انتخابات النواب، السيدات يتصدرن المشهد الانتخابي بلجنة صنافير بقليوب (صور)    ضبط 3 أشخاص بالمطرية وبحوزتهم عدد من كروت الدعاية الانتخابية    العدل يدعو للمشاركة في جولة الإعادة البرلمانية: الانضباط داخل اللجان يعزز الثقة والبرلمان القوي شرط للإصلاح    انطلاق احتفالية الأزهر الشريف السنويَّة بالأشخاص ذوي الإعاقة    قرار وزاري بتحديد رسوم زيارة المحميات الطبيعية والفئات المعفاة    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    تطبيق نظم دقيقة لرصد الأداء البيئي للمشروعات باستخدام مؤشرات كمية ونوعية    التشغيل التجريبي قريبًا، محافظ الجيزة يعلن جاهزية 3 محطات رفع صرف صحي جديدة    أبو الغيط يؤكد ضرورة العمل على إعادة مجتمع غزة إلى الحياة الطبيعية    مدير مكتب الإعلام الحكومي بغزة: الطقس كشف هشاشة معيشة الفلسطينيين بالقطاع    أبو كويك: اللجنة المصرية تطلق مبادرة لإيواء النازحين في غزة    بوتين يؤكد تطوير القدرات العسكرية ومواصلة العملية فى أوكرانيا    كأس العرب 2025.. طارق السكتيوى يكشف موقفه من تدريب منتخب المغرب الأول    قائمة ريال مدريد - غياب فالفيردي وكورتوا في مواجهة تالافيرا    كأس العرب - جراحة ناجحة ل يزن النعيمات في الرباط الصليبي    إصابة شخصين في انقلاب سيارة نصف نقل على الطريق الأوسطي بالمنيا الجديدة    إحالة أوراق متهم بقتل شخص فى سوهاج بسبب خلافات ثأرية إلى فضيلة المفتى    الحكومة توضح حقيقة مشكلات الصرف الصحي في قرى مغاغة: سببها التسريب والكسر وليس سوء التنفيذ    رشاوى انتخابية، ضبط 4 أشخاص بحوزتهم أموال وبطاقات هوية مواطنين بالمطرية وحلوان    إصابة شخص إثر انقلاب سيارة ربع نقل بصندوق بالمنيا (صور)    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    إنفوجراف.. شريف سعيد فاز بجائزة نجيب محفوظ 2025    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    التأمين الصحى الشامل يوفر دواء بمليون و926 ألف جنيه لعلاج طفل مصاب بمرض نادر    المطبخ المصري.. جذور وحكايات وهوية    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    أم كلثوم.. حين تتحول قراءة الرمز إلى تقزيم    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    شوبير يوضح تفاصيل عرض لاعب الزمالك على الأهلي خلال الميركاتو الشتوي    مشاهد عائلية لافتة في لجان المطرية بجولة الإعادة لانتخابات النواب    «الست» تتصدر شباك التذاكر.. أبرز إيرادات أفلام دور العرض المصرية    درجة الحرارة 1.. غيوم وأمطار غزيرة على مدينة سانت كاترين    ممثل البابا تواضروس: المحبة حجر الأساس لمواجهة خطاب الكراهية وبناء مجتمع متماسك    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    البرهان يعلن استعداده للتعاون مع ترامب لإنهاء الحرب في السودان    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    "متبقيات المبيدات" يستقبل وفدا صينيا رفيع المستوى لتعزيز جهود فتح الأسواق العالمية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17-12-2025 في محافظة الأقصر    إقبال كبير على التصويت في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب 2025 بالبساتين    تزايد اقبال المواطنين بلجان انتخابات الإعادة لمجلس النواب بالغربية    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاربعاء 17-12-2025 في محافظة قنا    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    وكيل صحة الإسماعيلية تُحيل المقصرين بوحدة «أبو جريش» للتحقيق    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد فضح مأساة تشيرنوبل.. أفضل 5 كتب للقراءة حول جذور الحرب الروسية الأوكرانية (ملف خاص)

لقى آلاف الأشخاص حتفهم منذ 2014 فى صراع مرير مستمر بين روسيا وأوكرانيا، انعكس فى حرب ظلت مفعمة بالمعلومات المشوهة والروايات المضللة والعمليات التى ترفع أعلامًا زائفة، ومن هذا المنطلق يرشح أستاذ التاريخ الأوكرانى بجامعة هارفارد الأمريكية سيرهى بولخى، قراءة خمسة كتب اعتبرها الأفضل لفتح آفاق فهم الصراع وطبيعة الحرب القائمة، والتى بدأها من عمل تمهيدى كتبه أحد المؤرخين البارزين، انتهاء بآخر عمل قدمه روائى أوكرانى كبير.
