خسرتها موسكو اقتصاديًا وجيواستراتيجيًا، أما الآن فهناك محاولة لاستعادة الإمبراطورية كحزام من الدول التابعة، فقد حاولت روسيا عبر الوسائل الاقتصادية والسياسية، وها نحن فى ساحة الحرب التى تعتبر الأداة الأخيرة التى تمسك بها روسيا بأيديها.
■ الطلاق المتحضر
كتبه عالم السياسة «بول دانيرى»، وهو أول من عالج مسألة العلاقة بين أوكرانيا وروسيا، كما درس قبل ذلك العمليات الداخلية فى أوكرانيا، وإلى درجة ما فى روسيا، وهذا هو ما يطرحه على الطاولة، كتاب يعتبر أكثر من مجرد نظرية فى العلاقات الدولية أو التاريخ الدبلوماسى، فالمؤلف يعرف الكثير حول البلدين.
ويبدأ فى أواخر الثمانينيات ويسير متصاعدا مع الأحداث حتى عام 2019، وقت نشر الكتاب، أى عندما بدأت الحرب بالفعل ومضت المرحلة الأولى منها، فحجته مزدوجة بشكل أساسى، أولًا أن جذور هذه القصة تكمن فى تاريخ تفكك الاتحاد السوفيتى، وكيف انهار، ثانيًا يؤكد على أهمية أوكرانيا فى هذه العملية.
وله حجة كبرى أخرى تقول إن الحرب صارت محتومة بسبب الطريق السياسى المختلف الذى اختارته كل من أوكرانيا وروسيا، خصوصًا فى قضية بناء الأمة وإنشاء وتقوية الدولة فى أوكرانيا التى صارت دولة ديمقراطية، بينما تتحرك روسيا فى اتجاه سلطوى، مما يضع علاقات روسيا مع أوروبا، تلقائيًا، فى موقف صعب، ومن ثم تصبح قضايا الأمن بالغة الأهمية.
برع المؤلف فى توثيق وتقديم التسلسل التاريخى للأحداث وكيف أثرت على العلاقات الروسية- الأوكرانية منذ التسعينيات، وصولًا إلى سنوات القرن الحالى وتبوؤ بوتين الحكم وما بعد ذلك، فهو يعطى تفسيرا جيدا للحرب وخلفيتها، ولا يبحث أثناء عرضه عن تفسيرات عاطفية أو لا ينظر إلى الشخصيات، ولكن إلى المبررات والأسباب الهيكلية، فهو عالم سياسى والكتاب منظم جيدا ومحكم الكتابة ومترابط، ويشرح الكثير حول البلدين وتطورهما السياسى والخيارات التى طرحت فى الحالتين، وكيف أدت إلى ذلك الصدام، والمواجهة الحالية.
أوكرانيا: ما يحتاج الجميع معرفته
الكتاب لمؤلفه سيرهى يكيلتشيك، وهو جزء من سلسلة مطبعة جامعة أوكسفورد، ظهرت الطبعة الأولى منه فى 2015 وكانت تحت عنوان »الصراع فى أوكرانيا«، وكانت عبارة عن سرد معلوماتى، فقد جمع المؤلف كل هذه الأسئلة المثارة وشرح ماذا كانت تعنى.
الكتاب مهم على نحو استثنائى بالنظر إلى أن الحرب التى اندلعت فى أوكرانيا ولا تزال مستمرة، هى »حرب هجين«، فهى تنطوى على معلومات مشوهة وروايات زائفة وعمليات إعلام »كاذبة«، وهكذا.
هذا الكتاب أنجز مهمة بالغة الروعة فيما يتعلق بشرح شتى المزاعم والأقوال فى وسائل الإعلام، مثل: هل كانت المظاهرة الأوكرانية فى «الميدان» فاشية؟ ماذا كان يحدث فى شبه جزيرة القرم؟ ما موقف السكان فى إقليم دونباس؟
وأصدر طبعة جديدة منقحة من الكتاب، فهو كتاب أكثر شمولا، وفقا للعنوان، يعتبر نقطة بداية لفهم ما يحدث فى أوكرانيا إذا ما كان الناس مهتمين بالموضوع.
وتتعارض حجته فى شرح الحرب مع رواية الكرملين الروسى، ففى وسائل الإعلام، يمكن للمرء أن يقرأ أن أوكرانيا تخوض حربًا أهلية، وأن البلاد منقسمة بين الشرق والغرب، وأن الشعب يتحدث اللغة الروسية، وأن هؤلاء الناس يتحدثون الأوكرانية، ومن ثم يقول إن هذه ليست هى القضية، ومع ذلك فاللغات مختلفة، لكن الأوكرانيين قاموا بحراك عبر الحدود اللغوية.
