تشريعية النواب تناقش اليوم تعديلات قوانين الانتخابات البرلمانية    أسعارالفاكهة اليوم الخميس 22 مايو فى سوق العبور للجملة    أسعار البيض اليوم الخميس 22 مايو2025    لمتوسطي الدخل.. الأوراق المطلوبة لحجز وحدة سكنية بإعلان سكن لكل المصريين 7    محافظة القاهرة: زلزال اليوم لم يؤثر على المنشآت.. ولا توجد أي خسائر    مقتل دبلوماسيين إسرائيليين في إطلاق نار بالعاصمة الأمريكية واشنطن    ثلاثة شهداء إثر قصف الاحتلال خان يونس    دوري أبطال إفريقيا.. بيراميدز يشارك في حفل "كاف" للكشف عن الشكل الجديد لكأس الأبطال    انطلاق قطار امتحانات النقل الابتدائي والإعدادي بالوادي الجديد (صور)    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 22 مايو 2025    ضبط 7 أشخاص أثناء التنقيب عن الآثار داخل منزل بجرجا سوهاج    توافد طلاب الإعدادية بسوهاج لأداء امتحان العلوم "فيديو"    أحمد غزي ل "الفجر الفني": مشاهد الإيطالي في المشروع x كانت الأصعب..والتعاون مع كريم عبد العزيز محفور بقلبي(حوار)    عاجل.. زلزال جديد يضرب مصر للمرة الثانية في أقل من 10 أيام    طريقة عمل الثومية السورية، أسرع وألذ سلطة    زعيم كوريا الشمالية غاضبا بعد فشل تشغيل سفينة حربية: إهمال لا يمكن أن يغتفر    سعر الذهب اليوم الخميس يصل لأعلى مستوياته وعيار 21 الآن بالمصنعية    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 22 مايو 2025    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    إسرائيل: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    نصيحة من محمد فضل للزمالك: لا تفرّطوا في هذا اللاعب    يصيب الإنسان ب«لدغة» وليس له لقاح.. تفاصيل اكتشاف فيروس غرب النيل في دولة أوروبية    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    قبل ساعات من محاكمته.. إصابة إمام عاشور بوعكة صحية ونقله للمستشفى    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 22-5-2025    رابط الحصول على أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2025.. موعد وجدول الامتحانات رسميًا    القيمة المضافة.. الصناعات الزراعية أنموذجا    الفيلم الوثائقي الأردني "أسفلت" يفوز بجائزة في مهرجان كان السينمائي 2025    إمام عاشور من داخل أحد المستشفيات: الحمد لله على كل شىء (صورة)    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    وزارة المالية تعلن عن وظائف جديدة (تعرف عليها)    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    «بُنيان» تعلن عن طرح جزء من أسهمها في البورصة خلال الربع الثاني من 2025    أموريم: كنا أفضل من توتنهام.. وسأرحل إذا أراد مانشستر يونايتد إقالتي    محافظ الدقهلية: 1522 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية ابو ماضي مركز بلقاس    إجراء طبي يحدث لأول مرة.. مستشفى إدكو بالبحيرة ينجح في استئصال رحم بالمنظار الجراحي    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بأسبوع المطبخ التركي    الهلال يتمم المقاعد.. الأندية السعودية المتأهلة إلى دوري أبطال آسيا للنخبة    كندا تطالب إسرائيل بتحقيق معمّق في واقعة إطلاق النار على دبلوماسيين بالضفة الغربية    وزير الخارجية الألماني يتصل بساعر بعد إطلاق نار على دبلوماسيين    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    بعد انخفاضه لأدنى مستوياته.