لاتزال العشرات من حرائق الغابات مشتعلة فى العديد من الدول فى آسيا وأوروبا وإفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية، وتمتد الحرائق من سيبيريا شرقًا إلى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، مرورًا بالجزائر وتونس فى شمال إفريقيا، واليونان وتركيا فى أوروبا. وأسفرت الحرائق عن مقتل وإصابة عدد من السكان واحتراق آلاف الهكتارات من الأحراش والغابات فى هذه الدول، علاوة على الخسائر المادية الباهظة، مع صعوبة إخمادها نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، بحسب ما حذر منه تقرير الأممالمتحدة أمس الأول حول مخاطر التغيرات المناخية على شتى مناحى الحياة على كوكب الأرض. وارتفع عدد ضحايا الحرائق فى ولاية تيزى وزو الجزائرية إلى 5 أشخاص- بحسب صحيفة «النهار» الجزائرية- واندلعت حرائق ضخمة فى الغابات الجزائرية وتم تسجيل عشرات الحرائق فى الولايات التى تعرّض بعضها ل 4 حرائق، بينما شهدت ولايات أخرى حريقا أو حريقين- وفقا للبيانات الرسمية- ووصل عدد الحرائق التى تم تسجيلها إلى 31 حريقا فى الغابات فى 14 ولاية، وفى بلدية بن ينى التى تقع على ارتفاع 1200 متر، تسببت الحرائق فى مقتل 3 أشخاص عندما حاولوا إنقاذ منازلهم وماشيتهم.. نفس الشىء أيضا فى بلدية عين الحمام والقرى المجاورة لها، إذ طوقت النيران المنازل، فيما وصلت درجات الحرارة إلى حوالى 60 درجة، وتسببت الحرائق فى انقطاع الطرق، مما أدى إلى صعوبة وصول مصالح إخماد الحرائق إليها، فيما بقى سكان هذه البلدات منذ يومين يكافحون النيران خوفا من أن تلتهم منازلهم. وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن فرق الإطفاء والطائرات المروحية تحاول احتواء عدة حرائق تهدد السكان فى ولاية تيزى وزو، وأضافت أن بعض الحرائق نشبت قرب المنازل مما دفع السكان للفرار. وفى تونس، اندلع حريق كبير فى غابة الناظور فى مدينة بنزرت، وحذرت وسائل إعلام تونسية من أن النيران تقترب من المناطق السكنية، وذكرت أن الحريق قضى على مساحات كبيرة من الأشجار والنباتات الغابية. وبعد مرور 10 أيام، مازالت الحرائق تشتعل بقوة فى مناطق عديدة باليونان، حيث تتشكل الجبهة الأكبر للحرائق فى جزيرة إيفيا، ثانى أكبر جزر البلاد، وبلغ عدد الحرائق المشتعلة أكثر من 500 حريق، مما أجبر السلطات على إخلاء عشرات القرى وإجلاء آلاف الأشخاص، وجاء اندلاع الحرائق بالتزامن مع أسوأ موجة حارة تشهدها البلاد منذ 3 عقود. وقال رئيس الوزراء اليونانى، كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن «أزمة المناخ تطرق باب الكوكب بأسره». وفى روسيا، تتواصل حرائق الغابات المشتعلة فى سيبيريا، ووصل الدخان إلى القطب الشمالى على بعد 3 آلاف كيلومتر- بحسب ما ذكرت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»- وتشكل منطقة ياكوتيا فى سيبيريا أكثر المناطق تضررًا من الحرائق. وأفادت وسائل إعلام روسية باحتراق 3.4 مليون هكتار من الغابات، ويرى علماء روس أن الحرائق نتيجة ارتفاع درجات الحرارة عالميًا. وقالت إدارة الغابات والحماية من الحرائق فى ولاية كاليفورنيا إن حريق «ديكسى» شمال شرقى سان فرانسسكو اتسع إلى 489.287 فدان من نحو 274.000 فدان، وأضافت أن الحريق نشط منذ 26 يومًا، وتم احتواؤه بنسبة 21%، ويشارك فى جهود إخماده أكثر من 5000 رجل إطفاء. وفى أمريكا الجنوبية، أتت حرائق الغابات على حوالى 150 ألف هكتار فى مقاطعة سانت كروس فى بوليفيا قرب البرازيل، وأفاد مسؤولون محليون بأن ألسنة النيران ارتفعت إلى 5 أمتار، وتجاوز ارتفاع أعمدة الدخان 40 مترًا. وفى الوقت نفسه، حذرت الدول المعرضة لمخاطر التغير المناخى من أنها «على وشك الانقراض» إذا لم يتخذ أى إجراء لتجنب مخاطره الكارثية.. ويأتى التحذير من قبل مجموعة من الدول النامية بعد تقرير تاريخى للأمم المتحدة قال إن الاحتباس الحرارى يمكن أن يجعل أجزاء من العالم غير صالحة للسكن. ووصف زعماء العالم بمن فيهم رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون تقرير الأممالمتحدة بأنه «جرس إنذار للعالم». وقال محمد نشيد، رئيس جزر المالديف السابق، الذى يمثل نحو 50 دولة معرضة لتأثيرات التغير المناخى: «نحن ندفع بأرواحنا ثمن الكربون المنبعث من شخص آخر».. وتعد جزر المالديف الأكثر انخفاضًا فى العالم، وقال «نشيد» إن توقعات اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة ستكون «مدمرة لبلدنا، ما يضعها على حافة الانقراض». ويمكن أن يؤدى ذوبان الجليد نتيجة الاحترار العالمى إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر، واحتمال ارتفاعه لحوالى مترين بنهاية القرن الحالى. وقال رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون إن تقرير الأممالمتحدة أظهر أن هناك حاجة لمساعدة الدول التى تتحمل العبء الأكبر لتغير المناخ، مطالبًا بالتخلى عن الفحم والتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، وحماية الطبيعة وتوفير التمويل المناخى للبلدان الواقعة على خط المواجهة. وبموجب اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، اتفقت أكثر من 190 دولة على خفض درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين أو 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعى، لكن التقرير الجديد حذر من أنه فى ظل جميع السيناريوهات، لن يتحقق كلا الهدفين هذا القرن ما لم يتم إجراء تخفيضات كبيرة فى انبعاثات الكربون. فيما أكدت بكين أن العالم يجب أن «يثق» بالتزاماتها فى مكافحة تغير المناخ، وتعهدت الصين- أكبر ملوث فى العالم- ببدء خفض انبعاثات الغازات الدفيئة قبل 2030، لكنها أعلنت إعادة فتح مناجم فحم لدعم النشاط الاقتصادى.