سيف يخلد شوارع إسكندرية بمجسم: «حتى لا ننسى الماضى»

شارع واسع عتيق، على يساره البحر، والناحية الأخرى سينما يعلوها أفيش فيلم «عائلة زيزى» الذى يرجع عُمره لعام 1963، الترام الأصفر يسير فى المنتصف، وسيارات عتيقة على جانبى الرصيف، بينما يقف مواطنون بملابسهم التى تعرف من خلالها فى أى حقبة نكون.. هكذا كان المشهد من قريب، تظنه صورة قديمة لشوارع إسكندرية العتيقة فى السبعينيات/ الستينيات من الزمن، ولكن من بعيد تجده مُجسما صغيرا بمساحة 50 فى 60 سم وحجم1:43. صممه ونفذه سيف الدين خالد، خريج تربية فنية قسم ديكور.. مُجسم مُتناهى الصغر، ألوانه دافئة، وتفاصيله توحى لك بأنك عُدت بواسطة آلة من الزمن إلى أيام زمن الستينيات.. بالنظر إليه تشعر كأنك تسمع أوبريت «خدنا إجازة»، وتشم رائحة «الفريسكا والجيلاتي»، أو أنك جالس على مقهى عتيق فى حى محرم بك تحتسى القهوة وتسمع وصلة الساعة 5 بعد العصر للست فى الراديو.
حتى لا ننسى ماضينا وتظل الذكريات وروحها ورائحتها عالقة فى أذهاننا.. لهذا السبب فكر سيف فى أن يُخلد الشوارع والملابس والتفاصيل المصرية القديمة فى مجسمات صغيرة، وبدأ بالإسكندرية، المشروع الذى لقى إعجابا وانتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعى فى الأيام الماضية، لشدة واقعيته ووضوح تفاصيله كأنه مشهد حقيقى وليس ديكورا.
من القاهرة إلى مُحرم بك، وعلى مدار أسابيع، ظل «سيف» يتردد على شوارع الإسكندرية، يسير بين دروبها، ويجلس على الأرصفة، ويُمعن نظره فيما تبقى من رائحة ذاك الزمن، أو صورة تُساعده فى تخيل المشهد جيداً، وقال: «الهدف من فن المصغرات هو نقل روح أو ذكريات مكان من خلال قطعة ديكور، وتكون مشهدا كاملا يُحاكى فترة زمنية لسنين قدام». ظل سيف قرابة الشهرين يصممه، واستخدم عدة مواد وألوان صناعية ليُخرجه بهذا الشكل النهائى، وأضاف: «المجسم من الخشب والمعادن والبلاستيك، والترام صممته ثُلاثى الأبعاد، وفى بعض الأحيان كنت بحتاج أستخدم فن النحت، والسيارات بتيجى من الخارج وبيتم تفكيكها وإعادة دهانها وإضافة تفاصيل تليق مع بيئتنا المصرية».
لم يتخيل سيف ردود أفعال كهذه على مُجسمه وانتظار مُعجبيه وأصدقائه أجزاء أخرى منه ومُجسمات لأماكن أخرى فى مصر: «الناس كانت بتبص أكتر من مرّة عشان تتأكد إنها مُجسمات مش حقيقة، وكنت فرحان وكانت كلها إيجابية».
لن يتوقف سيف عند هذه الخطوة، ولكن يسعى لإكمال مشروعه: «بحلم بمزيد من المصغرات التى تجمع بين الحاضر والماضى، وتحرك الذكريات أكتر وأكتر».