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الخميس 22 مايو 2025    اليوم.. العرض المسرحي "العملية 007" على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و25 مايو    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    في الجول يكشف آخر تطورات إصابة ناصر ماهر    الهلال ينجو من خسارة جديدة في الدوري السعودي    بعد مطاردة بوليسية.. ضبط سيارة تهرب 8 آلاف لتر بنزين قبل بيعها في السوق السوداء بدمياط    كيف تغلبت ياسمين صبري على التصميم الجريء لفستانها في مهرجان كان؟ (صور)    حاكم الشارقة يتسلم تكريما خاصا من اليونسكو لإنجاز المعجم التاريخى للغة العربية    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسى الليبى إبراهيم قويدر: أنهينا «النظام» قبل «الرئيس» وهذه ميزة لم تنعم بها مصر
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 10 - 2011

يكشف لك الحديث مع دكتور إبراهيم قويدر، الأمين العام لمنظمة العمل العربية السابق، والسياسى الليبى المعروف، أسراراً وخفايا عن نظام حكم القذافى وثورته المزعومة وشخصيته التى أثارت الجدل حينا والضحكات حينا آخر، فتدرك اتساق النهاية مع البداية رغم فارق السنوات بينهما، فالرجل الذى بدأ حياته بثورة زائفة، ساقته أفعاله لنهاية مؤسفة، وما بين البداية والنهاية أكاذيب وخدع واستباحة للأرواح والحريات والأموال تحكى قصة ديكتاتور، هكذا يأتى حوار دكتور إبراهيم قويدر مع «المصرى اليوم» فإلى نص الحوار..
■ كيف تقيّم 9 أشهر من الثورة فى ليبيا؟
- ما حدث فى ليبيا جزء لا يتجزأ مما حدث فى مصر وتونس ويحدث الآن فى سوريا واليمن، ويؤكد أنه ثورات شعبية لا علاقة لها بالأيديولوجيات السياسية أو الدينية. الناس خرجت تندد بالاستبداد السياسى لا لخلاف فكرى مع الأنظمة الحاكمة، ولكن لأنهم يعانون منذ سنوات من القهر الاجتماعى وتراجع مستوى الخدمات وارتفاع معدلات البطالة بسبب الفساد، هل يعقل فى دولة مثل مصر أن تكون فيها ثروة الرئيس وأسرته تعادل ديون مصر كلها؟ هل يعقل أن ليبيا التى لديها ثروة نفطية وعدد قليل من السكان يكون هذا حالها؟ لقد كانت مصر وليبيا فى مقدمة الدول العربية التى تعانى الفساد فى تقارير الشفافية الدولية.
■ هل كانت تلك التقارير تذكر ثروات الأنظمة العربية المهربة لسويسرا؟
- لقد تم كشف تلك الحسابات بالمصادفة، حيث اكتشفت حكومتا الولايات المتحدة وألمانيا وجود حسابات سرية لمواطنين تابعين للدولتين فى بنوك سويسرية لا يدفعون عنها ضرائب، وهذا يعتبر تهرباً ضريبياً وتفاقم الأمر مع رفض سويسرا الكشف عن الأسماء، مطالبة كلتا الحكومتين بإحضار طلب قضائى بكل اسم تثور حوله الشكوك فى بلده كمتهرب من الضرائب، ولكن قام موظف كبير جداً فى أحد أشهر البنوك السويسرية التى يلجأ لها الجميع لوضع أمواله بها، بعرض تلك الحسابات على الأجهزة الأمنية فى الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، وحصل مقابلها على مبلغ خرافى، وقد تلاشى هذا الموظف ولا أحد يعرف هل اختفى تحت اسم مستعار أم تمت تصفيته. المهم أن ألمانيا وأمريكا أصبحتا على علم بالحسابات السرية وقيمتها وأسماء أصحابها فى بنوك سويسرا بما فيها الأنظمة العربية.
■ كمواطن وأمين عام سابق لمنظمة العمل العربية كيف كان الفساد تحت حكم القذافى؟
- الفساد فى ليبيا كان مقننا بالمناصفة بين المسؤولين وأصحاب المصالح، فإذا كان المشروع سيتكلف 100 مليون دولار تكتب فى الأوراق 200 مليون دولار، ويذهب نصف الربح للنظام والمحيطين به وبوضوح وإلا لا يسمح بتنفيذ المشروع. يكفى أن مبلغ الرشوة فى مطار طرابلس العالمى كان 400 مليون دولار وتعدت تكلفته 2 مليار دولار.