وبلوخى يعمل، إلى جانب منصبه الأكاديمى بالجامعة، مديرًا لمعهد الأبحاث الأوكرانى، وفاز كتابه «تشيرنوبل: تاريخ مأساة» بجائزة باليى جيفورد لعام 2018، والتى تعتبر من أرقى الجوائز البريطانية على الأعمال الفكرية، كما فاز بجائزة الكتاب من دار بوشكين مرتين، الأولى عن كتابه «تشيرنوبل» والثانية عن كتاب «الإمبراطورية الأخيرة» وهو عن الشهور الأخيرة من حياة الاتحاد السوفيتى، ولكن كتابه «بوابات أوروبا: تاريخ أوكرانيا» يعد انطلاقة رائعة للقارئ الذى يبحث عن الإلمام بالتاريخ الأوكرانى.
ويرشح بولخى خمسة كتب للقراءة، من خلال «فايف بوكس» الأمريكى المتخصص فى عرض الكتب فى شتى المجالات الثقافية والعلمية، حيث يرى أنها تستوفى المعلومات الأساسية إلى جانب التحليل العميق فيما يتعلق بتاريخ أوكرانيا وروسيا والصراع بينهما.
وبدأ المؤرخ بكتاب «أوكرانيا وروسيا من الطلاق المتحضر إلى الحرب الهمجية»، ثم كتاب «أوكرانيا.. كل ما يحتاج الجميع معرفته»، ويليه كتاب «نزع السلاح النووى الأوكرانى: تاريخ» وكتاب «أوكرانيا فى كتب التاريخ والقصص.. مقالات لنخبة من المفكرين الأوكرانيين»، وأخيرا رواية «دار الأيتام».
وقال إن أوكرانيا «مهمة»لأنها ثانى أكبر جمهورية فيما بعد الاتحاد السوفيتى، فإذا قاومت بنجاح، فإنها تضع المطمع الروسى، فى باقى حيز ما بعد الاتحاد السوفيتى، ومحاولات موسكو لإعادة إنشاء اتحاد سوفيتى جديد موضع الشك، رغم أن أحدا لا يرغب فى ذلك، فقد كان مشروعًا إمبرياليًّا مكلفًا، لكنه أقام منطقة نفوذ مؤثرة، فبدون ثانى أكبر جزء، يكون لديك فجوة ضخمة فى البناء كله.
تحدث بلوخى قبل استعراضه لمحتوى المؤلفات التى يرشحها للقراءة، عن رأيه فى الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا، قائلًا إنه تم «تأطيره» مرارا وتكرارا فيما يتعلق بروسيا وحلف شمال الأطلنطى، وبعض عناصر الصراع بشأن موسكو والحلف.
وأشار إلى أن هناك جذورًا أعمق، فهو وضع ربما يمكن الاعتراف به فى أى مكان فى العالم، لأن ما نراه هو عملية تفكك لواحدة من آخر الإمبراطوريات.
