رئيس الوزراء يتابع الجهود المبذولة لتحسين الأوضاع للمؤسسات الصحفية والوطنية للإعلام وتسوية مديونياتها    وزير النقل يشهد توقيع 9 اتفاقيات بين الهيئة القومية للأنفاق والشركات العالمية    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    نتنياهو: قضية سدي تيمان تسببت في تشبيه جنود إسرائيل بالنازيين    العلاقات الأمريكية الصينية.. أين هى وأين تتجه؟    ميليسا فيلمنج: طلبت لقاء بعض اللاجئين السودانيين الذين استضافتهم مصر بسخاء    بعد خسارة الناشئين.. تفوق كبير للإنجليز على الفراعنة في تاريخ المواجهات المباشرة    خارجية روسيا تنتقد «بي بي سي» بعد استقالة مديرها العام: زورت الحقائق في أوكرانيا وسوريا    انطلاق الانتخابات البرلمانية العراقية غدًا (تفاصيل)    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    مليون و800 ألف جنيه دعم الشباب والرياضة لمراكز الشباب والأندية بدمياط    بيفض خناقة.. إصابة شخص بعيار نارى خلال مشاجرة بين طرفين بشبرا الخيمة    انتخابات مجلس النواب 2025| رئيس لجنة بالبدرشين يخرج لمسنة للإدلاء بصوتها| صور    بعد سماع خبر وفاته.. زوجة إسماعيل الليثي تنهار: ابني توفى من سنة وجوزي النهارده.. صبرني يارب    مهرجان القاهرة يعلن القائمة النهائية لأفلام مسابقة أسبوع النقاد في دورته ال46    سعد الصغير ينعى إسماعيل الليثي بكلمات مؤثرة: "ربنا يرحمك يا حبيبي"    شقيق الفنان محمد صبحي: حالته الصحية مطمئنة ويغادر المستشفى غداً    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    وكيل أمين الأمم المتحدة: افتتاح المتحف الكبير يعيد الحماس للتعرف على تاريخ مصر    5 أبراج لا تنسى الأذية أبدا.. «هل أنت منهم؟»    أول رد من الأهلي على واقعة زيزو ونائب رئيس الزمالك    العمل تسلم 36 عقد توظيف للشباب في مجال الزراعة بالأردن    كرة سلة - الكشف عن مواعيد قبل نهائي دوري المرتبط رجال    الآثار: المتحف الكبير يستقبل 19 ألف زائر يوميًا    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    هيئة الدواء: التطعيمات تساهم في منع نحو 3 ملايين وفاة سنويًا    وزير الصحة: شراكة مصرية لاتفية لتطوير الرعاية الصحية وتبادل الخبرات في الأورام والرعاية الحرجة    «حارس النيل» ينطلق من القاهرة قريبا.. أول قطار سياحي فاخر يجوب معالم مصر    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    الأربعاء.. فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا فى مركز محمود مختار بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    تشييع جثماني شقيقين إثر حادث تصادم بالقناطر الخيرية    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    اشتريت سيارة ووجدت بها عيبا فهل يجوز بيعها دون أن أُبين؟.. الأزهر للفتوى يجيب    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    الاتحاد الأفريقي يدعو لتحرك دولي عاجل بشأن تدهور الوضع الأمني في مالي    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    «تطوير التعليم» يطلق مبادرة «شتاء رقمي» لمضاعفة فرص الحصول على الرخص الدولية لطلاب المدارس    وزير الصحة يلتقي وزيرة الشؤون المدنية في البوسنة والهرسك    نفذوا جولات استفزازية.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة إلى وزارة الداخلية

لن أضيف جديدا إلى عشرات المقالات التى كتبت، تعليقا على واقعة قتل الشاب السكندرى «خالد سعيد»، على أيدى مخبرى الشرطة، ولا إلى عشرات – بل مئات وربما آلاف - التعليقات التى ازدحمت بها شبكة الإنترنت، ولا إلى المقالات فى الصحافة الأجنبية، ولا إلى البيانات التى صدرت من منظمة العفو الدولية أو الخارجية الأمريكية وغيرهما من الجهات الدولية، ولا إلى حالة الغضبة الاستثنائية واللافتة التى انتابت الجمهور المصرى –خاصة الشباب - إزاء تلك الجريمة البشعة، التى أصبحت – سواء أراد البعض أم لم يرد - رمزا على تجاوزات بعض رجال الشرطة، والتى يبدو أنها بلغت حدا يصعب – للأسف - السكوت عنه.
إننى فقط سوف أتناول بالتعليق رد فعل وزارة الداخلية إزاء التوتر ثم الضجة التى أثيرت فى الإسكندرية، عقب ذيوع خبر ما حدث، وما تلاها من ردود أفعال غاضبة، سرعان ما تصاعدت وتضاعفت بسرعة من دائرة الإسكندرية، إلى مصر كلها، ثم إلى العالم أجمع.