■ لماذا كان صمت الشعب لمدة 42 عاماً على حكم القذافى؟
- الشعب الليبى لم يصمت طيلة سنوات حكم القذافى بل حاول الثورة ثلاث مرات عبر انتفاضات شعبية لم يكتب لها النجاح وكان آخرها عام 2006. هناك أكثر من 22 محاولة اغتيال للقذافى وأكثر من 9 انقلابات وكلها محاولات طمست إعلامياً ولم يسمح بالإعلان عنها.
■ ألم يشعر القذافى فى أى لحظة أن الشعب الليبى سيثور ضده؟
- قبل الثورة بنحو 4 أشهر سألت أحد المسؤولين المقربين منه عن رؤية القذافى للغضب الليبى وحجم الفوضى فى ليبيا؟ فأجابنى بأنه وصل لمرحلة بات يشعر فيها أنه فى مهمة إلهية أعلى من البشر والعالم، للأسف كان يعيش فى أوهامه.
■ ما حقيقة علاقة القذافى بالغرب؟
- كانت علاقة مصالح، ولم يكن القذافى يخاف إلا من الولايات المتحدة الأمريكية، والسر فى ذلك لا يعلمه الكثيرون حتى داخل ليبيا. فالناس لا تعرف كيف استولى ملازم صغير على الحكم فى ثورة وصفها بالبيضاء، فالملك السنوسى كان صالحاً، ولكن بطانته كانت فاسدة، ومع كثرة المظاهرات تنازل الملك عن الحكم واجتمع برئيسى مجلسى النواب والشيوخ وأخبرهما بتنازله عن الحكم قبل حلول سبتمبر وقبل أن نعرف حتى اسم القذافى. وطلب الملك السنوسى من مصر والسعودية استضافته فوافقت مصر قبل السعودية وحضر لها. وكان هناك اتفاق بين قيادات الجيش ونائب رئيس الأركان واسمه عبدالعزيز الشلحى ومع الإنجليز ومصر، بأن تقوم حركة من الجيش فى 16 سبتمبر 1969 لتولى الأمور فى البلاد بزعامة الشلحى، واختاروا هذا التاريخ لأنه ذكرى إعدام عمر المختار. لكن كان للأمريكان ترتيب آخر، حيث تواصلوا مع الملازم معمر القذافى واتفقوا معه على استباق الأحداث فى الأول من سبتمبر مؤكدين له النجاح، وتحايل القذافى على حركة الجيش بإرسال الضباط لقياداته يوم 1 سبتمبر وإخبارهم بأن الشلحى قدم موعد الحركة، واحتجزهم فى قصر كبير، وهكذا استولى على الحكم وأدرك أن أمان حكمه فى يد أمريكا، وزاد يقينه بذلك بعد فشل أول محاولة انقلاب ضده، حيث أخبرته المخابرات الأمريكية بتفاصيلها، وليس صحيحاً أنه كان هناك عداء بين الولايات المتحدة والقذافى، الصحيح أنها ساعدته بشكل كبير، لأن سياسته فى أفريقيا حققت مصالحها. كان يغدق الأموال على الحركات المعارضة فى ذات الوقت الذى يتقرب فيه من الأنظمة، كما حدث فى جنوب السودان الذى كان طرفاً أساسياً لوقوع الانفصال به. أمريكا كانت تدفع لزعماء أفريقيا 2 مليار دولار سنويا، وفجأة وجدت من يدفع لها هذا المبلغ. منحوه الشعور بأنه سيد القارة الأفريقية، وأن سيادته لأفريقيا ستحمى له حكمه فى الداخل. كان القذافى يعلن شيئاً وينفذ عكسه سراً. كما حدث فى الحرب العراقية الإيرانية، أظهر تأييده للعراق وأرسل لإيران صواريخ من ليبيا لضرب العراقيين. هل تعرفين أنه مع ظهور حركة كفاية فى مصر عام 2004 أرسل القذافى 3 ضباط مخابرات لجمع المعلومات عن تلك الحركة لمخابرات غربية ومعرفة إمكانية تحولها لحركة مقاومة شعبية كما حدث فى بولندا.
