أكثر من أسبوع مر على حادث تصادم الشيخ زايد، الذي أثار اهتمام الرأي العام، إذ نسبت النيابة العامة ل«كريم الهواري»، نجل رجل أعمال صاحب سلسلة متاجر شهيرة، اتهامات بقتل 4 طلاب ثانوي بينهم طفل عن طريق الخطأ، وقيادة سيارته تحت تأثير مُسكر فأطاح بسيارة الطلاب ال4 بالقرب من النادي الأهلي بالشيخ زايد. النزهة الأخيرة «يا ابني دا آخر يوم خميس تخرج مع أصحابك علشان الامتحانات قربت».. قالتها أمل الباز لنجلها سعيد حسن، طالب الصف الثاني الثانوي، وحين تتذكرها تبكي: «فعلًا كان آخر خميس، دٌهس وأصحابه بعربية ابن رجل الأعمال». قال «سعيد» لأمه يوم الحادث: «يا ماما رايح مع صحابي نقص شعرنا عند الحلاق، وبنحب نروح له بالليل خالص علشان يعمل لنا اللي إحنا عاوزينه». مكالمة أخيرة تلقاها والد «سعيد» من ابنه تمام الواحدة صباحًا، قال له: «خلاص يا بابا راجعين على البيت»، بعدها نام والدا طالب الثانوي واستيقظا فجرًا على تليفون من والدة عمر حمدي، صديق ابنهم: «ابني مش بيرد على تليفونه، وبتصل على تليفون سعيد بيرن ومحدش بيرد». ادعو له «طارق»، شقيق «سعيد» اتصل على رقم «الأخير»، حتى أجابه ضابط شرطة بقسم الشيخ زايد، باغته: «أخوك وأصحابه 3 كمان عاملين حادثة عند النادي الأهلي وموجودين بالمستشفى»، ثم أضاف: «ادعوا له». «أمل» تقول: «سمعنا الخبر طلعنا نجري»، وكانت أسرتا عبدالله درويش، وعمر حمدي، صديقا سعيد، ب«يلفوا في الشوارع»، ووصلت أسرة «الأول» للمستشفى وقالت لنا: «عبدالله مات!». وحين وصلت «أمل» إلى بوابة المستشفى، ألقى فرد الأمن في وجهها بالصدمة التي لم تستوعبها إلى الآن: «الطلاب ال4 جايين ميتين». متخافيش يا ماما قبل الحادث بيوم كانت «أمل» تحدث ابنها: «يا ابني إنت كل يوم بتحلو، وخايفة عليك يجرى لك حاجة»، فداعبها: «متخافيش يا ماما مش هموت صغير قبل العواجيز»، وكانت الأم تخاف على ابنها لدرجة: «كنت بشيل عيني من عليه وهو ابني، أصله كان زي القمر». وحين خرج مع أصدقائه كعادتهم كل خميس، كانوا يلعبون على هواتفهم المحمولة «جيمز»، ويتسلون بعض الوقت بأن يتمشوا بالسيارة، ويذهبوا لشراء ملابس أو مأكولات أو الحلاق. «سعيد» لديه شقيقان «طارق»، طالب بكلية الطب قصر العينى، و«أحمد»، طالب بكلية التكنولوجيا الحيوية، ووالده يعمل طبيبًا بشريًا، وعكس كل أفراد أسرته كان يميل لدخول كلية الشرطة، وقال لأمه قبل وفاته: «هيشوفوني شكلي حلو بالبدلة هيقبلوني على طول.. ونفسي أساعد الناس على الحق». ابن رجل الأعمال قلبهم بالعربية لم تكن تعرف والدة «سعيد» بتفاصيل الحادث، إلا قبيل دفنه: «كنت مفكرة إن العربية اتقلبت بيهم على الطريق، لكن عرفت وكانت الصدمة إن ابن رجل أعمال كان طاير بالعربية وهو سكران واصطدم بسيارة ابني وأصحابه وهما ماشيين على جنب وقلبهم». ودعت «أمل» ابنها، وقفت عند ثلاجة الموتى، حيث ترقد جثة «سعيد»: «كان زي القمر، أبيض زي الورد، ومفيش إصابات خالص في وجهه، كان مغمض عينيه كأنه بيبي نايم»، تقدمت نحوه: «بوسته وكان نفسي أخده في حضني بس مرضيوش». «إحنا في بلد فيها شرطة ونائب عام محترمين».. تقول الأم المكلومة، قبل أن تضيف: «عاوزة القصاص بالقانون.. وواثقة إنّ الرئيس السيسي مش هيكست لأنه مبيرضاش بالظلم، وعاوزين أقصى عقوبة». إحنا بنكلم سريره وندخل أوضته نعيط وكانت النيابة العامة قررت حبس اثنين من المحامين أحدهما محامي «الهواري» المتهم بالحادث، على خلفية اتهامهما بانتحال صفة رجال ضبطية قضائية ومحاولتهما إتلاف كاميرات مراقبة وثقت الحادث.. وتروى أسرة «سعيد»: «اللي حصل بيؤكد إن ربنا في صف الضحايا الأبرار». وفقدت الأسرة ابنهم «آخر العنقود»، ويقول شقيقاه في حزن: «إحنا بنكلم سريره»، وأمه تحكي أنها: «بتدخل أوضة ابنها كل يوم تعيط عليه».
