وافق مجلس الشيوخ، من حيث المبدأ، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن قانون المالية الموحد. وشهدت الجلسة جدلا حول المادة الأولى من المشروع، والخاصة بالجهات التى يسرى عليها القانون، عندما اقترح النائب محمد شوقى إضافة فقرة للمادة تنص على: «بما لا يتعارض مع ما ورد بشأنه نص خاص من قرارات أو قوانين»، وهو ما اعترض عليه الدكتور محمد معيط، وزير المالية، قائلا: إن «هناك قاعدة قانونية أن هذا قانون عام، وكل هيئة اقتصادية لها قانون خاص ينظم عملها، ونحن بصدد قانون عام لن يغير شيئا فى قوانين الهيئات الاقتصادية». وأضاف: «هناك تغيرات زمنية قد نضطر فى وقت ما أن نخرج هيئة خدمية معينة من الموازنة العامة ونجعلها هيئة اقتصادية والعكس صحيح»، موضحًا أن ما جاء من اللجنة الاقتصادية بالمجلس يفى بالغرض ولا يؤثر فى قانون الهيئات الاقتصادية. وعلق المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، رئيس المجلس، قائلا: «إن تحفظ الحكومة متسق مع المنطق الذى قدم به التعديل ولا غضاضة فى وضعه بالمادة»، ورد «معيط»: «نتركها للقواعد العامة، لأنه مبدأ قانونى مستقر وما نقوم به لن يعدل شيئا ولا داعى للتعديل»، وعلق «عبدالرازق»: «إذا افترضنا أنها قاعدة عامة فهذا تأكيد على أنها قاعدة عامة، ولا أرى أى تعارض بين التعديل وكونها قاعدة عامة، والنص بعد إضافة التعديل المقترح لا يتعارض مع الفكرة التى تعرضها الحكومة، وسيبقى الأمر كما هو بالنسبة للقوانين الخاصة». وقال النائب بهاء أبوشقة، وكيل المجلس: «هناك نوعان من التزيد فى النص القانونى، نوع لا ضرر منه ويسمى تزيد حميد، ونوع يغير من مضمون النص، والتعديل المقترح من النوع الحميد، وقد ندرأ به ما يطرأ من ظروف خاصة بعد ذلك». وعرض النائب أكمل نجاتى تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والاستثمار، ومكتب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، حول القانون، خلال الجلسة العامة للمجلس، أمس، مشيرا إلى أن فلسفة مشروع القانون تأتى فى إطار توجهات الدولة للإصلاح التشريعى والقضاء على ازدواجية التشريعات وتضاربها، وفى سبيل تحسين الاقتصاد المصرى، وفى ظل التغيرات التى طرأت على نمط إعداد الموازنة العامة، وتوصيات المؤسسات الدولية فى شأن تطوير الأداء المالى، والتى منها تطوير نظام إعداد الموازنة والرقابة، والممارسات الدولية المرتبطة بالأطر الموازنية، والتخطيط الاستراتيجى والتطورات التكنولوجية فى ميكنة الأداء الموازنى، والتشريعات الدستورية والقانونية القائمة، والقدرات اللازمة للتحول وفق المستهدفات الحالية والمستقبلية ومقارنتها بالإمكانات القائمة المتاحة. وتابع: «تمت صياغة مشروع قانون المالية العامة الموحد، والذى جاء متوافقا مع الدستور المصرى الجديد، ومحققا لأهداف استراتيجية مصر للتنمية المستدامة- رؤية مصر 2030، آخذا فى الاعتبار الممارسات الدولية، حيث يدمج قانون الموازنة العامة للدولة وقانون المحاسبة الحكومية فى قانون موحد. وتتحدد فلسفة مشروع قانون المالية العامة الموحد وفقا للتقرير، فى الإطار العام لضبط النظام المالى وحسن إدارته، وقد ارتأت الحكومة أن ذلك لن يأتى إلا من خلال دمج القانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة والقانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية، اللذين يحكمان الأداء المالى فى مصر فى مشروع قانون المالية العامة الموحد، خاصة بعدما طرأت التغيرات التى شهدها نمط إعداد الموازنة وتنفيذها ومراقبتها فى ظل ما يعترى العالم اليوم من تغيرات بهدف التطور والتحول إلى الأنظمة الرقمية والمميكنة. وأضاف: «فى ظل التطورات المتلاحقة أصبح هناك العديد من الممارسات الفعلية التى لم ترد فى القوانين السابقة مثل الأطر الموازنية، والتخطيط المالى، وموازنة البرامج والأداء، علاوة على وجود عدد من المواد فى القانونين بذات المضمون، وتؤدى نفس المعنى بما يعكس عدم الترابط بين نصوصهما، والذى ظهر جليا بتطبيق الموازنة الإلكترونية التى تربط الإعداد بالتنفيذ، بما يعكس الحاجة الملحة لصياغة قانون موحد للمالية العامة». وتتمثل أهداف مشروع القانون فى الآتى: تحقيق المرونة الكافية فى تنفيذ الموازنة، والحفاظ على المخصصات المالية بإعادة استخدامها فى السنوات التالية إذا حالت الظروف دون صرفها خلال سنة الاعتماد وفق ضوابط حاكمة، وخفض العجز فى الموازنة العامة للدولة والناتج الإجمالى، خاصة فى ظل التوقعات الإيجابية للاقتصاد، وطرح خطط موازية لضمان التخطيط المالى الجيد، ووضع رؤية مستقبلية للأداء المالى فى الجهات الإدارية، وضبط الأداء المالى من خلال استخدام الأساليب العلمية والتقنيات الفنية لرفع كفاءة الأداء المالى بالقطاعات المختلفة. كما تتمثل فى تحقيق أعلى مستويات الشفافية والإفصاح فى الإعداد والتنفيذ والرقابة، والاستجابة للتغيرات المتعلقة بالصرف والتحصيل المميكن، واستخدام نظم التوقيع الإلكترونى، ودمج الموازنة العامة للدولة وقانون المحاسبة الحكومية فى قانون موحد، وهو ما يعكس توجه الدولة بمراعاة النظم المميكنة الحديثة، إلى جانب تطبيق موازنة البرامج والأداء باعتبار ذلك إحدى وسائل ضبط الإنفاق العام وترشيده وتأصيل مفاهيم المحاسبة والمساءلة، والارتقاء بالكوادر البشرية بالإدارات المالية بالوزارات والجهات الإدارية، إذ يشترط فى مسؤوليها التأهيل العلمى والتدريب المستمر لضمان جودة الأداء المالى، ورفع مستوى القدرات البشرية العاملة فى النظام المالى بما يتلاءم والتغيرات الرقمية، والاعتماد فى إدارة النظام المالى على التكنولوجيا الرقمية الحديثة. فى سياق متصل، احتفل مجلس الشيوخ بذكرى ثورة 30 يونيو، وقال عدد من أعضاء المجلس إنه لولا هذا اليوم لما استطاعت مصر أن تصل إلى ما وصلت إليه من تنمية. وأوضح المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، رئيس المجلس: «مرت ذكرى عزيزة علينا، فارقة فى تاريخنا، هى ذكرى إعلان إزاحة جماعة الشر والإرهاب من سُدة الحكم فى 3 يوليو سنة 2013، ذلك الإعلان الذى أثلج قلوب كل المصريين، وترجم مطالبهم المشروعة لثورتهم المجيدة التى وصلت ذروتها فى 30 يونيو من ذات العام، والمُطالبة بعزل رئيس تلك الجماعة، فما كان من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلا أن اجتمع بقادة الأحزاب والجماعات السياسية الذين قرروا النزول على رغبة الشعب».