بالأسماء.. وزير الصحة يعتمد حركة مديري ووكلاء مديريات الشئون الصحية بالمحافظات    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    محافظ القاهرة يستجيب لمسنة ويوفر لها كيلو لحمة بالجمالية    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الأحد    محلية الطود بالأقصر تسترد 111 فدانًا من أراضي أملاك الدولة.. صور    أبوالغيط يشارك في المؤتمر الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين بنيويورك    منتخب السلة يختتم مبارياته في بطولة بيروت الدولية بمواجهة لبنان    بالصور.. جماهير بورسعيد تشيع "السمعة" أشهر مشجعي النادي المصري    حملات أمنية مكثفة تضبط 38 متهماً بحوزتهم مخدرات وأسلحة بالجيزة    وكيل تعليم أسوان يعلن أسماء أوائل الدبلومات الفنية 2025    مهرجان العلمين.. حفل محمد منير تحت شعار "الكينج في انتظار جمهوره"    بالتعاون بين وزارتي الإسكان والثقافة.. إقبال جماهيري على فعاليات الأسبوع الأول من مهرجان ليالينا في العلمين    أطعمة ومشروبات تحافظ على برودة الجسم فى حرارة الصيف المرتفعة..تعرف عليها    تجديد الثقة في الدكتور عمرو دويدار وكيلاً لوزارة الصحة بسوهاج    «القومي للمرأة» يهنئ آمنة الطرابلسي لفوزها بمنصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي للإسكواش    حودة بندق يتخطى 10 مليون مشاهدة ب"الجي بتاعي"    45 عامًا على رحيل دنجوان السينما.. رشدي أباظة فقد العالمية بسبب الغرور و«الأقوياء» نهاية مشواره الفني    موعد المولد النبوى الشريف 2025 والإجازات الرسمية المتبقية .. تعرف عليه    تنسيق الجامعات 2025، تعرف على أهم التخصصات الدراسية بجامعة مصر للمعلوماتية الأهلية    الأمن يكشف غموض خطف طفل من القاهرة وظهوره فى الصعيد    محافظ أسوان يكلف معاونه ومسئولي الوحدات المحلية بمتابعة تجهيز 190 لجنة انتخابية    "أونروا": لدينا 6 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول قطاع غزة    أسعار زيت الطعام بسوق اليوم الواحد بالجمالية.. التفاصيل    حالة الطقس في الكويت اليوم الأحد.. حرارة شديدة ورطوبة نسبية    وزيرة التخطيط ونظيرتها بجنوب أفريقيا تؤكدان أهمية التوسع بمشروعات البنية التحتية بالقارة السمراء    إطلاق حملة توعوية من المركز القومي للبحوث للتعريف بالأمراض الوراثية    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    طلاب «المنح الدولية» مهددون بالطرد    في اجتماع اليوم .. وزيرة التنمية المحلية تتسلم مهام وزارة البيئة من الدكتورة ياسمين فؤاد    ضمن فعاليات " المهرجان الصيفي" لدار الأوبرا .. أحمد جمال ونسمة عبد العزيز غدا في حفل بإستاد الاسكندرية    حسن شحاتة أسطورة حية صنعت المستحيل ضد الأهلى والزمالك    «خلافات بين عائلتين».. تأجيل محاكمة متهم بقتل جاره في مغاغة بالمنيا    البقاء أم الرحيل.. شوبير يكشف مطالب عبد المجيد من أجل الإستمرار مع الزمالك    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    ضبط 118.7 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    عامل وراء حرق مطعم يعمل به لإخفاء جريمة سرقة    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    3 أوجه تشابه بين صفقتي بوبيندزا وأوكو مع الزمالك    سويلم: إزالة 87 ألف تعد على النيل منذ 2015 ومواصلة مكافحة ورد النيل    حزب بريطاني يهدد بفرض إجراء تصويت في البرلمان من أجل الاعتراف بدولة فلسطين    زكى القاضى: مصر تقوم بدور غير تقليدى لدعم غزة وتتصدى لمحاولات التهجير والتشويش    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    قبل بدء الهدنة.. 11 شهيدًا وعشرات الجرحى في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    «غير اسمه بسبب الاحتراف».. هاني حتحوت يكشف تفاصيل مثيرة بشأن نجم الزمالك    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين تكمن قوة الإخوان؟
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 06 - 2011

كثيرا ما أرجع البعض قوة الإخوان إلى تماسكهم التنظيمى وسيادة ثقافة السمع والطاعة داخلهم، وتحدث البعض الآخر عن توظيف الدين فى المجال السياسى بصورة تدغدغ المشاعر لا العقول، وأشار البعض الآخر إلى عمر الجماعة الطويل الممتد منذ 83 عاما بصورة أعطت لها خبرة فى التعامل مع النظم المختلفة ولو من أجل الاستمرار رغم الضغوط.
