تلقى الأقدار ب«كنوزها» لمن يستحق، ومكرم سلامة الفنان والباحث فى الوثائق والأرشيفات، أحد الذين «تنتخبهم» دائماً الحياة، وتلقى إليهم «الأقدار» ب«كنوزها» الثمينة من الوثائق الأرشيفية، التى يعشقها، و«يجيد» الحفاظ عليها من عوامل «الزمن والبشر». ورغم مرور ما يقرب من نصف قرن على وفاة «أمير الزجل» والشعر الغنائى، محمود بيرم التونسى «السكندرى المولد»، التونسى الأصل، فإن الكثير من صفحات حياة «التونسى» لا تزال «مجهولة» وغير موثقة توثيقاً «دقيقا»»، كعادة الكثير من حياة مشاهير الراحلين فى كل المجالات فى مصر، فى عادة مصرية «صميمة» تكاد «تمحى» معها «تاريخ» مصر نفسها. منذ عدة أشهر التقيت مصادفة ب«عمرو» نجل المنتج والمصور الراحل عبدالحليم نصر، الذى عرف اهتمامى بالوثائق والأرشيفات، بعدها ألقت «الأقدار» لى بمفاجأة لم تكن فى حسبانى، هى قيام نجل عبدالحليم نصر بإهدائى الأرشيف الخاص بوالده، بعد أن فشل فى وجود «جهة رسمية» تحاول «أرشفة» وحفظ تاريخ والده من الضياع. ومن ضمن الأوراق التى وجدها مكرم وتحمل توقيع «بيرم» وتنفرد «إسكندرية اليوم» بنشرها، عدد من عقود الاتفاق «الأصلية» وكلمات أغانى «الأفلام» والتعاقدات بينه وبين شركة «اتحاد الفنيين» التى كان يملكها المصور والمنتج الراحل عبدالحليم نصر، منها عقد اتفاق بتاريخ 17 يوليو 1951، على كتابة وتعديل فيلم باسم مؤقت «حنكش» وكتابة الأغانى التى تتطلبها مواقف الفيلم، مقابل مبلغ 120 جنيهاً، حصل منها «بيرم» على 30 جنيهاً بموجب إيصالات، وتدفع الشركة مبلغ 40 جنيهاً ل«بيرم» عند تقديم نص الحوار، وباقى المبلغ وقدره 50 جنيهاً تدفعها الشركة عند موافقة وزارة الداخلية على الحوار والأغانى. ومن بين العقود أيضاً، عقد اتفاق «بيرم» على تأليف أغانى فيلم «سيدة القطار» وعددها 7 أغنيات، بتاريخ 24 ديسمبر 1951، والذى قامت ببطولته المطربة «ليلى هانم مراد»، حسبما كتب فى العقد، وأخرجه يوسف شاهين، وجاء فى العقد: تتعهد الشركة بعدم التعرض للطرف الثانى «بيرم» فيما يستحق له من حق التأليف من ناحية حصة المؤلف فى الأداء العلنى، طبقاً للنظام المقرر بالمكتب الدولى وجمعية المؤلفين والملحنين، بالإضافة إلى حصول «بيرم» على مبلغ 100 جنيه مقابل تأليف أغانى الفيلم، حصل منها على مبلغ «25 جنيهاً» عند توقيعه العقد، و25 جنيهاً بعد الانتهاء من كتابة جميع الأغانى وموافقة الطرف الأول «الشركة» عليها، ومبلغ 50 جنيهاً تدفعها الشركة ل«بيرم» بعد موافقة وزارة «الداخلية» على الأغانى، وفى حالة عدم موافقتها يلتزم الطرف الثانى «بيرم» بتقديم أغان غيرها تتفق مع مواقف الفيلم وتحوز موافقة الجهات المختصة. ومن ضمن الأوراق أيضاً خطاب موجه من محمد محمود بيرم التونسى، نجل الشاعر الراحل للشركة بعد وفاة والده بتاريخ 24 مايو 1962، يطلب موافاته ببيان المبالغ التى تقاضاها والده الراحل عن أغانى فيلم «وعد» وسنوات تسلمه هذه المبالغ، وصورة من رد الشركة على خطابه بتاريخ 26 مايو 1962 بها أسماء الأغانى وهى «انت الحنان المنان، ياللا يا رجال التحطيب، حب أهل البيت، المولد المختار، صلاح الدين محيى الدين، بنت البادية، برجالاتها.. برجالاتها»، وبيان المبالغ التى تقاضاها «بيرم» وهى: الدفعة الأولى 10 جنيهات بشيك رقم 133090 على البنك العربى بتاريخ 5/6/1954، الدفعة الثانية 10 جنيهات بشيك رقم 117346 على بنك القاهرة بتاريخ 9/6/1954، الدفعة الثالثة 15 جنيهاً بشيك رقم 706257 على البنك العربى بتاريخ 17/6/1954. أما أهم ما وجد من بين العقود والأوراق التى تخص «بيرم»، فهو عقد يحمل توقيعه أيضاً ويرجع تاريخه إلى 11 مايو 1957، وفيه تعاقد بينه وبين المنتج والمصور الراحل عبدالحليم نصر، على كتابة سيناريو وحوار وأغانى قصة فيلم «بداية ونهاية» الرواية الأولى لنجيب محفوظ، على شاشة السينما والتى كتبها عام 1949، والتى أنتجها «نصر» فيلماً سينمائياً فيما بعد، مقابل مبلغ 300 جنيه تدفع ل«بيرم» كالآتى: 50 جنيهاً عند التوقيع على العقد، 100 جنيه تدفع عند الانتهاء من كتابة السيناريو والحوار وموافقة الطرف الأول و«الرقابة» عليه، ومبلغ 50 جنيهاً يدفع عند الانتهاء من كتابة الأغانى وموافقة الرقابة أيضاً عليها، ومبلغ 50 جنيهاً يدفع عند بدء تصوير الفيلم، بالإضافة إلى تعهد الطرف الثانى «بيرم» بتسديد الضرائب المستحقة على العقد إلى مصلحة الضرائب، ويبدو أن الاتفاق لم يتم رغم حصول «بيرم» فعلياً على مبالغ من العقد، خاصة أن الفيلم الذى عرض عام 1960 وأخرجه صلاح أبوسيف، لم تتم الإشارة فيه ل«بيرم التونسى» ككاتب للسيناريو، الذى قام بكتابته المخرج صلاح أبوسيف مع صلاح عزالدين، ولا «الحوار» الذى قام بكتابته كامل عبدالسلام مع أحمد شكرى. لتظل صفحات أخرى فى تاريخ مشاهير مصر وكواليس السينما المصرية «مجهولة» حتى تكشف عنها المصادفة، أو تلقى «الأقدار» بفاصل جديد منها لأحد عشاق «الوثائق والأرشيفات».