لم يمنعها العمر ولا العكاز.. مسنّة ثمانينية تشارك في الانتخابات بقنا    انتخابات مجلس النواب 2025| إقبال كبير للناخبين على مدرسة المعهد الديني بإمبابة    المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب.. إقبال متوسط بلجان اقتراع الغردقة للإدلاء بالأصوات    تباين مؤشرات البورصة المصرية اليوم الثلاثاء في ختام التعاملات    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    بعد تعليق العقوبات.. تعرف على قانون قيصر المفروض على سوريا من قبل أمريكا    أوغندا تهزم فرنسا في كأس العالم للناشئين وتتأهل "كأفضل ثوالث"    كاف يعلن موعد مباراتي الزمالك وزيسكو وكايزر تشيفز في الكونفدرالية    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة سموحة في سوبر اليد    الأرصاد الجوية : غدا ظاهرة خطيرة صباحا وسحب منخفضة وأمطار على هذه المناطق    كشف ملابسات فيديو اعتداء متسول على فتاة بالجيزة وضبط المتهم    الحزن يخيم على أهالي حلايب وشلاتين بعد وفاة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    أيتن عامر تواصل خطواتها الفنية بثبات في بطولة مسلسل «مغلق للصيانة»    الجامعة الأمريكية تحتفل بفوز الشاعر الفلسطيني إبراهيم نصر الله بجائزة نيوستاد الدولية للأدب    عضو التنسيقية: الإقبال الكثيف على الانتخابات يعكس وعى المواطن المصرى    فريق طبي بمستشفى العلمين ينجح في إنقاذ حياة شاب بعد اختراق سيخ حديدي لفكه    دويدار يهاجم زيزو بعد واقعة السوبر: «ما فعله إهانة للجميع»    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الجيش الملكي يعلن موعد مباراته أمام الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    «تعثر الشرع أثناء دخوله للبيت الأبيض».. حقيقة الصورة المتداولة    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    «الهولوجرام يعيد الكنوز المنهوبة».. مبادرة مصرية لربط التكنولوجيا بالتراث    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    تقنيات جديدة.. المخرج محمد حمدي يكشف تفاصيل ومفاجآت حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال46| خاص    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    بسبب الإقبال الكبير.. «التعليم» تعلن ضوابط تنظيم الرحلات المدرسية إلى المتحف المصري الكبير والمواقع الأثرية    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    تعيين أحمد راغب نائبًا لرئيس الاتحاد الرياضي للجامعات والمعاهد العليا    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    الأزهر للفتوي: إخفاء عيوب السلع أكلٌ للمال بالباطل.. وللمشتري رد السلعة أو خصم قيمة العيب    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    رئيس مياه القناة يتابع سير العمل بمحطات وشبكات صرف الأمطار    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    البورصة المصرية تخسر 2.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    الجيش السودانى يتقدم نحو دارفور والدعم السريع يحشد للهجوم على بابنوسة    تايوان تجلى أكثر من 3 آلاف شخص مع اقتراب الإعصار فونج وونج    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط وتنظيم كامل في يومها الثاني    وفد من جامعة الدول العربية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسى الليبى إبراهيم قويدر: أنهينا «النظام» قبل «الرئيس» وهذه ميزة لم تنعم بها مصر
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 10 - 2011

يكشف لك الحديث مع دكتور إبراهيم قويدر، الأمين العام لمنظمة العمل العربية السابق، والسياسى الليبى المعروف، أسراراً وخفايا عن نظام حكم القذافى وثورته المزعومة وشخصيته التى أثارت الجدل حينا والضحكات حينا آخر، فتدرك اتساق النهاية مع البداية رغم فارق السنوات بينهما، فالرجل الذى بدأ حياته بثورة زائفة، ساقته أفعاله لنهاية مؤسفة، وما بين البداية والنهاية أكاذيب وخدع واستباحة للأرواح والحريات والأموال تحكى قصة ديكتاتور، هكذا يأتى حوار دكتور إبراهيم قويدر مع «المصرى اليوم» فإلى نص الحوار..
