بدأت صرخات الصغار الأكثر تضررا من أزمة التغيرات المناخية تتعالى، بعدما فشلت الدول الكبرى في حسم موقفها تجاه القضية، وتأجيلها المستمر للمناقشات من مؤتمر للأخر مما وضع الأرض على حافة كارثة كبرى. في كوبنهاجن يستمر الجدل بين 139 دولة مجتمعة لإقرار اتفاق بشأن سبل الحد من ارتفاع حرارة الأرض، وينتظر أن يظهر اتفاق جدي بنهاية الأسبوع بعدما تسببت مسودة المقترحات الدنمركية في عدة مشكلات. وكان اللافت للانتباه هو ما أثارته جزيرة توفالو الصغيرة (في المحيط الهادئ) من ضجة بمطالبتها باتفاق ملزم قانونا يشمل خصوصا العملاقين الملوثين، الصين والهند، واصفة التغيرات المناخية بأنها المارد الذي قد يمحوها من خريطة العالم. وقالت «ديسيما وليامز» ممثلة جمعية الدول الجزر الصغيرة (اواسيس) "نريد تحقيق تقدم، ينبغي التوصل الى اتفاق ملزم قانونا يحمي الأرض ويحمي الأكثر فقرا، كل ما عدا ذلك لا طائل منه". مؤكدة رغبتها في تجاوز الأزمة الناجمة عن الكشف عن مقترحات دنماركية اعتبرتها بعض الدول النامية غير منصفة، في حين اعتبرت غالبية الوفود أنها غير مناسبة". وقالت المفاوضة الفرنسية «لورانس توبيانا» أن تسريب المنظمات غير الحكومية للمسودة كانت مفيدة بالنسبة لمجموعة77 (ائتلاف من 130 بلدا ناميا) لمهاجمة الرئاسة الدنماركية. وهاجمت «توفالو» المؤلفة من أرخبيل من الجزر المرجانية في جنوب المحيط الهادىء ويعيش فيها 11 ألف نسمة عمالقة العالم كما تعرضت لمسالة تعتبر من المحرمات وهي التمييز منذ تبني اتفاقية المناخ في 1992 بين "المسؤولية التاريخية" للدول الصناعية ومسؤولية الدول النامية. ويجعل ذلك من الدول الصناعية وحدها مطالبة بالتزامات محددة بالأرقام في بروتوكول كيوتو. واقترحت «توفالو» تعديلا "ملزما قانونا" للبروتوكول يحدد اعتبارا من 2013 أهدافا لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على الدول الكبيرة الصاعدة التي باتت اليوم تنتج أكثر من نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. واقترح الأرخبيل تشكيل مجموعة اتصال لهذا الغرض. لكن «توكيي كيتارا»، عضو وفد توفالو، قال إن "الصين والهند والسعودية عرقلت تبني اقتراحنا". غير أن الدول النامية قلقة خصوصا بشأن عدم وضوح تمويل الاتفاق المقبل. فالوعود الوحيدة الواضحة بهذا الشأن تتعلق بصرف 10 مليارات دولار فورا وبصورة سنوية اعتبارا من العام المقبل على 3 سنوات إلى الدول الأكثر تضررا. ولم تكشف أي دولة صناعية قيمة مساهمتها في حين أن كلفة تدابير التأقلم مع التقلبات المناخية في الدول الأكثر فقرا تقدر بأكثر من 50 مليار دولار سنويا من الآن وحتى 2050. ويرى الاتحاد الأوروبي أن احتياجات هذه الدول تقدر ب100 مليار دولار سنويا وهي ضرورية لكي تتأقلم هذه الدول مع التقلبات وتتمكن من تطبيق سياسات خفض انبعاثات غازات الدفيئة من دون كشف مساهمة دول الاتحاد. وأعلنت السويد أنها ستساهم بما قيمته 8 مليارات كورون (765 مليون يورو) في جهود الاتحاد الأوروبي لمساعدة الدول الفقيرة في الحد من الاحتباس الحراري. وقالت متحدثة باسم رئيس الوزراء السويد «فريدريك راينفلت» الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي أن هذا المبلغ سيغطي الفترة من 2010 إلى 2012، وذلك عشية قمة أوروبية في بروكسل ستخصص لبحث القضايا المناخية. وأضافت المتحدثة «روبرتا الينيوس» أن هذا المبلغ "يشكل جزءا من المساعدة الفورية التي تعدها أوروبا"، وسيسعى القادة الأوروبيون اليوم الخميس وغدا الجمعة في بروكسل إلى التوافق على مساعدة فورية للدول الفقيرة تبلغ ملياري يورو سنويا اعتبارا من العام 2010 ولثلاث سنوات، لكن العديد من الدول الأوروبية تبدي ترددا حيال هذا الأمر. وانتقدت الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء الاقتراح الأميركي بشأن المناخ. وقال رئيس الوزراء السويدي «فريديريك راينفلت» "نعتبر أن الخطوات التي اتخذتها الولاياتالمتحدة لا تقارن بالجهود التي سيبذلها الاتحاد الأوروبي، ولا نعتقد أن الوقت حان لاتخاذ قرار بزيادة نسبة تقليص (الغازات) حتى 30%".