■ إذا هل تتفق مع القول بأن ما حدث من ثورات يُطلق عليها الربيع العربى، تمت بتدبير أو برعاية أمريكية؟
- يقينى أن ما شهده الشارع العربى من ثورات ليس من تدبير أى جهة، ولكنه نابع من قلب الشعوب ومن وجيعتها. الأمريكان لم يصدقوا ثورة تونس التى كانت اختباراً لهم. الثورة العربية غير أيديولوجية وغير دينية ولا علمانية، هى ثورة تريد أن يكون لها برنامج يطالب بالعدالة والحرية والتعليم والعلاج الجيد. خاصة فى ليبيا لأن الشعب الليبى ظل طيلة 42 عاماً يأكل أيديولوجيات. فى البداية قال القذافى إننا قوميون عرب، ثم قال لنا إننا اشتراكيون ثم شيوعيون إلا شيئاً بسيطاً، ثم إسلاميون ثم أفارقة، ولأن ليبيا بلد صغير وأفريقيا ليس لها صوت والعالم العربى ضائع صرنا فى النهاية أمميين.
■ إذا أنت تنفى وجود أيديولوجيات مختلفة تسعى لإثبات ذاتها فى ليبيا اليوم؟
- الشعب الذى عارض القذافى عبر عن معاناته. ولكن هذا لا يعنى وجود سياسيين فى ليبيا اليوم عاشوا فى الخارج واختلطوا بأيديولوجيات مختلفة وتواصلوا معها، وعادوا إلى ليبيا بعد انتهاء نظام القذافى، ولكنهم معدودون على الأصابع، وطبيعى أن يسعوا اليوم لتكوين كيانات سياسية تعبر عن ذاتها، ولكن غالبية الشعب الليبى بلا أيديولوجية ويريد برنامجاً خدمياً آدمياً فى المقام الأول ووضع ليبيا فى المكانة التى تتناسب وحجم مواردها كدولة، وإلا فالثورة مستمرة.
■ وماذا عن استمرار وجود السلاح فى يد الليبيين حتى بعد مقتل القذافى. ألا يدخل هذا تحت عنوان استمرار الفوضى؟
- لم نكن نخطط أن نزيح القذافى بالسلاح، ولكن الليبيين تمكنوا من إنهاء النظام قبل تصفية الرئيس وتلك ميزة لم تنعم بها الثورة المصرية. أزحتم الرئيس وما زال النظام قابعاً فى مكانه. والسلاح الذى أمسكه الليبيون وأزاحوا به القذافى ليس بجديد عليهم لأنه هو من سن قانون «الشعب المسلح» من 25 عاماً، وألغى الجيش خوفاً من حدوث انقلاب عليه، وبالتالى فهذا الجيل تدرب عسكرياً على السلاح. ومن عجائب القدر أن الشعب المسلح الذى خلقه القذافى هو من قضى عليه. وكان الخوف فى بداية الثورة من حدوث انقسام بين الشعب الليبى، لأن بنغازى صارت فى يد الثوار وبقية الغرب فى يد القذافى، وكان يحارب الثوار بكتائبه المكونة من 80% من المرتزقة و20% من الليبيين. ولكن هذا لم يحدث والآن الشباب الذى أمسك بالسلاح سيعود لعمله، أما العاطلون فسيتم تخييرهم بين الانضمام لقوات مسلحة أو تسليم السلاح والالتحاق بعمل. أما المواطنون الذين يمتلكون أسلحة للدفاع عن أسرهم، فسيتم حصرهم وما يمتلكونه من سلاح فى البيوت، ثم فى مرحلة لاحقة نصدر قانوناً لترخيص السلاح. لذا فقضية السلاح لا تقلقنى لأنها غير مرتبطة بتنظيمات قبلية أو ثورية. الخوف من بقايا جيوب القذافى التى قد تسعى لإشعال العنف المسلح.