■ كيف تقيّم 9 أشهر من الثورة فى ليبيا؟
- ما حدث فى ليبيا جزء لا يتجزأ مما حدث فى مصر وتونس ويحدث الآن فى سوريا واليمن، ويؤكد أنه ثورات شعبية لا علاقة لها بالأيديولوجيات السياسية أو الدينية. الناس خرجت تندد بالاستبداد السياسى لا لخلاف فكرى مع الأنظمة الحاكمة، ولكن لأنهم يعانون منذ سنوات من القهر الاجتماعى وتراجع مستوى الخدمات وارتفاع معدلات البطالة بسبب الفساد، هل يعقل فى دولة مثل مصر أن تكون فيها ثروة الرئيس وأسرته تعادل ديون مصر كلها؟ هل يعقل أن ليبيا التى لديها ثروة نفطية وعدد قليل من السكان يكون هذا حالها؟ لقد كانت مصر وليبيا فى مقدمة الدول العربية التى تعانى الفساد فى تقارير الشفافية الدولية.
■ هل كانت تلك التقارير تذكر ثروات الأنظمة العربية المهربة لسويسرا؟
- لقد تم كشف تلك الحسابات بالمصادفة، حيث اكتشفت حكومتا الولايات المتحدة وألمانيا وجود حسابات سرية لمواطنين تابعين للدولتين فى بنوك سويسرية لا يدفعون عنها ضرائب، وهذا يعتبر تهرباً ضريبياً وتفاقم الأمر مع رفض سويسرا الكشف عن الأسماء، مطالبة كلتا الحكومتين بإحضار طلب قضائى بكل اسم تثور حوله الشكوك فى بلده كمتهرب من الضرائب، ولكن قام موظف كبير جداً فى أحد أشهر البنوك السويسرية التى يلجأ لها الجميع لوضع أمواله بها، بعرض تلك الحسابات على الأجهزة الأمنية فى الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، وحصل مقابلها على مبلغ خرافى، وقد تلاشى هذا الموظف ولا أحد يعرف هل اختفى تحت اسم مستعار أم تمت تصفيته. المهم أن ألمانيا وأمريكا أصبحتا على علم بالحسابات السرية وقيمتها وأسماء أصحابها فى بنوك سويسرا بما فيها الأنظمة العربية.
■ كمواطن وأمين عام سابق لمنظمة العمل العربية كيف كان الفساد تحت حكم القذافى؟
- الفساد فى ليبيا كان مقننا بالمناصفة بين المسؤولين وأصحاب المصالح، فإذا كان المشروع سيتكلف 100 مليون دولار تكتب فى الأوراق 200 مليون دولار، ويذهب نصف الربح للنظام والمحيطين به وبوضوح وإلا لا يسمح بتنفيذ المشروع. يكفى أن مبلغ الرشوة فى مطار طرابلس العالمى كان 400 مليون دولار وتعدت تكلفته 2 مليار دولار.
■ لماذا كان صمت الشعب لمدة 42 عاماً على حكم القذافى؟
- الشعب الليبى لم يصمت طيلة سنوات حكم القذافى بل حاول الثورة ثلاث مرات عبر انتفاضات شعبية لم يكتب لها النجاح وكان آخرها عام 2006. هناك أكثر من 22 محاولة اغتيال للقذافى وأكثر من 9 انقلابات وكلها محاولات طمست إعلامياً ولم يسمح بالإعلان عنها.
■ ألم يشعر القذافى فى أى لحظة أن الشعب الليبى سيثور ضده؟
- قبل الثورة بنحو 4 أشهر سألت أحد المسؤولين المقربين منه عن رؤية القذافى للغضب الليبى وحجم الفوضى فى ليبيا؟ فأجابنى بأنه وصل لمرحلة بات يشعر فيها أنه فى مهمة إلهية أعلى من البشر والعالم، للأسف كان يعيش فى أوهامه.
