فى حب الرمادى «لا أبيض.. لا أسود» للفنانة سعاد مردم بك

بسبب ميلها إلى اللون الرمادى، اختارت الفنانة التشكيلية سعاد مردم بك، هذا اللون للإشارة إليه فى عنوان معرضها «لا أبيض.. لا أسود» الذى يضم نحو 28 لوحة فنية.
تبدأ فعالياته اليوم الجارى ويستمر حتى 22 من الشهر ذاته فى جاليرى «زاج بيك»، فى بيفرلى هيلز الشيخ زايد.
«لا أبيض.. لا أسود»
بين الأبيض والأسود تحدث كثير من الأشياء التى ترتدى ثوب الرمادى. يقول الكاتب الفرنسى أندريه جايد: «إن لون الحقيقة هو الرمادى»، فلا هو كما اعتدنا لون الأبيض ولا لون الأسود.
ربما يحتاج هذا اللون منا إلى إعادة نظر فيما يعنيه. فبينما نميل إلى ربطه بالشجن وعدم الوضوح، يؤكد هذا اللون بحياديته وهدوئه أن ثمة معانى إيجابية عديدة ترتبط به وبفلسفة الحياة ذاتها ككل، وطبيعة العلاقات الإنسانية التى تميل لترك مساحة كبيرة تتفاوت بين درجات الأبيض والأسود.
وتماما كالحياة، اختارت الفنانة سعاد مردم بك أن تترك فى معرضها الحالى مساحة كبيرة للرماديات، التى تحمل فى تنويعاتها ثراء كبيرا، سواء على صعيد الطرح البصرى أو حتى فيما تحمله من معان، وتقترب أحيانا من الأبيض وأحيانا ما تميل إلى اللون الأسود.
تتنوع درجات هذا اللون باللوحات لتقترب أحيانا من الأبيض. فاتحة الأبواب أمام التفاؤل والنور والأمل. وتميل أحيانا للأسود مثيرة شعورا بالغموض..« فكما تذكر الفنانة: الحياة ليست وجها واحدا، ليست بيضاء أو سوداء. إن الزهرة الجميلة التى نستمتع بجمالها ورحيقها تحمل شوكا قد يدمى أصابعنا».
وعلى عكس كثير من معارضها السابقة، التى كانت البطولة فيها لإحدى الحكايات ك«حقيبة السفر، مفتاح الحياة، قطار الذكريات»، فإن البطولة فى هذا المعرض تذهب للون الرمادى الذى تتخذه أساسا لمعظم اللوحات، ليحكى كالراوى عشرات القصص عبر مجموعة متنوعة من الأعمال. يأتى هذا المعرض فى محبة اللون الرمادى، الذى لطالما ظل مظلوما، والذى يحمل قدرا كبيرا من الرقى والأناقة، كما أنه لون محايد لا يسعى - كما تقول الفنانة- للفت الانتباه، بل على العكس يمنح براح الزهور للألوان الأخرى فى حضرته، معليا قيمة الإيثار التى يتصف بها كثير من الأشخاص الداعمين الذين يمنحون القوة لمن يحيطون بهم ليكونوا هم أبطال الظل.
معرض «لا أبيض.. لا أسود» يقدم لنا حكايات كثيرة، بعضها عن المرأة وعن علاقتها بالآخر. يروى لنا قصصا من حياتنا بعد أن ارتدت ثوب الخيال. إذ لا تبتعد مردم بك عن عالمها الأسطورى الساحر، لتثير وجداننا وأفكارنا عبر لغتها التشكيلية الثرية، التى ميزت أعمالها طوال مشوارها الفنى.
أعمالها
تستخدم سعاد مردم بك فى لوحاتها الألوان والزيت والقماش. إذ ترسم ما يخطر ببالها من أفكار وتستلهمها مما يدور حولها من أحداث، مستعينة بالوجه أحيانا للتعبير عما يدور بعقل الإنسان، والذى يظهر جليا على تعبيرات الوجه.
ترفض فكرة التكرار فى تناول الموضوعات، وتقول «لا أركز فى أعمالى على المرأة والرجل، وإنما لى عالمى الخاص بأفكاره وطفراته، إذ إن هناك أعمالا لا تحتاج إلى تفسير حتى لا تحدث ركاكة للفكرة. فالمتلقى يصله المفهوم من الفكرة بمجرد رؤية العمل الفنى وطريقة تنفيذه والتوازن بين الجماليات والألوان، فالفن عملية إبداعية».
تأثرت الفنانة التشكيلية سعاد مردم بك بالعديد من رواد الفن التشكيلى، خاصة المصريين محمود سعيد وعبد الهادى الجزار، لعبقريتهما فى تناول الألوان والأفكار والبورتريهات التى تظهر فى أعمالهما.
* محطاتها
كان لمصر الأثر الأكبر من الناحية الفنية خلال محطات سعاد مردم بك الفنية. فهناك حراك فنى غنى جدا فى مصر، إذ إن هناك نحاتين وفنانين واستكشافيين للفن، فالساحة مليئة بالفنانين والمؤثرين.
هذه الأفكار الفلسفية العميقة التى تطلقها سعاد مردم بك لا تأتى من فراغ، إنّما هى نتيجة طبيعية لدراستها فى الفلسفة، إلى جانب حياتها منذ الطفولة. وقد اختارت سعاد مردم بك البقاء فى مصر حين زارتها منذ سنوات طويلة ورأت الكثير فيها وعشقتها.
* نشأتها
سعاد مردم بك ولدت فى دمشق لأب سورى من عائلة مردم- بييس، وأم كردية- ألمانية من عائلة اليوسف، وهى فنانة معاصرة تستلهم عملها من أصولها الثقافية.
شاركت فى عدة معارض فردية لأعمالها، نظّمتها فى دول عديدة مثل فرنسا وكندا وأمريكا وسوريا ولبنان ومصر والكويت، إلى جانب مشاركتها فى الكثير من المعارض الجماعية حول العالم.