■ وما دوافع بقايا كتائب القذافى لمواصلة القتال ومن أين لها بالتمويل؟
- هناك أعوان للقذافى من المقربين له مثل منسق العلاقات الليبية المصرية أحمد قذاف الدم الذى تظاهر بالانشقاق عليه فى بداية الثورة، وجاء لمصر وحاول إقناع القبائل العربية فى السلوم والفيوم بمساعدة القذافى ولكنهم رفضوا، وادعى الانشقاق لتسخير أمواله، التى أدخلها مصر بمساعدة جمال مبارك وبها شبهة غسيل أموال، لمساعدة القذافى. وغيره الكثيرون من قيادات اللجان الثورية والمسؤولين الحكوميين وأصحاب الأعمال الذين يملكون المليارات فى مصر، وهم لوبى خطير يشكل خطراً على الشعب الليبى. وقد وجدنا مخزن أسلحة ضخماً فى السفارة الليبية. ليس هذا فحسب، ففى شهر أبريل الماضى اجتمع القذافى بأعضاء «هيئة المثابة العالمية»، وهى مجموعة كانت تنفذ له كل العمليات الإرهابية فى الخارج، ورصدوا 38 مليون دولار لتنفيذ عمليات داخل وخارج ليبيا. ومنذ عدة أيام حضر مندوب عن المجلس الانتقالى للقاء المجلس العسكرى فى زيارة غير معلنه، وطالبهم بتحديد موقفهم من هؤلاء الأفراد، فلو أرادوا البقاء بمصر تطبق عليهم قرارات وشروط اللجوء السياسى، ولو رفضت مصر لجوءهم السياسى تسلمهم لنا لمحاكمتهم محاكمة عادلة.
■ هل من الممكن أن يؤثر وجود هؤلاء على العلاقات المصرية الليبية فى المستقبل؟
- بدأنا الخطوات الخاصة بإعمار ليبيا، ومنذ البداية قررنا أن تكون أولوية العمال الذين نستعين بهم من تونس ومصر لأنهم دول جوار. ولكن مع وجود هاربين من نظام القذافى لمصر وتونس يديرون الخطط ضد الشعب الليبى، بات هناك مخاوف من استقبال العمالة المصرية خوفاً من إرسال عناصر إجرامية لتنفيذ مخطط أعوان القذافى الذين يملكون أموالاً تعادل ميزانية دولة. ودعينى هنا أنقل عتاب الثوار الليبيين للإعلام المصرى الذى اكتفى بنقل أخبار الثورة الليبية، بينما القنوات الفضائية العربية والعالمية فى ليبيا منذ 28 فبراير.
■ لكن الموقف الرسمى المصرى كان يرى أن أى تأييد معلن للثورة فيه خطر على حياة مليون ونصف المليون مصرى يعملون فى ليبيا؟!
- هذا ليس صحيحاً، لعدة أسباب، أولها أن الموقف لم يتغير بعد تحرير بن غازى انتهاءً بطرابلس وسرت، كما أن ليبيا لا يوجد بها مليون ونصف مليون مصرى، تلك شائعة كان يرددها القذافى للى ذراع النظام السابق وتهديده بهم. كنت مسؤولا بدرجة وزير عن القوى العاملة فى ليبيا وبتلك الصفة أؤكد لك أن هناك نحو 150 ألف مصرى فى الحكومة والشركات العامة، وهناك نحو 60 ألف يعملون بعقود مع القطاع الخاص، أضيفى لهؤلاء عدداً موسمياً لا يتجاوز 500 ألف على أقصى تقدير لا يمكثون فى ليبيا أكثر من شهر فى العام.