■ ما حقيقة علاقة القذافى بالغرب؟
- كانت علاقة مصالح، ولم يكن القذافى يخاف إلا من الولايات المتحدة الأمريكية، والسر فى ذلك لا يعلمه الكثيرون حتى داخل ليبيا. فالناس لا تعرف كيف استولى ملازم صغير على الحكم فى ثورة وصفها بالبيضاء، فالملك السنوسى كان صالحاً، ولكن بطانته كانت فاسدة، ومع كثرة المظاهرات تنازل الملك عن الحكم واجتمع برئيسى مجلسى النواب والشيوخ وأخبرهما بتنازله عن الحكم قبل حلول سبتمبر وقبل أن نعرف حتى اسم القذافى. وطلب الملك السنوسى من مصر والسعودية استضافته فوافقت مصر قبل السعودية وحضر لها. وكان هناك اتفاق بين قيادات الجيش ونائب رئيس الأركان واسمه عبدالعزيز الشلحى ومع الإنجليز ومصر، بأن تقوم حركة من الجيش فى 16 سبتمبر 1969 لتولى الأمور فى البلاد بزعامة الشلحى، واختاروا هذا التاريخ لأنه ذكرى إعدام عمر المختار. لكن كان للأمريكان ترتيب آخر، حيث تواصلوا مع الملازم معمر القذافى واتفقوا معه على استباق الأحداث فى الأول من سبتمبر مؤكدين له النجاح، وتحايل القذافى على حركة الجيش بإرسال الضباط لقياداته يوم 1 سبتمبر وإخبارهم بأن الشلحى قدم موعد الحركة، واحتجزهم فى قصر كبير، وهكذا استولى على الحكم وأدرك أن أمان حكمه فى يد أمريكا، وزاد يقينه بذلك بعد فشل أول محاولة انقلاب ضده، حيث أخبرته المخابرات الأمريكية بتفاصيلها، وليس صحيحاً أنه كان هناك عداء بين الولايات المتحدة والقذافى، الصحيح أنها ساعدته بشكل كبير، لأن سياسته فى أفريقيا حققت مصالحها. كان يغدق الأموال على الحركات المعارضة فى ذات الوقت الذى يتقرب فيه من الأنظمة، كما حدث فى جنوب السودان الذى كان طرفاً أساسياً لوقوع الانفصال به. أمريكا كانت تدفع لزعماء أفريقيا 2 مليار دولار سنويا، وفجأة وجدت من يدفع لها هذا المبلغ. منحوه الشعور بأنه سيد القارة الأفريقية، وأن سيادته لأفريقيا ستحمى له حكمه فى الداخل. كان القذافى يعلن شيئاً وينفذ عكسه سراً. كما حدث فى الحرب العراقية الإيرانية، أظهر تأييده للعراق وأرسل لإيران صواريخ من ليبيا لضرب العراقيين. هل تعرفين أنه مع ظهور حركة كفاية فى مصر عام 2004 أرسل القذافى 3 ضباط مخابرات لجمع المعلومات عن تلك الحركة لمخابرات غربية ومعرفة إمكانية تحولها لحركة مقاومة شعبية كما حدث فى بولندا.
■ إذا هل تتفق مع القول بأن ما حدث من ثورات يُطلق عليها الربيع العربى، تمت بتدبير أو برعاية أمريكية؟
- يقينى أن ما شهده الشارع العربى من ثورات ليس من تدبير أى جهة، ولكنه نابع من قلب الشعوب ومن وجيعتها. الأمريكان لم يصدقوا ثورة تونس التى كانت اختباراً لهم. الثورة العربية غير أيديولوجية وغير دينية ولا علمانية، هى ثورة تريد أن يكون لها برنامج يطالب بالعدالة والحرية والتعليم والعلاج الجيد. خاصة فى ليبيا لأن الشعب الليبى ظل طيلة 42 عاماً يأكل أيديولوجيات. فى البداية قال القذافى إننا قوميون عرب، ثم قال لنا إننا اشتراكيون ثم شيوعيون إلا شيئاً بسيطاً، ثم إسلاميون ثم أفارقة، ولأن ليبيا بلد صغير وأفريقيا ليس لها صوت والعالم العربى ضائع صرنا فى النهاية أمميين.
■ إذا أنت تنفى وجود أيديولوجيات مختلفة تسعى لإثبات ذاتها فى ليبيا اليوم؟
- الشعب الذى عارض القذافى عبر عن معاناته. ولكن هذا لا يعنى وجود سياسيين فى ليبيا اليوم عاشوا فى الخارج واختلطوا بأيديولوجيات مختلفة وتواصلوا معها، وعادوا إلى ليبيا بعد انتهاء نظام القذافى، ولكنهم معدودون على الأصابع، وطبيعى أن يسعوا اليوم لتكوين كيانات سياسية تعبر عن ذاتها، ولكن غالبية الشعب الليبى بلا أيديولوجية ويريد برنامجاً خدمياً آدمياً فى المقام الأول ووضع ليبيا فى المكانة التى تتناسب وحجم مواردها كدولة، وإلا فالثورة مستمرة.