وأضاف أن الإمبراطورية الروسية بدأت فى التفسخ والسقوط عندما كانت تتداعى إمبراطورية النمسا والمجر، والإمبراطورية العثمانية، وغيرها من الإمبراطوريات.
ولفت إلى أن البلاشفة أمسكوا بتلابيبها، وعلى الرغم من محاولة تجميعها إلا أنها تفككت فى 1991 بين عشية وضحاها، مما أصاب الجميع بالدهشة، فقد كانت معجزة فى ظل عدم اندلاع حرب كبرى أو سفك للدماء.
وقال: أما الآن فنحن ندرك أن الحرب تأجلت فحسب، ومن هذا المنطلق فإنها تبدو فظيعة، ولكنه أيضًا وضع مألوف للغاية عند كثير من دول العالم التى خاضت حروبا من أجل الاستقلال.
وأشار إلى أن هذا الصراع معقد فيما يتعلق بالروس والأوكرانيين، موضحًا أن هناك قضايا لم تحل وتخص الهوية وتكوين الأمة والتاريخ المتنازع عليه، فعلى سبيل المثال يعتقد الروس بأنهم ينحدرون من كييف، والذى حدث أنها صارت اليوم عاصمة لدولة مستقلة، وهى أوكرانيا، فى حين كتب فلاديمير بوتن مقالًا حول الوحدة التاريخية للروس والأوكرانيين.
وتساءل بلوخى: «كم عدد الرؤساء الذين يخوضون الحرب ممن يكتبون هذا النوع من المقالات ويخرجون بتلك الحجج؟»، لافتا إلى أنها محاولة لنزع الشرعية عن مطالبة الأوكرانيين بحق إقامة دولة.
وأضاف: «إذا كنا تاريخيًا الشعب نفسه، فما الحق الذى تملكه كى يكون لديك دولة؟ ليس لديك، وهذا ما يحدث بشكل طبيعى من تفكك الإمبراطوريات، فالبريطانيون لم يزعموا أنهم جاءوا من دلهى أو العكس، ولكنك ترى ذلك يحدث مع روسيا وأوكرانيا.
وتابع أنه مع نهاية الحرب الباردة، انهار الاتحاد السوفيتى، لكنها لم تكن حربًا ساخنة، ولكنها كانت حربًا خسرتها موسكو اقتصاديًا وجيواستراتيجيًا، أما الآن فهناك محاولة لاستعادة الإمبراطورية كحزام من الدول التابعة، فقد حاولت روسيا عبر الوسائل الاقتصادية والسياسية، وها نحن فى ساحة الحرب التى تعتبر الأداة الأخيرة التى تمسك بها روسيا بأيديها.
■ الطلاق المتحضر
كتبه عالم السياسة «بول دانيرى»، وهو أول من عالج مسألة العلاقة بين أوكرانيا وروسيا، كما درس قبل ذلك العمليات الداخلية فى أوكرانيا، وإلى درجة ما فى روسيا، وهذا هو ما يطرحه على الطاولة، كتاب يعتبر أكثر من مجرد نظرية فى العلاقات الدولية أو التاريخ الدبلوماسى، فالمؤلف يعرف الكثير حول البلدين.
ويبدأ فى أواخر الثمانينيات ويسير متصاعدا مع الأحداث حتى عام 2019، وقت نشر الكتاب، أى عندما بدأت الحرب بالفعل ومضت المرحلة الأولى منها، فحجته مزدوجة بشكل أساسى، أولًا أن جذور هذه القصة تكمن فى تاريخ تفكك الاتحاد السوفيتى، وكيف انهار، ثانيًا يؤكد على أهمية أوكرانيا فى هذه العملية.
وله حجة كبرى أخرى تقول إن الحرب صارت محتومة بسبب الطريق السياسى المختلف الذى اختارته كل من أوكرانيا وروسيا، خصوصًا فى قضية بناء الأمة وإنشاء وتقوية الدولة فى أوكرانيا التى صارت دولة ديمقراطية، بينما تتحرك روسيا فى اتجاه سلطوى، مما يضع علاقات روسيا مع أوروبا، تلقائيًا، فى موقف صعب، ومن ثم تصبح قضايا الأمن بالغة الأهمية.