كثير من الجنود الذين يقاتلون اليوم على الجبهة يتحدثون الروسية، واللغة الروسية لا تعنى الهوية والولاء بشكل آلى لروسيا.
أما فى طبعة 2020، فيحشد المؤلف مزيدًا من التطورات الأخيرة، والتى تشمل محاكمة ترامب، وتتحدث عن بول مانافورت والمزاعم الخاصة بتدخل أوكرانيا فى الانتخابات الأمريكية، إنه كتاب يتعامل مع كل هذه القضايا والحجج التى ظهرت فى وسائل الإعلام منذ نشوب الحرب، إنه كتاب لقطاع عريض من القراء.
■ نزع السلاح النووى الأوكرانى
ألفه السياسى الأوكرانى، يوروى كوستنكو، تحت عنوان «نزع سلاح أوكرانيا النووى: تاريخ»، والذى شارك فى المفاوضات التى أفضت إلى مذكرة بودابست، عندما تخلت أوكرانيا عن ثالث أكبر ترسانة نووية فى العالم.
انتهكت روسيا فى بداية الحرب كثيرًا من المعاهدات، وكانت مذكرة بودابست واحدة أساسية منها، والتى أبرمت فى ديسمبر 1994 بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وأوكرانيا.
وكانت هناك اتفاقات أخرى منفصلة أبرمت مع قازقستان وبيلاروسيا، اللتان تخلتا بمقتضاها عن ترساناتهما النووية التى ورثتاها عن الاتحاد السوفيتى فى مقابل «تطمينات» وليس ضمانات من جانب القوى الثلاث الأخرى بشأن السيادة وعدم انتهاك الحدود وغيرهما.
وفى 2014، قامت روسيا، إحدى الدول التى منحت هذه التطمينات والتى حولت إليها أوكرانيا ترسانتها النووية، بانتهاك سلامتها الإقليمية واحتلت شبه جزيرة القرم.
ويعمد الكاتب فى سياقه السردى إلى الذكريات ويؤسس نصف كتابه على كل الوثائق التى جمعها، فهى قصة شائقة حقًا، ومجهولة تقريبًا فى الغرب.
وأحجمت أوكرانيا عن التخلى عن ترسانتها النووية، التى تتمتع بسيطرة مادية عليها وليست سيطرة »تشغيلية«، غير أن قازقستان وبيلاروسيا أكثر ميلًا للموافقة منها، ومرة أخرى كانت أوكرانيا مثيرة للمتاعب، إذا ما نظرت إليها من منظور روسى، غير أن الجميع اتخذوا موقفا بأن ذلك كان شيئا جيدا، ونجاحا عظيما فى تصفية المركزية.
فقد كان عدم اندلاع حرب كبرى أو سفك للدماء معجزة، ومن ثم يقدم الكاتب منظورا مختلفا، فهو أول كتاب باللغة الإنجليزية يحتشد بكثير من التفاصيل التى تسير ضد التيار، والتفسير الغربى للتاريخ لم تكن حجته تتركز على ضرورة احتفاظ أوكرانيا بالأسلحة النووية، ولكن يقول إن الأوكرانيين اضطروا إلى تسليمها دون ضمانات ملائمة لاستقلال البلاد أو تعويض مالى مناسب، فالأسلحة النووية كانت تشكل أمن أوكرانيا، وتخلت عنها لأن الولايات المتحدة وروسيا كانتا تعملان معًا لتحقيق ذلك الهدف.
أوكرانيا فى كتب التاريخ
وهو عبارة عن عدة مقالات كتبتها نخبة من المفكرين الأوكرانيين ويشمل مقدمة لأوكرانيا، ولكنها فى الحقيقة مقدمة لاستخدام الآراء والأصوات الأوكرانية، بينما كتب مفتتح الكتاب بيتر بوميرانتسيف، وهناك مقالات عدديدة كتبها خبراء آخرون ولكن معظمها كانت من قبل مفكرين أوكرانيين يعيشون فى أوكرانيا، فهم يتحدثون عن بلادهم وعن القوالب النمطية التى تحيط بها والأساطير والتاريخ والأدب، فالكتاب هو بمثابة مقدمة عن أوكرانيا لأولئك الذين لا تقتصر قراءتهم على قراءة الأعمال القصصية الخيالية، ولكن يقرأون الأعمال الفكرية الواقعية، ويهتمون بما يبدو عليه المشهد الثقافى المحلى والأكاديمى.
