- بالتأكيد سيثير العنوان عجب الكثيرين ان لم يثر عجب الكل فبالطبع لك الحق -كل الحق-في ذلك كما لي الحق في أن أعجب عندما قرأت علي لسان محسن راضي عضو جماعة الأخوان المسلمين عزم الجماعة علي تأسيس شركة انتاج فني سينمائي و تلفزيوني و الأدهي انها شركة انتاج-ولكن-كيف و لكن أي انهم سيقومون بعمل انتاج سينمائي و تليفزيوني مشروط كيف ذلك! كيف أن أضع قيود وشروط علي حرية اطلاق عنان المبدع و تقييده (بوصايا عشر) من شروط مسماة بالأخلا قية و خلافه تحجم فكره و ابداعه ,فمن ضمن تصريحات العضوالمحترم انه ضد وجود مشاهد سماها باللا اخلاقية كمشاهد منفتحة او مثل مشاهد الشذوذ الجنسي ,و لي سؤال بذلك الصدد اذا كنت ضد الشذوذ الجنسي (و لا أحد معه) اذا كنت ضد شيء هل أخفيه و اؤده في الرمال بعيدا عن أعين الحل و المعالجة بتسليط الضوء الكاشف علي المشكلات (و تلك اصلا وظيفة الفن و السينما تحديدا) أم تركه ليصبح وحشا كاسرا يأكل الأخضر و اليابس أمي يجهل القراءة و الكتابة مكبل بقيود ماض بغيض كما فعل النظام السابق مع التيار الديني المتطرف من سلف متطرفيين أو مدعو السلفية أو بعض الافراد من قيادات الجماعة (الأمورة)و تعاملوا معهم بمنطق يأجوج و مأجوج "حتي اذا بلغا هدم سور أمن الدولة انطلقا علي العباد و البلاد ياكلون الأخضر و اليابس",ناهيك عن ذلك .اذا فأنت بتلك التصريح ضد مشاهد الشذوذ الجنسي مثلا و مشاهد أخري تسميها باللا أخلاقية و لكنك مع التدخين و المخدرات و ادمان الخمور,والسرقة و القتل وغيره من أمثال تلك الخطايا و الا فلنحذف اذا كل ذلك من أعمالنا الفنية ونظهر علي الشاشة جنة الخلد قبيل أقتطاف أدم التفاحة الملعونة من الممكن أن يرد علي قارئ كريم و يقول لي لا ستظهر كل المشاهد السالف ذكرها و لكن سيتطور السياق الدرامي الي أن يصل للعاقبة السوداء الفاعل ,فسأردف الرد عليه قائلا : ما أحنا جنابك مش هنعرض في السياق الدرامي للأعمال الفنية أن اللي هيمارس الزنا أو الشذوذ الجنسي في أخر الفيلم هيتوزع عليهم بونبوني من بتاع الفريق أحمد شفيق ,ذلك المنطق يا سيدي فمن غير المعقول ان اري مشهد كالأتي :"تخيل معي راقصة في ملهي ليلي ترتدي النقاب و ترقص بكل حشمة وو قار علي أنغام الدف الاسلامي والسكاري(استغفر الله العظيم)سكاري ايه بس قصدي الاخوة و الاخوات علي راي اللي ما يتسمي يحتسون الخروب في قوارير و يمزون بأرز باللبن و يقوم احدهم ينقط الرقاصة (يووه ,وبعدين في لساني ده)قصدي يتصدق عليها بكبشة ريالات بيمينه لاتراها يسراه (امعانا في الثواب) " شفت بقي الصورة شاذة ازاي , لكل مقام مقال يا أستاذ . فكيف اذا يستقيم ذلك المنطق و كيف نقسم الأعمال الفنية من رسم و نحت و مسرح و سينما وشعر و أدب والي اخره من الفنون بمختلف انواعها و اقسامها الي مجرد علبة (بولوبيف)يوجد في اقصي يمين العلبة من تحت بجوار بلد المنشأ علامة صغيرة مدون عليها -حلال- و عمل فني أخر أدون عليه (يحتوي هذا المنتج علي شحوم الخنزير)و ما معني ذلك التقسيم الظالم و قصر الأعمال الفنية بمختلف اثوابها بأما أن تجوز أو لا تجوز من وجهة نظر غير فنية أو مهنية سواء كانت دينية أو أخلاقية أو غيره . و معني ذلك أنه سيطلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر (قافش و ذقنه حرف (يو)كابيتال )لا يري عليه اثار السفر و لا يعرفه منا أحد, ويأمرني بغض البصر عن وجه الأخت السافرة (الموناليزا)للفاسق (ليوناردو دا فينشي) و سيأتي أخر يأمرني بأحراق متاحف و لوحات كلا من الحضارة اليونانية و الحضارة الرومانية ,بالطبع لأنهم فسقة و داعرين لم يكونوا يرتدوا النقاب و لا الميني جلابية في أعمالهم الفنية حتي يدارون العورة و أخطأوا بالطبع و فجروا عندما تأملوا الجسد البشري الألهي الصنع و الخليقة بنظرة