بعيدًا عن «طالبان».. خطط لنقل الأموال جوًا لمساعدة الأفغان

مع لجوء كثير من الأفغان اليائسين لبيع أمتعتهم لشراء الطعام، قالت مصادر مطلعة على خطط سرية إن مسؤولين دوليين يخططون لنقل الأموال جوا إلى المحتاجين مع تجنب تمويل حكومة طالبان. وطبقا لوثائق اطلعت عليها «رويترز» فإن هذه الخطة تمضى قدما على خلفية انهيار سريع فى اقتصاد أفغانستان مع شح النقود، على الرغم من استمرار الجدل بين دبلوماسيين عما إذا كان بمقدور القوى الغربية طلب تنازلات من طالبان فى المقابل.
والتمويل العاجل الذى يهدف لتجنب أزمة إنسانية فى ظل القحط والاضطرابات السياسية قد يتم من خلال نقل مبالغ بالدولار إلى كابول لتوزيعها مباشرة على الفقراء عبر بنوك بموافقة طالبان لكن دون مشاركتها، حيث يحصل كل شخص على مدفوعات أقل من 200 دولار.
وقال مسؤولان كبيران إنه إضافة إلى نقل الأموال جوا لاحتواء الأزمة القائمة، تريد دول مانحة تأسيس صندوق للاعتمادات المالية يساعد فى دفع الرواتب والإبقاء على المدارس والمستشفيات مفتوحة.
ووفقا للبنك الدولى فقد حرم رحيل القوات الأجنبية التى كانت تقودها الولايات المتحدة والعديد من المانحين الدوليين أفغانستان من تمويل كان يغطى نحو 75% من الإنفاق العام.
وتجسد هذه الاستراتيجية غير التقليدية المأزق الذى يواجهه الغرب فى الموازنة بين رغبته فى مساعدة أفغانستان لمنع حدوث موجات هجرة جماعية من ناحية، وعدم إعطاء أموال لطالبان من ناحية أخرى.
وحذرت الأمم المتحدة من أن 14 مليون أفغانى يواجهون الجوع بينما حذرت مديرة برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة فى أفغانستان ماري-إيلين ماكجرورتى من أن الاقتصاد قد ينهار تحت وطأة أزمة السيولة. وقالت «يتخلى كثير من الآباء عن الطعام من أجل إطعام أطفالهم».
وفى الأيام القليلة الماضية، بدأ دبلوماسيون ومسؤولون غربيون فى تكثيف الجهود لتوفير مورد مالى يمثل شريان حياة للكثيرين.
وقال مصدر مطلع إن برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة وزع نحو عشرة ملايين جنيه أفغانى (110 آلاف دولار) نقدا من خلال بنك محلى ويعتزم توزيع المزيد قريبا.
وأضاف أن ذلك كان تجربة لاختبار إمكانية تنفيذ عمليات أكبر لنقل الدولارات جوا من باكستان.
وذكر دبلوماسى بارز أن هناك نهجين قيد البحث لضخ السيولة فى الاقتصاد الأفغانى وكلاهما فى طور التخطيط.
بموجب الخطة الأولى، سينقل برنامج الأغذية العالمى أموالا ويوزعها مباشرة على المواطنين لشراء الطعام، فى توسيع لنطاق إجراءات كان البرنامج ينفذها بالفعل لكن على نطاق أصغر.
وأضاف الدبلوماسى أن النهج الثانى يتضمن نقل الأموال مباشرة إلى بنوك لتحتفظ بها نيابة عن الأمم المتحدة، لتستخدم فى دفع رواتب موظفى الوكالات التابعة للمنظمة الدولية والمنظمات غير الحكومية. وقال مصدر ثالث إن مسؤولى الأمم المتحدة تحدثوا مع بنوك أفغانية بشأن فتح قنوات لتوزيع الأموال.
وقال مسؤول كبير فى الاتحاد الأوروبى «إذا انهار ذلك البلد، سندفع جميعا ثمنا باهظا لتبعات ذلك... لا يريد أى طرف المسارعة بالاعتراف بطالبان لكننا نحتاج للتعامل معهم. المعضلة ليست نتعامل أم لا.. لكن كيف».
وذكر متحدث باسم برنامج الأغذية العالمى أن البرنامج ساعد ما يصل إلى أربعة ملايين فى سبتمبر وهو ما يقارب 3 أمثال العدد فى أغسطس وجاءت المساعدات بالأساس لتوفير الطعام وبعض المساعدات النقدية فى كابول. وأشار إلى أن نقص السيولة يؤثر أيضا على أصحاب المطاحن وسائقى الشاحنات الذين يعملون مع البرنامج.
وقال مسؤولان مطلعان إن الاتحاد الأوروبى وبريطانيا والولايات المتحدة يناقشون، بشكل منفصل، تأسيس صندوق دولى للمساعدة فى تمويل الخدمات المحلية مع تخطى الحكومة الأفغانية. ولم ترد طالبان بعد على طلبات للتعليق على تلك الخطط.
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأمريكية إن الوزارة ستسمح بالمساعدات الإنسانية عبر منظمات دولية مستقلة ومنظمات غير حكومية بينما ستحرم طالبان من التصرف فى أصول وتفرض عقوبات على قادتها.
وليس لدى حكومة كابول الكثير لتستند إليه، إذ استهلك البنك المركزى الكثير من احتياطاته المحلية فى ظل وجود نحو 9 مليارات دولار من الأصول المجمدة فى الخارج.
وفى تقرير أعده مسؤولون فرنسيون وألمان الشهر الماضى واطلعت عليه رويترز أوضح المسؤولون هدفهم باستغلال الأموال وسيلة للضغط على طالبان.
وقال المسؤولون فى التقرير «سبل الضغط الاقتصادية والتجارية تعد إحدى أقوى الوسائل فى أيدينا»، مما يثير احتمال الإفراج عن الاحتياطات والأصول الأفغانية المجمدة فى الخارج.