تفاصيل افتتاح معرض أخبار اليوم للتعليم العالي.. مزايا لطلاب الثانوية العامة    باستثمارات 100 مليون.. محافظ المنوفية يفتتح مدرسة الروضة الخاصة بكفر الخضرة    رئيس الوزراء: "مصر لن تغفل حقها في مياه نهر النيل فهي مسألة حياة للمصريين"    «فاروق»: لأول مرة نجاح تجارب زراعة القطن في جنوب سيناء    الداخلية الكويتية: جميع جنسيات العالم مرحب بها في البلاد باستثناء «جنسية الاحتلال»    تفاصيل توقيع بنك القاهرة وجهاز تنمية المشروعات عقدين ب 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر.. صور    تركيا تتهم إسرائيل بمحاولة زعزعة الاستقرار في سوريا وتؤكد دعمها لوحدة البلاد    وزير الاقتصاد الفلسطيني: السلطة قادرة على إدارة قطاع غزة    قناديل البحر تعطل أحد أكبر المفاعلات النووية في فرنسا    روبيو: لا أفق للسلام في غزة مع بقاء حماس في السلطة    بن غفير: رئيس أركان الجيش يعارض احتلال غزة بشكل مهووس    جولة تفقدية لوزير الرياضة ومحافظ القاهرة ل استاد القاهرة    مصر تحرز ذهبية تتابع السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    «الأرصاد» تحذر من موجة شديدة الحرارة تصل ل50 درجة بهذه المناطق    حبس البلوجر «البرنسيسة نوجا» بعد قرار الإفراج عنها لعدم قدرتها على دفع الكفالة (تفاصيل)    فلكلور صعيدي وعروض للأطفال في ليالي الثقافة بالعلمين غدًا    أطفال النجوم يفاجئون الجمهور.. أبرزهم ابنة دنيا سميرغانم    ثنائي العود يحيي أمسية في حب فيروز وزياد الرحباني بقصر الأمير طاز    تفاصيل أول مشروع ل راغب علامة بعد حل أزمته مع نقابة الموسيقيين    «تنوع كبير في العروض».. تفاصيل وموعد انطلاق فعاليات «القاهرة لمسرح العرائس»    هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟    صحة البحيرة : تزويد مستشفى الرحمانية المركزي بجهاز أشعة مقطعية    رئيس هيئة التأمين الصحي يعقد اجتماعا موسعا مع مديري الفروع لمتابعة آليات العمل وتطوير الخدمات    محافظ المنوفية يفاجئ مكتب صحة الباجور للتأكد من انتظام سير العمل    افتتاح وحدة العلاج الإشعاعي بمستشفى الأورام الجامعي في المنيا    "إيه الجمال ده".. ميرنا جميل تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    تطبيق خارطة الطريق في أسرع وقت.. رئيس الوزراء: ملف الإعلام أولوية قصوى    فضيحة اسمها الانتخابات    "تراجع المستعمل لا يتوقف".. بيجو 301 موديل 2020 ب570 ألف جنيه    مؤتمر الإفتاء يحذر: فتاوى الذكاء الاصطناعي تشوه الدين    مجلس الوزراء يستهل اجتماعه بدقيقة حدادا على روح الدكتور علي المصيلحي    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    مجلس الوزراء يوافق على إعفاء سيارات ذوى الإعاقة من الضريبة الجمركية    وزارة الرياضة: نسعى لمنظومة خالية من المنشطات.. ونراقب عقوبات الجماهير وعقود اللاعبين    بعد صرف 800 مليون إسترليني.. هل نشهد أقوى سباق على الإطلاق للفوز بلقب الدوري الإنجليزي؟    