متاحف عابدين.. راوى التاريخ وقدس المقتنيات (ملف خاص)

للتاريخ رواية ترويها دائما المقتنيات والوثائق، وفى متاحف عابدين تتجسد تلك المقتنيات فى مشهد ساحر، تجوب فى قاعاتها وكأنك تجوب قدس الأقداس بأحد المعابد، تأخذنى إلى فترة تاريخية من حياة وطني. نصحبكم اليوم فى رحلة لذلك العالم الفريد ونتجول بين قاعات القصور، وندخل متاحفها لنشاهد أندر القطع الفنية، وأشهر الوثائق التي غيرت التاريخ، ونشاهد مقتنيات وهدايا الملوك والرؤساء.
الملك فؤاد الأول ابن الخديو (إسماعيل)، حكم مصر فى الفترة من عام 1917م إلى 1936م خصص بعض قاعات القصر لإعداد متحف لعرض مقتنيات الأسرة، أيضا الملك فاروق الأول الذى حكم مصر من عام 1937م إلى عام 1952م استكمل المتحف وأضاف الكثير من المقتنيات، خاصة الأسلحة بأنواعها وألحق بالمتحف مكتبة متخصصة فى هذا المجال، وبعد قيام ثورة 1952م تم نقل إدارة متحف قصر عابدين إلى إدارة المتاحف بالقلعة، ثم أعيدت إدارته مرة أخرى إلى رئاسة الجمهورية فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، الذى أمر بتجديد وترميم قصر عابدين والمتحف الخاص به.
وفى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك تم ترميم القصر وأضيف له متحف هدايا رئاسة الجمهورية، حيث ضم هدايا الرؤساء حتى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى ويوجد كذلك متحف الفضيات والكريستالات والصينى والجاليهات الخاصة بالعائلة المالكة، وقد سمى ب«متاحف قصر عابدين» وقام مبارك بإعادة الافتتاح فى 17/10/1998. وفى 16/12/2004 أضيف لمتاحف قصر عابدين متحف الوثائق التاريخية وهو متخصص فى عرض الوثائق التاريخية، وهو هام للزائرين والدارسين فى هذا المجال، وهكذا أصبح قصر عابدين مجمعا للمتاحف المتنوعة تم ربطها بخط زيارة واحد يمر من خلاله الزائر بحدائق القصر، مما يتيح للزائر المتعة الثقافية والترفيهية معًا.
متحف الأسلحة يروى قصص خنجر ثعلب الصحراء وهدايا الملوك العرب
تم إنشاؤه فى عصر الملك فؤاد سنة 1928، وتضم قاعات المتحف مجموعات نادرة من الأسلحة البيضاء والنارية، أنتجتها أيدى صناع مهرة من بلاد العالم الإسلامى وأوروبا، من عصور مختلفة.
قسم الأسلحة النارية هو أكبر أقسام المتحف، ويبدأ بقاعة عرض الأسلحة الخداعية، وهى عبارة عن مجموعة بنادق نفذت على شكل عصى مما يتوكأ عليها، ومجموعة من السيوف والخناجر العربية المهداة من الملوك العرب، وأبرزها الخنجر الذى أهداه الملك عبدالعزيز آل سعود للملك فاروق، وهو مصنوع من الذهب الخالص ومطعم بفصوص من الألماس.
فضلا عن الخنجر الشخصى لثعلب الصحراء روميل عليه عبارة باللغة الألمانية «كلنا من أجل ألمانيا». والسلاح الشخصى لموسولينى، والذى اقتناه الملك فاروق من مزاد بإيطاليا.
يوجد أيضا سيف مميز من الذهب ومطعم بالألماس، أهداه ملك إنجلترا جورج السادس، للملك فاروق عند زفافه على الملكة فريدة. وسيف آخر من أمير الكويت عبدالله السالم الصباح كهدية للملك فاروق أثناء زواجه من الملكة ناريمان عام 1951. وأيضا يوجد السلاح الشخصى للملكة فريدة، وهو عبارة عن مسدس صغير مصنوع من الفضة ومقبضه من الصدف صنع خصيصًا لها فى بلجيكا.
متحف المقتنيات الخاصة والأوسمة والنياشين.. قصة سيف العدل والتتويج
ويضم المقتنيات الملكية الخاصة وبعض التحف المتنوعة، منها مجموعة رائعة من أسلحة الصيد الثمينة المعروفة باسم (هولند آند هولند)، وهى أغلى أنواع بنادق الصيد فى العالم بعضها لإطلاق (الخرطوش)، والبعض الآخر لإطلاق الخرطوش والرصاص معًا.
ويوجد فى هذه القاعة سيف نادر يسمى (سيف العدل والتتويج) مرصع بالأحجار الكريمة بأحجام مختلفة، بالإضافة إلى الزخارف المنفذة بالميناء الملونة، وهو الذى توج به قيصر روسيا الأول، ولا يوجد مثيل له فى أى مكان الآن، وقد حصل عليه الملك فاروق عام 1948 من أحد المزادات فى أوروبا بمبلغ 11 ألف جنيه إسترلينى. السيف صنع فى ألمانيا فى القرن السابع عشر من الفضة الخالصة ومطلى بالذهب.
بهذه القاعة مجموعات رائعة من الأوسمة والنياشين والميداليات. بعضها صنع فى مصر وأغلبها مصنوع فى أوروبا وآسيا وإفريقيا والأمريكتين. وأغلب هذه الأوسمة والنياشين تمنح لمن يؤدون للبلاد خدمات جليلة تميزًا لهم عن غيرهم، كما أنها تمنح للملوك والرؤساء والشخصيات التى لها مواقف تخدم
قضايا الوطن.