لقد تمثل رد الفعل ذلك فى بيان أصدرته الوزارة، يروى تفاصيل الواقعة من وجهة نظرها.
وكان هذا البيان نفسه أحد أسباب تفاقم الغضب والسخط الشعبى والجماهيرى، ليس فقط ضد الداخلية، بل وضد النظام السياسى كله، وهو ما تبلور – على نحو مدهش ولافت - فى مدينة الإسكندرية خاصة.
واتساقا مع ما جاء فى ذلك البيان، يبدو أن الوزارة لم تشرع فى إجراء تحقيق داخلى، أو محاسبة المسؤولين عما حدث، حيث إنها لم تعترف – فى البيان - بحدوث أى تقصير أصلا. وحتى لحظة كتابة هذا المقال، لم يصل إلى علمى أى تصرف من الوزارة غير إصدارها ذلك البيان.
ولأن أى بيان تصدره وزارة الداخلية، فى أى بلد متحضر فى شأن قضية أصبحت محل اهتمام الرأى العام، هو وثيقة شديدة الأهمية، تعكس طبيعة نظام الحكم ككل، وطبيعة علاقة وزارة الداخلية بسلطات الدولة وبالرأى العام، والإعلام، فقد اهتممت كثيرا بقراءة هذا البيان، وتفحصه، وتحليل مضمونه.
إن أول ما يواجه قارئ هذا البيان ويصدمه أنه أتى - من السطر الأول فيه- بصيغة «متعجرفة» و«متعالية»، ومستنكرة أن يجرؤ إنسان على محاسبة وزارة الداخلية أو رجال الشرطة؟! إن أولى علامات «الدولة» المدنية المتحضرة هى سيادة القانون، وخضوع الجميع –حكاما ومحكومين - للمساءلة القانونية عن أعمالهم، فضلا عن المساءلة السياسية والشعبية، وذلك فقط هو ما يحول دون تغول أو شطط سلطة بعينها، أو جهاز بعينه، ويحفظ السيادة – فعليا - للشعب!.
ولكن نظرة سريعة للبيان من أوله إلى آخره توحى بمنطق وذهنية يرفضان ذلك تماما! ففى بداية «البيان» –الذى يفترض أن يكون هدفه أن يسرد بموضوعية واتزان وبلهجة مهنية الحقائق كما تراها وزارة الداخلية -يعاجل القارئ بعبارة: «صرح مصدر أمنى بأنه على نحو مخالف للحقائق، وينطوى على مغالطة صارخة.. تمادت بعض العناصر».. إلخ، أى أن وزارة الداخلية - التى عبرت عن رأيها من خلال اصطلاح غامض يسمى «مصدر أمنى»، والتى يفترض أنها الطرف المطلوب منه أن يوضح موقفه إزاء شكوك واتهامات مشروعة- تستكثر أن يوجه إليها اتهامات أو تساؤلات؟! ممن؟!..
«من بعض العناصر ودوائر بعينها»؟ ومرة ثانية: من هى تلك العناصر؟ هل هى عناصر أجنبية معادية؟ هل هى «دوائر» إرهابية أو خارجة على القانون.. أليست لها صفة أو اسم؟ أم أن العجرفة والتعالى يستلزمان الاستهانة بتلك الدوائر والعناصر؟
ثم استطرد البيان يتهم تلك «العناصر» بأنها روجت الادعاء بأن «رجال شرطة سريين قد تعدوا على المواطن خالد سعيد.. وعن قصد واضح تمادى هذا الادعاء»؟!! إن وصف الاتهامات بأنها «ادعاءات» فيه – مرة أخرى- عجرفة واستنكاف عن مساءلة - لا أقول وزير الداخلية، ولا أى لواء بها أو حتى ضابط- وإنما عن مساءلة مخبرين سريين يعلم كل مصرى الشوائب التى تكتنف طريقة عمل بعض عناصرهم.
ثم لماذا نفترض –ابتداء - أن هناك «قصدا واضحا» من تلك العناصر إزاء رجال الشرطة؟ لماذا؟ هل هناك ثأر مبيت بينهما؟ ألا يفترض أن رجال الشرطة هم حماة أمن المواطن، ويسهرون على سلامته وأمنه؟ فلماذا إذن هذا الشعور بأن هناك «بطحة» على رأس الشرطة؟! ولماذا هذه اللهجة العصبية؟!
وباللهجة نفسها –يستطرد هذا البيان الغريب، بعد أن حكى الواقعة محل البحث، ليقول «إن تلك الادعاءات المغرضة قد تجاهلت عن عمد جميع الحقائق، وتمادت فى الترويج والكذب والتضليل؟!! فى محاولة للإساءة لجهاز وطنى يضطلع بمهامه رجال الشرطة بكل مثابرة ودأب، التزاما منهم بالإسهام فى إنفاذ القانون، وحماية المصالح العامة والخاصة».
