البنك المركزي الأوروبي يحذر من تأثير موجات الحرارة على التضخم والنمو الاقتصادي    الفراخ البيضا ب68 جنيه... الطيور والدواجن تواصل التراجع في أسعارها داخل أسواق كفر الشيخ    «الإسكان»: تسليم مبنى الإسعاف وتنفيذ طرق الإسكان الاجتماعي بمدينة أخميم الجديدة    وزير الإسكان: أجهزة المدن الجديدة تواصل ضبط وإزالة وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات    ترامب: الإيرانيون اتصلوا بي ليطلبوا الإذن بكل احترام فسمحت لهم ب14 صاروخا    الأمم المتحدة: فشلنا في حماية الشعب الفلسطيني    لماذا اختار الشرع "العُقاب" هوية بصرية جديدة لسوريا؟    تركيا.. السيطرة على حرائق الغابات في تشيشمه بولاية إزمير    موعد مباراة الهلال السعودي وفلومينينسي البرازيلي والقنوات الناقلة    وجهته المقبلة ليست مصر.. خطوة تفصل مصطفى محمد عن مغادرة نانت    مدحت العدل: الزمالك بحاجة إلى ثورة إدارية.. والاعتراض على تعيين إدوارد «كلام قهاوي»    منتخب الشباب يستعد لمواجهة الكويت وديًا قبل كأس العالم    إثر حادث أليم.. تشييع جثمان لاعب طلائع الجيش بطوخ في القليوبية    ضبط 9 أطنان دقيق مدعم خلال 24 ساعة في حملة بالقاهرة    ترقبوا.. موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025 فور اعتمادها (الرابط الرسمي)    متحف شرم الشيخ يشارك في معرض قرية التراث في شرم الشيخ    هل يجوز صيام عاشوراء فقط؟.. ماذا قال النبي وبماذا ينصح العلماء؟    الاستخبارات الهولندية: روسيا تملك مخزونا كبيرا من الأسلحة الكيميائية    ننشر كل ما تريد معرفته عن «يوم عاشوراء»    طبيب يحذر: هذا المشروب يهدد بالإصابة بحصى الكلى    رمضان السيد ينتقد تعاقد الزمالك مع جون إدوارد: النادي لا يحتاج إلى سماسرة    استقرار أسعار حديد التسليح في مستهل تعاملات اليوم الجمعة 4 يوليو 2025    جيش الاحتلال: صفارات الإنذار تدوي في مناطق غلاف غزة    رئيس وزراء إثيوبيا يوجه دعوة خاصة لمصر بشأن سد النهضة    برواتب 11 ألف جنيه.. «العمل» توفر 1787 وظيفة بمشروع «الضبعة النووية»    مصطفى كامل يعلن موعد ومكان عزاء أحمد عامر    عمرو دياب يتصدر تريند اليوتيوب ب "مليش بديل"    إقبال جماهيري واسع على معرض الفيوم للكتاب.. وورش الأطفال تخطف الأنظار    ذات يوم.. 4 يوليو 1187.. صلاح الدين ينتصر على الصليبيين فى «حطين» بجيش من مصر والشام والعراق ومتطوعين من المغرب العربى ويحتفظ بكبار الأسرى ويبيع الفقراء منهم بأسعار زهيدة    تنسيق الجامعات 2025، قواعد التوزيع الجغرافي للقبول بالجامعات الحكومية    الفلفل ب10 جنيه... أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 4-7-2025 في محافظة قنا    بعد ملحمة السيتى الهلال يطمع فى التأهل لنصف نهائى المونديال    الصحة : نجاح جراحات لسيدتين من السودان واندونيسيا تعانيان من أورام بالرحم    طريقة عمل العاشوراء اللايت بمكونات بسيطة    «أوقاف شمال سيناء»: تنفيذ قوافل دعوية في 3 مراكز للشباب الأربعاء المقبل    وزير الأوقاف: الاحتلال يواصل سلسال جرائم الحرب والإبادة باغتيال الدكتور مروان السلطان وأسرته    حبس قائد سيارة نقل ذكي تحرش بأجنبية بالسيدة زينب    «الجبهة الوطنية» يجتمع بمرشحي الحزب في انتخابات الشيوخ لوضع اللمسات الأخيرة    الصحة بشمال سيناء: فرق طبية شاملة لشواطئ العريش حتى نهاية الصيف    أصالة لزوجها بعد نجاح ألبومها «ضريبة البعد»: «بحبك يا أحن وأعظم شريك»    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 