وقد عرف الإخوان حياة داخلية مليئة بالتنوع الجيلى والفكرى، وامتلكوا مرجعية فكرية وسياسية مرنة سمحت لهم بأن يمتلكوا تصوراً شاملاً وعاماً للإسلام يسمح لهم بأن يكونوا سياسيين إذا أرادوا، وأن يكونوا دعاة فقط للأخلاق الحميدة إذا أحبوا، وأن يكونوا شيوخاً على منابر المساجد أو نواباً تحت قبة البرلمان، وأن يكونوا صوفيين وأن يكونوا أحيانا ثواراً، وأن يكون بين قادتهم القاضى المحافظ حسن الهضيبى والمناضل الثورى سيد قطب.
وكثيرا ما أبدى البعض دهشته من الأسباب التى أدت إلى بقاء الإخوان المسلمين طوال تلك الفترة متماسكين ومحافظين على بنائهم التنظيمى، ومن قدرتهم على أن يتعايشوا معا رغم وجود هذا القدر الكبير من التباين الفكرى والجيلى.
إن عبقرية حسن البنا التنظيمية مؤكدة، فقد أسس تنظيما متعدد المستويات، يضم من خارجه المحبين والمساعدين، ومن داخله العاملين والمجاهدين، وبقى صامدا أكثر من ثمانية عقود، ورغم اغتيال الشيخ المؤسس منذ أكثر من 60 عاما، فإن هذا الغياب لم يؤد إلى غياب مواز لفكرة الجماعة الدينية الاجتماعية التى هى ليست حزبا سياسيا بالمعنى المتعارف عليه، إنما هى جماعة دعوية أو هيئة إسلامية شاملة قد تمارس السياسة.
والحقيقة أن هذه القراءة تمثل جانباً من فهم رحلة النجاح والإخفاق الإخوانى على مدار عقود طويلة، ولكن لا تفسر بالكامل أسباب قوتهم وانتشارهم، خاصة أن هذه القوة وهذا الانتشار كانا دائما يليان قوة رئيسية أخرى فى المجتمع على عكس الوضع الحالى الذى بدا فيه الإخوان وكأنهم القوة الرئيسية أو الأولى.
إن انتشار جماعة الإخوان التنظيمى قبل ثورة يوليو لم ينعكس فى وزن أو تمثيل سياسى، وظلت دائما فى وضع يلى حزب الوفد فى الشعبية والتأثير، وتكرر الأمر نفسه بعد قيام ثورة يوليو، حيث تراجعت شعبيتها أمام الشعبية الهائلة لجمال عبدالناصر، بصرف النظر عن الصراع الدموى الذى جرى على السلطة بين الجانبين.
إن المجتمع المصرى اختار الوفد قبل يوليو، وعبدالناصر بعد يوليو على حساب الإخوان، لأن كليهما قدم مشروعاً سياسياً بدا الأول رغم ليبراليته أنه ابن التربة المحلية المصرية، ف«الوفد» كان فى ضمير المصريين هو الحزب المنادى بالاستقلال والتحرر الوطنى وليس فقط حزب «الصالون الليبرالى» الذى يُناقش فيه أحدث النظريات الغربية فى الفلسفة والسياسة، كما كان يفعل حزب الأحرار الدستوريين الذى كان - كما يقول الكُتاب - ليبرالياً بامتياز، ولكن، كما يقول الواقع، كان الخاسر فى كل انتخابات نزيهة بامتياز.