والتساؤل البسيط هنا: ما علاقة هذا الكلام بالواقعة موضع البحث؟! وهل انحراف فرد أو اثنين من الشرطة يسىء إليها كلها؟ ألا يوجد منحرفون فى كل الفئات: الأطباء، المهندسين، القضاة، المحامين، المحاسبين، الصحفيين.. إلخ، أم أن رجال الشرطة –خاصة- هم من طينة تختلف عن طينة البشر، ويتمتعون بالكمال، مع أن الكمال (كما تعلمون!) لله وحده.
غير أن ثانى ما يلفت النظر فى هذا البيان –الذى هو بيان رسمى من جانب وزارة سيادية لها أهميتها الخاصة - يتضمن، بعد هذا التذكير المطول بأهمية ومكانة ودور الشرطة، عددا من «المعلومات» التى يبدو حتى الآن أن هناك شكا كثيرا فى صحتها:
أولاها: إن فردى الشرطة شاهدا خالد سعيد أثناء ملاحظتهما للحالة الأمنية.. إلخ. (أى أنهما لم يذهبا إليه عمدا داخل مقهى الإنترنت) وهذا غالبا غير صحيح.
ثانيتها: إن البيان لم يوضح لماذا ذهبا إليه أصلا؟ والأغلب أنهما ذهبا لمعاقبته على محاولته نشر مقطع فيديو على الإنترنت، يبين أحد ضباط قسم سيدى جابر وهو يقوم بتوزيع المخدرات والأسلاب على مخبرين وآخرين.
ثالثتها: إن خالد سعيد مات بسبب ابتلاعه لفافة من مادة مخدرة، وليس بسبب الضرب الوحشى الذى تعرض له؟! (وهذا ما ننتظر نتيجة تحقيقات النيابة والطب الشرعى بشأنه).
رابعتها: إن هذا الأمر أكده شهود خمسة ورجل الإسعاف، وهذا أيضا كلام مشكوك فيه، ومشكوك فى هوية هؤلاء الشهود (وهذا كذلك ما ننتظر تحقيقات النيابة بشأنه)؟!.
خامستها: إن هذا الشاب صدرت ضده عدة أحكام، فضلا عن تهربه من الخدمة العسكرية. ولكن ثبت أنه قضى بالفعل خدمته العسكرية، خاصة فى مديرية أمن الإسكندرية! ولمدة عامين و17 يوما، وشهادة تجنيده موجودة! مما يشكك فى القضايا الأخرى المنسوبة إليه! والتى أثارتها أسرته بالفعل.
من ناحية ثالثة، اهتم بيان وزارة الداخلية بأن ينسب للشاب «خالد» كل ما يتصور من العيوب والموبقات والتهم.. إلخ. ولكن ما علاقة ذلك بما حدث له؟ ولنفترض أنه كان مجرما عريقا فى الإجرام، فهل يسوغ ذلك للشرطة أن تقتله؟! إن البيان فى الواقع –وبدون قصد- يبدو أنه يحاول أن يبرر قتل خالد.
وأخيرا، فإن جوهر التساؤل الذى سوف يظل يطرح من جانب جميع الأطراف المهتمة بتلك القضية هو: لماذا حدث ما حدث؟ ولماذا فعل مخبرو قسم سيدى جابر ما فعلوه؟ وهل كان ذلك بأوامر؟ وهل جوهر القضية، ومربط الفرس، هو أن خالد سعيد وقع فى يده ذلك الشريط (الذى شاهده الآن العالم كله!) والذى يدين ضابط شرطة سيدى جابر والعاملين فيه بتعاطى المخدرات، أو بيعها وتوزيعها؟ ما مدى صحة هذا الشريط؟ وهل خضع ما جاء فيه للمحاسبة أم لا؟
ذلك هو السؤال الأخير المعلق، الذى تجاهله تماما البيان الحماسى للداخلية، والذى يستحق بيانا آخر. ما ذلك الذى كان يحدث داخل القسم؟ ومن صوره؟ وكيف تسرب ذلك الفيديو؟ وإذا كان خالد الذى حاول نشر الفيديو على الإنترنت قد عوقب بقتله، فماذا يا ترى ما حدث للذين ظهروا فى الفيلم وللذين صوروه داخل القسم؟!
أسئلة كثيرة، سوف تحسن وزارة الداخلية صنيعا، لنفسها وللوطن، إن هى أجابت عنها بوضوح وشفافية وتقدير للمسؤولية.
أى بيان تصدره وزارة الداخلية فى أى بلد متحضر، هو وثيقة شديدة الأهمية تعكس طبيعة نظام الحكم
هناك أسئلة كثيرة سوف تحسن وزارة الداخلية صنيعا لنفسها وللوطن إن هى أجابت عنها بوضوح وشفافية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.