كتبت : فيروز محمد طلعت مسلم ايها الساده تهانينا لأنفسنا نحن المصريون ، لإنتصارنا حتى الآن فى كل معارك هدم البلاد التى تسوقنا اليها قوى لم تتضح ماهيتها حتى الآن تدفع بالبلاد فى اتجاه الهدم لا الاصلاح فى مقال سابق بعنوان - زلزله الدوله المصريه - تم استعراض بعض من هذه المعارك و خلُصنا سويا الى ان الفتنه الطائفيه لن تكون آخر الحيل التى تدفعنا بها هذه القوى الى هدم بلادنا و السير بها على طريق الفوضى التى يقولون عنها انها خلاقه و لا نراها إلا هدامه ايها الساده : إن مفهوم الفوضى الخلاقه ذو الإسقاط السياسى ، له جذور علميه . حيث طرح هذا المفهوم كأحد الأساليب التى اتبعتها الطبيعه و الكون "لخلق نفسه " و تبنت هذا المفهوم جماعات العلماء ذات الخلفيات اللا دينيه التى تنكر وجود خالق لهذا الكون ، والذين حاولوا بناء نظريه نشأة الكون على مجموعه من الصدف الغير مقصوده التى أدت من وجهة نظرهم فى نهايه المطاف الى نشأه الكون و على هذه الفرضيه ردود علميه كثيره ليس مجالها الآن ، و لكن الإسقاط السياسى لهذه الفرضيه ، له مردود سلبى على كافه الأصعده أولاً : اسقاط عدم وجود خالق لهذا الكون ، على الواقع السياسى الذى تعيشه مصر ؛ يجعل من الصعوبه بمكان تقبل الرأى العام لوجود قياده لهذه الثوره مما يترتب عليه الدوران فى حلقه مفرغه من طرح اسماء لقياده البلاد و خروج مجموعات الرافضين للقياده لرفض أى طرح ممكن . مما يشكل صعوبه فى الاتفاق على السير فى طريق البناء كقافله واحده تتخذ من وحدتها القوه الدافعه اللازمه للبناء . ثانياٌ : اسقاط مفهوم الفوضى كطريق للبناء فى الوعى السياسى الجمعى للشعب ، يصعب اقتناع الناس بضروره التعجيل بالبدء بالبناء ، كما يبرر للبعض سلامه الاستمرار فى حاله الانفلات الاخلاقى الذى نراه فى الشارع المصرى . كما يؤصل للفكره التى إنتشرت بين صفوف الشعب الآن و التى مفادها أنه لا سبيل للبناء إلا بعد تمام الهدم ، و التى تتعارض مع فكرة الدوله ؛ فكيف بنا و نحن شعب قوامه 85 مليون ، أن نظل فى حاله هدم - و التى تختلف الآراء بسهوله حول حدود هذا الهدم - و لا نبدأ البناء اللازم لبقاء قوام هذه الدوله متماسكا . متناسين جميعا أن فى الحياه مسارات متوازيه متعدده لا تتقاطع فى نهاية كل منها هدف لا بد أن يتحقق ، فلا ضير من وجود عده اهداف لكل مرحله فى حياه أى امه ثالثا : منح الفوضى صفه الخلق ، هو ضرب من ضروب الخيال ، يُراد لنا أن نجعله سبيلا معتمدا للبناء فى الدوله المصريه المزمع إنشاؤها فى قادم الايام ، و هى الدعوه التى لم نجد لها مثيلا فى الدول التى تدعم هذه الفكره لتكون لنا سبيلا ، كما انها فكره لا تدعمها ثقافتنا الشرقيه التى توجب لكل سبب مُسبب ، و توجب على الانسان الإمساك بزمام امور حياته ، لا ان يتركها للصدف الخلاقه . رابعا : أن من مساوء اعتماد هذا المفهوم - الفوضى الخلاقه - و الذى ابتدعه علماء ينكرون وجود الخالق ، دفعا لنا فى اتجاه لم تعهده مجتمعاتنا الشرقيه المحافظه التى تجعل من الدين إطارا للحياه و ليس سلوكا أو شعائر يقتصر ممارستها على دور العباده على اختلافها . و هو ما يعتبر محاوله جاده لتغيير ايديولوجيه الشعوب الشرقيه لتصبح مسخا لشعوب الغرب ، بتجريدها من هويتها الروحيه . و على هذا فنحن امام مفترق طرق : طريق الفوضى الخلاقه و طريق الدوله النظاميه . و علينا أن نختار . بين ما اتضح من معالم للفوضى الخلاقه و بين الطريق التى اتبعتها أمم سابقه تعرضت لمثل هذا الاختيار و اختارت ان تتبع طريق الدوله بمعناها الحقيقى الآخذ بالاسباب مثل اليابان بعد الحرب العالميه الثانيه و كذلك المانيا . و لست أقرأ دعوات مثل الثوره الثانيه ، و جمعه الغضب الثانيه و الدعوه لإنتخاب قاده الجيش ؛ إلا وضعاَ لنا على أول طريق الفوضى الخلاقه . إذ يجب علينا ان نتفق على انه ما سبقتنا دوله الى انتهاج منهج تتابع الثورات على هذا النحو ، و لا اتباع سبيل الانتخاب لقاده الجيوش فى الميادين على هذا النحو ، كما لم تسبقنا امة الى اعتماد منهج الخروج الغاضب الى الشوارع بالملايين لإعلان موقفا شعبيا ما ، دونما اى محاوله لإعتماد طريقه جديده يتم التوافق عليها لوضع مطالب الشعب امام حكومته ، و خاصه اننا امام منهج حكومى وضح لنا جديته فى الأخذ برأى الشعب و فى هذا السياق ، لا يجب علينا أن ننكر ما اكتسبه الشعب من حقوق فيما يخص حق التظاهر السلمى ، و لكننا لا يجب أن ننسى أن للدوله الطبيعيه حقوق فى تنظيم هذا الحق الشعبى . و أن من واجب المتظاهرين الإعتراف بحقوق غير المتظاهرين فى الإحتفاظ برأى مغاير ، و هنا وجب علينا أن نكف عن إعتبار الصمت دليلا على الدعم . و ان نعترف أنه قد يكون للصامتين - الذين خرجوا فى الإستفتاء السابق للادلاء بصوتهم و إعتبروا هذا طريقا شرعيا ديمقراطيا للتعبير عن مبتغاهم - و أقول أنه ربما كان لهؤلاء الصامتين اختيارا آخر غير ذلك الذى يدفع اليه المتظاهرون وهنا لى عتبٌ على الأكثريه من دعاه الديمقراطيه و الذين قدموا لنا انفسهم على انهم اكثر من عانى التضييق من النظم السابقه ، أنهم هم الأكثر دعوه للخروج على أول تجربه ديمقراطيه حقيقيه دخلها الشعب المصرى ؛ بطرح أفكار مغايره للمسار الذى اختاره الشعب ، مثل انتخاب مجلس رئاسى أو اختيار تسلسل جديد للإنتخابات الرئاسيه و مجلس الشعب و وضع الدستور انهم بطرحهم هذه الأفكار ينكرون على الشعب اختياره ، و يعيدون تقديم أنفسهم أمام الشعب مره أخرى و لكن فى صوره دكتاتوريه متعاليه حين يدعون احتكار المعرفه بالأصلح و الأقوم لهذا الشعب إننا غدا الجمعه أمام اختبار جديد تضعنا فيه قوى الهدم ، فلنستدع خصائص تماسكنا كأمه و دواع اتحادنا فى وجه المغرضين ، أما أصحاب النوايا الحسنه فعليهم توخى الحذر