برع المؤلف فى توثيق وتقديم التسلسل التاريخى للأحداث وكيف أثرت على العلاقات الروسية- الأوكرانية منذ التسعينيات، وصولًا إلى سنوات القرن الحالى وتبوؤ بوتين الحكم وما بعد ذلك، فهو يعطى تفسيرا جيدا للحرب وخلفيتها، ولا يبحث أثناء عرضه عن تفسيرات عاطفية أو لا ينظر إلى الشخصيات، ولكن إلى المبررات والأسباب الهيكلية، فهو عالم سياسى والكتاب منظم جيدا ومحكم الكتابة ومترابط، ويشرح الكثير حول البلدين وتطورهما السياسى والخيارات التى طرحت فى الحالتين، وكيف أدت إلى ذلك الصدام، والمواجهة الحالية.
أوكرانيا: ما يحتاج الجميع معرفته
الكتاب لمؤلفه سيرهى يكيلتشيك، وهو جزء من سلسلة مطبعة جامعة أوكسفورد، ظهرت الطبعة الأولى منه فى 2015 وكانت تحت عنوان »الصراع فى أوكرانيا«، وكانت عبارة عن سرد معلوماتى، فقد جمع المؤلف كل هذه الأسئلة المثارة وشرح ماذا كانت تعنى.
الكتاب مهم على نحو استثنائى بالنظر إلى أن الحرب التى اندلعت فى أوكرانيا ولا تزال مستمرة، هى »حرب هجين«، فهى تنطوى على معلومات مشوهة وروايات زائفة وعمليات إعلام »كاذبة«، وهكذا.
هذا الكتاب أنجز مهمة بالغة الروعة فيما يتعلق بشرح شتى المزاعم والأقوال فى وسائل الإعلام، مثل: هل كانت المظاهرة الأوكرانية فى «الميدان» فاشية؟ ماذا كان يحدث فى شبه جزيرة القرم؟ ما موقف السكان فى إقليم دونباس؟
وأصدر طبعة جديدة منقحة من الكتاب، فهو كتاب أكثر شمولا، وفقا للعنوان، يعتبر نقطة بداية لفهم ما يحدث فى أوكرانيا إذا ما كان الناس مهتمين بالموضوع.
وتتعارض حجته فى شرح الحرب مع رواية الكرملين الروسى، ففى وسائل الإعلام، يمكن للمرء أن يقرأ أن أوكرانيا تخوض حربًا أهلية، وأن البلاد منقسمة بين الشرق والغرب، وأن الشعب يتحدث اللغة الروسية، وأن هؤلاء الناس يتحدثون الأوكرانية، ومن ثم يقول إن هذه ليست هى القضية، ومع ذلك فاللغات مختلفة، لكن الأوكرانيين قاموا بحراك عبر الحدود اللغوية.
كثير من الجنود الذين يقاتلون اليوم على الجبهة يتحدثون الروسية، واللغة الروسية لا تعنى الهوية والولاء بشكل آلى لروسيا.
أما فى طبعة 2020، فيحشد المؤلف مزيدًا من التطورات الأخيرة، والتى تشمل محاكمة ترامب، وتتحدث عن بول مانافورت والمزاعم الخاصة بتدخل أوكرانيا فى الانتخابات الأمريكية، إنه كتاب يتعامل مع كل هذه القضايا والحجج التى ظهرت فى وسائل الإعلام منذ نشوب الحرب، إنه كتاب لقطاع عريض من القراء.
■ نزع السلاح النووى الأوكرانى
ألفه السياسى الأوكرانى، يوروى كوستنكو، تحت عنوان «نزع سلاح أوكرانيا النووى: تاريخ»، والذى شارك فى المفاوضات التى أفضت إلى مذكرة بودابست، عندما تخلت أوكرانيا عن ثالث أكبر ترسانة نووية فى العالم.