■ وماذا عن وجود حلف الناتو على الأراضى الليبية بشكل يشبهه البعض بالاحتلال؟
- أقول للمتخوفين من الوجود الغربى والآراء التى ترى فى وجود الناتو احتلالاً: ليبيا ليست العراق، ولا وجود للناتو على الأرض. كانت لدينا غرفة عمليات للثوار فى أربع مناطق، هى بن غازى ومصراته وجبل نفوسة وطرابلس. وكانت السيطرة فيها للثوار بنسبة 100% مع تواجد شخصين على الأكثر من الناتو للتنسيق لمنع ضرب المدنيين. وما قيل عن استحواذ الناتو على وثائق المخابرات الليبية التى تفضح علاقتها بالأنظمة الغربية غير صحيح، لأن ما حصل الناتو عليه مجرد صور لتلك الوثائق، أما الأصول فتم تخزينها إلكترونياً ونقلها لأماكن أمينة وتم تشكيل لجان لفرزها وتقييم المعلومات بها وتسليمها للدول المعنية إن كانت لها علاقة بها، كما حدث مع ملف قضية موسى الصادق الذى سلمناه للبنان.
■ على ذكر تلك الحادثة.. ما مصير هذا الرجل الذى ظل القذافى ينفى علاقته به؟
- كل ما قيل من معلومات عن قيام القذافى بخطف الرجل وقتله صحيح، هو فقط أحضر من يشبهه ومنحه جواز سفر الصادق وجعله يسافر أكثر من دولة لينفى شبهة وصوله لليبيا. وهناك قضايا أخرى يتم بحثها حالياً من قبل اللجان المختصة لمحاكمة المسؤولين عنها، مثل قضية مقتل 1100 ليبى فى بوسليم، وقضية طائرةUTA الفرنسية، ولوكيربى وملف السودان. هناك أكاذيب كثيرة رددها نظام القذافى وتداولها الإعلام، أتتذكرون ابنته بالتبنى التى قيل أنها قتلت فى الغارة الأمريكية على باب العزيزية فى العام 1986؟! تلك الفتاة كان اسمها هناء، واكتشفت أثناء توليتى منصب وزير التضامن الاجتماعى أنها لم تستشهد فى الغارة، وأنها أكملت تعليمها فى فرنسا فى كلية الطب، وعادت لليبيا وكانت تقيم بها حتى اندلاع الثورة، ثم هربت مع من هرب بعد سقوط بن غازى.
■ هل تعتقد أن هروب سيف الإسلام ولجوء أخيه الساعدى لنيجريا يؤثران على استمرار الانفلات الأمنى فى ليبيا؟
- أبناء القذافى أتفه من أن يديروا أى شىء، هم أبناء مدللون حمقى يفتقدون التعليم والفكر والإدراك، هم فقط يمتلكون الأموال. حينما ألقى القبض على المعتصم كان سكراناً، وهناك مكالمة بين القذافى ومدير أمن بنى وليد قبل دخول الثوار لها، سمعناها وقال له فيها إن سيف الإسلام ليس فى وعيه، فطلب القذافى منه قتل سيف الإسلام فى حال دخول الثوار حتى لا يقع فى أيديهم.
■ وماذا عن ملابسات مقتل القذافى، وما هى الرواية الحقيقية؟
- عندما حاصر الثوار المنطقة رقم 2 بسرت، كانوا يعرفون أن بها عبدالله السنوسى، رئيس المخابرات، ومنصور الضو، رئيس الحرس، والمعتصم القذافى، وأبوبكر يونس، وعندما ضاقت الحلقة على هؤلاء أخرجوا ركباً به 100 سيارة فى اتجاه مصراته، به سيارتان يعرف الجميع أنهما للقذافى، فسارع الثوار بإطلاق النيران عليها. فى الوقت نفسه خرجت 5 سيارات فاخرة من المكان نفسه فى اتجاه النيجر، وكان الثوار يحاصرون المنطقة وأطلقوا على السيارات الخمس نيران مدفعية دون معرفة هوية من بها. ومع إصابة السيارات خرج من بها وجروا فى أكثر من اتجاه وتبعهم الثوار، كان القذافى يجرى ومعه اثنان من حرسه واختبأوا فى عبارة للمياه، وليست صرفاً صحياً كما قيل. وأطلق الثوار النيران على المختبئين الثلاثة حتى خرجوا وفوجئوا بالقذافى أمامهم. والمؤكد أن القذافى أصيب بطلقتين واحدة فى البطن والثانية فى الإبط وخرجت من رقبته. وصدرت الأوامر بنقله لمصراته فى سيارة إسعاف ولكنه مات فيها. وهنا أذكر رواية الحارسين، حيث ذكرا أن القذافى طلب منهما قتله لو فشل فى الهرب من الثوار. ولذا فالإصابة التى لحقت به قد تكون من حارسيه وقد تكون من الثوار أنفسهم.
