إسرائيل تبحث عن حكومة «الحسابات الضيقة»

تشهد الساحة السياسية فى إسرائيل حالة من زخم المفاوضات بين الأحزاب من أجل التوصل إلى تحالفات تسمح بتشكيل حكومة جديدة، سواء بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أو بقيادة خصومه.
ولم تتمخض الانتخابات البرلمانية الأسبوع المنصرم فى إسرائيل عن نتيجة حاسمة تتيح لنتنياهو تشكيل حكومة بدعم حلفائه التقليديين وهم حزب «شاس» للمتدينين الشرقيين وحزب «يهودية التوراة» للمتدينين الغربيين، إضافة إلى حزب «الصهيونية الدينية»، الذين بلغ مجموع نوابهم معا 52 نائبا، فيما نال حزب «يمينا» اليمينى 7 مقاعد وقد ينضم هو الآخر إلى هذا التحالف ليصبح المجموع فى النهاية 59 مقعدا فقط لا تكفى لتشكيل الحكومة التى تتطلب دعم 61 نائبا على الأقل من إجمالى 120 نائبا فى الكنيست الإسرائيلى (البرلمان).
ولذلك يبذل المعسكر المؤيد لنتنياهو جهودا لإقناع نواب منتخبين من أحزاب أخرى بالانشقاق والانضمام إليه، مع العمل أيضا على تليين موقف قائمة الصهيونية الدينية المعارض للاعتماد على مثلى جماعة «الإخوان» فى الكنيست الإسرائيلى المعروفين باسم «القائمة العربية الموحدة» لغرض تشكيل الحكومة.
وقال منصور عباس، الأربعاء الماضى: «يجب على كل من يريد منع إجراء انتخابات خامسة أن يتواصل معنا، نحن مستعدون للاتصال بالطرفين، ومع أى شخص يريد تشكيل حكومة ويعتبر نفسه رئيس وزراء المستقبل». وأضاف: «إذا كان هناك عرض، فسنجلس ونتحدث».
ولذلك، دعا النائب عن حزب «الليكود» أيوب قرا «أصدقاء اليمين» الإسرائيلى للتفريق بين «القائمة العربية الموحدة» برئاسة منصور عباس و«القائمة العربية المشتركة» ذات الغالبية العربية برئاسة أيمن عودة.
وشدد قرا، عقب اجتماعه مع عباس أمس الأول، على أن رئيس القائمة العربية الموحدة (الإخوان) لا ينفى حق إسرائيل فى الوجود ويريد أن يكون جزءا من القرارات التى لها تأثير وطنى إسرائيلى، معتبرا أن «الموحدة» تحولت إلى بديل للقائمة العربية المشتركة، التى وصفها ب«المتطرفة».
وقال قرا مخاطبا زعماء اليمين الإسرائيلى المتطرف: «الوسط العربى ليس كتلة سياسية واحدة، وهو كما شعب إسرائيل، فيه آراء مختلفة، ويجب احتضان التيار البراجماتى لمنصور عباس (الإخوان) وعدم المس به وإيذائه بتصريحات عقيمة».
وكان منصور عباس، العضو السابق فى القائمة المشتركة، قد انشق عن التحالف العربى، ما ساهم فى انخفاض المقاعد العربية فى الكنيست من 15 مقعدا إلى 10 مقاعد فقط، بواقع 6 مقاعد للقائمة المشتركة و4 ل«الموحدة».
وفى حالة قرر حزب «يمينا» الذى يرأسه نفتالى بنيت، الانضمام إلى «الليكود» فسيكون دعم القائمة العربية الموحدة كافيا لدفع نتنياهو للحصول على 61 مقعدا من أصل 120 وهو الرقم الكافى لتشكيل الحكومة وهذا الاحتمال يرفضه الحلفاء اليمينيون لنتنياهو.
يأتى ذلك فى وقت تجرى فيه مناقشات بين قادة الأحزاب المعارضة لمعسكر نتنياهو لمحاولة تشكيل ائتلاف وتغيير الحكومة والإطاحة بنتنياهو.
وقال رئيس «أزرق أبيض»، بينى جانتس، إنه سيعمل على «تشكيل حكومة مستقيمة تعنى بالدولة وليس بمحاكمة يواجهها شخص متهم جنائيا»، وأضاف أن هناك اتصالات ولقاءات مع كل ملتزم بتغيير الأوضاع، مؤكدا أن لا مشكلة لديه فى التخلى عن مناصب، متعهدا بأنه سيحافظ على الديمقراطية من داخل الحكومة إلى حين استبدالها. وأعرب جانتس عن أمله فى أن يكون عيد الفصح الوشيك يرمز إلى «الخروج من دار العبودية السياسية التى استمرت لمدة أطول مما كان ينبغى»، بحسب تعبيره.
بدوره، دعا رئيس حزب «أمل جديد»، جدعون ساعر، هو الآخر نتنياهو إلى اعتزال الحياة السياسية إذا كانت دولة إسرائيل أهم من استمرار تشبثه بالحكم.
وأقرت نائبتان عن حزب «أمل جديد» أنهما تلقتا اقتراحات من الليكود للانشقاق والانتقال لمعسكره لكنهما رفضتا على التو.
وقال عضو «ميرتس» اليسارى موسى راز إن على حزبه التعاون أيضا مع أحزاب تختلف آراؤها كليا بهدف إسقاط نتنياهو.
ويواصل رئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد حشد التأييد له من أجل الفوز بتكليف الرئيس الإسرائيلى راؤوبين ريفيلن أولا لتشكيل الحكومة. وقد اجتمع لابيد مع رئيسى حزبى «إسرائيل بيتنا» أفيجدور ليبرمان و«العمل» ميراف ميخائيلى. كما تبذل مساع لإقناع رئيس حزب «يمينيا» نفتالى بينيت بالانضمام إلى هذا المعسكر مقابل ترؤسه الحكومة بالتناوب.
ومن بين المقترحات فى المعسكر المناوئ لنتنياهو والمعروف باسم «كتلة التغيير»، تشكيل حكومة جديدة يقودها بالتناوب حزب «يش عتيد» برئاسة ياير لبيد وحزب «يمينا» برئاسة نفتالى بينيت، للحصول على 52 مقعدا مع دعم «ميريتس» اليسارى و«القائمة العربية المشتركة» من الخارج، إلا أن هذه المبادرة تواجه صعوبات جمة مثل تعهد حزب «أمل جديد» برئاسة جدعون ساعر وبينيت بعدم الاعتماد على أحزاب عربية فى تشكيل حكومة. وكان نتنياهو قد عرض على ساعر الانضمام إلى ائتلاف برئاسته مع التعهد باعتزاله رئاسة الحكومة بعد عام إلا أن ساعر رفض هذا الاقتراح، خاصة أن نتنياهو خدع بينى جانتس سابقا بنفس الطريقة، حيث اتفق معه على تناوب رئاسة الحكومة، وما إن انتهت فترة نتنياهو وجاء موعد تولى جانتس، توجه نتنياهو فورا إلى انتخابات مبكرة. وسيتسلم الرئيس الإسرائيلى راؤوبين ريفلين نتائج الانتخابات رسميا يوم الأربعاء المقبل لتنطلق المشاورات النيابية لتشكيل الحكومة رسميا.