انتهكت روسيا فى بداية الحرب كثيرًا من المعاهدات، وكانت مذكرة بودابست واحدة أساسية منها، والتى أبرمت فى ديسمبر 1994 بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وأوكرانيا.
وكانت هناك اتفاقات أخرى منفصلة أبرمت مع قازقستان وبيلاروسيا، اللتان تخلتا بمقتضاها عن ترساناتهما النووية التى ورثتاها عن الاتحاد السوفيتى فى مقابل «تطمينات» وليس ضمانات من جانب القوى الثلاث الأخرى بشأن السيادة وعدم انتهاك الحدود وغيرهما.
وفى 2014، قامت روسيا، إحدى الدول التى منحت هذه التطمينات والتى حولت إليها أوكرانيا ترسانتها النووية، بانتهاك سلامتها الإقليمية واحتلت شبه جزيرة القرم.
ويعمد الكاتب فى سياقه السردى إلى الذكريات ويؤسس نصف كتابه على كل الوثائق التى جمعها، فهى قصة شائقة حقًا، ومجهولة تقريبًا فى الغرب.
وأحجمت أوكرانيا عن التخلى عن ترسانتها النووية، التى تتمتع بسيطرة مادية عليها وليست سيطرة »تشغيلية«، غير أن قازقستان وبيلاروسيا أكثر ميلًا للموافقة منها، ومرة أخرى كانت أوكرانيا مثيرة للمتاعب، إذا ما نظرت إليها من منظور روسى، غير أن الجميع اتخذوا موقفا بأن ذلك كان شيئا جيدا، ونجاحا عظيما فى تصفية المركزية.
فقد كان عدم اندلاع حرب كبرى أو سفك للدماء معجزة، ومن ثم يقدم الكاتب منظورا مختلفا، فهو أول كتاب باللغة الإنجليزية يحتشد بكثير من التفاصيل التى تسير ضد التيار، والتفسير الغربى للتاريخ لم تكن حجته تتركز على ضرورة احتفاظ أوكرانيا بالأسلحة النووية، ولكن يقول إن الأوكرانيين اضطروا إلى تسليمها دون ضمانات ملائمة لاستقلال البلاد أو تعويض مالى مناسب، فالأسلحة النووية كانت تشكل أمن أوكرانيا، وتخلت عنها لأن الولايات المتحدة وروسيا كانتا تعملان معًا لتحقيق ذلك الهدف.
أوكرانيا فى كتب التاريخ
وهو عبارة عن عدة مقالات كتبتها نخبة من المفكرين الأوكرانيين ويشمل مقدمة لأوكرانيا، ولكنها فى الحقيقة مقدمة لاستخدام الآراء والأصوات الأوكرانية، بينما كتب مفتتح الكتاب بيتر بوميرانتسيف، وهناك مقالات عدديدة كتبها خبراء آخرون ولكن معظمها كانت من قبل مفكرين أوكرانيين يعيشون فى أوكرانيا، فهم يتحدثون عن بلادهم وعن القوالب النمطية التى تحيط بها والأساطير والتاريخ والأدب، فالكتاب هو بمثابة مقدمة عن أوكرانيا لأولئك الذين لا تقتصر قراءتهم على قراءة الأعمال القصصية الخيالية، ولكن يقرأون الأعمال الفكرية الواقعية، ويهتمون بما يبدو عليه المشهد الثقافى المحلى والأكاديمى.
ماذا يعتقد الكتّاب والفلاسفة الأوكرانيون بشأن بلادهم؟ كثير من المشاركين فى الكتاب هم كُتاب، مثل أندرى كوركف، وفلودمير رافينكو، وهو من أفضل الكُتاب الأوكرانيين الجدد، كما يضم الكتاب مقالًا ليورى أندروخوفيتش، وهو من أشهر الأسماء فى الأدب الأوكرانى، كما يوجد موضوع كتبه أليم ألييف حول أوكرانيا وتتار القرم، وهى قضية أخرى مهمة.