■ وماذا عن استمرار وجود السلاح فى يد الليبيين حتى بعد مقتل القذافى. ألا يدخل هذا تحت عنوان استمرار الفوضى؟
- لم نكن نخطط أن نزيح القذافى بالسلاح، ولكن الليبيين تمكنوا من إنهاء النظام قبل تصفية الرئيس وتلك ميزة لم تنعم بها الثورة المصرية. أزحتم الرئيس وما زال النظام قابعاً فى مكانه. والسلاح الذى أمسكه الليبيون وأزاحوا به القذافى ليس بجديد عليهم لأنه هو من سن قانون «الشعب المسلح» من 25 عاماً، وألغى الجيش خوفاً من حدوث انقلاب عليه، وبالتالى فهذا الجيل تدرب عسكرياً على السلاح. ومن عجائب القدر أن الشعب المسلح الذى خلقه القذافى هو من قضى عليه. وكان الخوف فى بداية الثورة من حدوث انقسام بين الشعب الليبى، لأن بنغازى صارت فى يد الثوار وبقية الغرب فى يد القذافى، وكان يحارب الثوار بكتائبه المكونة من 80% من المرتزقة و20% من الليبيين. ولكن هذا لم يحدث والآن الشباب الذى أمسك بالسلاح سيعود لعمله، أما العاطلون فسيتم تخييرهم بين الانضمام لقوات مسلحة أو تسليم السلاح والالتحاق بعمل. أما المواطنون الذين يمتلكون أسلحة للدفاع عن أسرهم، فسيتم حصرهم وما يمتلكونه من سلاح فى البيوت، ثم فى مرحلة لاحقة نصدر قانوناً لترخيص السلاح. لذا فقضية السلاح لا تقلقنى لأنها غير مرتبطة بتنظيمات قبلية أو ثورية. الخوف من بقايا جيوب القذافى التى قد تسعى لإشعال العنف المسلح.
■ وما دوافع بقايا كتائب القذافى لمواصلة القتال ومن أين لها بالتمويل؟
- هناك أعوان للقذافى من المقربين له مثل منسق العلاقات الليبية المصرية أحمد قذاف الدم الذى تظاهر بالانشقاق عليه فى بداية الثورة، وجاء لمصر وحاول إقناع القبائل العربية فى السلوم والفيوم بمساعدة القذافى ولكنهم رفضوا، وادعى الانشقاق لتسخير أمواله، التى أدخلها مصر بمساعدة جمال مبارك وبها شبهة غسيل أموال، لمساعدة القذافى. وغيره الكثيرون من قيادات اللجان الثورية والمسؤولين الحكوميين وأصحاب الأعمال الذين يملكون المليارات فى مصر، وهم لوبى خطير يشكل خطراً على الشعب الليبى. وقد وجدنا مخزن أسلحة ضخماً فى السفارة الليبية. ليس هذا فحسب، ففى شهر أبريل الماضى اجتمع القذافى بأعضاء «هيئة المثابة العالمية»، وهى مجموعة كانت تنفذ له كل العمليات الإرهابية فى الخارج، ورصدوا 38 مليون دولار لتنفيذ عمليات داخل وخارج ليبيا. ومنذ عدة أيام حضر مندوب عن المجلس الانتقالى للقاء المجلس العسكرى فى زيارة غير معلنه، وطالبهم بتحديد موقفهم من هؤلاء الأفراد، فلو أرادوا البقاء بمصر تطبق عليهم قرارات وشروط اللجوء السياسى، ولو رفضت مصر لجوءهم السياسى تسلمهم لنا لمحاكمتهم محاكمة عادلة.
■ هل من الممكن أن يؤثر وجود هؤلاء على العلاقات المصرية الليبية فى المستقبل؟
- بدأنا الخطوات الخاصة بإعمار ليبيا، ومنذ البداية قررنا أن تكون أولوية العمال الذين نستعين بهم من تونس ومصر لأنهم دول جوار. ولكن مع وجود هاربين من نظام القذافى لمصر وتونس يديرون الخطط ضد الشعب الليبى، بات هناك مخاوف من استقبال العمالة المصرية خوفاً من إرسال عناصر إجرامية لتنفيذ مخطط أعوان القذافى الذين يملكون أموالاً تعادل ميزانية دولة. ودعينى هنا أنقل عتاب الثوار الليبيين للإعلام المصرى الذى اكتفى بنقل أخبار الثورة الليبية، بينما القنوات الفضائية العربية والعالمية فى ليبيا منذ 28 فبراير.
■ لكن الموقف الرسمى المصرى كان يرى أن أى تأييد معلن للثورة فيه خطر على حياة مليون ونصف المليون مصرى يعملون فى ليبيا؟!