ماذا يعتقد الكتّاب والفلاسفة الأوكرانيون بشأن بلادهم؟ كثير من المشاركين فى الكتاب هم كُتاب، مثل أندرى كوركف، وفلودمير رافينكو، وهو من أفضل الكُتاب الأوكرانيين الجدد، كما يضم الكتاب مقالًا ليورى أندروخوفيتش، وهو من أشهر الأسماء فى الأدب الأوكرانى، كما يوجد موضوع كتبه أليم ألييف حول أوكرانيا وتتار القرم، وهى قضية أخرى مهمة.
فهذا الكتاب للقراء الذين لا يهتمون بالسياسة فحسب، بل بالمشهد الثقافى، والذين ربما قرأوا أعمالًا مترجمة لبعض المؤلفين الأوكرانيين، ويرغبون فى معرفة المزيد عن هذا البلد.
كما يتناول الهوية الأوكرانية وما تعنيه والفرق بينها وبين الهوية الروسية، فالكُتّاب يمتلكون ناصية اللغتين، فمنهم من يتحدث الروسية ويكتب بالأوكرانية والعكس أو يكتب ويتحدث بالاثنين معًا.
■ دار الأيتام
وهو رواية كتبها سيرهى جادان، وهو من أشهر الروائيين الأوكرانيين، إن لم يكن رائدهم خارج أوكرانيا.
وتعتبر هذه الرواية كتابا «مشوقا للغاية»، فى حين أن مؤلفها ينحدر من شرق أوكرانيا وشارك فى مظاهرات «الميدان» التى كانت تشوبها المصادمات فى «خاركيف» ثانى أكبر مدينة أوكرانية، والتى تتعرض للهجوم حاليا، فهو شخص متعدد المواهب، كما أن لديه فرقة موسيقية خاصة به ويغنى ويؤلف الرويات وينظم القصائد ويرسم.
وتتسم الرواية بالجرأة لأنه يتناول الأمور التى كان لا يفترض التحدث بشأنها أثناء الحرب التى تقول: «ها نحن على حق، نحن الأبطال وكل ما عدانا ضدنا، نحن بالتأكيد الأوكرانيين، والمواطنين الأوكرانيين».
وتدور الرواية حول شخصية محورية، وهى «الباشا» الذى يتمتع بهوية ما بعد الحقبة السوفيتية، فهو أوكرانى من الناحية العِرقية، غير أنه ليس فى حقيقة الأمر أوكرانيًا أو روسيًا، فهو لا يملك هوية حصرية، وهذه هى قصة إقليم «دونباس» التى خرجت عن نطاق السيطرة الأوكرانية ومعها عديد من المناطق التى تقع فى شرق أوكرانيا. وشخصية «الباشا» هى عبارة عن مدرس لا ينحاز إلى طرف فى الصراع والحرب، ولكن له ابن أخ الذى يؤيد أحد طرفى الانقسام فى المنطقة التى تخضع لسيطرة الانفصاليين، ومن هنا يشعر «الباشا» بضرورة الذهاب هناك لإعادة ابن أخيه لأسرته، ومن ثم يدرك فى رحلة الذهاب والعودة أين يوجد وطنه، وهو شىء كبير ومهم، فالحرب تشكل أوكرانيا والهوية الأوكرانية، وتؤدى إلى الارتباط بأمة ربما كانت هناك من قبل فى المناطق الشرقية من أوكرانيا.
الرواية باختصار هى قصة اكتشاف المكان الذى تنتمى إليه والطرف الذى تنحاز إليه فى ذلك الصراع، ولا يسعك إلا أن تتعاطف مع بطل الرواية التى تعتبر نوعا من تفسير الهوية «الباهتة» التى لا يعرف لها مكان، سواء هنا أو هناك، وتفتح الباب على مصراعيه لجميع احتمالات التلاعب، ولكنها، أى الرواية، محكمة ومترابطة للغاية، وهى وصف تصويرى، إذا جاز التعبير، وعرض تقدمى لمجتمع تكتنفه الحرب، دون محاولة رسمه من الناحية الأيديولوجية بشكل أو بآخر، أو الادعاء بما ليس فيه، ومن ثم فهى رواية صادقة تتحرى أمانة العرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.