4-7-2025 بعد الهبوط وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    تحويل مروري لتنظيم حركة المركبات بطريق الواحات بعد انقلاب سيارة ربع نقل    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. اللهم أجرنا من النار، واصرف عنا كل مكروه، وأرض عنا يا أرحم الراحمين    ملاكي طائش دهسه.. التصريح بدفن جثة الطفل "عبدالله" بشبين القناطر    يوم طار باقي 9 أيام، إجازات الموظفين في شهر يوليو 2025    "لم يكن يحتفل قبل الحادث ولهذا ذهب شقيقه معه".. معالج جوتا يروي الساعات الأخيرة في حياته    الإيجار القديم.. هل يحق للمستأجر الحصول على شقة من الدولة؟    أضرار النوم الكثير، أمراض القلب والاكتئاب وضعف المناعة    ماذا قال نجوم كرة القدم تعليقا علي اعتزال شيكابالا ؟ اعرف التفاصيل    الدكتور حاتم سلامة.. بصيرة تتحدى الظلام ورؤية تصنع الأمل    ترامب: أريد أن أرى أهل غزة آمنين بعد أن مروا بالجحيم    اكتشفها خالد يوسف .. من هي ملكة جمال العرب سارة التونسي    شاهد لحظة غرق حفار البترول العملاق فى البحر الأحمر.. فيديو    تصل للحبس والغرامة.. عقوبة تسلق الأثار دون ترخيص (تفاصيل)    خالد الجندي: "عاشوراء" سنة نبوية قديمة ليست مقتصرة على الإسلام    كارولين عزمي على البحر ومي عمر جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    تفاصيل القبض على أصحاب فيديو السباق في مدينة 6 أكتوبر.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«شخصيات لها العجب».. أبطال فى مسرحية الوطن
نشر في المصري اليوم يوم 17 - 06 - 2010

مثل مايسترو متحكم فى أدواته، يحول صلاح عيسى كتابه الأخير «شخصيات لها العجب» الصادر مؤخرا عن دار نهضة مصر إلى سيمفونية من ست حركات، عصية على التصنيف، لا تترك مجالا للقارئ إلا الاستغراق فى القراءة، ست حركات أو فصول، كل فصل يضم شخصيات يرسمها «عيسى» بريشة روائى، فيظهر ما فيها من «أضواء وظلال، ونور وعتمة، وشجاعة وحماقة، وإقدام وتراجع، وعطاء وأنانية»، يكتب «عيسى» عن أبطال فى مسرحية الوطن، لعبوا كما يقول فى المقدمة «أدوارا رئيسية، وأحيانا هامشية فى مسرحية ذلك الزمان»، يكتب بروح المخرج الذى يعيد اكتشاف الأبطال، فيعطى البعض مساحة أكبر، ويختصر فى دور البعض الآخر، ويظهر فى خلفية المَشَاهد كومبارسا أحيانا، أو بطلا أحيانا أخرى، ولكنه -وعكس ما كتب فى المقدمة- لم يكن أبدا فى صفوف المشاهدين «أعلى التياترو».
يبدأ عيسى فصول كتابه الممتع بمجموعة من «البورتريهات» لشخصيات برزت أدوراها فى مرحلة ما بين الثورتين، وفى المقدمة يأتى الملك فاروق، الذى يعيد صلاح عيسى – حسب ما رواه عادل ثابت – اعتباره، فيصفه فى بورتريه يحمل عنوان «الملك فاروق بورتريه غير ثورى»، والعهدة لاتزال لعادل ثابت، «وطنيا متحمسا تحدى النفوذ البريطانى فى الشرق الأوسط» ويخلُص إلى أن «فاروق فقد عرشه بسبب إصراره على استرداد فلسطين»، وينتقل من رواية لأخرى كلها تعود لنفس الكاتب، ليعيد إلى «فاروق» البريق ويخلع عليه رداء الوطنية، ضد «تعرضه لألوان مختلفة من الدعاية الفجة»، بروح أقرب للروائى يعيد «عيسى» خلق فاروق، فى بورتريه تطغى فيه روح الأدب على روح الباحث، التى تظهر فى نهاية البورتريه، لتنفى وتفند إحدى روايات عادل ثابت التى تتهم فى مضمونها «الضباط الأحرار» بالتعاون مع أمريكا، ومن الملك فاروق ينتقل عيسى بروح مخرج نصفه روائى ونصفه باحث، ليعيد خلق عدد من الشخصيات التاريخية مثل فتحى رضوان وفؤاد سراج الدين وحلمى مراد وطه حسين.