- هذا ليس صحيحاً، لعدة أسباب، أولها أن الموقف لم يتغير بعد تحرير بن غازى انتهاءً بطرابلس وسرت، كما أن ليبيا لا يوجد بها مليون ونصف مليون مصرى، تلك شائعة كان يرددها القذافى للى ذراع النظام السابق وتهديده بهم. كنت مسؤولا بدرجة وزير عن القوى العاملة فى ليبيا وبتلك الصفة أؤكد لك أن هناك نحو 150 ألف مصرى فى الحكومة والشركات العامة، وهناك نحو 60 ألف يعملون بعقود مع القطاع الخاص، أضيفى لهؤلاء عدداً موسمياً لا يتجاوز 500 ألف على أقصى تقدير لا يمكثون فى ليبيا أكثر من شهر فى العام.
■ وماذا عن وجود حلف الناتو على الأراضى الليبية بشكل يشبهه البعض بالاحتلال؟
- أقول للمتخوفين من الوجود الغربى والآراء التى ترى فى وجود الناتو احتلالاً: ليبيا ليست العراق، ولا وجود للناتو على الأرض. كانت لدينا غرفة عمليات للثوار فى أربع مناطق، هى بن غازى ومصراته وجبل نفوسة وطرابلس. وكانت السيطرة فيها للثوار بنسبة 100% مع تواجد شخصين على الأكثر من الناتو للتنسيق لمنع ضرب المدنيين. وما قيل عن استحواذ الناتو على وثائق المخابرات الليبية التى تفضح علاقتها بالأنظمة الغربية غير صحيح، لأن ما حصل الناتو عليه مجرد صور لتلك الوثائق، أما الأصول فتم تخزينها إلكترونياً ونقلها لأماكن أمينة وتم تشكيل لجان لفرزها وتقييم المعلومات بها وتسليمها للدول المعنية إن كانت لها علاقة بها، كما حدث مع ملف قضية موسى الصادق الذى سلمناه للبنان.
■ على ذكر تلك الحادثة.. ما مصير هذا الرجل الذى ظل القذافى ينفى علاقته به؟
- كل ما قيل من معلومات عن قيام القذافى بخطف الرجل وقتله صحيح، هو فقط أحضر من يشبهه ومنحه جواز سفر الصادق وجعله يسافر أكثر من دولة لينفى شبهة وصوله لليبيا. وهناك قضايا أخرى يتم بحثها حالياً من قبل اللجان المختصة لمحاكمة المسؤولين عنها، مثل قضية مقتل 1100 ليبى فى بوسليم، وقضية طائرةUTA الفرنسية، ولوكيربى وملف السودان. هناك أكاذيب كثيرة رددها نظام القذافى وتداولها الإعلام، أتتذكرون ابنته بالتبنى التى قيل أنها قتلت فى الغارة الأمريكية على باب العزيزية فى العام 1986؟! تلك الفتاة كان اسمها هناء، واكتشفت أثناء توليتى منصب وزير التضامن الاجتماعى أنها لم تستشهد فى الغارة، وأنها أكملت تعليمها فى فرنسا فى كلية الطب، وعادت لليبيا وكانت تقيم بها حتى اندلاع الثورة، ثم هربت مع من هرب بعد سقوط بن غازى.
■ هل تعتقد أن هروب سيف الإسلام ولجوء أخيه الساعدى لنيجريا يؤثران على استمرار الانفلات الأمنى فى ليبيا؟
- أبناء القذافى أتفه من أن يديروا أى شىء، هم أبناء مدللون حمقى يفتقدون التعليم والفكر والإدراك، هم فقط يمتلكون الأموال. حينما ألقى القبض على المعتصم كان سكراناً، وهناك مكالمة بين القذافى ومدير أمن بنى وليد قبل دخول الثوار لها، سمعناها وقال له فيها إن سيف الإسلام ليس فى وعيه، فطلب القذافى منه قتل سيف الإسلام فى حال دخول الثوار حتى لا يقع فى أيديهم.