ف«الوفد» قدم نفسه باعتباره حزب الداخل (الوطنية المصرية والاستقلال والدستور)، تماما مثلما قدم الإخوان أنفسهم باعتبارهم تيار الداخل ولكن بالمعنى الإسلامى، ومع ذلك انتصر الأول لأنه آمن بقيم أكثر حداثة وديمقراطية من الإخوان المسلمين، وفى الوقت نفسه احترم القيم الدينية والثقافية ولم يوظفها فى المجال السياسى.
وعاد عبدالناصر وكرر السيناريو نفسه ولكن بصورة مختلفة، حين بنى مشروعاً سياسياً شعر المصريون والعرب بأنه نابع منهم (العروبة والتحرر الوطنى والقومى والعدالة الاجتماعية) فتقدم على الإخوان فى الشعبية والقدرة على الإنجاز.
أما مبارك، فقد قدم للناس «أمن الدولة» كمشروع سياسى فى الداخل، وأهان المصريين وتعامل معهم باستعلاء لم يروه طوال تاريخهم المعاصر، وقَبِل كل الإملاءات الإسرائيلية المهينة لكرامة أى دولة.. وحين يصبح مشروع الداخل يمثله مبارك بفساده واستبداده، وحين يخصم الوفد الجديد من الوفد التاريخى، والناصريون من عبدالناصر ونرى قوى سياسية عاجزة عن صياغة خطاب سياسى يعبر عن الداخل قيميا وثقافيا وسياسيا.. فإن قوة الإخوان فى هذه الحالة لن تكون بسبب قوتهم التنظيمية ولا خبرتهم فى التكتيك والمناورة إنما لتعبيرهم عن الداخل ولو بالمعنى الدينى والإسلامى، وفى ظل غياب أى مشروع سياسى يبدو فى أعين المصريين معبراً عن هويتهم ونابعاً من داخلهم وقادراً، فى الوقت نفسه على البناء والإنجاز السياسى والاقتصادى.
إن التعاطف مع الإخوان الآن لا يأتى فقط - أو أساسا - من كونهم جماعة ترفع شعارات دينية، إنما لأنها جماعة تمول نفسها أساسا بأموال أعضائها، فى حين يهرع كثير من أعضاء الأحزاب للبحث عن فائدة أو مكسب من وراء انضمامهم لأى حزب جديد، كما أن هذا التدفق الهائل للأموال الأجنبية على كثير من جمعيات المجتمع المدنى يُشعر كثيراً من المصريين بأن هناك مؤسسات وقوى محيطة بهم هى امتداد للخارج، فى حين أنهم راغبون فى رؤية حزب أو تيار يمثل «الصناعة المحلية» الحقيقية بكل ما فيها من عيوب وأخطاء.
ما لم ينشأ فى مصر تيار سياسى مدنى يشعر الناس بأنه خارج من تفاعلات الداخل السياسية والاقتصادية والثقافية، سيبقى الإخوان هم القوة الرئيسية فى المجتمع، نتيجة ضعف الآخرين أو إحساس المصريين بأنهم يمثلون شيئا وافدا عليهم.
إن قضية الوافد والمحلى غير مرتبطة بالضرورة بالمرجعية الإسلامية، فلا وفد ثورة 1919 ولا عبدالناصر ثورة يوليو بنيا مشاريعهما على أساس هذه المرجعية ونجحا - ولو بالمعنى الشعبى - فى حين أن نجاح الإخوان محلياً على المستوى الشعبى لا يرجع لمرجعية الإخوان الإسلامية فى ذاتها إنما لكونها مرجعية تبدو فى ضمير الناس أصيلة وغير وافدة، فالقيم الإسلامية حاضرة بقوة فى ثقافة عموم المصريين، ولكن الخلاف سيبقى على شكل توظيفها فى المجال السياسى.
وإذا نجحت تيارات إسلامية، ومعها تيارات أخرى فى اليمين واليسار، فى بناء مشروع يؤمن بالعروبة الثقافية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، فإنها ستعيد للناس مرة أخرى ثقتهم فى أنفسهم، وأن الثورة التى صنعت بالكامل داخل حدود مصر قادرة على تبنى نموذج حقيقى للنهضة، لا يحتكره فقط الإخوان المسلمون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.