يصف عيسى مرحلة تصنيف الكتاب بالمحيرة ويقول عنها «احترت هل أصنفها على أساس تواريخ نشرها أم على أساس المرحلة الزمنية التى برز خلالها دور كل شخصية، أم على أساس انتماءاتها الفكرية؟ ثم استبعدت الخيار الأول، ومزجت بين الخيارين الأخيرين»، ولا يتخلص «عيسى» فى كتابه البديع من هواه السياسى، الذى يظهر بين سطوره المصنوعة بحرفة كبيرة، فيجمع –فى إشارة ذات مغزى– السادات مع عثمان أحمد عثمان فى بورتريه واحد يحمل عنوان «أنور السادات وعثمان أحمد عثمان: الرئيس مقاولا والمقاول رئيسا»، ويقول فيه «لم يكتشف أحد حتى الآن، سر العلاقة الحميمة التى جمعت بين المقاول والرئيس، إذ لم يكن السادات خلال السنوات الأخيرة من عمره، يطيق فراق عثمان فإذا اختفى من مجلسه سأل عنه بإلحاح وقلق، شأن من يشعر بأن شيئا ما ينقصه»، ويسخر فى منطقة أخرى من تنفيذ السادات «نصائح عثمان السياسية التى تعود أن يقول له كلما تطرق الحديث إلى المعارضين، سواء كانوا أفرادا أم أحزابا أم دولا (اضربهم كلهم بالجزمة القديمة يا ريس) فاتخذ إجراءات سبتمبر الشهيرة» وهى الاعتقالات التى طالت الكاتب نفسه.
وفى الفصل الثانى من الكتاب الممتع، يواصل المخرج «صلاح عيسى» إعادة رسمه للشخصيات وخلقها بقلمه البديع، فيفند نصف الباحث فى كاتبنا الكبير، واقعة انتشرت فى التسعينيات تتحدث عن «خطة وضعها جهاز الموساد الإسرائيلى لإحلال اللواء محمد نجيب مكان الزعيم جمال عبدالناصر بعد التخلص منه» وهى الواقعة التى سردها مؤرخان فرنسيان، وتداولتها الصحف العربية وقتها، ويسرد «عيسى» كل الدوافع التى قد تحرك «نجيب» للقبول بلعب هذا الدور، قبل أن يفند الدعوى تماماً فى نهاية البورتريه الذى يحمل عنوان «أكاذيب التاريخ السوداء» ويكتب «فى هذا السياق تبدو الرواية، التى ساقها المؤرخان الفرنسيان، عصية على التصديق، خاصة أنها تفتقد، حتى الآن الأدلة والوثائق والتفاصيل» وينهى البورتريه ب«ما أكثر ما يحفل به التاريخ من أكاذيب بيضاء وسوداء».
ولا يكتفى «عيسى» فى كتابه الذى حمل عنوانا فرعيا «ذكريات وتراجم ودراسات.. ووثائق» برسم صورة لشخصيات «وقف بعضها تحت أضواء مسرح (الزمان) المبهرة، قبل أن تدركها عواصفه وتقلباته، فتتراجع من مقدمة المسرح إلى خلفيته، ومن خشبته إلى مقعد فى أعلى التياترو، بين آحاد الناس وعوامهم»، بل يذهب لشخصيات مهجورة، ليعطيها أدوار البطولة، مثل «أكرم الحورانى» الذى يضعه الكاتب فى مقاربة مع جمال عبدالناصر فى بورتريه يحمل عنوان «الرجل الذى أطلق العفريت من القمقم»، ويقول فيها «وكانت هزيمة 48 هى الخط الفاصل الذى حسم تردد الرجلين، فاقتنع (عبدالناصر) حين كان محاصرا فى (الفالوجة)، أن العدو الحقيقى خلفه، وليس أمامه، وأن الاستيلاء على السلطة فى القاهرة شرط لا يمكن بدونه تحقيق النصر على العدو، فعاد إليها لكى يشرع فى صيف 1949 فى تأسيس (تنظيم الضباط الأحرار) بعد أربعة شهور فقط من استيلاء حسنى الزعيم على السلطة فى دمشق، وهو الانقلاب الذى أيده «الحورانى» ودعمه وكتب له البلاغ رقم واحد ليصبح منذ ذلك التاريخ، وحتى عام 1936، أحد أهم الوجوه المدنية التى تصدرت مسلسل الانقلابات العسكرية فى سوريا».
ويواصل المخرج متابعة الخطين الدراميين إلى أن يفترقا وبعد أسابيع من الوحدة (بين مصر وسوريا)، وجد أكرم الحورانى نفسه مرة أخرى فى مواجهة عفريت أطلقه من القمقم، فقد رفض عبدالناصر اقتراحا قدمته إليه قيادة حزب البعث لتشكيل لجنة تحكم دولة الوحدة.. ومنذ تلك اللحظة بدأ أكرم الحورانى يغذى المشاعر القطرية، ويشعل الرغبة فى الانفصال». شخصيات وأحداث لا تجدها إلا فى جعبة صلاح عيسى، معلومات تثير الدهشة، وصياغة ممتعة لا يجد معها القارئ سبيلاً سوى الاستغراق فى الاستماع لسيمفونية عيسى المعزوفة بمهارة مايسترو نصفه روائى ونصفه باحث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.