عارضة أزياء عن أسطورة ريال مدريد السابق: «لا يستحم».. ونجم كرة القدم: انتهازية (تفاصيل)    «غربلة وتغييرات».. إعلامي يكشف قرار ريبيرو المفاجئ تجاه هؤلاء في الأهلي    «أتعرض لحملة تشويه».. الشناوي يوجه رسالة حادة ل مسؤول الأهلي (إعلامي يكشف)    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    كيف نخرج الدنيا من قلوبنا؟.. علي جمعة يضع روشتة ربانية للنجاة والثبات على الحق    بشروط صارمة.. «الإدارة الروحية الإسلامية» بروسيا يُجيز استخدام حقن «البوتوكس»    أوقاف سوهاج تختتم فعاليات الأسبوع الثقافى بمسجد الحق    القائمة بأعمال وزيرة البيئة تتابع آخر مستجدات العمل بمصرف المحيط بالمنيا    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    3 أيام من البحث.. انتشال جثة مندوب أدوية غرق بعد انقلاب سيارته في ترعة بسوهاج    "المتحدة" تطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يتفقد اختبارات الدارسين الخاتمين برواق القرآن    المشاط: العلاقات المصرية الأردنية تحظى بدعم مباشر من قيادتي البلدين لتحقيق التكامل الاقتصادي    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد توتنهام بالسوبر الأوروبي    البيضاء تواصل التراجع، أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 13-8-2028 بالفيوم    تحرك الدفعة ال 14 من شاحنات المساعدات إلى معبر كرم أبو سالم    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    الحماية المدنية تنقذ أهالي عقار قديم بعد سقوط أجزاء منه بالجمرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة إلى وزارة الداخلية
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 06 - 2010

لن أضيف جديدا إلى عشرات المقالات التى كتبت، تعليقا على واقعة قتل الشاب السكندرى «خالد سعيد»، على أيدى مخبرى الشرطة، ولا إلى عشرات – بل مئات وربما آلاف - التعليقات التى ازدحمت بها شبكة الإنترنت، ولا إلى المقالات فى الصحافة الأجنبية، ولا إلى البيانات التى صدرت من منظمة العفو الدولية أو الخارجية الأمريكية وغيرهما من الجهات الدولية، ولا إلى حالة الغضبة الاستثنائية واللافتة التى انتابت الجمهور المصرى –خاصة الشباب - إزاء تلك الجريمة البشعة، التى أصبحت – سواء أراد البعض أم لم يرد - رمزا على تجاوزات بعض رجال الشرطة، والتى يبدو أنها بلغت حدا يصعب – للأسف - السكوت عنه.
إننى فقط سوف أتناول بالتعليق رد فعل وزارة الداخلية إزاء التوتر ثم الضجة التى أثيرت فى الإسكندرية، عقب ذيوع خبر ما حدث، وما تلاها من ردود أفعال غاضبة، سرعان ما تصاعدت وتضاعفت بسرعة من دائرة الإسكندرية، إلى مصر كلها، ثم إلى العالم أجمع.
لقد تمثل رد الفعل ذلك فى بيان أصدرته الوزارة، يروى تفاصيل الواقعة من وجهة نظرها.
وكان هذا البيان نفسه أحد أسباب تفاقم الغضب والسخط الشعبى والجماهيرى، ليس فقط ضد الداخلية، بل وضد النظام السياسى كله، وهو ما تبلور – على نحو مدهش ولافت - فى مدينة الإسكندرية خاصة.
واتساقا مع ما جاء فى ذلك البيان، يبدو أن الوزارة لم تشرع فى إجراء تحقيق داخلى، أو محاسبة المسؤولين عما حدث، حيث إنها لم تعترف – فى البيان - بحدوث أى تقصير أصلا. وحتى لحظة كتابة هذا المقال، لم يصل إلى علمى أى تصرف من الوزارة غير إصدارها ذلك البيان.
ولأن أى بيان تصدره وزارة الداخلية، فى أى بلد متحضر فى شأن قضية أصبحت محل اهتمام الرأى العام، هو وثيقة شديدة الأهمية، تعكس طبيعة نظام الحكم ككل، وطبيعة علاقة وزارة الداخلية بسلطات الدولة وبالرأى العام، والإعلام، فقد اهتممت كثيرا بقراءة هذا البيان، وتفحصه، وتحليل مضمونه.