■ وماذا عن ملابسات مقتل القذافى، وما هى الرواية الحقيقية؟
- عندما حاصر الثوار المنطقة رقم 2 بسرت، كانوا يعرفون أن بها عبدالله السنوسى، رئيس المخابرات، ومنصور الضو، رئيس الحرس، والمعتصم القذافى، وأبوبكر يونس، وعندما ضاقت الحلقة على هؤلاء أخرجوا ركباً به 100 سيارة فى اتجاه مصراته، به سيارتان يعرف الجميع أنهما للقذافى، فسارع الثوار بإطلاق النيران عليها. فى الوقت نفسه خرجت 5 سيارات فاخرة من المكان نفسه فى اتجاه النيجر، وكان الثوار يحاصرون المنطقة وأطلقوا على السيارات الخمس نيران مدفعية دون معرفة هوية من بها. ومع إصابة السيارات خرج من بها وجروا فى أكثر من اتجاه وتبعهم الثوار، كان القذافى يجرى ومعه اثنان من حرسه واختبأوا فى عبارة للمياه، وليست صرفاً صحياً كما قيل. وأطلق الثوار النيران على المختبئين الثلاثة حتى خرجوا وفوجئوا بالقذافى أمامهم. والمؤكد أن القذافى أصيب بطلقتين واحدة فى البطن والثانية فى الإبط وخرجت من رقبته. وصدرت الأوامر بنقله لمصراته فى سيارة إسعاف ولكنه مات فيها. وهنا أذكر رواية الحارسين، حيث ذكرا أن القذافى طلب منهما قتله لو فشل فى الهرب من الثوار. ولذا فالإصابة التى لحقت به قد تكون من حارسيه وقد تكون من الثوار أنفسهم.
■ ألا ترى فى طريقة التعامل مع جثة القذافى بعد موته نوعاً من الوحشية التى أفقدت الثوار التعاطف؟
- أولاً أؤكد رفض غالبية الليبيين لأى تجاوز فى التعامل مع جثة إنسان فارق الحياة، وكل ما حدث للقذافى وقع وهو حى قبل نقله فى سيارة الإسعاف. وبعد موته لم يكن هناك غير أربعة مشايخ تكلموا عن أن نهايته درس لكل طاغية، ثم وضع فى الثلاجة وسمح للجميع برؤيته للاستشفاء من ثأرهم، وصدرت الفتوى بتكفيره كحاكم، وأنه من الممكن أن يكون تاب فى فترة هروبه، ولذا أجازوا أن يصلى عليه ثلاثة يشرفون على دفنه. ولكن من ناحية أخرى فإن اللوم الذى وجه للثوار الليبيين فى معاملة القذافى لا يساوى 1% من معاملة القذافى للشعب الليبى طيلة سنوات. هل تتخيلون مشاعر مواطن اغتصبت نساء أسرته أمام عينيه أو مواطن عذب أهله حتى الموت. القذافى لم يرحم الليبيين طيلة 42 سنة. سأذكر حادثة واحدة لأدلل على وحشية هذا الرجل تجاه شعبه، فبعد حادثى لوكيربى أراد القذافى استرضاء الولايات المتحدة بأى ثمن، ولذا خصص عام 1997 فى ذكرى سقوط طائرة لوكيربى رحلة من بن غازى لطرابلس على الخطوط الليبية جعل رقمها 1103، ولم تكن موجودة من قبل، وفجرها ومات من عليها من طاقم وركاب وكان منهم شقيق المهدى زيو الذى فجر نفسه فى بداية الثورة فى مكتب القذافى المعروف باسم فصيل بوعمر ببنغازى. كل الليبيين لديهم ثأر لدى القذافى.
■ كيف ستتعاملون مع فلول اللجان الثورية والمسؤولين السابقين؟
- اتفقنا أن من تلطخت يديه بدماء الشعب الليبى وأمواله وأرواحه وانتهك حرماته، يقبض عليه ويحاكم أمام العدالة وفقا للقوانين، وبعض هؤلاء مقبوض عليهم، أما من لم يرتكب أى جريمة فهو آمن حتى لو كان من المقتنعين بفكر القذافى ومرحلته لأن هذا شأنه، ولكن رأيى الشخصى أن يستبعد من انتخابات المؤتمر الوطنى بعد 3 شهور كل من ارتبط بالقذافى عقائدياً أو سياسياً وهذا طبيعى.
■ وكيف تخططون للمستقبل فى ليبيا؟
- نعلم أنه سيكون هناك اختلافات سياسية وفكرية حتى نستقر ديمقراطياً، وهذا طبيعى بعد سنوات من الديكتاتورية، ولكن مع انتخاب المؤتمر الوطنى واختيار لجنة تشكيل الدستور والاستفتاء عليه وتشكيل حكومة انتقالية تدوم سلطاتها 12 شهراً تسلم الأمور بعدها للسلطات والرئيس، واتفقنا على النظام البرلمانى لمنع ظهور ديكتاتور آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.