سودانيون يحتجون فى ذكرى الثورة.. و«حمدوك»: أمننا يواجه تهديدات

أكد رئيس الوزراء السودانى عبدالله حمدوك أن الاتفاق السياسى الذى أبرمه مع قائد الجيش السودانى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان تعثر، محذرًا من «تراجع كبير فى مسيرة الثورة بما يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها».
وجاءت تصريحات حمدوك فى خطاب بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة 19 ديسمبر 2018 التى أطاحت بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وبالتزامن مع احتجاجات جديدة حاشدة انطلقت، مساء أمس الأول، وتواصلت أمس، للمطالبة بإبعاد الجيش عن المشهد السياسى، وبعودة الحكم للمدنيين، واستبقت السلطات الأمنية فى ولاية الخرطوم التظاهرات بالإعلان عن إغلاق جميع الجسور التى تربط مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحرى، وأعلنت السلطات، أمس، يوم عطلة رسمية بمناسبة حلول الذكرى الثالثة لاندلاع الاحتجاجات الشعبية.
وكان البرهان عزل حمدوك من منصبه فى 25 أكتوبر الماضى، لكنه عاد رئيسا للحكومة بموجب اتفاق مع البرهان يوم 21 نوفمبر الماضى. وقال رئيس الوزراء فى خطابه: «إننا نواجه تراجعا كبيرا فى مسيرة ثورتنا، يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، وينذر ببداية الانزلاق نحو هاوية لا تبقى لنا وطنا ولا ثورة، ورغم ذلك مازلت أعتقد جازما أن الثورة يمكن أن تمضى بحزم وعزم إلى غاياتها بالسير فى طريق الحوار والتوافق الوطنى».
وتابع: «هذا ما ظللت أعمل من أجله حتى الاتفاق السياسى فى 21 نوفمبر الماضى، كانت جميعها محاولات لحث الأطراف للجلوس لحوار شامل يفضى لتكوين كتلة وطنية من الذين يؤمنون بالتحول المدنى الديمقراطى، لكن للأسف هذه المبادرات جميعها تعثرت».
وبرر حمدوك توقيعه على الاتفاق الذى أثار غضب الشارع، قائلًا إن ذلك «لم يأت استجابة لتقديرات ذاتية غير ناضجة أو تحت ضغط من أحد، إنما لقناعة منى بأن هذا الاتفاق فى حده الأدنى سيؤدى إلى حقن دماء شبابنا وشاباتنا، رغم اقتناعى باستعدادهم للبذل والتضحية من أجل أحلامهم للوطن، لكننى لا أجد حرجًا فى أن أقول إن صون دماء هؤلاء الشباب وكرامتهم يظل واجبى الأسمى الذى لن أتنازل عنه، فإن ما نبحث عنه من مستقبل هو لهم وبهم».
وأضاف: «كما سعيت عبر الاتفاق لوقف عمليات الاعتقال السياسى وإطلاق سراح المعتقلين من القادة السياسيين، ليضطلعوا بأدوارهم ومسؤولياتهم الوطنية والتاريخية فى العمل مع بقية قوى الثورة والتغيير لإكمال ما تعطل من مهام التحول الديمقراطى، ولحماية حق الثوار والثائرات فى التعبير السلمى عبر مختلف أدواتهم».
وأضاف حمدوك: «ما دفعنى لذلك أننى قد رأيت فيه فرصة لحماية منجزات تحققت على مدى العامين الماضيين من عمر الثورة وحماية بلادنا من الانزلاق لعزلة دولية جديدة، إضافة لحقيقة أن الاتفاق فى نظرى هو أكثر الطرق فاعلية وأقلها تكلفة للعودة إلى مسار التحول المدنى الديمقراطى وقطع الطريق أمام قوى الثورة المضادة، ومواصلة الحوار بين مختلف المكونات لتقويم مسار الثورة والمضى بخطى ثابتة فى ما تبقى من عمر ومهام الانتقال».
وطالب رئيس الحكومة «كافة قوى الثورة وكل المؤمنين بالتحول المدنى الديمقراطى بضرورة التوافق على ميثاق سياسى يعالج خلافات الماضى، وينجز ما تبقى من أهداف الثورة والانتقال الديمقراطى المتعلقة بقضايا السلام والأمن والاقتصاد ومعاش الناس، وإكمال هياكل السلطة وإقامة المؤتمر القومى الدستورى وصولا لانتخابات حرة ونزيهة».
من جانبه، أعلن المجلس السيادى الحاكم أن البلاد تمر بمرحلة انتقالية حساسة، مؤكداً أهمية عدم التفريط فى أمن واستقرار السودان لأنه من دون أمن لا يمكن الحديث عن تحول ديمقراطى فى السودان. وقال المجلس إن المرحلة المقبلة ستشهد إجراء انتخابات حرة ونزيهة، ويجب أن يسبق ذلك سلام واستقرار للمساهمة فى عودة النازحين واللاجئين. وأكد البرهان فى الذكرى الثالثة اندلاع الاحتجاجات عزمه الوصول إلى «دولة مدنية عبر انتخابات حرة ونزيهة» عقب نهاية الفترة الانتقالية.
وفى المقابل، تجمع المحتجون فى شوارع الخرطوم منذ ليل أمس الأول، فى احتجاجات ضد دور الجيش فى الساحة السياسية، واتفاق 21 نوفمبر الماضى، لإعادة حمدوك إلى منصبه، ورفضا لقمع الاحتجاجات الذى أدى إلى مقتل 45 شخصا ومئات الجرحى، ويسعى أنصار الديمقراطية والحكم المدنى والعديد من المنظمات التى أشعلت الانتفاضة ضد البشير أن تعيد تعبئة 45 مليون سودانى يعيشون فى ظل تضخم بلغ 300%.
وتوافد آلاف المحتجين إلى قلب العاصمة السودانية، وفى العديد من الولايات الأخرى، تنديدا بالاتفاق السياسى بين البرهان وحمدوك، وأغلقت السلطات الجسور والطرق الرئيسية ونشرت قوات نظامية كبيرة.
من جهتها، أعلنت تنسيقيات لجان المقاومة بالخرطوم، توجه المواكب إلى القصر الجمهورى للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين.
بدورها، دعت قوى الحرية والتغيير كل قطاعات الشعب للمشاركة فى المظاهرات السلمية، وطرحت إعلاناً سياسياً يؤكد ضرورة إجراء إصلاحات سياسية شاملة خلال الفترة الانتقالية تنتهى بإجراء انتخابات حرة ونزيهة.