إن أول ما يواجه قارئ هذا البيان ويصدمه أنه أتى - من السطر الأول فيه- بصيغة «متعجرفة» و«متعالية»، ومستنكرة أن يجرؤ إنسان على محاسبة وزارة الداخلية أو رجال الشرطة؟! إن أولى علامات «الدولة» المدنية المتحضرة هى سيادة القانون، وخضوع الجميع –حكاما ومحكومين - للمساءلة القانونية عن أعمالهم، فضلا عن المساءلة السياسية والشعبية، وذلك فقط هو ما يحول دون تغول أو شطط سلطة بعينها، أو جهاز بعينه، ويحفظ السيادة – فعليا - للشعب!.
ولكن نظرة سريعة للبيان من أوله إلى آخره توحى بمنطق وذهنية يرفضان ذلك تماما! ففى بداية «البيان» –الذى يفترض أن يكون هدفه أن يسرد بموضوعية واتزان وبلهجة مهنية الحقائق كما تراها وزارة الداخلية -يعاجل القارئ بعبارة: «صرح مصدر أمنى بأنه على نحو مخالف للحقائق، وينطوى على مغالطة صارخة.. تمادت بعض العناصر».. إلخ، أى أن وزارة الداخلية - التى عبرت عن رأيها من خلال اصطلاح غامض يسمى «مصدر أمنى»، والتى يفترض أنها الطرف المطلوب منه أن يوضح موقفه إزاء شكوك واتهامات مشروعة- تستكثر أن يوجه إليها اتهامات أو تساؤلات؟! ممن؟!..
«من بعض العناصر ودوائر بعينها»؟ ومرة ثانية: من هى تلك العناصر؟ هل هى عناصر أجنبية معادية؟ هل هى «دوائر» إرهابية أو خارجة على القانون.. أليست لها صفة أو اسم؟ أم أن العجرفة والتعالى يستلزمان الاستهانة بتلك الدوائر والعناصر؟
ثم استطرد البيان يتهم تلك «العناصر» بأنها روجت الادعاء بأن «رجال شرطة سريين قد تعدوا على المواطن خالد سعيد.. وعن قصد واضح تمادى هذا الادعاء»؟!! إن وصف الاتهامات بأنها «ادعاءات» فيه – مرة أخرى- عجرفة واستنكاف عن مساءلة - لا أقول وزير الداخلية، ولا أى لواء بها أو حتى ضابط- وإنما عن مساءلة مخبرين سريين يعلم كل مصرى الشوائب التى تكتنف طريقة عمل بعض عناصرهم.
ثم لماذا نفترض –ابتداء - أن هناك «قصدا واضحا» من تلك العناصر إزاء رجال الشرطة؟ لماذا؟ هل هناك ثأر مبيت بينهما؟ ألا يفترض أن رجال الشرطة هم حماة أمن المواطن، ويسهرون على سلامته وأمنه؟ فلماذا إذن هذا الشعور بأن هناك «بطحة» على رأس الشرطة؟! ولماذا هذه اللهجة العصبية؟!
وباللهجة نفسها –يستطرد هذا البيان الغريب، بعد أن حكى الواقعة محل البحث، ليقول «إن تلك الادعاءات المغرضة قد تجاهلت عن عمد جميع الحقائق، وتمادت فى الترويج والكذب والتضليل؟!! فى محاولة للإساءة لجهاز وطنى يضطلع بمهامه رجال الشرطة بكل مثابرة ودأب، التزاما منهم بالإسهام فى إنفاذ القانون، وحماية المصالح العامة والخاصة».
والتساؤل البسيط هنا: ما علاقة هذا الكلام بالواقعة موضع البحث؟! وهل انحراف فرد أو اثنين من الشرطة يسىء إليها كلها؟ ألا يوجد منحرفون فى كل الفئات: الأطباء، المهندسين، القضاة، المحامين، المحاسبين، الصحفيين.. إلخ، أم أن رجال الشرطة –خاصة- هم من طينة تختلف عن طينة البشر، ويتمتعون بالكمال، مع أن الكمال (كما تعلمون!) لله وحده.