فهذا الكتاب للقراء الذين لا يهتمون بالسياسة فحسب، بل بالمشهد الثقافى، والذين ربما قرأوا أعمالًا مترجمة لبعض المؤلفين الأوكرانيين، ويرغبون فى معرفة المزيد عن هذا البلد.
كما يتناول الهوية الأوكرانية وما تعنيه والفرق بينها وبين الهوية الروسية، فالكُتّاب يمتلكون ناصية اللغتين، فمنهم من يتحدث الروسية ويكتب بالأوكرانية والعكس أو يكتب ويتحدث بالاثنين معًا.
■ دار الأيتام
وهو رواية كتبها سيرهى جادان، وهو من أشهر الروائيين الأوكرانيين، إن لم يكن رائدهم خارج أوكرانيا.
وتعتبر هذه الرواية كتابا «مشوقا للغاية»، فى حين أن مؤلفها ينحدر من شرق أوكرانيا وشارك فى مظاهرات «الميدان» التى كانت تشوبها المصادمات فى «خاركيف» ثانى أكبر مدينة أوكرانية، والتى تتعرض للهجوم حاليا، فهو شخص متعدد المواهب، كما أن لديه فرقة موسيقية خاصة به ويغنى ويؤلف الرويات وينظم القصائد ويرسم.
وتتسم الرواية بالجرأة لأنه يتناول الأمور التى كان لا يفترض التحدث بشأنها أثناء الحرب التى تقول: «ها نحن على حق، نحن الأبطال وكل ما عدانا ضدنا، نحن بالتأكيد الأوكرانيين، والمواطنين الأوكرانيين».
وتدور الرواية حول شخصية محورية، وهى «الباشا» الذى يتمتع بهوية ما بعد الحقبة السوفيتية، فهو أوكرانى من الناحية العِرقية، غير أنه ليس فى حقيقة الأمر أوكرانيًا أو روسيًا، فهو لا يملك هوية حصرية، وهذه هى قصة إقليم «دونباس» التى خرجت عن نطاق السيطرة الأوكرانية ومعها عديد من المناطق التى تقع فى شرق أوكرانيا. وشخصية «الباشا» هى عبارة عن مدرس لا ينحاز إلى طرف فى الصراع والحرب، ولكن له ابن أخ الذى يؤيد أحد طرفى الانقسام فى المنطقة التى تخضع لسيطرة الانفصاليين، ومن هنا يشعر «الباشا» بضرورة الذهاب هناك لإعادة ابن أخيه لأسرته، ومن ثم يدرك فى رحلة الذهاب والعودة أين يوجد وطنه، وهو شىء كبير ومهم، فالحرب تشكل أوكرانيا والهوية الأوكرانية، وتؤدى إلى الارتباط بأمة ربما كانت هناك من قبل فى المناطق الشرقية من أوكرانيا.
الرواية باختصار هى قصة اكتشاف المكان الذى تنتمى إليه والطرف الذى تنحاز إليه فى ذلك الصراع، ولا يسعك إلا أن تتعاطف مع بطل الرواية التى تعتبر نوعا من تفسير الهوية «الباهتة» التى لا يعرف لها مكان، سواء هنا أو هناك، وتفتح الباب على مصراعيه لجميع احتمالات التلاعب، ولكنها، أى الرواية، محكمة ومترابطة للغاية، وهى وصف تصويرى، إذا جاز التعبير، وعرض تقدمى لمجتمع تكتنفه الحرب، دون محاولة رسمه من الناحية الأيديولوجية بشكل أو بآخر، أو الادعاء بما ليس فيه، ومن ثم فهى رواية صادقة تتحرى أمانة العرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.