■ ألا ترى فى طريقة التعامل مع جثة القذافى بعد موته نوعاً من الوحشية التى أفقدت الثوار التعاطف؟
- أولاً أؤكد رفض غالبية الليبيين لأى تجاوز فى التعامل مع جثة إنسان فارق الحياة، وكل ما حدث للقذافى وقع وهو حى قبل نقله فى سيارة الإسعاف. وبعد موته لم يكن هناك غير أربعة مشايخ تكلموا عن أن نهايته درس لكل طاغية، ثم وضع فى الثلاجة وسمح للجميع برؤيته للاستشفاء من ثأرهم، وصدرت الفتوى بتكفيره كحاكم، وأنه من الممكن أن يكون تاب فى فترة هروبه، ولذا أجازوا أن يصلى عليه ثلاثة يشرفون على دفنه. ولكن من ناحية أخرى فإن اللوم الذى وجه للثوار الليبيين فى معاملة القذافى لا يساوى 1% من معاملة القذافى للشعب الليبى طيلة سنوات. هل تتخيلون مشاعر مواطن اغتصبت نساء أسرته أمام عينيه أو مواطن عذب أهله حتى الموت. القذافى لم يرحم الليبيين طيلة 42 سنة. سأذكر حادثة واحدة لأدلل على وحشية هذا الرجل تجاه شعبه، فبعد حادثى لوكيربى أراد القذافى استرضاء الولايات المتحدة بأى ثمن، ولذا خصص عام 1997 فى ذكرى سقوط طائرة لوكيربى رحلة من بن غازى لطرابلس على الخطوط الليبية جعل رقمها 1103، ولم تكن موجودة من قبل، وفجرها ومات من عليها من طاقم وركاب وكان منهم شقيق المهدى زيو الذى فجر نفسه فى بداية الثورة فى مكتب القذافى المعروف باسم فصيل بوعمر ببنغازى. كل الليبيين لديهم ثأر لدى القذافى.
■ كيف ستتعاملون مع فلول اللجان الثورية والمسؤولين السابقين؟
- اتفقنا أن من تلطخت يديه بدماء الشعب الليبى وأمواله وأرواحه وانتهك حرماته، يقبض عليه ويحاكم أمام العدالة وفقا للقوانين، وبعض هؤلاء مقبوض عليهم، أما من لم يرتكب أى جريمة فهو آمن حتى لو كان من المقتنعين بفكر القذافى ومرحلته لأن هذا شأنه، ولكن رأيى الشخصى أن يستبعد من انتخابات المؤتمر الوطنى بعد 3 شهور كل من ارتبط بالقذافى عقائدياً أو سياسياً وهذا طبيعى.
■ وكيف تخططون للمستقبل فى ليبيا؟
- نعلم أنه سيكون هناك اختلافات سياسية وفكرية حتى نستقر ديمقراطياً، وهذا طبيعى بعد سنوات من الديكتاتورية، ولكن مع انتخاب المؤتمر الوطنى واختيار لجنة تشكيل الدستور والاستفتاء عليه وتشكيل حكومة انتقالية تدوم سلطاتها 12 شهراً تسلم الأمور بعدها للسلطات والرئيس، واتفقنا على النظام البرلمانى لمنع ظهور ديكتاتور آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.