غير أن ثانى ما يلفت النظر فى هذا البيان –الذى هو بيان رسمى من جانب وزارة سيادية لها أهميتها الخاصة - يتضمن، بعد هذا التذكير المطول بأهمية ومكانة ودور الشرطة، عددا من «المعلومات» التى يبدو حتى الآن أن هناك شكا كثيرا فى صحتها:
أولاها: إن فردى الشرطة شاهدا خالد سعيد أثناء ملاحظتهما للحالة الأمنية.. إلخ. (أى أنهما لم يذهبا إليه عمدا داخل مقهى الإنترنت) وهذا غالبا غير صحيح.
ثانيتها: إن البيان لم يوضح لماذا ذهبا إليه أصلا؟ والأغلب أنهما ذهبا لمعاقبته على محاولته نشر مقطع فيديو على الإنترنت، يبين أحد ضباط قسم سيدى جابر وهو يقوم بتوزيع المخدرات والأسلاب على مخبرين وآخرين.
ثالثتها: إن خالد سعيد مات بسبب ابتلاعه لفافة من مادة مخدرة، وليس بسبب الضرب الوحشى الذى تعرض له؟! (وهذا ما ننتظر نتيجة تحقيقات النيابة والطب الشرعى بشأنه).
رابعتها: إن هذا الأمر أكده شهود خمسة ورجل الإسعاف، وهذا أيضا كلام مشكوك فيه، ومشكوك فى هوية هؤلاء الشهود (وهذا كذلك ما ننتظر تحقيقات النيابة بشأنه)؟!.
خامستها: إن هذا الشاب صدرت ضده عدة أحكام، فضلا عن تهربه من الخدمة العسكرية. ولكن ثبت أنه قضى بالفعل خدمته العسكرية، خاصة فى مديرية أمن الإسكندرية! ولمدة عامين و17 يوما، وشهادة تجنيده موجودة! مما يشكك فى القضايا الأخرى المنسوبة إليه! والتى أثارتها أسرته بالفعل.
من ناحية ثالثة، اهتم بيان وزارة الداخلية بأن ينسب للشاب «خالد» كل ما يتصور من العيوب والموبقات والتهم.. إلخ. ولكن ما علاقة ذلك بما حدث له؟ ولنفترض أنه كان مجرما عريقا فى الإجرام، فهل يسوغ ذلك للشرطة أن تقتله؟! إن البيان فى الواقع –وبدون قصد- يبدو أنه يحاول أن يبرر قتل خالد.
وأخيرا، فإن جوهر التساؤل الذى سوف يظل يطرح من جانب جميع الأطراف المهتمة بتلك القضية هو: لماذا حدث ما حدث؟ ولماذا فعل مخبرو قسم سيدى جابر ما فعلوه؟ وهل كان ذلك بأوامر؟ وهل جوهر القضية، ومربط الفرس، هو أن خالد سعيد وقع فى يده ذلك الشريط (الذى شاهده الآن العالم كله!) والذى يدين ضابط شرطة سيدى جابر والعاملين فيه بتعاطى المخدرات، أو بيعها وتوزيعها؟ ما مدى صحة هذا الشريط؟ وهل خضع ما جاء فيه للمحاسبة أم لا؟
ذلك هو السؤال الأخير المعلق، الذى تجاهله تماما البيان الحماسى للداخلية، والذى يستحق بيانا آخر. ما ذلك الذى كان يحدث داخل القسم؟ ومن صوره؟ وكيف تسرب ذلك الفيديو؟ وإذا كان خالد الذى حاول نشر الفيديو على الإنترنت قد عوقب بقتله، فماذا يا ترى ما حدث للذين ظهروا فى الفيلم وللذين صوروه داخل القسم؟!
أسئلة كثيرة، سوف تحسن وزارة الداخلية صنيعا، لنفسها وللوطن، إن هى أجابت عنها بوضوح وشفافية وتقدير للمسؤولية.
أى بيان تصدره وزارة الداخلية فى أى بلد متحضر، هو وثيقة شديدة الأهمية تعكس طبيعة نظام الحكم
هناك أسئلة كثيرة سوف تحسن وزارة الداخلية صنيعا لنفسها وللوطن إن هى أجابت عنها بوضوح وشفافية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.