متحف هدايا رئاسة الجمهورية
حرصًا من الرئاسة على ترسيخ قيم النزاهة والشفافية والتجرد، وتأكيدًا لالتزام الدولة المصرية بنصوص الدستور والقانون، أمر الرئيس عبدالفتاح السيسى بتخصيص إحدى قاعات قصر عابدين لتكون «متحف هدايا الرئيس». وسيرًا على نهج ملوك مصر وحكامها السابقين، يضم المتحف كافة الهدايا التى تلقّاها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه الحكم.
يقع هذا المتحف فى خط الزيارة بعد متحف المقتنيات الخاصة والأوسمة والنياشين وهو أحد المتاحف التى أنشئت ضمن خطة ترميم وتطوير قصر عابدين. وقد خصص هذا المتحف لعرض بعض الهدايا والمقتنيات التى يتلقاها رئيس جمهورية مصر العربية بدءا من عهد الرئيس مبارك حتى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، من الملوك ورؤساء الدول وكبار ضيوف الدولة، وكذا الهدايا التى يتلقاها فى المناسبات الوطنية من جميع أجهزة الدولة، وعلى رأسها الاحتفالات بانتصار أكتوبر 1973.
متحف الوثائق التاريخية
وهو أحدث المتاحف التى افتتحت فى قصر عابدين فى 16/12/2004، ويحتوى على عدة وثائق تاريخية هامة من عهد «محمد على باشا» وحتى الملك فاروق الأول، آخر ملوك مصر.
ويحتوى على شهادة فخرية للملك فؤاد من إيطاليا دبلومة فارس للخديو عباس حلمى الثانى من فرنسا ورسالة تعزية من أدولف هتلر للملك فاروق 1936 وألبوم صور يحتوى على صور زيارة ولى عهد إيران لمصر وزواجه من شقيقة الملك الأميرة فوزية. وألبوم صور من ثلاثة أجزاء يحتوى على بداية العمل فى خزان أسوان. السجل الخاص بعقد زواج الملك فاروق الأول ملك مصر من الملكة فريدة بتاريخ 20 يناير 1938، وكذا إشهاد الطلاق على نفس الوثيقة بتاريخ 17 نوفمبر 1948م. السجل الخاص بعقد زواج صاحب السمو الإمبراطورى محمد رضا بهلوى، ولى عهد إيران، من صاحبة السمو الملكى فوزية شقيقة الملك فاروق بتاريخ 15 مارس 1939 م وكذا إشهاد الطلاق على نفس الوثيقة بتاريخ 16 أكتوبر1948م.
متحف الفضيات
افتتح فى 17/10/1998 وكان الغرض منه عرض مقتنيات الأسرة المالكة من الفضة والصينى والكريستال والجاليهات داخل المتحف منذ عهد الخديو إسماعيل وحتى عهد الملك فاروق الأول آخر ملوك مصر.
قسم الفضة
ويعرض به أهم المقتنيات وأكثرها تنوعًا وجميعها مصنوع من الفضة وهى عبارة عن أدوات وتحف تستخدم فى تناول الأطعمة والمشروبات فى الحفلات والولائم التى كانت تقام فى المناسبات المختلفة الخاصة بملوك وأمراء أسرة محمد على باشا.
قسم الصينى
أصبحت صناعة الأدوات والأوانى الصينية فنًا من الفنون التشكيلية لما بها من لمسات فنية جعلت من الصينى لا يقتنى من أجل سد متطلبات الاستخدام اليومى فقط بل للاحتفاظ به كقطع من الفن الرفيع. ومجموعة الصينى المعروضة بالمتحف والتى تخص بعض ملوك وأمراء أسرة «محمد على باشا» تبدو أقرب إلى قطع من التحف رغم كونها أدوات للمائدة. والأنواع المعروضة من الصينى من إنتاج أشهر المراكز المتخصصة فى صناعة الصينى وفنونه فى أواخر القرن 19 والنصف الأول من القرن 20 فى كل من إنجلترا وفرنسا والنمسا.
قسم الكريستال
يعرض بهذا القسم مجموعات من الكريستال تعكس ذوقًا رفيعًا ومهارة فائقة من حيث الأسلوب الصناعى والإبداع الفنى التى بذل فيها الفنانون جهدًا فكريًا يعبر عن أحاسيس فنية راقية كما تدل على الأسلوب الصناعى المتقدم فى مراكز صناعة الكريستال فى القرن 19 بأوربا وخاصة فرنسا وألمانيا وإنجلترا والنمسا وغيرها، وتوجد به مجموعات من الكريستال تمثل أدوات للاستخدامات اليومية لبعض الملوك والأمراء من أسرة «محمد على باشا».
قسم الجاليهات
هى مجموعة نادرة من أعمال الفنان التشكيلى «إميل جاليه» وهى عبارة عن تحف على شكل قنينات وزهريات «فازات» وزجاجات للعطر وللاستخدامات الأخرى وإن كان الغرض الأساسى استخدامها كتحف. والجاليهات تحف من الزجاج الملون عليها مناظر طبيعية منفذة بالأسلوب البارز وأغلبها لأشجار ونخيل وجبال وأنهار وأفرع نباتية وأزهار تكاد تحاكى الطبيعة مما يوضح قدرة الفنان الفائقة فى مجال إخراج هذا الفن التشكيلى الفريد.
دبلومة من فرنسا للخديوى عباس حلمى الثاني