أخري ليست-الي حد كبير- عدوانية ,شهوانية تري الجسم مجرد قطعة لحم عند قصاب يجب مواراتها بقطعة من القماش و ينظرون اليه نظرة تعج بالعقد الجنسية تجاه المرأة و حتي تجاه الرجل. منذ بضعة أيام و أثناء بحثي علي الانتر نت قرأت بعض الكتابات و الأراء عن فكر المعتزلة و علماؤها و رجالها و كيف أنهم أرادوا اعمال العقل و أن المبدأ التي تقوم عليه عقيدة المعتزلة لكي يكون واضح للقارئ العزيز هو"اعمال العقل و تقديمه علي النقل و النص الجامد الغير مبين "و أدركت وقتها لما كان يهجو لي شيخا كان يحفظني القرأن فكر المعتزلة بجملة "عفانا الله" عندما كنت أساله عنها أو أذكرها له ,زال ذلك الجب مني عندما عرفت ميوله السلفية بل دعنا نسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية لكي يتبين الأمر و لا نظلم أحد (بميوله الأقرب الي الوهابية المتطرفة )مع أن ذلك كان يلاحظ من ملابسه الأفغانية الشاكلة و التي أرتضاها من حضارة لا يمت لها بصلة ,ألا يكفي ما أنزل بنا من جهل و جهالة و امعانا في الجاهلية (علي العلم انهم في الجاهلية كانوا يمتلكون مواهب فنية مميزة خصوصا في الشعر)فلقد رأينا النتائج في دول كثيرة من حولنا سواء ايران والتي انتهز فرصة هذا المقال لأرسل كل التحية و الاجلال الي المخرجين الايرانيين (جعفر بناهي و محمد رسولوف) اللذان انجزا فلمين من داخل أسوار السجن في ظروف شديدة السرية وأرسلاه الي مهرجان كان ,وما في ذلك من قمة القمع للفن و الابداع ,و غيرها من الدول مثل دول الخليج التي تأخذ أفلامنا و تقوم بعمليات بتر همجية لها و من ثم عرضها بمنطق الأخلاقيات و حذف الأفكار الهدامة و غيرها من الدول التي طبقت من الدين ما يناسب نفسياتهم المريضة و تركت روح الدين ,فلو فتحنا الباب للشروط و القمع الرقابي فسنكون فتحنا علي انفسنا ابواب جهنم من قمع لكل شيئ لا يسر الرقيب و سنجد لرقابة علي الأفكار و علي حرية الكلمة ,اليوم بأسم الاخلاقيات و غدا بأسم جديد . و لقد ذقنا الامرين من الطلعة البربرية للوهابية من منتصف الثمانينيات الي منتصف التسعينيات و ذقنا الامرين في ذلك الوقت من الجماعات المتطرفة التي كانت تقتحم مسارح الجامعات و تتهجم علي الطلاب , و اللذين كانوا يحطموا و يحرقوا نوادي الفيديو والكازينوهات و ايضا أستمر الأمر و استفحل بداية من ذلك مرورا بدعاوي تكفير و دعاوي تطليق أزواج من زوجاتهن و تفريق زوجات عن أزواجهن كما حدث مع د.نوال السعداوي و غيرها من أصحب الفكر الحر,وصولا الي محاولات الغتيال لكبار مبدعينا و مفكرينا و علي رأسهم كاتبنا العظيم "نجيب محفوظ" أديب نوبل عندما تهجم عليه شاب متطرف و طعنه بسكين و لكن العناية الالهية انقذته وقتها و كان ذلك بدعوي من أحد الخطب لشيخ من مشايخ التطرف أنذاك الي أهدار دم "نجيب محفوظ"بأعتباره خارجا عن الملة بسبب روايته (أولاد حارتنا)لمحاكاتها لسيرة المرسلين والتاريخ الديني بصورة أجتماعية رائعة و بحجة تناولها للذات الألهية . فكيف يتم الحكم علي الفن و الأبداع علي أساس غير فني ,ذكرني ذلك بما قرأته في مقال للكاتب (مراد وهبة )في مقاله "ما قبل 1900"و الذي كان يتحدث فيه عن الأصولية الدينية ,فتذكرت جزء من المقال كان بخصوص الشاعر و الروائي الأيرلندي "أوسكار وايلد" كانت له رواية كان مشهورا بها تسمي (صورة دوريان جراي)قيل عنها انها ضد الأخلاق و قال هو مدافعا عنها:"ان الرواية اما أن تؤلف بأسلوب جيد و اما أن تؤلف بأسلوب سئ لا أكثر و لا أقل". فلو أقمنا معايير غير مهنية و غير فنية علي الأعمال الفنية و نقدناها من وجهة نظر دينية أو أخلاقية و ليس طبقا للمعايير الفنية فسنصبح وقتها كالسيدة التي تسأل زوجها و تقول له:"و انت يا حبيبي عاوز البامية سادة ولا سكر زيادة ". و الي نقاش أخر أحمد وطني